الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عشرة أسباب لمقاطعة الانتخابات الجماعية القادمة في المغرب

فؤاد وجاني

2015 / 3 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


ظهر مصطلح المقاطعة بمعناه العصري في اللغة الإنجليزية سنة 1880 خلال "حرب الأرض" بمايو، أحد اقاليم إيرلندا. وكانت سنة عجفاء، ذات محاصيل هزيلة، مما دفع مستأجري الأراضي إلى طلب خصم من مبلغ الاكتراء من "تشارلز بويكوت" وكيل المالك. رفض "بويكوت" ومعه صاحب الأراضي منحهم الخفض الذي طلبوه، بل وعمد إلى إخلاء وطرد الذين لم يقدروا على دفع ثمن الإيجار. بدل اللجوء إلى العنف، قرر المستأجرون الباقون مقاطعة "تشارلز بويكوت" ، وحثوا الآخرين على نفس الفعل، فامتدت المقاطعة حتى وصلت قصره وإسطبلاته، فلم يعد هناك من يخدمه ويرعى خيوله وقطعانه وحقوله، وتوقف التجار المحليون عن التعامل معه، بل ووصل الأمر بساعي البريد إلى الامتناع عن تسليمه البريد. أدت المقاطعة إلى سقوط النظام الإقطاعي بإيرلندا.
وبولاية ألاباما الأمريكية وتحديدا بمدينة مونتغومري قرر السود مقاطعة الحافلات احتجاجا على التمييز العنصري من قبل ذوي البشرة البيضاء. وجاءت مقاطعتهم للحافلات بعد أن ألقت الشرطة القبض على روزا باركس وقامت بتغريمها. وكانت روزا باركس المرأة الزنجية قد أبت التخلي عن مقعهدها لصالح رجل أبيض. دامت المقاطعة للحافلات عاما كاملا مابين سنتي 1955 و1956، وتضامن أصحاب سيارات الأجرة مع المقاطعين فجعلوا ثمن رحلاتهم مطابقا لتذاكر الحافلات ، وعرض ذوو السيارات الخاصة النقل مجانا على مرتادي الحافلات . شكلت هذه التظاهرة واسعة النطاق مرحلة محورية في النضال ضد الفصل العنصري في الولايات المتحدة، وألهمت العديد من الشباب ومن ضمنهم الزعيم مارتن لوثر كنغ مفضية إلى نشأة الحقوق المدنية الأمريكية.
إن المقاطعة إحدى أنجع الوسائل السلمية لمحاربة الاستبداد، والمثالان السالفا الذكر يؤكدان نجاعتها في تحقيق الأهداف الشعبية والاستجابة للمطالب الحقوقية، فقوة الشعوب في سكونها أكثر من حركتها، والتغييب المنظم للفعل أقوى من الفعل نفسه. لماذا علينا إذن مقاطعة الانتخابات القادمة أو ما يسميه فقهاء المخزن بالاستحقاقات الانتخابية؟
ولفظة الاستحقاق تحيل على مفاهيم الديْن، وكأن الشعب مدين للسلطة المخزنية بالتصويت ، فالإدلاء لا يتم بمحض حرية وإرادة فردية خالية من الضغط والإلزام ، بل هو دين على الرعايا سداده. وأما الانتخاب الحر فيقوم على إدلاء الناخب بصوته أو الامتناع عن الاقتراع، كما يحق له الاعتراض على العملية الانتخابية برمتها وإجهاضها، فالناخب هو السيد المقرر المختار للذين سيصرفون أمواله ويسيرون شؤونه.
فيما يلي عشرة أسباب شافية كافية لمقاطعة الانتخابات الجماعية القادمة:
1. عدم شرعية الدستور المغربي: فهو دستور يستمد روحه من الفقه السياسي الفرنسي، وقد كُتب بالفرنسية أولا ثم تمت ترجمته إلى اللغة العربية من طرف هيئة عينها الملك ولم يعينها الشعب، وأشرف على مراجعته عبد اللطيف المنوني، الرجل الذي تخرج من جامعة فرنسية عام 1976و كل مؤلفاته باللغة الفرنسية، و تمت مكافآته بتنصيبه مستشارا للملك، وتم توشيح صدور أعضاء لجنته بالأوسمة الملكية ثناء لهم على الخدمة الجليلة والرمزية التي أسدوها إخمادا لغيلان الشارع المغربي . فهو دستور غير شرعي لم يكتبه الشعب، بل دُعي إلى التصويت عليه فقط، بل إن الحكومة المنتخبة بين قوسين نفسها لم تطلع على تفاصيل مراجعته.
2. القصر فوق سلطة الانتخاب: فالملك هو رئيس الدولة وممثلها الأسمى حسب مقتضيات الدستور المراجَع، وهو الذي يصون الاختيار الديموقراطي وحقوق المواطنين ، بدونه لا توجد دولة، ولا ووجود لديموقراطية. يرث العرش ولا يُنتخب، يحكم ويسود، وفي يده كل سلطات التعيين والإقالة، وكلمته فوق السلطة التشريعية وفوق الجماعات .
3. فشل كل التجارب الانتخابية السابقة: فما أن يصل المنتخب الجماعي إلى مقعد السلطة حتى يطرح برنامجه الانتخابي جانبا ويبدأ في تنفيذ برنامجه الحزبي و الشخصي. إذا رجعنا إلى الانتخابات الجماعية لسنة 2009، لوجدناها قد أفرزت عن أسماء كريم غلاب وياسمينة بادو وحميد شباط من حزب الاستقلال ومصطفى المنصوري الأمين العام لحزب التجمع الوطني للأحرار وادريس لشكر من الاتحاد الاشتراكي وفؤاد عالي الهمة من الأصالة والمعاصرة ومحمد ساجد من الاتحاد الدستوري، ولكل هؤلاء صيت ذائع في الفساد وأياد كبرى فيه، ناهيك أن أغلب الفائزين الآخرين لا يتوفرون على شهادة الباكلوريا، والسياسة بالنسبة لهم باب واسع لاحتلال مراكز السلطة المحلية التي تؤهلهم للنهب والاستحواذ على خيرات البلاد.
4. قدم القانون المنظم للانتخابات الجماعية والمعرِّف لأجهزة الجماعة ونظامها الأساسي، والمحدد لاختصاصات المجالس الجماعية ولضوابط تسيير المجلس الجماعي ومهام رئيسه، والمنظم للمقاطعات ونظامها المالي والأملاك الموضوعة رهن إشارتها. وهو تشريع أتوقراطي قد صدر سنة 1976، ولم يتغير بمرور الزمن باستثناء الظهير "الشريف" الذي يستهله والموقع من قبل محمد بن الحسن بدل الحسن بن محمد. هذا الميثاق المنظم للجماعات لا يتماشى وروح التغيير والديموقراطية التي يطالب بها الشعب اليوم.
5. عنصرية الميثاق الجماعي: فهو قانون لا يعامل كل الجماعات على حد السواء، ويستثني في فصله الثاني من بابه التاسع في المادة 135جماعات المشور "السعيد" حيث تتواجد القصور الملكية ، وجماعة التواركة في المادة 137، حيث قرارات أعضاء هذه الجماعات ليست قابلة للتنفيذ إلا بعد مصادقة وزير الداخلية أي القصر.
6. فشل الجماعات المنتخبة في القيام باختصاصاتها: وقد كشفت الفيضانات الأخيرة هشاشة بنية الجماعة قبل البنية التحتية . فقد لقي الناس حتفهم دون قيام الجماعات باتخاذ التدابير الاستباقية لتفادي الخسائر في الأرواح واعتماد القرارات الطارئة لحماية المواطنين بعد الفيضانات مباشرة، بل وفرَّ أعضاء الجماعات ورؤساؤها بدل أداء مهامهم، ومنهم من سخر من المواطن وحمله مسؤولية ما جرى.
7. فقدان ما يسمى بأحزاب المعارضة للسلطة التمثيلية للشعب: فهي أحزاب لن تمارس السلطة وإن فازت، بل ستشكل الواجهة الديموقراطية وستساهم في المخطط المخزني للظهور أمام العالم أننا دولة ديموقراطية لتستمر معاناة المغربي من الحكام الحقيقيين للبلاد. هذه الأحزاب في الحقيقة سلاح كاتم لصوت الشعب ، وبمشاركتها في اللعبة السياسية تساهم في خداع الشعب.
8. سيطرة وزارة الداخلية على الجماعة: وهي مازالت من وزارات السيادة الملكية كالخارجية والأوقاف والعدل وإدارة الدفاع الوطني والأمانة العامة للحكومة، وبالتالي خارجة عن سلطة التناوب السياسي، ووزيرها عينه محمد السادس. فلا يمكنها بأي حال من الأحوال أن تضع مصالح الشعب والوطن فوق مصالح النخبة الحاكمة، وهي التي تصدر النظام الأساسي المنظم للجماعة وتفرض عليها الوصاية، وهي التي تبعث بمفتيشها لمراقبة ميزانيتها . فكيف لوزارة لا تتمتع بسلطة مستقلة مستمدة من الشعب أن تراقب وتصدر القوانين المنظمة للجماعة؟
9. فساد العملية الانتخابية: فالانتخابات الجماعية مناسبة لإشراك الشعب في الفساد المستشري في جسد الدولة المخزنية وفرصة لشراء الذمم ومأسسة نظام الرشوة لاستمالة الناخبين والتلاعب في البطائق الانتخابية والترحال الحزبي والكذب على المنتخِبين بوعود واهية وبرامج انتخابية تبقى حبرا على ورق واستغلال الممتلكات العمومية وتبذير المال العام. ومازالت الرشوة في المدونة الانتخابية تعتبر جنحة بسيطة. ولنتذكر أن الهيئات القضائية توصلت بأزيد من 900 فساد انتخابي سنة 2009، وما لم يُبلغ عنه أكبر بكثير من هذا العدد.
10. .إثارة أنظار الرأي العام ومنابر الإعلام الدولي للديموقراطية المزيفة بالمغرب: إن المقاطعة ستكون فرصة للشعب المغربي لإثبات أن الشعب هو السلطة الحقيقية، وأما المشاركة فتواطؤ مع الاستبداد وشرعنة لدستور غير شرعي لم يكتبه الشعب ولحاكمين لم ينتخبهم.
لقد انتقلت أكثر الدول استبدادا وأعرقها ديكتاتورية إلى الديموقراطية وبعضها لا يفصلنا عنها سوى البحر المتوسط بفضل إصرار شعوبها على التخلص من الأنظمة الشمولية والفاشية. والجماعات المحلية هي منطلق تطبيق الديموقراطية أو الاستبداد، فإن شئنا الحياة الكريمة علينا اختيار نظام الحكم العادل أولا بدل المشاركة في تحسين صورة الاستبداد وبالتالي المساهمة في استمرار حكم الآلة المخزنية في المغرب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أمام إسرائيل خياران.. إما رفح أو الرياض- | #مراسلو_سكاي


.. استمرار الاعتصامات في جامعات أميركية.. وبايدن ينتقد الاحتجاج




.. الغارديان: داعمو إسرائيل في الغرب من ساسة وصحفيين يسهمون بنش


.. البحرين تؤكد تصنيف -سرايا الأشتر- كيانا إرهابيا




.. 6 شهداء بينهم أطفال بغارة إسرائيلية على حي الزهور شمال مدينة