الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


100 ألف نفر

عبدالعزيز عبدالله القناعي

2015 / 3 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


تجمع 100 ألف نفر
لو تجمع هذا الرقم في أي دولة من دول العالم من أجل الإصلاحات السياسية أو الإجتماعية أو الإقتصادية لتم لهم ذلك، فالحكومات في نهاية الأمر تخضع أو تتوائم مع مطالبات الشعب وخصوصا إذا كانت هذه المطالبات مستحقة أو تمثل الرغبة الكبيرة لغالبية الشعب، ولكن أن يتم التداعي من أجل حشد 100 ألف شخص من أجل المطالبة بحرية شخص واحد قد تم اصدار الحكم عليه وفقا لمداولات طويلة وماراثونية عبر القضاء وبوجود جيش من المحامين والقانونيين، ولم يسلم نفسه أو يسمح للشرطة أن تقبض عليه إلا بعد أفلام عملها في الشارع وخطابات رددها لإثارة المراهقين والشباب، فهذا إنما يعتبر عبث سياسي ورؤية عوراء بكيفية ومنهجية الإصلاح السياسي بدولة الكويت من قبل من يدعون بأنهم معارضة، ولن نذكر طبعا أسباب صدور الحكم القاضي بحبس السيد مسلم البراك النائب السابق وهو باختصار نظير تعديه على مسند الإمارة وهي مادة دستورية قانونية قد تم الموافقة عليها من قبل مجلس الأمة المنتخب شعبيا، ولم يتم المطالبة بإجراء أي تعديل أو تنقيح لمواد الدستور لعقود طويلة ومن بينها السنوات التى كان يشغرها السيد مسلم البراك عضوا في مجلس الأمة ضمن مسار ما يسمى بالمعارضة السياسية، ولن نذكر أيضا أن غاية هذه المعارضة السياسية في مطالباتها بتعديل الدستور إنما كانت تتمثل في تطبيق الشريعة وتعديل المادة الثانية منه لتصبح الشريعة المصدر الأساسي للتشريع، وهو ما يعنى اختفاء الحريات ووأد حرية التعبير والإعتقاد وبداية الحسبة والشرطة الدينية او هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كنسخة سعودية في الكويت، وكانت آخر محاولة للأغلبية النيابية التى كان يتزعمها البراك هي المطالبة بإعدام المسيء للرموز الدينية.
إن من رفع سلاح المواجهة ضد الحكومة في جميع القضايا والمشاكل الوطنية كانوا متسلحين بالوهم، وكانت مطالبهم الدولة الدينية وإقامة توابع الخلافة، حتى انجرف الكثير من النواب أمام هذه التصرفات والأقوال بغير هدى ولا رؤية واضحة مما أوقع معظم النواب في شباك الخداع والتظليل وندوات الخطيئة تثبت هذه التصرفات بل وتؤكد على ان ما يجرى هو محاولة للتأزيم وتصعيد الأمور كما يريد هؤلاء النواب السابقين حتى ولو كان هذا التصرف على حساب الوطن. ان مسؤولية النواب لاشك بأنها أعظم وأكبر من مسؤولية الحكومة ان لم يكن هم المسئولين تماما، ولو ان النواب كان همهم الاول والاخير مصلحة الوطن والمواطنين لما تجاوزو على القوانين وكسر هيبة الدولة متمثلة بوزارة الداخلية والقوات الخاصة، ولو كان هؤلاء النواب على قدر كبير من المسؤولية بصفتهم أعضاء عن الأمة لما خرجوا الي الشارع بغوغائية تحمل الكثير من المعاني والرسائل الموجهة ضد القانون والنظام والدستور، لقد كان التصعيد السياسي الأخير، والمتمثل بقصة ليلة القبض على مسلم البراك مدبرا بليل ولكن هذه المرة بصورة أكثر قساوة من السابق، حيث سبق ليلة القبض على البراك أحداث الأشرطة المفبركة وإحياء قضية التحويلات المالية، وحين عجز هؤلاء النواب السابقين والناشطين والعاطلين عن العمل من إسقاط الحكومة خارج مجلس الامة ووفق الطرق المخالفة للدستور وللقانون، كالعادة، تم تدبير خيار النزول الي الشارع وعقد الندوات لمحاولة الضغط على القيادات السياسية العليا على تحقيق أمانيهم، ولكن ما تفاجأ به طقم نواب المتقاعدين هو رفض الغالبية العظمي من المواطنين لتصرفاتهم الممجوجة والبعيدة عن الأخلاق والأدب الكويتي، والمشكلة الكبري باعتقادي في مجلس الأمة تتمثل بأن العقلية التى تؤمن بالقمع وتكميم الافواه بالقوة في حال الاختلاف بالرأي هي من وصلت الي مقاعد مجلس الامة واستطاعت فرض هذه الرقابة والوصاية على المجتمع الكويتي بقوة القانون. ان غياب صوت الحق والديمقراطية الصحيحة هو من أفرز وجود مثل هؤلاء النواب بكل صفاقتهم المعهودة، وبلغت جرأتهم وعدم احترامهم للشعب الكويتي من خلال التقول والتحدث بأسمه في كل قضية وحدث، واستمدوا سلطانهم من ضعف المحاسبة لافعالهم وتخديرهم لناخبيهم من خلال القيام بالاعمال المخالفة للقانون والمنافية للاخلاق والضمير، وكم سمعنا عن قصص قام بها نواب الشريعة الإسلامية للتوسط واغتصاب الحقوق من الغير او لاستخراج سجين وغيرها من التدخلات المشؤومة، إن هذا الفشل في معالجة مشاكل وهموم المواطنين وتغييرها بناء على أحداث عقيمة أو بحسب ما يريد الأعضاء ويشتهون جعل من الساحة المحلية هشة فارغة من المضامين الدستورية وتفعيلها، وأصبحت القوانين تنتهك جهارا ونهارا بفعل خلط الأولويات وعدم الاهتمام الكافي بمصلحة البلد، فقد تمادى الكل في سحق الآمال والتطلعات الحقيقية للمواطنين وأصبح غاية النائب بان يشترى المواقف الوهمية لا الأفعال، وان يكسب الرضا الانتخابي بالشوارع والندوات قبل أن يعمل لأجل الوطن ومشاكله، إن المواطن الكويتي وهو يرى هذه الصورة المقيتة لأغلبية تصرفات أعضاء مجلس الأمة، سواء بالمجالس السابقة أو القائمة اليوم لا يجب أن يلوم إلا نفسه التى أوصلت نماذج غاية في السوء والتمثيل البرلماني. هنا لا أبرأ الحكومة وحتى أفراد من الأسرة الحاكمة في التدخل لقلب مجريات بعض الأمور أو لتحريك بعض النواب كدمي أراجوزية، ولكن من جعل هذه الإخفاقات تتوالي والفساد ينتشر وينمو ويتعاظم، إلا صورة المواطن الذي يريد أن يحتفظ بالفساد مع العدالة وهذا مالا يمكن أن يحدث أبدا إلا في دولة قد بدأت بالإنهيار.


د. عبدالعزيز عبدالله القناعي
كاتب صحفي
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما شكل المقاربة الأمريكية للدفع باتفاق سياسي لإنهاء الحرب في


.. خلافات معلنة بين بايدن ونتنياهو.. ما تأثيرها على الانتخابات




.. واحات جنوب المغرب -الساحرة- مهددة بالزوال!! • فرانس 24 / FRA


.. السفينة الأميركية -ساغامور- تحمل أولى شحنات المساعدات من قبر




.. #متداول.. مستوطنون يقطعون الطريق بالحجارة أمام شاحنات المساع