الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مبدأ المقابلة بالمثل

خالص عزمي

2005 / 9 / 18
الصحافة والاعلام


ليس مبدأ المقابلة بالمثل من تأصيلات القانون الدولي والعرف الدبلوماسي ؛ ولا من القواعد المتعارف عليها بين الدول وحسب ؛ بل هو قبل هذا وذاك تبادل تقليدي اجتماعي تعارفت عليه بنية العلاقات البشرية والروابط المتكآفئة بين فرد وآخر او جمع وآخر ؛ وعلى مختلف صيـــــــغ التقابل والتعامل ؛ كما يحدث عادة ما بين الأســــر في الافراح والاتراح وتبادل الزيارات ومالى ذلك من المناسبات . ويمتد هذا العرف ليشمل نواحي الحياة العامة ؛ فما من عمل يقوم به احد تجاه شخص آخر الا وتجده يتطلع الى رده كمقابلة بالمثل وهكذا دواليك . لقد خطرت على بالي هذه اللمحة وانا اشاهد بعض الفضائيات او استمع الى بعض الاذاعات وهي تطالعنا يوميا بقراءات في الصحف وتتبع خطاها مواقع على الانترنيت حيث تأخذ رصيدا كبيرا من المقالات والتعليقات لتنشرها مجددا ولكن من طرف واحد .. قبل هذه الموجة الاعلامية الهائلة كان التبادل الصحفي والاذاعي هو الشائع اذ كان المنصتون في الصحف بستمعون الى الاذاعات لنقل احدث الاخبار والتعليقات والاحاديث الى صحفهم ؛ وبالمقابل كانت الاذاعات تنقل الى مستمعيها ما جاء في الصحف( من اقوال).بل اكثر من ذلك فقد كانت الصحف تروج لبعضها البعض دعائيا ؛ فصحف المساء تنبه الى ما يمكن لصحف الصباح ان تحمله من عناوين مهمة فاتها تتبعها بسبب موعد الطبع ؛ وكذلك العكس . وفي هذا السياق اذكر انه في منتصف القرن الماضي شاع مثل هذا التعامل المتبادل ؛ ومنه على سبيل المثال ما نشرته مجلة الآداب اللبنانية الفتية ( آنذاك) من اعلانات في آخر بعض صفحاتها عن ثلاث مجلات ذات مستوى رفيع في المادة والاخراج ؛ وكانت من بينها مجلة( الاسبوع) التي كنت رئيسا لتحريرها ؛ وما كدت اطلع على تلك المبادرة الكريمة حتى اتصلت بزملائي في القلم الجديد ( الاردن ) والاديب ( لبنان ) واتفقنا على نشر اعلانات مماثلة عنها؛ بل وعززنا ذلك بتشجيع الكتاب البارزين على النشر فيها ؛ ثم تولى كل منا مراقبة توزيع تلك المجلة ضمن جولته الشهرية علىالدور الخاصة بذلك. .ومع ان هذا اسلوب كان بسيطا في تبادل المنفعة المعنوية الا انه ادى في محصلته الى مزيد من الشهرة والتوزيع لتلك المجلات . كما اذكر جيدا اننا كنا نرفد الصحف اليومية بالمقالات السياسية مما يصل الى مجلاتنا الادبية والاجتماعية منها والتي كانت الرقابة لا تسمح مطلقا بنشرها في تلك المجلات . . اسوق هذا وانا الاحظ ان خط التعاون وتبادل المعرفة مقصور على مواقع صحف الانترنيت حيث ان كثيرا منها ينقل عن الصحف( الورقية) مقالات عدة في حين ان تلك الصحف لا تستجيب الى ذات التوجه التعاوني المحبب . ان بعض المواقع المحترمة ذات السمعة الحسنة العالية ؛ غزيرة في نتاجها السياسي والادبي والفني والاقتصادي و وذات اخراج اعلامي مدهش ربما يفوق كثيرا من الصحف اليومية التي جمد بعضها على روتينية عقيمة في المادة قديمة في المظهر ؛ اضافة الى ذلك فان هذا اللون المبهر من صحافة الانترنيت قد شق طريقه الى اعجاب القراء الزائرين بحيث اضحت الافادة مما تنشره ليس قاصرا على المطّلع وحسب بل تعدته الى الباحثين والمؤلفين والاكادميين والادباء ..الخ
كنت اجلس في قاعة البحث في قسم الاستشراق من جامعة فينا حينما لمحني احد طلبة الدراسات العليا العرب الزائرين المعنيين بالصحافة و من الذين سبق لي ان عاونتهم في البحث الذي كلف به من الجامعة الموفدة ؛ فتقدم للسلام علي وجلس الى جانبي ثم اخذنا نتحاور كالمعتاد في كثير مما يدور في وطننا العربي من احداث ؛ ثم جرنا الحديث نحو الفضائيات والبرامج والصحافة والندوات .. الخ فكانت مناسبة ان اطرح فكرة تبادل المنافع المعرفية فيما بين كل هذه الاجهزة المتطورة في دنيا الاعلام ؛ قال انها فكرة ممتازة وجديدة ولكن لا اظن ان الصف ستوافق عليها ؛ سألته وما السبب برأيك ؟ قال ان مثل هذا التبادل سيبعد القراء عنها وسيفتح ابصارهم على المواقع الاعلامية المنتشرة بسعــــــة؛ اضافة الى ان مثل هذا النشر اليومي يعتبر بمثابة دعاية مجانية للموقع.على صفحات الصحف وهذا ما لا يرضي ماليا الشركات المصدرة..
قلت له انا ارى عكس ذلك تماما ؛ فأن فائدة الصحف مضاعفة ؛ لان المواقع حاليا تأخذ كثيرا من المقالات المنشورة وتعيد تقديمها الى زوارها ؛ والامر الثاني هو ان لكل جريدة مشهورة موقعها هي ايضا على الانترنيت والثالث هو ان الصحف ستحصل بدورها ومن دون مقابل على دماء جديدة من خلال ما يطرحه اولئك الكتاب من صيغ وافكار وآراء قد لا تتطرق اليها غالبية الصحف التي تعتمد اساسا على كوادرها الخاصة ؛ والامر الاخير هو ان ليس هناك من افكار تخالف سياستها بل تنشر ما يلائمهادونما اي التزام كما هي الحال مع كتابها
قال : ومن يا ترى سيتخذ القرار بتنفيذ هذه الفكرة الجديدة... ؛ الشركة المصدرة للصحيفة ؛ مجلس الادارة ام رئيس التحرير ...؟! اجبته : ان هذا الموضوع فني بالدرجة الاولى وهو من مسؤولية رئيس التحرير اذا كان ذا رأي مستقل وارادة حازمة وقدرة على اتخاذ القراروبالطبع بعد دراسة الفكرة جيدا والنظر الى العملة التي بين يديه من جانبيها قبل التنفيذ.
عند هذا الحد وجدنا ان الحوار قد اخذ وقتا مناسبا من جدية النقاش الممتع فودعنا بعضنا وانصرف كل مناالى وجهته ....
من هنا تأتي دعوتي الى الصحف ومؤسسات التلفزيون والاذاعة بضرورة الافادة مما تنشره تلك المواقع الرصينة من مواد تكاد تغطي كل الوان المعرفة في السياسة والاقتصاد والادب والفنون والعلوم والقانون والمال ... اضافة الى باقة من الاخبار واللقاءات والحوارات والمنوعات . وفي هذه الحالة سيصبح تبادل بعض النتاج بصيغته التعاونيةهذه ؛ جديرا بالتنفيذ على مختلف الاصعدة والاختصاصات؛ حيث تعم معه الفائدة بصورة متوازنة ما بين المتلقين من جهة واجهزة الاعلام المرئي والمقروء والمسموع من جهة اخرى . وبخاصة منها ( الصحف والمواقع)... وعنما يحدث ذلك فعلا سأقول.... واخير تحقق ... مبدأ المقابلة بالمثل













التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سيناريوهات خروج بايدن من السباق الانتخابي لعام 2024


.. ولادة مبكرة تؤدي إلى عواقب مدمرة.. كيف انتهت رحلة هذه الأم ب




.. الضفة الغربية.. إسرائيل تصادر مزيدا من الأراضي | #رادار


.. دولة الإمارات تستمر في إيصال المساعدات لقطاع غزة بالرغم من ا




.. بعد -قسوة- بايدن على نتنياهو حول الصفقة المنتظرة.. هل انتهت