الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن صديق شارع المتنبي، الشاعر وبائع الكتب “ بوسوليل”

كمال يلدو

2015 / 3 / 3
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


لم يكن يوم الأثنين، 5 آذار 2007 متميزا بضحاياه ومآسـيه على بغداد وأهلها، ان كان ما يتعلق بالأنفجارات او القتل والدمار وحالة الفوضى العارمة، إلا فيما حمله من خبر كانت له دلالات مازالت لليوم عالقة وتبحث عن السبب والتفسير. في ذلك اليوم، جرى استهداف "شارع المتنبي" – شارع المكتبات والكتب والناس بسيارة مفخخة، اتت على الكثير من محلاته وبناياته الغارقة بالقدم، فيما خلّفت 30 شهيدا وما لا يقل عن 100 جريح، ونار مستعرت التهمت الكتب والمجلات والقرطاسية، ولشدتها، فأن مسؤولوا الأطفاء ظلوا يكافحوها ليومين متتاليين.
اذن، استُهدف شـارع الفكر والمعرفة، استُهدفت الكتب، استُهدف الناس الذين يزوروه، وأستُهدف الباعة المتجولون، وحتى ممن ذهب لهناك حاملا بعضا من كتبه، علّه يبيعها ويشتري شيئا ما بثمنها.

من هنا يبدأ شــــارع المتنبي
ومثل باقي الأخبار التي تتناولها وكالات الأنباء:
((انفجار يســتهدف شارع المكتبات والكتب في العاصمة العراقية بغداد))
فمر الخبر من أمام السيد “ بو بوسوليلBeau Beausoleil" الشاعر وصاحب مكتبة لبيع الكتب والمجلات وهو يتصفح جريدة الصباح في مدينته، سان فرانسيسكو الأمريكية. أثارهُ الخبر، فبدأ البحث عن هذا الشارع وتأريخه، ولم يتوانَ من سؤال بعضا ممن يعرفهم، وعلم عن الضحايا ، ناهيك عن احتراق عشرات المحلات و (البسطيات) ، فدبت النار به، تماما مثلما تقرب عود الثقاب من كومة قش، فأخذتهُ مخيلتهُ بعيدا الى حيث النار تلتهم أنفس ما انتجهُ العقل البشري ، وتخيل اوراقاً تتطاير، وأوراقاً إبتلّت بماء الأطفاء، وأوراقاً غُمست بدماء الأبرياء، وأشلاء هنا وهناك، وسخام يلف الأعمدة وواجهات المحلات، ورائحة نار مشبعة بالتأريخ والمعرفة....اوراق ....اوراق .....ونار، أيُّ معادلة قاتلة !
Al-Mutanabbi Street Starts Here

قام السيد "بوسوليل" بعدها بأيام بأطلاق (130) دعوة الى مجموعة من الكتاب والشعراء والفنانين، طالبا منهم مساعدته في اعلان التضامن مع الثقافة والقراء وبائعي الكتب العراقيين، وسمى حركته ( من هنا يبدأ شارع المتنبي) وقد أدهشته ردة الفعل التي اتت بأكبر مما توقعه، إذ لاقت الدعوة تجاوبا كبيرا، وتبنت العديد من الجامعات والمؤسسات الثقافية استضافة المعارض المقامة على شرف (شارع المتنبي)، حيث تضمنت اشعارا، وكولاج مركبا مع الشعر وأعمالا توحي للحريق ، وصورا فوتوغرافية ولوحات فنية للشارع، لابل ان هذه الحركة قد تمكنت منذ ذلك اليوم ولليوم أن تفرض نفسها كطرف أمين في الدفاع عن الثقافة، وجلب انتباه المواطن اينما كان عن الواقع والآلام التي تعيشها شعوب الشرق الأوسط.

لا يخفي "بوسوليل" مشاعره تجاه هذا الحدث إذ يقول: (( إن الهجوم على باعة الكتب في بغداد هو هجوم علينا جميعا ، وهذا الهجوم يعبّر عن تفاهة اولئك الذين يحاولون أن يدمروا الفكر. ويضيف قائلا: لو كنت عراقيا، فهذا الشارع سيكون شارعي، وفيه مكتبتي، وهو يمثل الرئة الثالثة لأهالي بغداد حيث يقصده الطلبة والمتعلمون، وهو يضم العراقيين من كل الألوان وفيه يشعرون بالأمان وهم محاطون بالكتب)).
جدير بالذكر ان معارضا كثيرة شهدتها العشرات من مدن وعواصم وجامعات العالم منذ العام 2007 وصولا للعام 2014، إذ تقام أغلب النشاطات حول يوم الأنفجار ـ 5 آذار ـ من كل عام.
وقد أقام ( منتدى الرافدين للثقافة والفنون في ولاية مشيكًان) أمسية ومعرضا يوم 5 آذار 2014 تضامنا مع الثقافة والأنسان العراقي، ومتزامنة مع عشرات الفعاليات المشابهة في الولايات الأمريكية وأوربا والعالم. ويعود (المنتدى) هذا العام ليقيم نشاطا تضامنيا مع (المتنبي) في مدينة ديترويت يوم 13 آذار 2015 كجزء من نشاطه السنوي لدعم الكتاب والكتّاب العراقيين ، إذ سيتم عرض وبيع الكتب للعديد من الكتاب ومن بينهم للسيد نشأت المندوي ، والراحل فاروق اوهان وأخرين، كما سيتخلل الحفل عرض افلام عن شارع المتنبي.

امأ للتواصل مع "بوسوليل" فيمكن عبر صفحته على الفيس بوك، إذ سيجد المتصفح الكثير من الصور والنشاطات والتعليقات:
https://www.facebook.com/beau.beausoleil?hc_location=friend_browser&fref=pymk

لاشك بأن الموقف التضامني النبيل لبائع الكتب "بوسوليل" قد جلب الأنتباه لمحنة الثقافة والفكر في العراق ، وحالة العنف التي تضربه ، وهو يطرق بعمله هذا ناقوس الخطر معلنا عن حاجة الأنسان اينما كان للتضامن، حينما تهاجمه قوى التخلف والظلام والقتل. ويقع على عاتق النخب والمثقفين العراقيين، من صحفيين وكتاب وفنانين وأدباء وشعراء، ومن كل المعنين بحاضر ومستقبل الأنسان العراقي ، الى توحيد كلمتهم دفاعا عن الوجود.

كمال يلدو
شباط 2015








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - العزيز كمال يلدا المحترم
عبد الرضا حمد جاسم ( 2015 / 3 / 3 - 08:03 )
تحية و سلام و محبة و احترام
لك الشكر و الامتنان لتعريفنا بهذه الشخصية
و له الشكر على موقفه
ماذا يقول اليوم وهو يشاهد هجوم الهمج على الحضارة الانسانية في متحف الموصل و قبلها المتحف الوطني
و في محاولة الغاء الجزء المهم من تراث العراق الذي تشبث سنين طويلة /قرون في ملبس و مطبخ و لغة و عادات و تقاليد و اشكال و موسيقى الاصلاء من مسيحيين و ايزيديين
ان تهجيرهم و محاولة ابادتهم و تشتيتهم لا يقل اجراماً عن جريمة تحطيم التاريخ في المتاحف
اكرر الشكر لك و له و لكل من ساند نشاطاته و يساند نشاطاتكم
دمتم بتمام العافية


2 - شكرا صديقي عبد الرضا
كمال يلدو ( 2015 / 3 / 3 - 12:22 )
لمرورك الكريم وكلامك. وبالحقيقة انا زرت صفحته الشخصية ووجدته مصدوما، تماما مثلما صُدمَ الكثير منّا. ومع انها كبوة حصان، الا انها مؤلمة، وهي لم تأتي من الفراغ، اتت لأن مجتماعتنا وللأسف ليست محصنة من السئ، وهو موجود بيننا ويتنفس متى ما كانت عنده الفرصة. ما جرى في الموصل هو امتداد لقرون وقرون من التخلف والعنصرية ، وما كان له ان يتمدد هكذا لو كان شعبنا في الموصل والرمادي وتكريت محصننا ضد الأفكار المتعصبة والشوفينية. اظنها معركة مؤقتة،وحتما سيندحرون، والبقاء سيكون للأفضل. شكرا لمرورك الكريم


3 - مقال جميل يفضح كل الفقر والممارسات الممسوخة
الحكيم البابلي ( 2015 / 3 / 3 - 19:32 )
الصديق العزيز كمال يلدو المحترم
شكراً على المقال الجميل والمعلومات النافعة والتحريض على إلتزام الثقافة والدفاع عن رموزها ومنها الكِتاب والمكتبات والآثار
حين الغوص في عمق التأريخ نجد أن ممارسات هولاكو والمغول تتناغم مع المغول والتتار المُعاصرين لنا اليوم من حيث قتامة كراهيتهم وحربهم وعمى عيونهم لكل ما يُمثل جوهر الإنسانية ورموزها ومنها الآثار التأريخية والكِتاب، لإن هؤلاء القرود لا تأريخ مُشرف لهم، ولم يتم ذِكرهم تأريخياً إلا من خلال الخزي والعار
أُكرر شكري عزيزي كمال على المقال الجميل وما يحمل من قِيَم إنسانية لا بد لكل من يدعي التحضر من معرفتها
كل الود ... طلعت ميشو


4 - للصديق الغالي طلعت ميشو
كمال يلدو ( 2015 / 3 / 4 - 04:46 )
شكرا لمرورك الكريم وتعليقك الجميل. شخصيا لم تعد كلمة (هولاكو) تثيرني كثيرا، خاصة وأن البعض يستخدمها ليبرئ ذمة (المجرم الأكبر) فإذا كان هولاكو قد عملها مرة وانتهى الى حيث مزبلة التأريخ، فمن يا ترى نلوم بالذي قام بجرائم الأبادة من بعده؟
إن ما يجري اليوم شئ يندى له الجبين، وكم كنت أتمنى على (الأخوة) الذي خرجوا منددين بالرسوم الكاريكاتورية، ان يخرجوا في مظاهرات ينددوا بجرائم داعش ويحرقوا سفارات الدول التي تساندهم.....اما دون ذلك أخي طلعت، فأن قيادات الأحزاب الأسلامية، ورؤساء الأحزاب الأسلامية، ومنظري ومفكري الأحزاب الأسلامية مشتركون في هذه الجرائم لا محالة....حتى وأن استنكروها، فهذا نفاق لن ينطلي عليّ على الأقل . شكرا لمرورك الكريم.

اخر الافلام

.. ماكرون يرحب بالتزام الصين -بالامتناع عن بيع أسلحة- لروسيا •


.. متجاهلا تحذيرات من -حمام دم-.. نتنياهو يخطو نحو اجتياح رفح ب




.. حماس توافق على المقترح المصري القطري لوقف إطلاق النار | #عاج


.. بعد رفح -وين نروح؟- كيف بدنا نعيش.. النازحون يتساءلون




.. فرحة عارمة في غزة بعد موافقة حماس على مقترح الهدنة | #عاجل