الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


:حق الانسان في التنقل والاقامة واللجوء في القانون الدولي والشريعة الاسلامية

محمد ثامر

2015 / 3 / 3
مواضيع وابحاث سياسية



يحظى حق الانسان بالتنقل والاقامة واللجوء خصوصا الحق الاخير أي حق الانسان في التماس ملجأ امن على حد تعبير المادة 14 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان باهمية متزايدة نظرا للحاجة الماسة والمتزايدة للاهتمام بهذه الحقوق اذ انها ذات طبيعة متعددة الوجوه فهي تترتبط مع الحقوق المدنية والسياسية ومع الحقوق الاقتصادية والثقافية بل انها ترتبط مع تفصيلات هذه الحقوق لان حق الانسان بالتنقل وطلب الملجأ الامن يرتبط بنشوء الانسان وصيرورته وبحثه عن الحرية والاستقرار ونفوره من الظلم والتعسف والمصادرة .
إن معظم الدراسات التي اهتمت بهذا الحق تناولته من جهة القانون الداخلي للدولة وقرنت ذلك بتطبيقات على هذا الاساس أي تطبيقات تعالج اساس هذا الحق ونطاقه وحدود الاعتراف به للمواطنين والاجانب ضمن قواعد القانون الداخلي والتعليمات التي تصدرها السلطة التنفيذية داخل الدولة لتنفيذ هذه القواعد , وبالتالي فالدراسات التي اهتمت بهذا الحق على المستوى الدولي تكاد تكون ضئيلة إن لم تكن منعدمة أضف إلى ذلك إن الحق في الملجأ لم يرد الا في الاعلان العالمي لحقوق الانسان ولم يرد في العهدين الدولين وحتى وروده في الاعلان خضع لبعض التحفظات التي عدت اطلاق هذا الحق دون الرجوع للدولة أو دون التوقف على مشيئة الدولة فيه مساس بسيادة الدولة وهي العلة التي جعلت العهدين الدوليين يبتعدان عن فكرة تضمينه في نصوص أي منهما , الامر الذي اوجد نوع من المشقة في البحث عن تعدد الاراء الفقهية والمعالجات الدولية والاقليمية ومقارنة هذه النصوص بتوجه القضاء الدولي أو على الاقل الاقليمي , على الرغم من إن النصوص التي عالجت هذا الحق تمتد إلى فترات زمنية مبكرة تجاوزت الفترة التي ظهر فيها الاعلان العالمي أو العهدين الدوليين اذا ظهر النص على هذا الحق اول الامر في اول اتفاقية خصصت لهذا الحق أو خصصت بشكل ادق للحق في اللجوء وابرمت سنة 1928.
لقد حاول البحث جاهدا الوصول إلى تعريف دقيق لحق الانسان باللجوء وفي ضوء انحسار الجدل الفقهي حول الموضوع من جهة واقتصار التطبيقات القضائية على المحاكم الداخلية كان لابد من مسايرة هذا الاتجاه دون التخلي عن فرضية البحث الاساسية وهي التركيز على الشق الدولي من هذا الحق اخذا بالحسبان التنويه إلى التقدم المضطرد الذي حضي به حق الانسان باللجوء مقارنة بحق الانسان بالتنقل والاقامة الذي ظل حبيس النصوص الواردة في العهدين أو في الاعلان .
وبغية الاحاطة بالموضوع بشكل معمق والوقوف على فرضية البحث في اعطاء تعريف محدد لحق الانسان في اللجوء والقاءالضوء لمركز هذا الحق في القانون الدولي , فقد جاء البحث بمبحثين يركز الاول على حق الانسان في التنقل واللجوء ويركز الثاني على حق الانسان في اللجوء , وبذلك يكون البحث محاولة جادة للتعريف بحق الانسان في اللجوء والتطبيقات القضائية التي حرص البحث على إن يتضمنها ومع ذلك فهو يشكل دعوة لالقاء مزيدا من البحث والدراسة لهذا الموضوع اذ ليس من المعقول ان تلم دراسة مبتسرة فيه بكل اركانه كما ان البحث يشكل محاولة لالقاء حجارة في بركة ساكنة اللهم ان أسالك الأجر اذ سلكت طريقا اليك لا ابتغي فيه غير رضاك واجرك .














المبحث الاول

الحق في التنقل والاقامة


نصت المادة 13 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان على حق الانسان في حرية التنقل وحقه في المغادرة والعودة وذلك في فقرتين : ـ
(( 1 ـ لكل حق في حرية التنقل وفي أختيار محل أقامته داخل حدود الدولة .
2 ـ لكل فرد حق في مغادرة أي بلد ، بما في ذلك بلده ، وفي العودة الى بلده ))
أما المادتين 12 و 13 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية : ـ
(( لكل فرد يوجد على نحو قانوني داخل أقليم دولة ما حق حرية التنقل فيه وحرية أختيار مكان أقامته .
2 ـ لكل فرد حرية مغادرة أي بلد ، بما في ذلك بلده .
3 ـ لا يجوز تقييد الحقوق المذكورة أعلاه بأية قيود غير تلك التي ينص عليها القانون ، وتكون ضرورية لحماية ألامن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الاداب العامة أو حقوق ألاخرين وحرياتهم وتكون متماشية مع الحقوق الاخرى المعترف بها في هذا العهد .
4 ـ لا يجوز حرمان أحد ، تعسفا ، من حق الدخول الى بلده ))
أما المادة 13 فقد نصت على (( لا يجوز أبعاد الاجنبي المقيم بصفة قانونية في أقليم دولة طرف في هذا العهد ألا تنفيذ لقرار أتخذ وفقا للقانون ، وبعد تمكينه ، ما لم تحتم دواعي ألامن القومي خلاف ذلك ، من عرض ألاسباب المؤيدة لعدم أبعاده ومن عرض قضيته على السلطة المختصة أو على من تعينه أو تعينهم خصيصا لذلك ومن توكيل من يمثله أمامها أو أمامهم. ))
وكانت المادة 14 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان قد نصت :
(( لكل فرد حق التماس ملجأ في بلدان أخرى والتمتع به خلاصا من الاضطهاد و
2 ـ لا يمكن التذرع بهذا الحق أذا كانت هناك ملاحقة ناشئة بالفعل عن جريمة غير سياسية أو عن أعمال تناقض مقاصد الامم المتحدة ومبادئ . ))
وهكذا فأن القرأة المتأنية لهذه النصوص جميعيا تشير الى أنها تتحدث عن جملة من الحقوق : ـ
1 ـ حق المواطن والاجنبي ، المقيم بصورة قانونية ، في حرية التنقل داخل الدولة والبقاء فيها .
2 ـ حق المواطن والاجنبي ، المقيم بصورة قانونية ، بمغادرة الدولة أو القدوم أليها وتأخذ كل حق الحقين بالدراسة والتحليل .
أولا ـ الحق في التنقل داخل الدولة والبقاء فيها :
ويطلق على هذا الحق تسميات مختلفه بالاضافة الى التسميات اتي أطلقها عليه الاعلان العالمي أو العهد الدولي كالحق في السفر وحق الغداء والرواح وحق الحركة مثلما أطلقت عليه المادة الخامسة من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التميز العنصري التي ضمنت الحق لكل أنسان دونما تمييز الحق في حرية الحركة والاقامة داخل حدود الدولة وقد أكدت اتفاقية القضاء على جميع أشكال التميز ضد المرأة على هذا الحق حيث نصت المادة 15 / 4 على على (( تمنح الدول الاطراف الرجل والمرأة نفس الحقوق فيما يتعلق بالتشريع المتصل بحركة ألاشخاص وحرية أختيار محل سكناهم وأقامتهم ويمكن التمييز بين ثلاثة أنواع من التنقل وهي التنقل البري والبحري والجوي ويبدو التنقل البري أهمها أذ أنه يمكن أن يتم بصوره شتى بالمركبات أو السكك الحديد أو سير على الاقدام والشكل الاخير يمثل الحالة الاكثر تجسيدا لحق الانسان في حرية التنقل أذا أنه مكفول ومتوفر لجميع الناس بغض النظر عن وضعهم المالي وبعكس التنقل الجوي أو البحري اللذان يخضعان لنظام دولي في الغالب ، ومع ذلك ، فالحق في التنقل البري وسير المشاة بالذات هو الاخر خاضع لأدارة الدولة وتعليماتها وقوانينها وأنضمتها وهذا ما قررته الدائرة الجنائية بمحكمة النقض الفرنسية في 6 تشرين الثاني 1925 الذي أكدت بأن تنظيم مرور المشاة لا يعتبر مناقضا للحركة في التنقل ولكن لا يجوز مصادرة هذا الحق أو الحد منه ألا لمصلحة عامة ووفق القوانين واللوائح ومع ذلك أقر مجلس الدولة الفرنسي قرار المحكمة الادارية في ليون القاضي بنقض قرار عمدة المدينة بعدم السماح للباعة المتجولين بمزاولة تنقلاتهم داخل المدينة ألا في يوم واحد وفي مناطق محددة بحجة أحترام متطلبات المرور . ولكن وجد أن الدوافع الحقيقية للقرار هي الحفاظ على مصالح التجار ومن هنا فالقرار يعد مشوبا بانحراف باستخدام السلطة بتحديد حق الانتقال وأن البلدية ملزمة بدفع تعويض قدره ألف فرنك وبناء على ذلك فقد تدخل المشرع الفرنسي في تنظيم ممارسة النشاط المتنقل التي حصرها بالفرنسين أو المقيمين الذين مضى على أقامتهم خمس سنوات وأن يحصلوا على ترخيص المهنة من الجهة ألادارية المختصة ويلحق بالحق بالتنقل حرية الاقامة أي الحق في أختيار مكان الاقامة فكما يجوز للشخص التنقل داخل أقليم الدولة التي يقيم فيها قانونا ، فله أيضا حق تغيير أقامته وفق ما يرى وأذا أجبر الشخص على الاقامة في منطقة معينة يطلق عليه في هذه الحالة ـ الاقامة الجبرية ـ وهي من التدابير الاحترازية التي تتخذها السلطات الادارية أو السياسية لتنفيذ حرية الاشخاص وأجراءات منع حق التنقل وتقييده وتحديد ألاقامة نادرا ما تلجأ أليها الادارة في الظروف العادية ، فلا يوجد غالبا مبررا يدفعها كذلك ، أما في الظروف الاستثنائية فأن هذه الظروف قد تجبر الادارة على حرمان الفرد من حق التنقل وتحديد أقامته ، لذلك نجد أن محكمة القضاء الاداري المصري قد حكمت بأن ( أجراء ألاعتقال وتحديد ألاقامة يجب أن لا يلجأ أليها ألا عند الضرورة القصوى التي يستعصي فيها اللجوء الى ألاجراءات العادية لما في ذلك من مساس بالحرية الشخصية وأن يكون ذلك بالقدر الضروري للمحافظة على ألامن كما قضت في حكم أخر أن قرار تحديد ألاقامة يجب أن يكون قائما على سبب صحيح يبرر أصداره ويكون هذا السبب مستمدا من وقائع صحيحة ومنتجة في الدلالة وألا فالقرار يفقد أساسه القانوني وعلى ذلك فأذا ما أستند القرار بتحديد أقامة شخص الى ألامن العام والنظام العام فأنه لكي يكون ذلك سبب جدي يبرر أتخاذ مثل هذا الاجراء المقيد للحرية يجب أن يستمد من وقائع صحيحة منتجة الدلالة على هذا المعنى وأن تكون هذه الوقائع أفعالا معينة ليثبت أرتكاب الشخص لها وترتبط أرتباطا مباشرا بما يراد ألاستدلال عليه بها ، وأن التحريات الادارية لا تصلح سندا لتبرير قرار الاعتقال أو تحديد ألاقامة أذا أقتصرت على ذكر أوصاف وعبارات مرسلة دون تحديد للوقائع التي تفيد خطورة الشخص على ألامن والنظام حتى تستطيع المحكمة فرض رقابتها للتحقيق من قيام السبب لأجراء الضبط .

ثانيا ـ حق المواطن والاجنبي بمغادرة الدولة أو القدوم أليها .
أذا كان للأنسان الحق بالتنقل داخليا فأن له أيضا الحق بالتنقل في الخارج ولا يجوز تعليق هذا الحق على سبب هذه المغادرة أو على المدة التي يقضيها الفرد بعيدا عنه أو البلد الذي يغادر اليه بما في ذلك هجرته . ويشمل هذا الحق أيضا حق الفرد في الحصول على الاوراق الرسمية أللازمة مثل جواز السفر وكذلك الحق في تحديد مدة صلاحية هذه الاوراق كلما دعت الحاجة الى ذلك وهذا الحق مكفول لكل من يتمتع بجنسية الدولة ، كما أنه مكفول على قدم المساواة بالنسبة للأجانب المتواجدين في الدولة بشكل قانوني وذلك بالرغم من بعض القيود التي تنظم أقامتهم في أقليم الدولة المضيفة بما لا يتعارض مع ألتزامتها الدولية .
وأذا كان الاصل هو حرية المواطن في التنقل فأن للدولة أن تضع قواعد وأجراءات معينة توضح كيفية ممارسة هذا الحق ينبغي الرجوع أليها لممارسة هذا الحق ، فالمحافظة على ألامن العام وسلامة الدولة في داخل والخارج تستلزم تدخل الدولة التشريعي والاداري لتنظيم حق الفرد في التنقل خارج البلاد وهذا لا يخل بمبدأ حق الفرد وبما لا يضر بصالح الجماعة أن مقتضى ذلك وأعمالا لمبدأ سيادة الدولة على أقليمها وعلى رعاياها يكون لها في حالات الضرورة ولاغراض تبرر ذلك وضع قيود على حرية الافراد في التنقل ولها أن تمنعهم من مغادرة أقليمها وذلك بالحدود وبالقدر الضروري اللازم للحفاظ على مصالح المجتمع وسمعتها وأتخاذ الاجراءات الكفيلة بمنع أي أنحراف يهدد كيان الدولة وأمنها الداخلي أو الخارجي ويسيء الى مصالحها السياسية والاقتصادية أو يمس سمعتها ألادبية ومن هذا المنطلق تملك السلطات ألادارية منع الافراد من السفر كلما توفرت بحقهم أسباب كافية لذلك عملا بالسلطة القانونية المخولة لها بمنح جواز السفر أو عدم منحه لمن يطلبه من ألافراد فالواجب أن يكون هدف الادارة هو حماية الصالح العام والدفاع عنه بصفه مستمرة ولذلك نجد أن محكمة القضاء الاداري في مصر تقرر أنه (( أذا كان الثابت أن المدعي سافر ومعه فرقة تمثيلية أساءت الى سمعة مصر في الخارج وفق ما أثبته قنصل مصر العام عند السويد بتقريره ، فأن منعه من السفر الى الخارج مع مثل هذه الفرقة التي تسيء الى سمعة مصر وأمتناع السلطة الادارية عن تجديد جواز سفره يعد تصرفا قانونيا سليما لأغبار عليه لأنه يستند الى وقائع ثابته في الاوراق لا سبيل الى تجاهلها ولا يؤثر في ذلك التعهد الذي قطعه المدعي أخيرا على نفسه بالتفرغ لأعمال التجارة وعدم أستصحاب فرقة أستعراضية معه للخارج مستقبلا ما دام أن القرار المطعون فيه كان وقت صدوره قد أستند الى أسباب قانونية تبرره لكن المحكمة أستدركت بحق الجهات الادارية بأعادة النظر في قرارها وفق ما قدمه من تعهد . كما وجدت المحكمة أن تدخل النائب العام بأصدار قرار بالمنع من السفر بحق شخص جاري التحقيق معه هو أجراء قانوني لا غبار عليه أذ أن التحقيق يستلزم مثوله أمام الجهات ذات العلاقة وهو قرار صادر أستنادا الى الاختصاص المقرر للنيابة العامة بوصفها أمنية على الدعوى العمومية وفي أطار ممارسة أختصاصها القضائي وأن لم يكن هناك نص واضح يمنح هذه الصلاحيات .
وأذا كان للدولة أن تقوم بمثل هذه الاجراءات تجاه مواطنيها وبخصوص منعهم من السفر فأن المسألة تأخذ بعدا عكسيا تجاه الاجانب المقيمين في أقليمها أذا أنها تملك الحق في أبعاد الاجانب المقيمين في أقليمها وهذا الحق مكفول للدولة وأن لم يرد في المادة 13 من العهد الدولي أو لم يرد في الدستور الداخلي للدولة وأن كان من حق الدولة تقييد سلطتها في أبعاد الاجنبي عبر ما تبرمه من أتفاقيات فأن الاصيل المبعد يملك في مواجهة الدولة ، أذا ما ألتزم بقواعدها وتعاليما تها ، التظلم من قرار الابعاد .
ولا يمنع منح الاجنبي حق ألاقامة في دولة معينة سلطة تلك الدولة في أبعاده من اقليمها قبل أنتهاء المدة . لأن حق الدولة في أبعاد ألاجانب حق مطلق . فالمادة الاولى من الاتفاقية التي تحكم الجوانب المختلفة لمشاكل اللأجئين في أفريقيا والتي دخلت حيزا لتنفيذ في 20 يونيو 1974 . بأنه (( كل شخص يتواجد خارج بلاده خوفا من الاضطهاد بسبب العرق أو الدين أو الجنسية أو بسبب عضوية جماعة أجتماعية معينة أو بسبب الرأي السياسي ويكون غير قادر بسبب هذا الخوف أو غير راغب من الاستفادة من حماية تلك الدولة ، أو من يكون غير قادر ـ بسبب عدم حمله لجنسية ، وكونه خارج دولة أقامته المعتادة السابقة كنتيجة لمثل هذه الاحداث أن يعود إليها )) .
وكذلك أشارت الاتفاقية الى أن مصطلح لأجئ يطلق أيضا على شخص يجبر على ترك محل أقامته المعتادة بسبب اعتداء خارجي ، أو احتلال ، أو همينة أجنبية أو أحد اث تعكر النظام العام بشكل خطير في كل جزء من بلد منشأه أو جنسيته من أجل البحث عن ملجأ في مكان أخر خارج بلد منشأه أو جنسيته .
وتجدر الاشارة الى أن هناك نصوص في الاتفاقيات الاقليمية تمنع طرد الاجانب بشكل جماعي فهذا الموضوع يتعلق بمجموعة أشخاص وليس شخص واحد ومثال على ذلك أن تقوم الدولة بسحب جنسيتها من الاقليات الموجودة في أقليمها وبذلك يتغير الوضع القانوني لهذه الاقليات ليصبحوا أجانب ثم طردهم بعد ذلك .
ومن تطبيقات القضاء الاداري المصري لفكرة أبعاد الاجانب ما قضت به المحكمة الادارية في قضية أقامة الاجنبية المتزوجة من مصري من البلاد أذا كان الزوج لم يقصد منه سوى الحصول على أقامة وكان في وجودها ما ينال من أمن المجتمع وسلامته , وقد عدت المحكمة ضبط الاجنبية في قضية مخلة بالشرف وأدراج أسمها على قوائم منع دخولها البلاد وترحيلها وعدم الاستدلال عليها بعنوان زوجها أسباب كافية للابعاد . كما قضت المحكمة الادارية (( بأن السلطات البريطانية لا تملك فرض أقامة المجندين المسرحين بمصر على الحكومة المصرية ، أذ أن هذا من صميم ألاعمال التي تدخل في سيادة الدولة التي لابد من موافقتها ممثلة في وزارة الداخلية على أقامة المجند المسرح في أراضيها والرأي في فقه القانون الدولي العام أن الدولة أذا سمحت برضائها بناء على أتفاق أو معاهدة للقوات المحارية التابعة لدولة أخرى بالنزول في أراضيها وألاقامة بها بمناسبة نشوب الحرب فأن أقامة أي فرد من أفراد هذه القوات تصبح غير مشروعة أذا أنتهت العمليات الحربية ومضت فتره كافية لترحيل هذه القوات )). وأذا كانت هذه الاجراءات قد شرعت لأبعاد الاجنبي المقيم أو عدم السماح له بالعودة فأن الوطني لا يمكن أبعاده مطلقا عن بلده ولا يمكن رفض عودته أليها أذا ما غادرها سواء أكانت عودته بمحض أختياره أو رغم عنه











المبحث الثاني
الحق في اللجوء

يرتبط حق الاجنبي بالاقامة في الدولة أو دخولها بحق على درجة كبيرة من الاهمية ألا وهو الحق في اللجوء يعتبر اللجوء نظام أجرائي وموضوعي يهدف الى معالجة أنتهاكات حقوق الانسان الواقعة أو المحتملة التي يتعرض لها طالب اللجوء . . . ذلك أن الاعتداء على حقوق الانسان هو السبب المباشر لطلب اللجوء والحصول على اللجوء الذي يهدف الى حماية حقوق الانسان لشخص اللاجئ .
ويعرف فقهاء القانون الدولي اللاجئ بأنه : " أجنبي خرج أو أخرج من دولته الأصلية ولا يرغب أو لا يستطيع العودة الى هذه الدولة بسبب تمزق أو انفصام العلاقة العادية التي تربطه بها ، أما بسبب الاضطهاد السياسي والتهديد به ، وأما لاتهامه بأحدى الجرائم السياسية ، وأما لرغبته في عدم الخضوع لحكومة جديدة يعتقد أنها ظالمة أو غير شرعية . . كما يعرفون الملجأ بأنه : " حماية قانونية ذات طابع مؤقت تمنحها دولة تسمى ( دولة الملجأ ) لأجنبي تتوافر فيه صفة اللاجئ في مواجهة أعمال دولة أخرى تسمى الدولة الأصلية أو دولة الاضطهاد .
ولقد أصبحت الحماية القانونية الدولية للاجئ تمثل شاغلا هاما من شواغل المجتمع الدولي المعاصر بسبب الفضائح والأهوال وصور الاضطهاد التي تسود مناطق متفرقة من العالم وتجبر أشخاصا أو جماعات على مغادرة وطنهم الأصلي والهرب الى مكان أخر يطلبون فيه الحماية القانونية والمادية ، أي يطلبون فيه اللجوء . .
وفي عام 1951 تم أقرار الاتفاقية الخاصة بأوضاع اللاجئين ، والتي تقوم على تقرير أمرين أساسين هما :
1 ـ يجب أن يكون التمييز بأقل ما يمكن بين الرعايا الوطنيين من ناحية واللاجئين من ناحية أخرى :
2 ـ يجب ألا يكون هناك تمييز على أساس الجنس أو الدين ودولة الأصل بين اللأجئين ". .
وعند صدور الاعلان العالمي لحقوق الانسان حرص على التخفيف من محنة اللاجئين ، فنص في المادة الرابعة منه على أن : " لكل فرد حق التماس ملجأ في بلدان أخرى والتمتع به خلاصا من الاضطهاد . . . على أن ذلك لا يمكن التذرع به في حالات الدعاوي القانونية التي تنشأ عن جرائم سياسية أو عن أفعال تتعارض وأهداف ومبادئ الأمم المتحدة " . . .
ومما يجدر ملاحظة أن العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لم ينص على حق الملجأ نظرا لتمسك الدول عند أعداد العهدين بفكرة السيادة ، حيث تم أقتراح أضافة نص يقضي بحق الافراد في الملجأ ، وعند أحالة الموضوع الى لجنة حقوق الانسان انتهت الى رفض الاقتراح لاعتراض غالبية الدول على أساس أن منح الملجأ من المسائل الخاضعة لمطلق سيادة الدولة .
وقد أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1967 اعلانا خاصا حول اللجوء الاقليمي . حيث قرر الاعلان ، بأن حق اللجوء هو عمل أنساني ثم أعلن عن مجموعة من المبادئ تسترشد بها الدول ومن أهمها مايلي :
ـ على الدولة الأخرى أن تحترم حق اللجوء الذي تمنحه أي دولة ، اعمالا لحقها في السيادة للأشخاص الذين يستحقون طبقا للمادة 14 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان بما في ذلك الأشخاص الذين يكافحون ضد الاستعمار .
ـ لا يجوز منح حق اللجوء الى أي شخص توجد بشأنه أسباب قوية تحمل على الاعتقاد بأنه ارتكب جريمة ضد السلم أو ارتكب جريمة حرب أو جريمة ضد الانسانية وطبقا للتعريف المحدد لهذه الجرائم في الوثائق الدولية .
ـ للدولة مانحة حق اللجوء الحق بتقرير الأسس التي تمنح بناء عليها هذا الحق .
ـ أن وضع الأشخاص الذين تنطبق عليهم المادة 14 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان ، يهم المجتمع الدولي ويعنيه .
ـ حينما تجد دولة صعوبة في منح حق اللجوء أو الاستمرار في منحه ، فأن الدول الأخرى تقوم وبشكل فردي أو جماعي أو من خلال الأمم المتحدة وبروح التضامن الدولي ، بالنظر في الاجراءات المناسبة لتخفيف العبء عن كاهل تلك الدولة .
ـ لا يخضع أي شخص تنطبق عليه المادة 14 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان لاجراءات مثل رفض لجوئه عند حدود الدولة التي ينشد اللجوء أليها ، وأذا ما كان قد دخل أراضيها بالفعل أو الطرد ، أو الأعادة الاجبارية الى أي (( دولة )) قد يتعرض فيها للاضطهاد ، ولا يجوز الاستثناء من المبدأ السابق ألا في حالة وجود أسباب قاهرة ، تتعلق بالأمن القومي أو لحماية السكان كما في حالة التدفق الجماعي للاجئين .
وأذا ما قررت دولة من الدول ، على أي الحالات ، أن هذا الأستثناء قائم وله ما يبرره فأنها تنظر في أمكانية منح الشخص الذي يعينه الأمر فرصة , سواء عن طريق اللجوء المؤقت أو خلافه للذهاب الى دولة أخرى .
لا تسمح الدولة التي تمنح اللجوء ، للأشخاص الذين حصلوا على هذا الحق بالقيام بأعمال تتناقض مع أهداف ومبادئ الأمم المتحدة .
ثم أن هناك مشروع اتفاقية تتعلق باللجوء السياسي عرضت على الجمعية العامة للأمم المتحدة بمبادرة من اللجنة التنفيذية للمفوضية السامية لبرنامج اللاجئين بالاضافة الى أن هناك مجموعة من الاتفاقيات تتعلق بحق اللجوء أهمها :
ـ الاتفاقية المتعلقة باللجوء بتاريخ 20/2/1928 .
ـ الاتفاقية المتعلقة باللجوء السياسي بتاريخ 26/12/1933 .
ـ الاتفاقية المتعلقة باللجوء الاقليمي بتاريخ 28/3/1954 .
ـ الاتفاقية المتعلقة باللجوء الدبلوماسي لعام 1954 .
أما بالنسبة لاتفاقية اللاجئين الصادرة بتاريخ 28 يوليو 1951 والبروتوكول الملحق بالاتفاقية بتاريخ 31 يناير 1967 بمقتضى هذه الاتفاقية فأنه يجب أن يكون التمييز محددا جدا بين الرعايا الوطنيين واللاجئين ، كما أن هذا التمييز يجب أن لا يكون على أساس الدين أو الدولة الأصل أو الجنس .
وقد تعهدت الدول الأطراف في الاتفاقية بمعاملة اللاجئين معاملة حسنة فيما يتعلق بحق العمل ، وحق الأجتماع ، وبالنسبة لتعاطيهم المهن الحرة ، والتعليم عدا التعليم الابتدائي ، فيجب أن تضمن لهم الدولة المقيمين على أراضيها معاملة لا تقل عن معاملة الأجانب المقيمين عليها .
وبناء على المادة 14 من نظام المفوضية العليا للاجئين والصادر في 14 ديسمبر 1950 فأن المفوضية مكلفة بالحماية الدولية للاجئين ، وأضافة الى ذلك ، ونظرا لخطورة وضع اللاجئين الأفارقة فأن منظمة الوحدة الافريقية أصدرت اتفاقية تتعلق باللاجئين الأفارقة بتاريخ 10/9/1969 .
ومن الجدير بالذكر أن اللجنة الاوربية لحقوق لأنسان قررت بأن طرد أو تسليم أجنبي لاجئ الى بلده رغما عنه يعتبر عملا غير أنساني ويشكل أنتهاكا صارخا لحقوق الانسان وحرياته الاساسية . ويذكر أن المملكة العربية السعودية كانت قد تحفظت على نص المادة 14 من الاعلان العالمي لحقوق ألانسان التي تنص (( لكل فرد حق ألتماس ملجأ في بلدان أخرى والتمتع به خلاصا من الاضطهاد )) وأصرت على أن يكون منح هذا الحق بيد الدولة التي يطلب اللجوء منها ولا يعطي بصورة تلقائية وقد تم أقرار هذا التحفظ لأنه لا يمس بحق اللجوء ولا بحق كل فرد في المطالبة به بل ترك للدولة المعنية حرية أعطاء حق اللجوء لمن يلجأ أليها دون أن تلتزم بهذا الحق أما المملكة المتحدة فأنها لم تكن طرفا في البروتوكول الملحق بالاتفاقية الاوربية والذي يعترف بحق الانسان في التنقل كما أنها تحفظت بشأن السيطرة على الهجرة .
وأذا كان منح الملجأ في القانون الدولي رهن بالسلطة التقديرية للدولة المانحة ، والتي لها الحق برفض اللاجئ وإبعاده من فوق إقليمها . أما في الإسلام فإن هذه السلطة أكثر تقيدا لأن حق الملجأ نصت عليه العديد من الآيات القرآنية واكدته السنة النبوية ، فضلا عن ان منح حق الملجأ في الإسلام يسنده أيضا إعتبار إنسانى ، هو حماية حقوق الإنسان . فهناك صلة وثيقة بين حق الملجأ وإنتهاك حقوق الإنسان ، لأن لجوء الفرد إلى دولة أخرى (( في هذا المقام الدولة الإسلامية )) يرجع أول سبب له ، إن لم يكن سببه الوحيد ، إلى الإعتداء على حقوقه وحرياته . وبالتالي يعتبر الحصول على الملجأ ضروريا في هذا الخصوص باعتباره الوسيلة الوحيدة لمنع هذا الاعتداء ولتمكينه من التمتع بالحقوق والحريات الأساسية بعد ان استحال عليه ذلك في إقليم دولته الأصيلة ولأن الإسلام يحارب الظلم ولا يقره أبدا ويلاحظ ان كون الملجأ حقا للاجئ في الشريعة الإسلامية لا يتعارض مع سلطة الدولة في قبول الأجانب او رفضهم (( لان ذلك حق متفرع على سيادتها ولكفالة امنها الداخلي والخارجي )) ، او طرد وإبعاد الاجانب (( إذا إرتكبوا أفعالا تستوجب ذلك )) : كما هو الحال في إبعاد الخطرين على الامن وكذلك ما قرره فقهاء المسلمين من عدم جواز إقامة المستأمن لمدة أكثر من سنة يتم خلالها تأقيت وقت له لخروجه من البلاد ما لم يخير ان يصبح من اهل الذمة . ويحكم منح الملجأ في الشريعة الإسلامية المعاهدات التي تبرمها الدولة الاسلامية .
وتفسير ذلك انه اذا وجدت معاهدة تمنع الدولة الاسلامية من منح حق الملجأ لاشخاص بعينهم وكانت هذه المعاهدة لا تتعارض ونصوص الشريعة ، وجب على الدولة الاسلامية الوفاء بهذا الاتفاق لان قاعدة قدسية التعاقد والوفاء بالعهد من القواعد التي يصعب الفكاك منها في الاسلام .
من ذلك ما جاء في كتابه ـ صلى الله عليه وسلم ـ بين المهاجرين والانصار الذي وادع فيه اليهود .
(( وانه لا يحل لمؤمن اقر بما في هذه الصحيفة ، وآمن بالله واليوم الآخر ، ان ينصر محدثا ولا يؤويه ، وانه من نصره او آواه ، فإن عليه لعنة الله وغضبه يوم القيامة ، ولا يؤخذ منه صرف ولا عدل )) . ومن ذلك أيضا ما جاء في عهد عبد العزيز بن موسى بن نصير الى تدمير ملك أوريولة في شمالي الاندلس :
(( بسم الله الرحمن الرحيم : كتاب عبد العزيز بن موسى بن نصير لتدمير بن عيد وسن انه نزل على الصلح ، وان له عهد الله وذمة نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ . . . وانه لا يؤوي لنا آبقا ، ولا يؤوي لنا عدوا ، ولا يخيف لنا آمنا ، ولا يكتم خبر عدو علمه )) .
ومن ذلك ما جاء في كتاب عمر إلى ملك الروم (( حينما إرتحلت إياد بن نزار إلى ارض الروم اثناء فتح الجزيرة )) :
(( أنه بلغنى أن حيا من أحياء العرب ترك دارنا وأتى دارك فوالله لتخرجنه أو لننبذن إلى النصارى ، ثم لنخرجنهم إليك (( فأخرجنهم ملك الروم )) .
ويلاحظ ان منح الملجأ الى شخص بعينه قد يرتبط بإبرام إتفاق معه ، وحينئذ عليه الإلتزام بالشروط الواردة في الاتفاق الذي منحه ذلك الملجأ ، إذ في بعض الاحوال قد يترتب على عدم إلتزامه بذلك آثار خطيرة . وفي ممارسات المسلمين ما يدل على ذلك .
من ذلك حينما فقد السقلاروس عرش روما بعد صراع مع منافس له ، فلجأ الى بلاد المسلمين وابرم إتفاقا مع صمام الدولة جاء فيه :
(( إنك سألت بسفارة اخينا وعدتنا وصاحب جيشنا ( ابى حرب ربار بن شهر اكوب ) تأمل حالك في تطاول حبسك ، واعتياقك عن مراجعة بلدك ،وبذلت ـ متى افرج عنك وخلى طريقك وأذن لك في الخروج إلى وطنك والعود إلى مقرسلطانك ـ ان تكون لولينا وليا ولعدونا عدوا ولسلمنا سلما ولحربنا حربا . وان تكف عن تطرق الثغور والاعمال التي في ايدينا وايدى الداخلين في طاعتنا ، فلا تجهز إليها جيشا ولا تحاول لها غزوا ، ولا تبدأ أهلها بمنازعة ولا تشرع لهم في مقارعة ولا تتناولهم بمكيدة ظاهرة ولا باطنة ، ولا تقابلهم بأذية جلية ولا خفية.
وهكذا يجب عند إستقبال اللاجئ ، بين امور أخرى ، مراعاة المعاهدات الدولية التي قد تكون مبرمة مع دولته .
ويتمثل الغرض الاساسي لمنح حق الملجأ في حماية الشخص من الاضطهاد الذي يقع عليه لو بقى في بلده الاصلي او أي مكان اخر . ولذلك يجب عدم ارتكابه لمظالم يريد ـ عن طريق اللجوء ـ الهروب من العقاب الواجب عليه . لذلك اعتبر الهيتمى من الكبائر (( إبواء المحديثين أي منعهم ممن يريد إستيفاء الحق منهم والمراد بهم من يتعاطى مفسدة يلزمه بسببها امر شرعي )) . ويؤيد ذلك ما قاله رسول الله ـ ص ـ (( لعن الله من ذبح لغير الله ، لعن الله من لعن والديه ، لعن الله من آوى محدثا ، لعن الله من غير منار الأرض )) . ولما كان الإسلام لا يقر الظلم ، في أية صورة من صوره ، لذلك يجوز منح اللجوء لمثل هذا الشخص خصوصا إذا كان اللاجئ رئيسا للدولة او ممن بيدهم الأمر والنهي أو المجرمين الخطرين . ولاشك ان ذلك يتعارض مع ما هو مطبق حاليا في العلاقات الدولية حيث تحمى الكثير من الدول من يلجأ إليها من الأجهزة الحاكمة حتى ولو كان قد إرتكب المذابح في بلاده ، وعاث في الارض فاسدا وأهلك الحرث والنسل وتسبب في خراب البلاد وشقاء العباد .
في هذا المعنى يقرر ابن تيمية .
(( يقع كثير من الرؤساء من أهل البادية والحاضرة إذا استجار بهم مستجير ، او كان بينهما قرابة او صداقة ، فإنهم يرون الحمية الجاهلية والعزة بالإثم ، والسمعة عند الأوباش : أنهم ينصرونه ـ وإن كان ظالما مبطلا ـ على المحق المظلوم ، لاسيما ان كان المظلوم رئيسا يناديهم ويناويهم ، فيرون في تسليم المستجير بهم الى ما يناويهم ذلا او عجزا ، وهذا ـ على الإطلاق ـ جاهلية محظة . وهي من اكبر فساد الدين والدنيا . وقد ذكر انه إنما كان سببب كثير من حروب الاعراب ، كحرب البسوس التي كانت بين بني بكر وتغلب ، الى نحو هذا . وكذلك سبب دخول الترك ، والمغلول دار الإسلام وإستيلاؤهم على ملوك ما وراء النهر وخرسان : كان سببه نحو ذلك )) .
ويضيف ابن تيمية تأكيدا لما سبق : (( وإنما الواجب على من إستجار به مستجير ـ إن كان مظلوما ينصره . ولا يثبت انه مظلوم بمجرد دعواه ، فطالما اشتكى الرجل وهو ظالم ، بل يكشف خبره من خصمه وغيره ، فإن كان ظالما رده عن الظلم بالرفق إن امكن ، إما من صلح أو حكم بالقسط ، وإلا فبالقوة )) .
ولاشك ان ما قرره ابن تيمية غير مطبق في العلاقات بين الدول المعاصرة ، لسبب بسيط ان نظرية ابن تيمية تقوم أساسا على الحق وعدم تشجيع الظلم ( فهي نظرية تستند أساسا الى الدين والاخلاق ) بينما ما هو مطبق حاليا يستند الى فكرة المصلحة والمحافظة على كبرياء الدول وماء وجهها .
ومن الطبيعي ان منح الملجأ يجب الا يصطدم ـ من حيث ما هيته او نتائجه او آثاره ـ مع قواعد واحكام الشريعة . هذا شرط بديهى لا يحتاج الى ادنى تعليق .ٍ












الخاتمة




ولقد أصبحت الحماية القانونية الدولية للاجئ تمثل شاغلا هاما من شواغل المجتمع الدولي المعاصر بسبب الفضائح والأهوال وصور الاضطهاد التي تسود مناطق متفرقة من العالم وتجبر أشخاصا أو جماعات على مغادرة وطنهم الأصلي والهرب الى مكان أخر يطلبون فيه الحماية القانونية والمادية ، أي يطلبون فيه اللجوء . .
ولذلك وفي عام 1951 تم أقرار الاتفاقية الخاصة بأوضاع اللاجئين ، والتي تقوم على تقرير أمرين أساسين هما أن يكون التمييز بأقل ما يمكن بين الرعايا الوطنيين من ناحية واللاجئين من ناحية أخرى و ألا يكون هناك تمييز على أساس الجنس أو الدين ودولة الأصل بين اللأجئين. .
وعلى الرغم من إن الاعلان العالمي نص على حق الانسان في الملجأ الا أن العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لم ينص على حق الملجأ نظرا لتمسك الدول عند أعداد العهدين بفكرة السيادة ، حيث تم أقتراح أضافة نص يقضي بحق الافراد في الملجأ ، وعند أحالة الموضوع الى لجنة حقوق الانسان انتهت الى رفض الاقتراح لاعتراض غالبية الدول على أساس أن منح الملجأ من المسائل الخاضعة لمطلق سيادة الدولة .
ولكن الجمعية العامة للأمم المتحدة تنبهت إلى هذا الفراغ القانوني فاصدرت سنة 1967 اعلانا خاصا حول اللجوء الاقليمي قررت فيه بأن حق اللجوء هو عمل أنساني يجب إن يتم العمل به وفق المبادئ تسترشد بها الدول ومن أهمها إن على الدولة الأخرى أن تحترم حق اللجوء الذي تمنحه أي دولة ، اعمالا لحقها في السيادة للأشخاص الذين يستحقون طبقا للمادة 14 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان بما في ذلك الأشخاص الذين يكافحون ضد الاستعمار بشرط إن لا يمنح حق اللجوء الى أي شخص توجد بشأنه أسباب قوية تحمل على الاعتقاد بأنه ارتكب جريمة ضد السلم أو ارتكب جريمة حرب أو جريمة ضد الانسانية وطبقا للتعريف المحدد لهذه الجرائم في الوثائق الدولية .
1- إن حق الانسان بالتنقل والاقامة واللجوء بحاجة إلى مزيدا من البحث والدراسة وخصوصا الحق في اللجوء الذي يرافق الانسان في اشد حالات الضعف والاستكانة والازمات ومصادرة الرأي.
2- إن هذا الحق يرتبط إلى حد بعيد بانتهاكات حقوق الانسان فالاخير لا يضطر إلى التنقل أو اللجوء الا اذا تعرضت حقوقه إلى الانتهاك بشكل خطير .
3- إن هذا الحق قديم قدم الانسان لذلك نظمته الشريعة الإسلامية الغراء تنظيما دقيقا يكاد يصل إلى ما هو عليه الان بما في ذلك اشتثناء من يرتكب بما يعرف اليوم بالجرائم الدولية .
4- ليس هناك تعريف دولي للجوء ولكن هناك تعريفات اقليمية في عدد من الاتفاقيات الاقليمية ولذلك فهو بحاجة إلى تعريف دولي يسبغ هذا الوصف على كل من ينطبق عليه .
الهوامش








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قوات الاحتلال تخرب محتويات منزل عقب اقتحامه بالقدس المحتلة


.. بلينكن: إسرائيل قدمت تنازلات للتوصل إلى صفقة ونتنياهو يقول:




.. محتجون أمريكيون: الأحداث الجارية تشكل نقطة تحول في تاريخ الح


.. مقارنة بالأرقام بين حربي غزة وأوكرانيا




.. اندلاع حريق هائل بمستودع البريد في أوديسا جراء هجوم صاروخي ر