الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التوبة

مشتاق جباري
كاتب

2015 / 3 / 3
الادب والفن


التوبة

قصة قصيرة

يسير بهمة الشباب رغم انه بلغ السبعين من العمر ,كان الحاج عبد اللطيف لطيفا في كل شيء ,لايجامل ,ولايرضى بألقهر ,ذات يوم ,جاء الرئيس المؤتمن لزيارة مدينتهم ,ترافقه الكاميرات والمصورين ,استقبلته الجماهير الغفيرة وهي تهتف له بملء حناجرها , ,وهو يلوح لهم بيده بغرور ,وحين سألهم عن احوالهم ومشاكلهم ,قالوا له وكيف تكون لنا مشاكل وانت قائدنا وسيدنا , وبلا مقدمات شعر الحاج عبد اللطيف بأنه سينفجر حنقا وغضبا ,ابعد من كان يسد بوجهه الطريق من الناس حتى استطاع ان يصل الى حيث الزعيم القائد يقف محاطا برجاله , وبكل ثقة وشجاعة ,قال:ياسيدي نحن نتضور جوعا ,وعطشا ,ابناءنا بلا عمل ,واطفالنا قد قتلها الملل ,بلا مدارس او تعليم والامراض قد فتكت بنا ,هذه بعض مشاكلنا, فأن كنت صادقا فخلصنا منها ,لتكون زعيمنا ,سكتت الجموع ,وانقطع صوت كل شيء الاصوت الانفاس وهي تهرب من الصدر لتعود اليه من جديد ,لم يصدق احد ما سمع ,وكان الجميع وكأنهم ينتظرون صاعقة تنزل على رأس الشيخ الخرف ,ابتسم الزعيم بمكر ,وقال مخاطبا كاميراته المرافقة له :هذه هي عدالتنا وديموقراطيتنا ,نحن نتقبل كل رأي حتى لو كان مخالفا لنا ,هكذا تكون العدالة ,ومضى مبتهجا ,انتظرت الجماهير خبر موت عبد اللطيف ,وكانت الاشاعات تنطلق صغيرة لتكبر ببضع دقائق او ساعات , وصل الامرالى ان احد لم يعد يرغب حتى بألقاء التحية عليه ,قال قائل انه يعمل جاسوسا للزعيم لذلك لم يقتله ,وقال اخر انه احد قادة اجهزته القمعية ,وقال اخرون انه مستشارلديه ,واقسم احد المتسكعين على ارصفة المدن انه قد رأه بصحبة الزعيم ,ولم يعد عبد اللطيف لطيفا بنظرهم ,حتى زوجته التي قضى معها كل عمره ,هجرته هي الاخرى حين سمعت بما قام به ,هرعت هاربة لدار اعدت لأيواء المسنين في المدينة وهي تقول ان زوجها قد جن ,وهكذا انقلبت حياة الرجل الى جحيم ,وكاد يجن فعلا ,وضلت الناس تردد فيما بينها :ايعقل ذلك ,شخص يفعل كل ذلك ,ولا يموت ,او يجن ,اذن لابد انه مجنون اصلا او جاسوس,واستمر الجدل طويلا,وبعد مضي زمن ,وفي يوم ربيعي لطيف عاد الزعيم المؤتمن لزيارة المدينة ,وكعادتها صفقت الجماهير ورقصت وفرحت ,ومن بين الجموع السعيدة مرشيخ كبير لم يتعرف عليه احد لرثاثة منظره ,جاء وقد انقلب الى شبه متسول ,رث الثياب ,قبيح المنظر ,توجه الى حيث يقف السيد الرئيس ,وقع على يده يقبلها ,وهو يبكي ويقول :ايها الرئيس الملهم ,يا قائدنا وحبيبنا , اغفر زلتي واقبل توبتي ,وصفقت الجماهير وهللت وكبرت وقد تعرفت على الرجل ,انه عبد اللطيف ,واخيرا عاد الى وعيه ,سبحان الله الذي هداه سواء السبيل ,هكذا كانوا يرددون, ويريدون ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل