الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أسئلة مختلفة ومنهج إجابة واحد

مناف الحمد

2015 / 3 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


أسئلة مختلفة ومنهج إجابة واحد
في جواب يزيح عن كاهل صاحبه عبء البحث الشاق لاستكشاف الأسباب، قدّم خريجو المعاهد الإسلامية جوابهم المعهود على سؤال شكيب أرسلان الشهير : "لماذا تأخر المسلمون ؟ولماذا تقدم غيرهم؟" الذي يختزل العلل في علة واحدة هي ابتعاد المسلمين عن دينهم، وازوراهم عن جادة الصواب التي تتمثل في انتهاج طريق السلف الصالح.
وفي جواب مشابه من حيث درجة فقره واختزاليته، يقدّم اليوم بعض المثقفين تفسيراً يختزل الانبعاث للحركات الجهادية العنفية بالقول إن السبب هو غياب الديمقراطية.
ربما يعذر خريجو الأزهر والزيتونة وغيرهما في تعليلهم للظاهرة لنقص أدواتهم المعرفية، ولكن المتشدقين بالديمقراطية، والذين ملأوا الدنيا ضجيجاً بضرورتها، لا يمكن أن يعذروا؛ لأسباب ليس آخرها أن بضاعتهم التي يريدون تسويقها ما كانت لتأخذ شكلها الناضج بدون أن تصفّى في مخابر المفاهيم المعاصرة، بله التجارب الإنسانية شديدة الثراء و التعقيد.
كما أعاقت الإيديولوجية السلفية أصحابها عن تحرّي الأسباب، أعاقت الديمقراطية التي حوّلها بعض دعاتها في عالمنا العربي إلى إيديولوجيا عن سبر الظروف التي انبثقت بسببها ظاهرة السلفية الجهادية بأشكالها المختلفة، والتي تمثل داعش شكلها الأكثر تطرفاً ووحشية.
فالعنف المقدس موجود في مجتمعات تنعم بالديمقراطية، والمتطوعون من دول غربية ديمقراطية للقتال في صفوف داعش لا يستهان بنسبتهم، وهوما يمثّل دليلاً كافياً على بؤس هذا التفسير.
ويمكن اختصار الأسباب التي تغيب عن "وكلاء الديمقراطية الحصريين" في :
- المال الذي تقدمه دول ذات أجندات متنازعة -وهو شبيه بالمال الذي كان يقدمه الاتحاد السوفياتي للأحزاب اليسارية إبان الحرب الباردة-. فليس خافياً على أحد أنه كما تقدم إيران المال للأحزاب والتنظيمات الشيعية في أكثر من مكان تقدم دول الخليج الدعم المادي لتنظيمات إسلامية سنية.
- غضّ النظر الذي مارسه الغرب على صعود الحركات الإسلامية في السبعينيات ظناً أنه بديل أفضل من الحركات القومية والشيوعية، وهوما أفسح المجال لهذه الحركات لكي تترعرع ولكي يغدو وأدها بالغ الصعوبة.
- هزيمة المشروع القومي العربي عام 1967، وفشل الحكومات العلمانية المتعاقبة في السيطرة على المخيال الجمعي، وهو ما تشير إليه استقراءات ميدانية في أكثر من دولة عربية منها مصر حيث يوضح أحد هذه الاستقراءات أن للسلطات الدينية النفوذ الأكبر على الشارع في مصر.
- مناهج التعليم الأحادية التوجه، والتي تركز على الفهم الحرفي للنصوص المقدسة كما تغلق أمام متلقيها سبل معرفة الثقافات الأخرى.
وأخيراً وليس آخراً نمط التدين الشديد –على حد تعبير أمين معلوف- الذي يصطبغ به المهاجرون من الريف إلى المدينة في محاولة لحماية أنفسهم من أجواء المدن الغريبة عن مزاجهم، وطرائق حياتهم المحافظة، وهو ما كرّسه أيضاً تقويض العولمة للثقافات في المجتمعات المتخلفة، بحيث أصبح الدين ملاذاً أخيراً للتشبث بالهوية، والمعيار الوحيد للاعتزاز بميراث الأمة.
كما تحاول الأيديولوجية السلفية عكس مسار التاريخ في محاولة مستحيلة، تعشى أبصار من يريدون استيراد القيم الغربية - بدون تمحيص للتربة المراد استنباتها فيها وتهيئتها لاستقبالها- عن رؤية الظروف الموضوعية المسببة لهذه الظاهرة القروسطية.
ربما يمثّل هذا النوع من العجز عن فهم الظواهر سبباً من أسباب انبثاقها، واندهاش من يرزحون تحت وطأة الإيديولوجيا من تغوّلها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تهاجم أردوغان.. أنقرة توقف التبادلات التجارية مع تل


.. ما دلالات استمرار فصائل المقاومة باستهداف محور نتساريم في غز




.. مواجهات بين مقاومين وجيش الاحتلال عقب محاصرة قوات إسرائيلية


.. قوات الأمن الأمريكية تمنع تغطية مؤتمر صحفي لطلاب معتصمين ضد




.. شاهد| قوات الاحتلال تستهدف منزلا بصاروخ في قرية دير الغصون ش