الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الارواح المتمردة .

مني يسري

2015 / 3 / 4
الادب والفن




الي أرواح معذبة فى طي النسيان ؛ تئن ألماً فى صمت ؛ ولم تكن لتعلم أن هناك من سيستمع لأنينها يوماً ما.....!

كان الطريق من بيت زوجي الذي هو ابن عمي الي بيت أبي طويلا وكأن الأرض قد امتدت الي مالانهاية !
وأنا سائرة خلف زوجي الغاضب متعثرة خُطاي وكأني الي درُوب الموت أسير .... بعد ان مزق البكاء قلبي اليافع !
انها صبيحة عرسي !
نعم صبيحة عرسي ؛ أنا ابنة الثامنة عشر ؛ ابنة الوادي والجنوب المْنسي ؛ الذي لايعلم قدر بُؤسه سوى نساؤه التعيسات ؛ المتشحات بالسواد والصمت الدائم وكأن علي رؤسهن الطير....
اللاتي غطي السوادُ أجسادهن بعد أن فاض من أرواحهن المعذبة ؛ وأجسادهن التي أنهكها الفقر وسؤ الرعاية الصحية !
أسير فى طريقي فى صمت يسكن أعماق روحي ؛ شعرت بثقل أيامي فى تلك القرية الظالمة المظلمة وكأن الموت أكثر بهجة من العيش بين أموات يتظاهرون بالحياة !
مررنا بمزارع جدي الواسعة حيث كنا نلعب أنا وأخوتي وأبناء عمومتي فى طفولتنا الأولي
قبل أن يعزلونا خلف جدران الديار كالمجذومين لانري أحدا ؛ ولا أحد يرانا!
أو قل قبل أن تُباغتنا قطرات الدماء السائلة منا بعد أن تمزق أحشاءنا ألماً!
حتي ظننت يومها أننا صرنا مرضي أنا وأُختي وبنات عمي يجب أن نلتزم الدار ولانتحرك من رقادنا الذي يطول أياماً... !
وذات يوم سألت أمي هل يصيب أخي حسن ما أصابني ؟
لترد قاضبة الجبين متجهمة الوجه كعهدنا بها :- !
كيف يابنتي ؟ ده راجل !
أدركت يومها أننا وحدنا من يصاب بكل الألم ؛ وكأن جنس البشر يُقدم فدية للرب هي الآم الأُنثي التي لاتنتهي . !
التفتت جواري الي صخب مفاجئ ؛ فاذا بالصبية عائدين من مدرستهم الي البيوت فى مرح وبراءة الطفولة التي قد حُرمنا منها نحن الفتيات أو قل ؛ قد سلبت منا سلبا !
لاتذكر أخي الذي ذهب وحده الي المدرسة تاركا ايانا أنا وأُختي خلف جدران الديار الموحشة ؛ ظافراً وحده بالحياه ككُل رجال قريتنا الظالمة ؛
فمدارس قريتنا لاتستقبل سوي الذكور ؛ وماعداهم فلتلقي أرواحهن حتفها خلف جدران البيوت المظلمة...!
حتي وصلنا باحة دار أبي ؛ فاذا بزوجي صارخا ؛ ليهرع ابي فزعا وخلفه أُمي مسرعة!
وأنا أقف جامدة كالصخر وقد تجمدت كُل أعضائي حتي تحجر دمعي ؛ أو أنه قد استنفذ من بكاء العشية !
نعم !
لست عذراء ليلة عرسي !
انها النكبة التي قد تُسيل أنهارا من الدماء فى قريتنا !
لم يسالني أحدهم عن شيء فقد ربط هول الصدمة ألسنتهم
أبي ؛ أخي ؛ أُمي التي أمضت الليالي فى عويل مستمر وبكاء غير منقطع لا أدري علي أيهما :- علي مصيري المحتوم ؛ أم علي شرفهم الذي ضاع علي يدي كما يتوهمون !
ومرت الليالي ثقيلات كموت بطئ يمزق أحشاء أحدهم قبل أن يهديه راحة أبدية !
وجاء يومي المحتوم...
حيث أتاني أبي الغاضب ؛ الثائر لشرفه المسلوب كما يعتقد !
وقد امتزج فى نظرته الحزن بالألم والغضب بالندم علي شيء مُسير هو أن يفعله !!
وقد اصطحبني ومعه زوجي دون أن ينبثا ببنت شفة تُظهر خفايا ما في نفوسهما والتي أعلمها مُسبقا قبل أن تتجلي ....الي مزارع قصب السكر الي جوار دارنا اصطحبوني ..... حيثُ قُتلت للمرة الأُولي!
وقد شعرت أن روحي قد سرت بها قوة لم يكن لي بها عهد من قبل !
وسكينة قد سكنت صدري لا أعلم من أين أتت...!
شعرت وقتها أن أجلي قد اقترب وأني علي بُعد أمتار من مصير محتوم
واشتدت بي تلك القُوة الخفيه التي لا أعلم من أين أتت..!
فاذا بقيد لساني قد حُل عني لأقف أمام أبي وأتذوق لذة الشجاعة الأنسانية النابعة من روحي الذبيحه سلفاً...!
اقول لأبي :— لن أطلب منكما ان تمنحاني صك غفران علي ذنب لم اقترفه يوما .... انما ياأبتي ماكنت يوما سوي طفلتك البريئة ؛ لم افعل ما ضر شرفك حتي وان وهمك هؤلاء الأموات الذين نحيا بينهم بغير ذلك !
من الجيد أنكم ااصطحبتموني الي هنا حيث قتلت للمرة الاولي!
.......وها أنتم تسلبون مابقي من روحي التعيسة ليكتمل سلامها
لاأًريد أن أقُص ماحدث ولن أُخبركم بأكثر من أن أحدهم قد جلبني فى ذات المكان وسط اعمدة القصب المنتصبة لتغطي جرمه وكأنها تشاركه جريمته فى قتلي !
فاستشاط أبي غضبا ليعلم من الفاعل ؟
وانا قد ازددت سكينة فوق سكينتي ؛ لأرد قائلة :- لا يهم يا أبي ؛ دعني أختار ولو لمرة واحدة !
لقد اخترت الموت ولستم بقاتليّ ؛ وها انا ذا اتذوق حلاوة الاختيار للمرة الأُولي بحياتي ؛ قبل أن تنقضي حياتي ! وكان زوجي ممسكاً بسكينه التي سيرتوي بها من دمي ؛ فاقتربت منه فى هدؤ ؛ وبهدؤ اكثر نظرت اليه وقد امتدت يدي فوق يديه مقربة سكيني من صدري ؛ وعيناي تتوسلان له ان يفعل !
وقلت :- ارحني ياابن العم وأهنأ بعيشك ؛ ودعني أهنأ فى قبري !
وقد آلمتني نظرة الحزن فى عينيه فأسرعت الي يديه وسابقتها وغرست سكيني بصدري وشعرت ببروده تسري بجسدي النحيل !
روحي قد رقت كما لم تكن يوما !
شعرت بدمي السائل وكأن شرياناً جديدياً من الحياه يسري بي !
لقد سال دمي ليروي أهل قريتي الظمآى للدماء دوماً !
ما كنت أتصور هكذا هي النهاية !
كلا لن أموت ...!
فروحي تسكن فى مكان ما ؛ حيث السلام الأبدي ...!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ذكرى وفاة الشاعر أمل دنقل.. محطات فى حياة -أمير شعراء الرفض-


.. محمد محمود: فيلم «بنقدر ظروفك» له رسالة للمجتمع.. وأحمد الفي




.. الممثلة كايت بلانشيت تظهر بفستان يحمل ألوان العلم الفلسطيني


.. فريق الرئيس الأميركي السابق الانتخابي يعلن مقاضاة صناع فيلم




.. الممثلة الأسترالية كايت بلانشيت تظهر بفستان يتزين بألوان الع