الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رواية مطولة...(تنشر على حلقات)

عبد الرحمن جاسم

2005 / 9 / 18
الادب والفن


لماذا أحبكَ؟ تكتب ينال فوق الصفحة البيضاء؛ إنها رسالة أولى تخطها لنور. "أأبتدأها هكذا؟ أم قد تبدو فجة". ما الذي يجعلها هكذا! لماذا لا تعرف صياغة عبارة واحدة في هذه الرسالة. ثم "لا، لن تكتبي رسالة كهذه" هناك شعورٌ قوي بداخلها بين إرادة الكتابة، والخوف منها.
تكاد تشخط علاماتها الأولى، لكنها تعود لتكمل. "لأنني لا أعرف أن أحب غيرك، لأن في حبي لغيرك كذب، فحبي لك هو الحقيقة، والحقيقة هي فقط أن أحبك، ما الذي يميزك، أو لِمَ أحبك إلى هذا الحد، لا أعرف، صدقني لا أعرف. كل ما أعرفه، هو النشوة، النشوة بلقائك، بحضورك، بكلامك، نشوةٌ لا أعرف أولها من آخرها".
صوت سعاد ماسي يمهد في الخلفية لكلام كثير، "ويا قلبي جرحك طال... يا أصحاب القيل والقال"...
تعود ينال للتوقف، تضع قلمها بهدوء فوق الورقة المتسخة بعض الشيء من أثر الحبر الأسود، ياه كم يؤثر في صوت سعاد ماسي، كما يؤثر في الحزن الشديد فيها، تفكر قليلاً، يرن جرس الهاتف مقاطعاً، وبلا مبالاة ظاهرة، ترفع تليفونها المحمول تنظر للإسم المتراقص على الشاشة الضيقة، ثم تضع السماعة ببطء على الطاولة، وتترك الهاتف يرن، وسعاد ماسي تكمل هديلها المدهش.

******

- بابا أريد أن أعرف كيف كان شكل أمي. كانت تيتا تلح بالسؤال ثانيةً.
- أمك بيضاء شعرها كشعرك قصير وجميل. نور يقترب من تيتا ويحاول ضمها، وإنهاء الإجابة بسرعة كعادته، لكن تيتا تريد أجوبة.
- بابا، أليس عندك صورٌ لها؟ صديقاتي كلهن يملكن صوراً لأمهن، أريد صورةٌ لأمي.
- نعم حبيبتي لدي صور لها، لكنها مخبأة في مكان بعيد. ولا أستطيع تذكر أينها. نور يحاول الهروب من جديد، لقد قرر منذ فترة طويلة ألا يرى صور هذا المخلوق الملائكي المسمى ندى، زوجته، حبيبته، شهيدته، كان قراراً جارحاً وحازماً في أن، لن يراها بعد الآن، إذن لن يرى صورها كذلك، لكن إلحاح ريتا يعقد الأمر ويجعله أكثر صعوبة. فنور يعتقد أنه من حقها أن ترى صور أمها، إنها معادلة صعبة، أن يحقق رغبتها ويقتل رغبته ويهدد استقراره.
- بابا أين أصبحت، هل تضايقت مني؟ كانت تيتا تلهج بالاعتذار دون أن تكون سبباً في المشكلة، نور صار يحمل شعوراً غريباً، تمازج لشعور بالذنب مع آخر بالضيق الشديد. سيحضر لها الصور، لا يعرف فهمها كان، لا بد أن يكون أباً صالحاً، مصلحة ابنته فوق مصلحته الشخصية، مهما يكن من أمر لا بد أن يتجاوز مصالحه الشخصية، ينفض الغبار، بحثاً عن صندوقٍ قديم، في زاوية هو نفسه كاد ينساها، لربما حتى كان يخاف تذكرها خلال الفترة الماضية. ومضى يبحث وفجأة والأرض حولها مليئة بغبار مترب، شعر بخطواتها، خطوات ندى "قدماكِ في الخف المقصب جدولان من الحنين"؛ شعر بها تقترب منها، شعر بأناملها تلامسه، لقد لمها، كانت تلك واحدة من أحلى صورها، كنت تستكين بهدوء فوق صدره، بشعرها الهادئ، كانت تستكين، كقطةٍ أليفة، وبدا هو كبيراً، ضخماً مع أنه ما كان يوماً كذلك، إلا أنها جوارها هي، هي! كانت تجعله شخصاً آخر، هي ندى، أو نون كمان كان يدعيها، نون. هناك بقع سائل على الصورة يتطلع حوله، ما سببها؟؟ إنه يدمع. لا بد أنه لا يشعر بالأمر، الذكريات. آه من الذكريات، لعنةٌ تسكننا في كل التفاصيل.
-











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي


.. شاهد: دار شوبارد تنظم حفل عشاء لنجوم مهرجان كان السينمائي




.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-


.. فعاليات المهرجان الدولي للموسيقى السيمفونية في الجزاي?ر




.. سامر أبو طالب: خايف من تجربة الغناء حاليا.. ولحنت لعمرو دياب