الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اليسار العربي و ازدواجيّة الوعي تجاه الأقليات في الشرق الأوسط

أمل عودة

2015 / 3 / 6
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


من مفارقات القدر أن اليسار في الشرق الأوسط يتغنّى بوقوفه مع المقموعين من كافّة أبناء الشعب الا الثائرين منهم ( و لا يّقصد هُنا الاسلاميون فحسب بل الليبراليون أيضا) حيث يقوم اليساري باضفاء الصبغة الاسلاميّة على الليبرالي لقتنع بأن موتهُ سيحيي الطبقات الفقيرة بينما في الغرب يقوم اليساريون بحملات مضادّة للاسلاموفوفيا و تراهم يدافعون عن المسلمين المقيمين في أوروبّة و كأنهم هم المسلمون. ليس القصدُ هنا التفريق بين يساريي الغرب و الشرق و لكن الفرقُ بالأيديولوجيّة و التعاطي مع كفاح الشعوب من أجل العدالة و الكرامة. و لا يعني ذاك أن اليساري الغربي أكثر فهما للواقع من الشرق أوسطي. فكلاهما يعيشان في عصر لينين. و لا يخلو تعاطيهم مع هموم و مشاكل الشعوب من نظرة مثاليّة لا تخلو من الرومنسية المتمثّلة بأمل أن العدالة و المساواة ستتحقق يوما بجهودهم الجبارة القائمة على التظاهر و الخطابات الممتلئة بالحماس من جهة و الشعارات من جهة اخرى. و ليست المشكلة هنا فحسب. فاليساريون بشكل عام و اليسار العربي بشكل خاص يتمتّع بوعيّ منفصل عن بقيّة الشعوب و الشريحة الفقيرة بشكل خاص. فمعظم اليساريين لا يعانون من فقدان الحاجات الأساسية في الحياة و لا يُدركون أن هذا من أهم الأسباب التي تدفع هؤلاء الى الحاجة الى الايمان بشيء سينقذهم من هذه الحاجة و الفقر و طبعا لن يجد الفقراء غير الدين و الله يلجؤون اليه لطلبِ ما يحتاجون اليه. و هذا واحد من الأسباب التي تفسّر اتنتشار التديّن في المنطق الفقيرة مادّيا و التي يرفض اليساري العربي الاعتراف بها. و كون وعي الياساري العربي منحصرا بالتذخين و شرب القهوة و الويسكي فهو أعلى شأنا من هؤلاء الرعاع الذين يصرخون من الألم جوعاً و مرضا. و لا يسمعُ الا من يحلو لهُ و ينطبق القول على اليساري الغربي حيث تراه مركزا على قضية واحدة – التي يهتم بها فقط- و متناسيّا أو جاهلا لقضايا أخرى. و من الأمثلة على ذلك هو أحد الزملاء الذين يناصرون القضّية الفسطينية في كل حواراته و ما يبثّ على مواقع التواصل الاجتماعي و لكن عنما فاز اليساريون بالانتخابات اليونانيّة نسي فلسطين و صار خبيرا بشؤون اليونان و صراعها الغير مباشر مع ألمانيّا حول موضوع الديون المترتبة على اليونان للاتحاد الاوروبي و ألمانيّا. و من المضحك عند اليسار العربي أيضا هو التفكير القومي ذو الطابع الذي يميل الى النزعة النازيّة أحيانا حيثٌ تراه يواجه من يعتبرهم "آخراً" بالويل و الثبور و عظائم الأمور اذا ما أعربو عن هويّة تختلف عنهم. ذاكَ أن اليساري العربي لا يزال مرتبطاً بوعي أن هناك هوّية مثاليّة تتوافق مع وعيه المنفصل عن الواقع و هي التي توّحد الشعوب مع بعضها. و من الأمور التي يلاحظها أن اليساري العربي عكس رفيقهِ الغربي كثيراً ما يكون من "الهوموفوبيين" مع العلم أن اليسار بشكل عام يفترضّ أنه يمثّل وعي الأقليّات المسحوقة و منها الأقليّات الجنسيّة في العالم. و لكن وعي اليساري العربي لا يعترف بوجود هذه الأقليّات الجنسيّة و اذا اعترفَ بها سارع بفصل نفسه عنها و الهروب من مناصرتها. فاليسار العربي ليس عنده مشكلة باعتبار أن الأفكار المثاليّة و العدو المشترك هي من سيوّحد الشعوب و لكن اذا توحّد اثنان أو اثنتان من نفس الفئة الجندريّة فهذا أمر يدعو للقلق أو حتى القرف بالنسبة لليساري العربي. هذا على سبيل المثال لا الحصر. و لا داعي للخوض بمنظر هذا النوع من اليسار عن حقوق المرأة و هو لا يرى فيها الا للتحرر الجنسي لكل نساء الأرض عدا وادته و اخته. و لا داعي لشرح ازدواجّية المعايير في هذا الموضوع. و من هنا يمكن القول أن اليسار العربي ليس موجوداً بصبغة حقيقة على أرض المشرق العربي و انما هناك فقط من يشوّهون أفكار اليسار الداعية الى الحرّية و العدالة و المساواة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحوثيون يعلنون بدء تنفيذ -المرحلة الرابعة- من التصعيد ضد إس


.. مصادرنا: استهداف مسيرة إسرائيلية لسيارة في بنت جبيل جنوبي لب




.. تصاعد حدة الاشتباكات على طول خط الجبهة بين القوات الأوكرانية


.. مصادر عربية متفائلة بمحادثات القاهرة.. وتل أبيب تقول إنها لم




.. بروفايل | وفاة الداعية والمفكر والسياسي السوري عصام العطار