الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثورة الحلبسة

طلال سيف
كاتب و روائي. عضو اتحاد كتاب مصر.

(Talal Seif)

2015 / 3 / 7
كتابات ساخرة



فيما قرأت و أدهشني رؤية ماركس و إنجلز عن التناقضات داخل المجتمع : فقد رأيا أن هناك ضرورة لجمع التناقضات على " مصطبة " وراكية نار و براد شاي و دعوة القيصر و الإقطاعيين و البرجوازية لاحتساء الشاي ساخنا ، ثم شد أذن القيصر اليمنى و الهمس فيها : عيب عليك نحن نحبك و هذا شعبك و يطالبك بما هو آت . لحظتها تسقط دموع القيصر و يهرول و يقبل كل من يراه من الشعب من فمه أو من خديه وهو يعتذر له . هذه القراءة ليست إلا منشورات المصريين على مواقع التواصل الإجتماعي وبالطبع لا علاقة لها بماركس أو سيدي عز الدين صاحب المولد الشهير بقريتنا . فالثورة طبقا لهذه المواقع تعيد علينا تاريخ ثورات العالم ، فقد علمت من تلك المنشورات أنه بقيام الثورة الفرنسية ، قام الثوار بجمع مبلغ من المال منحوه للويس السادس عشر لقضاء مناسك الحج و ترحيل ماري أنطوانيت إلى منتجع للإستجمام على شاطئ المحيط الهادي . أما تلك المزاعم الدموية الشريرة عن الجمعية الوطنية الفرنسية التى قتلت ما بين 16000 : 40000 ألف فرنسي معارض ، فهو بالطبع كذبا . فجميعهم تم تكريمه بالورود و النياشين ، كما فعل ماو تسي تونج تماما فى الصين . فلم يهرب إلا الجبال كما زعم التاريخ الملفق ، لكنه أرسل خطابا إلى أعدائه يشكو فيه حال الشعب و ظروفه الضيقه و قد وقع على الرساله بشفتيه بعدما لطخهما بالأحمر و بعض الدموع . تماما كما فعل القيصر الروسي فى فبراير الأسود 1905 حينما منح كل ثائر ذكر بط و مترين قماش دبلان لعمل " كلوتات " تقيهم البرد ، وعليه رد البلاشفة بالعطور و الغناء و " نقرا الفاتحه و نروح البت لجوزها وبلاش مشاكل عايزين نعيش ونربي العيلين " فالتناقض فى أي مجتمع هو تغليب لفكرة على فكرة و جماعة على أخرى و فصيل على فصيل . فلا اشتراكية دون القضاء على البرجوازية و لا برجوازية دون القضاء على الإقطاع ولا ديموقراطية دون إنهاء للدكتاتورية ، ولا ثورة فى التاريخ دون دماء ، إلا " ثورة الشك " التى كتبها عبد الله الفيصل و غنتها سيدة الغناء العربي أم كلثوم . المنادون بمصالحة فريق مناقض تماما لأفكار الشعب المصري و ثورته الإفتراضية على اعتبار أنهم جماعة متجذرة فى المجتمع ، عليهم أن يعدوا جيدا " المصطبة و الراكية و البراد و أحمر الشفاة و الدموع " و الذهاب إلى قبر ماو و ماركس و عبد الناصر و إخبارهم بأنهم أعدوا عدة الثورة لكن ينقصهم السكر " لزوم التحلية " أعتقد أن الوحيد القادر على رسم ملامح ثورة وردية ناعمة رومانسية قد رحل عن عالمنا و هو المرحوم أسامه أنور عكاشة ، فى مسلسل 30 حلقة أو فيلم ينتهي بالأحضان و الدموع . فإذا ما كان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يراود نفسه بناء على معطيات سياسية عالمية ، أو تحت أي ضغوط دولية بقبول المصالحة مع الإخوان ، فهو بذلك و بما لا يعطي مجالا للشك عندي أنه كان إنقلابا عسكريا من أجل مكتسبات المجلس العسكري و ليس من أجل الشعب ، والعكس تماما إذا ما قبل الإخوان المصالحة فإنهم يبرهنون على مصلحتهم العليا لا غير . وبهذا المنطق نحن أمام فصيلين بغى أحدهما على الآخر ، فرغب المهزوم الثأر من المعتدي طبقا لوجهة نظرهم ، والشعب بين نار الإنتهازيين ضائع مستكين . ما أعرفه من التاريخ الحقيقي وليس تاريخ الفايسبوك ، أن الغلبة للثورة حينما تصبح فياضانا فكريا واحدا تحت قيادة منظمة لتحقيق أهداف واضحة ، فالعيش و الحرية و العدالة الإجتماعية ، شعارات تصلح لملجأ أيتام لا لثورة واضحة المعالم . فما سميت بالثورة المصرية كانت فى الأساس على الرأسمالية المتوحشة بقيادة عميلها المبارك ، ولأننا لم نحرك ثابتا بل قفزنا فى الهواء و سقطنا فى نفس المحل ، أصبحنا بصدد ثورة الحلبسة ، وهو سقط شجر التفاح غير الناضج ، و الذي تجمعه فقيرات قرانا ودمجه بالحلوى الملونة و بيعه للأطفال ، الذين لم يأكلوا تفاحا ناضجا ولا حلوى جيدة . إنه العبث فى فهم الثورات و منطق التلفيق الرومانسي المصلحي . فأي ثورات فى التاريخ كانت بلا دماء ؟ سؤال فى حاجه إلى إجابة . فالرئيس المصري الذي رأيناه و طنيا و ثوريا و فعالا ، يبدو أنه يعيدنا إلى نقطة الصفر بأدائه الداخلي الساقط بفعل القضاء الشامخ ، الذي عتق رقاب كل من أفسد حياتنا و ثرنا عليه . فالثورة ضرورة إذا ما أردنا الحياة . سيدي الرئيس لا تكن تلفيقيا و إلا ....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي


.. تسجيل سابق للأمير الشاعر بدر بن عبد المحسن يلقي فيه أبيات من




.. الفنانة غادة عبد الرازق العيدية وكحك العيد وحشونى وبحن لذكري


.. خلال مشهد من -نيللى وشريهان-.. ظهور خاص للفنانة هند صبرى واب




.. حزن على مواقع التواصل بعد رحيل الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحس