الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سطور في ما بين السطور

رجا زعاترة

2005 / 9 / 18
القضية الفلسطينية


* غزة أولا
الانسحاب من غزة لم يأت فقط نتيجة لأزمة شارون الداخلية (الجزيرة اليونانية) أو لعزلته الدولية، كما لم يأت نتيجة للمقاومة والتضحيات الفلسطينية فقط، وكذلك لم يأت فقط بسبب التحوّل في الرأي العام الإسرائيلي بعد "مبادرة جنيف". الانسحاب جاء نتيجة لكل هذه العوامل مجتمعة، ولا يجوز الانتقاص من دور أي منها. خاصة في سياق وزن وتأثير الجماهير العربية في القرار السياسي الإسرائيلي، وللتذكير فقط نشير إلى أن تشريعات "فك الارتباط" لم تكن لتمرّ دون أصوات النواب العرب.
وفي غزة، بعد عقود طويلة من مآسي الاحتلال والاستيطان، يحق لأبناء شعبنا أن يفرحوا بكنس المستوطنات وبانقلاع "الجيش الذي لا يقهر" عن أرض غزة، وكلنا نأمل أن تنسحب سابقة الانسحاب وتفكيك المستوطنات على الضفة الغربية والقدس الشرقية أيضا؛ لكن يجب اتقاء الحذر من تناسي حقيقة أن الانسحاب ليس كاملا، فالاحتلال ما زال يحكم قبضته على غزة بحرا وجوا، وثمة عدة قضايا ما زالت عالقة. هذا ناهيك عن مخططات تكثيف الاستيطان في الضفة والقدس ومواصلة بناء جدار الضم الاحتلالي.
مشروع شارون حقق نجاحا جزئيا.. هذا صحيح للأسف. لكن في المعادلة التاريخية قد يكون هذا الانسحاب خطوة قسرية قام بها شارون على طريق التسوية على أساس الثوابت الوطنية الفلسطينية. ورياح التاريخ كما نعلم ستجري حتما بعكس ما تشتهيه سفن شارون وأساطيل ربيبه بوش.
وجريان الرياح في هذا اللاتجاه يتطلب، مجددا، اجتماع العوامل الآنفة: استثمار التناقضات الإسرائيلية للدفع نحو انفراج سياسي، وتحويل تضامن الشعوب وتعاطف الرأي العام العالمي إلى ضغط سياسي فعلي على إسرائيل، واستمرار المقاومة الشعبية ضد الاحتلال والاستيطان بعيدا عن استهداف المدنيين (وهذا مجدٍ في الساحتين العالمية والإسرائيلية)، وزحزحة الرأي العام الإسرائيلي عن حدود الإجماع الصهيوني المعادي لمتطلبات السلام العادل. وفي النقطة الأخيرة بالذات يكمن دور جماهيرنا العربية كقوة سلام مثابرة وعنيدة، ومن هنا الأهمية المضاعفة للتصدي للحملة على شرعيتنا السياسية في هذه الدولة.


* بصراحة
فميا يصرّ بعض الخبثاء على اشتمام ما هو أكثر من التنسيق والحوار من اللقاء الذي جمع قادة الجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة والتجمع الوطني الدمقراطي قبل حوالي عشرة أيام؛ نرى أن أهم نتائج هذا اللقاء هو الدعوة إلى إجراء حوار حضاري حول القضايا الخلافية، إلى جانب مواصلة التعاون في القضايا المتفق عليها.
يخطئ من يهمّش الخلافات الجوهرية غير القليلة، وذلك مع شديد الاحترام للقواسم المشتركة وللظرف السياسي الذي هو استثنائي بالفعل. ولتكن السطور التالية مساهمة في الحوار.
1. نزع أوّلية القضية الفلسطينية: قبل بداية العدوان الإسرائيلي في أيلول 2000 لم يول التجمع أهمية كبيرة لقضية حق تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية، أو بالأحرى لم يطرحها كقضية أساسية (أدرجها في البند 13 من برنامجه)، بل ركـّز على قضية "الأقلية القومية" و"يهودية الدولة" مكتفيا بإبداء موقف معارض لمعاهدات أوسلو.
حتى إذا تلافينا النقاش عن أوسلو، تبقى هذه النقطة موضع خلاف جوهري على عدة أصعدة: فأولا، التناقض الأساسي في هذه البقعة من الأرض (في فلسطين التاريخية إن شئتم) هو الاحتلال الإسرائيلي المستمر منذ 38 عاما وعدم ممارسة الشعب الفلسطيني حقوقه الوطنية المشروعة، وليس يهودية دولة إسرائيل. وثانيا الجماهير العربية هي جزء لا يتجزأ من الشعب العربي الفلسطيني، والقضية الفلسطينية كانت وستبقى قضيتنا الوطنية والإنسانية الأولى والأخيرة، لذا تبقى قضية إقامة دولة مستقلة سياديّة في حدود العام 67 عاصمتها القدس الشرقية وحل قضية اللاجئين على رأس أوّليات برنامجنا السياسي وفي صلب نضالنا اليومي. وثالثا التاريخ أثبت جدلية قضيتي السلام والمساواة، ولعلّ السنوات الخمس الأخيرة كانت، على تعاستها، مثالا كلاسيكيا على هذا؛ لنأخذ على سبيل المثال تسارع انحدار مكانة جماهيرنا الاجتماعية-الاقتصادية واستفحال الفقر والبطالة في سنوات العدوان الخمس هذه، أو مجزرة شفاعمرو التي لا يمكن بترها من سياق خطة "فك الارتباط" ولا يمكن فك ارتباطها بالمناخ الفاشي الذي توفر له حكومة الاحتلال والإفقار كل مقومات الوجود والتنامي والانفلات.
الحق يقال بأن تعامل التجمع اختلف بعض الشيء في السنوات الأخيرة، لكن هذا نابع في اعتقادي من التغيُّر الذي طرأ على قوانين العرض والطلب (إعلاميا-فضائيا بالأساس لكن جماهيريا أيضا)، ما اضطر التجمع بالتالي إلى تغيير نهجه والتطرق إلى القضية السياسية أكثر من ذي قبل. ونحن بدورنا نسأل عمّا إذا كان هذا التغيير تكتيكيا فقط أم أنه ينمّ عن تدارك حقيقي لخطأ نزع أوّلية القضية الفلسطينية؟
2. الطرح المنقوص في قضية المساواة: الشعارات الأساسية التي طرحها التجمع كانت "دولة المواطنين" من جهة و"الأوتونوميا الثقافية" من جهة أخرى، كبديل لطرح "المساواة القومية والمدنية" الشمولي الذي اجترحه الحزب الشيوعي في مؤتمره الثامن عشر أواخر السبعينيات، وتبنته الجماهير العربية في مؤتمرها المحظور أوائل الثمانينيات. وبرأينا، ليس في مقدور هذين الطرحين إحقاق المساواة الحقيقية للمواطنين العرب، كجماعة أو كأفراد.
هناك تناقض بين المطلبين؛ في دولة المواطنين لا اعتراف بانتماءات قومية أو اي انتماء غير الانتماء المدني الفردي، كما هي الحال في فرنسا وسواها من الدول غير القومية التي لا تقيم أوتونوميا ثقافية لأي من مجموعاتها السكانية.
وإذا اختبرنا كل شعار على حدة سنجد إشكاليات عميقة أيضا؛ فقد أشار باحثون إسرائيليون (وأبرزهم الحقوقي د. كلود كلاين) إلى أن منح العرب تلك الأوتونوميا سيخفف من حدة مطلب المساواة التامة (وهو ما لا ينكره عضو الكنيست بشارة أيضا).
أما شعار دولة المواطنين فقد تعرّت محدوديته نهائيا خلال مداولات لجنة الانتخابات المركزية في طلبات الشطب عشية الانتخابات البرلمانية الأخيرة (2003)، حيث أفضى هذا الشعار عمليا إلى تشريعات التمثيل اللائق (الدمج) وتشغيل العرب في الشركات والمؤسسات الحكومية. فما هو البرنامج الذي يطرحه الأخوة في التجمع اليوم في قضية مساواة الجماهير العربية؟
ونكتفي بهذا القدر لهذه المرة على أمل تلقـّي إجابات شافية وحضارية.


* سؤال في المنطق/ة
على حد علمي، لا تعتمد الجبهة على مبنى تنظيمي حسب مناطق بل حسب فروع و/أو جبهات محلية، على خلاف المبنى التنظيمي المتـّبع في الحزب. لذا من الشرعي التساؤل عن كنه "اجتماعات الأكتيف" التي تشهد مؤخرا "طفرة" غير مسبوقة؟
وتساؤل آخر: إذا كان الهدف هو تقوية العمل الجبهوي، أليس من المنطق – مثلا - أن يقام اجتماع لأكتيف الجبهة في منطقة النقب حيث عدد رفاق الحزب ضئيل وحضور الجبهة شبه معدوم؟
ألا تذكّركم هذه "الطفرة" بقصة ذلك الرجل الذي أضاع غرضا في زاوية مظلمة من الشارع وراح يبحث عنه تحت الضوء؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انتخابات رئاسية في تشاد بعد 3 سنوات من استيلاء الجيش على الس


.. الرئيس الصيني في زيارة دولة إلى فرنسا والملف الأوكراني والتج




.. بلحظات.. إعصار يمحو مبنى شركة في نبراسكا


.. هل بات اجتياح مدينة رفح قريبا؟




.. قوات الاحتلال تقتحم مخيم طولكرم بعدد من الآليات العسكرية