الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حرية المرأة

أيوب سعداوي

2015 / 3 / 7
حقوق الانسان


بقلم أيوب سعداوي
في ذكرى اليوم العالمي للمرأة 8 مارس:مقال تحت عنوان حرية المرأة
"إذا أردت أن تعرف مدى تقدم مجتمع ما، فانظر إلى وضع المرأة فيه" كارل ماركس
قد تختلف مجتمعاتنا ((هنا أخص بالذكر دول شمال إفريقيا والشرق الأوسط من بينها المغرب)) في كثير من الأشياء إلا شيء واحد وهو نظرتها إلى المرأة حيث هناك توافق مكتمل ومنسجم على دونية المرأة بإعتبارها أداة للتكاثر فقط وماكينة لحفظ النوع البشري وإدامته لاحقا عبر ولادات لنماذج بشرية ممتدة عبر دولاب الزمن الطويل منذ فجره على هذا الكوكب اللعين. أي مجرد وعاء جنسي، والى مجرد رحم قيمته في درجة خصوبته، وتحديدا في قدرته على انجاب الصبيان ،وحينما يستنزف تهمل المراة ويقوم الرجل باستبدالها بأخرى اكثر خصوبة منها لهذا نرى أن أغلبية الرجال في مجتمعاتنا يتزوجون بإمرأة أقل منهم سنا قد يصل في بعض الحالات إلى أزيد من عشرين سنة فقط من أجل الإطمئنان على طول مدة صلاحية الرحم الذي أصبح كسلعة مثله مثل السلع التي نجدها في المزاد العلني في الأسواق الإمبريالية غير أن هاته السلعة سهلة المنال ورخيصة ثمنها هو (الصداق) الذي يعطى قبل الزواج وضمان شرف ذالك الرحم هو ذالك السروال الذي تنتظره عائلة الرجل في ليلة (الدخلة)من أجل التأكد على حسن الإختيار وتنتظره عائلة المرأة للإطمئنان على أن إبنتها لم يمسها أحد قبل فكيف يعقل أن شرف المرأة هو ذالك الغشاء اللعين ولا يوجد شرف للرجل ؟؟؟ وهنا يبرز وجه خطير من أوجه الإضطهاد الذي تتعرض له المرأة وهو أنها إذا أقامت علاقة غير شرعية تفقد عائلتها شرفها وتصبح منبوذة من طرف المجتمع على عكس الرجل الذي لا يفقد شرفه .أضف إلى ذالك أن هاته المجتمعات لا تؤمن بفكرة ان تحقق المراة ذاتها، لذلك يسعون بكل ما اوتوا من قوة في حصر نشاطها في بعض المجالات فقط، وبينما تسعى الي التحرر وتكوين شخصيتها المستقلة ثم تصطدم بالرجل الذي يرفض التنازل عن “حقوقه التاريخية” ..
ويعتقد بعض الرجال بان تحرر المراة وتكوين شخصيتها المستقلة سوف يقلل او ينتقص من شانهم، لذلك كثيرا ما يستنكرون مثل تلك الافكار ويعملون على مناهضتها. وهكذا فإن الوعي الذي يستبطن الدونية والتبعية يصبح هو الوعي الأمثل الذي يجب أن تتحلّى به المرأة في هاته المجتمعات لتصبح امرأة صالحة في مجتمع صالح !!!
وقبل أن نتحدث عن حرية المرأة فيجب أن نتحدث أولا حول مفهوم الحرية كمفهوم متغير ومتطور شأنه شأن الكثير من المفاهيم التي تتخذ معناها من الظروف التي يمر بها المجتمع لهذا فلا يجب أن نتحدث عن الحرية كمفهوم ثابت لا يتغير على مدى التاريخ والأمر ينطبق على مفهوم حرية المرأة الذي يتغير حسب تغير المجتمعات الإنسانية .ولا يمكن أن نتحدث عن حرية المرأة بمعزل عن نصفها الأخر الرجل حيث عبر جميع العصور كان الرجل مضطهدا أيضا غير أن المرأة كانت مضطهدة إضطهادا مضاعفا ومن موقع النضال من أجل تحرر النساء من معاناتهن واضطهادهن، بل والتحرر من كل اضطهاد واستغلال نطرح سؤال السبيل إلى ذلك، أي كيف يمكن تحرر النساء المضطهدات ؟؟ وعبر أي طريق للنضال يجب أن يسرن من أجل تحقيق تحررهن؟؟ إن الإجابة على هذه الأسئلة لا يمكن أن تكون علمية ودقيقة إلا إذا استندت على قراءة تاريخية لقضية المرأة، تتناول وضع المرأة في المجتمعات البدائية القديمة، وتطور وضعها المرافق للتطورات التي عرفها تاريخ البشرية، تجيب على أسئلة أكثر دقة: هل عانت المرأة واضطهدت على مدى التاريخ، أم أن معاناتها لم تكن أزلية، بل ظهرت في مرحلة تاريخية ما؟؟؟ وإن كان الأمر كذلك فما هي أسباب هذا التحول التاريخي من مجتمع تنعم في المرأة بالمساواة مع الرجل إلى مجتمع تضطهد فيه ؟؟؟ وكيف تم هذا التحول؟؟؟ وعليه كيف تناضل النساء المضطهدة؟؟؟ مع من؟؟؟ ومن أجل ماذا؟؟؟ حتى تحققن المساواة الكاملة
لبدأ إذن بالتأصيل التاريخي لقضية المرأة بأول مجتمع إلى مجتمعنا الحالي:
1-في المشاعة البدائية :
حيث عرفت المجتمعات البشرية تطورات منذ الأزمنة الغابرة القديمة إلى حدود الآن، مرت خلالها بمراحل اختلفت من مجتمع إلى آخر، إلا أنها جميعها خضعت لقانون التطور الموضوعي، إذ أن تاريخ كل مجتمع هو تاريخ تطور القوى المنتجة فيه والتحولات المتتابعة في أشكال علاقات الإنتاج وأنواعها الناتجة عنها (أي عن تطور القوى المنتجة)، كما أن علاقات الإنتاج بدورها تؤثر في تطور القوى المنتجة إما بتسريعه أو تأخيره وعرقلته .وتميزت هاته المرحلة الأولى بالمستوى الضعيف للقوى المنتجة وخصوصا أدوات العمل التي تشكلت في البداية من الأشياء الجاهزة التي توفرها الطبيعة (العصي والحجارة) ثم تطورت إلى أدوات من صنع الإنسان (أدوات قاطعة، رماح، سنارات صيد الأسماك..) وبالموازاة مع إتقان الأدوات، تطور وتحسن النشاط الإنتاجي وانتقل الإنسان إلى الاعتماد على الزراعة، ومن صيد الحيوانات المتوحشة إلى تدجينها وتحويلها إلى حيوانات أليفة. وقد كان للنساء الفضل في هذا التقدم الحاسم، إذ أنهن كن يبقين في غالب الأحيان بجوار المسكن نظرا لأسباب بيولوجية (الحمل، الولادة، الرضاعة..) وبالتالي كن أول من زرع بذور الثمار الملتقطة تسهيلا للتموين كما قمن بتدجين وتربية الحيوانات غير المؤذية.إن المستوى المتدني للقوى المنتجة حتم علاقات إنتاج متناسبة معها، لذا عاش الناس في جماعات محددة تعرف باسم العشائر توحدوا فيها على أساس القرابة، زرعوا بصورة مشتركة وأدوات مشتركة، وبنوا مساكن مشتركة لجؤوا إليها هربا من الوحوش وقوى الطبيعة بشكل عام، وقسموا المنتجات بينهم بالتساوي لأنهم حصلوا على مقدار بالكاد يكفيهم ليظلوا على قيد الحياة، فلم توجد مِلكية خاصة ولا طبقات ولا استغلال وذلك للمستوى المتدني للقوى المنتجة.إذن بسبب سيادة الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج والتوزيع العادل والمنصف للمنتجات انعدم كل اضطهاد أو استغلال تمارسه مجموعة من الناس في حق مجموعة أخرى بما في ذلك بين الجنسين . وفي الوقت الذي كان فيه الرجل يتعاطى الصيد البري والبحري، كانت المرأة تقطف الثمار وتربي الحيوانات، إضافة إلى الاهتمام بتغذية الأطفال وحمايتهم من الحيوانات المفترسة والتحولات الجوية، وتعد الأعشاب لمعالجة الأمراض والجروح..
إن هذه الأنشطة المتعددة والأساسية قد أعطت الأولوية للمرأة على الرجل، لاسيما أنها كانت المسؤولة عن الحفاظ على النوع البشري من خلال رعاية وتربية وتنشئة الأولاد فكانت مساوية للرجل اجتماعيا وفكريا إن لم نقل متفوقة عليه، وكانت العلاقات الجنسية تقوم على أساس الاختيار الحر والاتفاق والرضى المتبادل بين الطرفين، في هذا المجتمع الذي يطلق عليه كذلك "المجتمع الأميسي" أو "نظام الأمومة" نسبة للدور الريادي للنساء والأمهات فيه. كان الانتماء للأم، فالأولاد ينسبون لأمهم ويتبعون قبيلتها، وانعكس تأثير المرأة في المجتمع المشاعي اقتصاديا واجتماعيا في الإنتاج الذهني والفكري، فاعتبرت الأساطير السائدة أن المرأة واهبة الأسرار والمعجزات، وكانت الآلهة المسؤولة عن التناسل والخصب والمانحة للذكاء من جنس المؤنث وكذلك العرافات قارئات المستقبل والجنيات والساحرات... إلى غير ذالك
إذا كانت المرأة في المجتمع المشاعي تحظى بكل هذا التقديس والأهمية والاحترام في ظل مساواة تامة على كافة الأصعدة، مع تفوق المرأة في بعضها داخل العشيرة أو القبيلة التي تنتمي إليها، فكيف تحولت إلى جنس مضطهد ؟؟؟ ثم كيف ظهرت الأسرة أو العائلة ككيان اجتماعي جديد في مقابل العشيرة والقبيلة اللتان سادتا في المشاعة؟؟؟
2-من المشاعة إلى العبودية ثم إلى الإقطاعية:
عرفت القوى المنتجة تطورا هاما بحيث تركت الأدوات الخشبية والحجرية مكانها نهائيا للأدوات المعدنية النحاسية، البرونزية والحديدية وتطورت صناعة الأسلحة وتوسعت دائرة الحروب بين القبائل والعشائر التي أصبحت مصدرا للتزود بالقوت، وزادت إنتاجية العمل بشكل أكبر مما تتطلبه حاجة كل فرد أي تم إنتاج كميات تزيد عن حاجة الاستهلاك، فظهرت إمكانات تراكم الإنتاج.
وقد أدى ظهور فائض الإنتاج إلى إمكانية توزيعه بشكل غير متساوي بين أعضاء القبيلة، وفي هذا السياق ظهر أول انقسام كبير للعمل، انفصلت خلاله تربية الحيوانات والرعي عن الزراعة، ثم انفصلت الحرف كفرع خاص في الإنتاج قام العاملون فيه بصنع أدوات العمل والأسلحة والملابس..الخ، وبالتالي ظهر تبادل المنتجات بين العاملين في فروع الإنتاج الثلاثة وبدأ يتطور.
وانسجاما مع التطور الذي حصل للقوى المنتجة في تلك الفترة عرفت علاقات الإنتاج هي الأخرى تطورا متناسبا معه، إذ أدى تضاعف كميات الإنتاج وتنوعها وانقسام العمل إلى ظهور الملكية الخاصة والفردية، فتفككت العشيرة إلى أسر التي صارت هي المالكة لوسائل الإنتاج واستأثرت بالمنتوج الفائض عن الضروري لحاجتها.
ونتيجة لذلك برزت لأول مرة في التاريخ إمكانية تراكم الثروات بين أيدي أقلية وتحول الأغلبية إلى عبيد، ليتحول التاريخ البشري من مرحلة "المشاعة" إلى مرحلة جديدة هي "العبودية" أو "نظام الرق" القائم على لصالح أقلية (الأسياد)، وتحول شكل المِلكية من الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج إلى الملكية الخاصة والفردية لها.
نظرا لاهتمام الرجل العفوي في المشاعة بالصيد البري والبحري فقد أصبح أكثر تأهيلا للمشاركة في الحروب التي سبق أن أشرنا أنها أصبحت المصدر الرئيسي لجني الثروات، وهو ما رفع من شأنه، وعكس رأسا على عقب التقسيم القديم للعمل الذي كانت تتمتع فيه الأنثى بموقع متميز نتيجة أهمية الأدوار التي كانت تقوم بها، ليحط أعمال المرأة المنزلية إلى مرتبة ثانوية. وبتنامي تراكم الثروات والخيرات طرحت مشكلة انتقالها، إذ أنها كانت تنتقل في "نظام الأمومة" إلى إخوة وأخوات الرجل فيما يحرم منها أبناؤه الذين ينتمون لقبيلة أمهم.
ولما كان الأب هو مالك الأسلحة والأدوات وقطعان الماشية والعبيد فقد أراد أن يكون ورثته أولاده. وهكذا جاهد الرجل "السيد" من أجل إنزال المرأة من كرسي مجدها واعتلائه بما يتناسب مع دوره الاقتصادي الجديد، فألغي انتماء الأبناء إلى الأم وقبيلتها وأصبحوا ينتمون إلى اسم أبيهم ، كما ألغي حق الأمهات في الوراثة وحل الزواج الموحد بعد أن كان الزواج المتعدد أو المؤقت هو السائد في "المشاعة" وأعطي للرجل فقط حق فسخه بعد أن كان حقا للطرفين، وبالتالي استبدل نظام الأمومة المشاعي، بالأسرة الرعوية القائمة على أساس هيمنة الرجل الذي يريد أن تكون أبوة أولاده صافية لا غبار عليها حتى يورثهم الخيرات والثروات التي يمتلكها. بهذا عرف الجنس المؤنث هزيمته التاريخية الكبرى التي كان من نتائجها تحول النظرة إلى المرأة إذ صارت تعتبر أداة عمل وإنجاب الأطفال كما فصلنا في ذالك سابقا في مقدمة المقال... حيث أصبحت تابعة لدائرة زوجها بعد أن كانت تابعة لدائرة أبيها، وصارت تقايض مقابل ماشية أو أسلحة عند زواجها، وكل بادرة علاقة جنسية خارج إطار الزواج تقوم بها كانت تعاقب بالموت، لأنها بذلك تزرع الشكوك حول شرعية أبناء زوجها. وقد انعكست هذه التغييرات الاجتماعية على التصورات الذهنية السائدة .
3-المجتمع الحالي :الإمبريالية أعلى مراحل الرأسمالية
بعد سرد كل هاته المعطيات حول أصل الإضهاد الذي تعرضت له المرأة إنطلاقا من الفهم المادي للتاريخ عبر المجتمع العبودي والإقطاعي وصولا إلى المجتمع الرأسمالي حيث أن المرأة لا زالت في هذا المجتمع مضطدة حيث طول ساعات العمل في المصانع مثلها مثل شقيقها الرجل وعدم توفر الشروط الصحية للعمل التي تزاوله خصوصا أن لها خصوصيات بيولوجية مختلفة عن الرجل كالإنجاب والعادة الشهرية إلى غير ذالك ... ومازالت المرأة لا يسمح لها بإكمال دراستها وحرمانها من العمل وحصر وظيفتها في المطبخ وإنجاب الأولاد وسجن جسمها في البيت ومشكلة الحجاب وعدم كشف أي بقعة من جسمها لأن ذالك مصدر إغراء للرجل وعلى أنها ناقصة عقل ودين وأنها أكثر أهل النار وأن الملائكة تلعنها إذا رفضت الإنصياع لأمر الرجل بالمجيء إلى الفراش وإعتبارها عورة وجب حجبها عن الأنظار والكثير من الإضطهاد الثقافي والسياسي والإقتصادي ....أضف إلى أن الرجل له نصيبه أيضا من الإضهاد في هذا المجتمع الطبقي لهذا فإن تحرير المرأة رهين بتحرير المجتمع من الإستغلال والإضطهاد والملكية الخاصة لوسائل الإنتاج وأن تحريرها مرتبط بالقضاء على المجتمع الطبقي لذا وجب عليها النضال أولا من أجل إنتزاع الحقوق لتصبح مساوية للرجل في أفق النضال معا من أجل مجتمع لاطبقي لأن إضهاد المرأة رهين بوجود الطبقات لذا فحريتها مرتبط بالقضاء على الطبقية لهذا فقضية المرأة قضية طبقية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -جبل- من النفايات وسط خيام النازحين في مدينة خان يونس


.. أزمة المياه تهدد حياة اللاجئين السوريين في لبنان




.. حملة لمساعدة اللاجئين السودانيين في بنغازي


.. جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في ليبيا: هل -تخاذلت- الجن




.. كل يوم - أحمد الطاهري : موقف جوتيريش منذ بداية الأزمة يصنف ك