الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشرق الاوسط الغير جديد

أحمد عرنسه

2015 / 3 / 7
العولمة وتطورات العالم المعاصر


دعنا نتفق فى البداية على عدة قواعد اساسية :
- هذا العالم لا تحكمه دول ولا حكومات ؛ هذا العالم تحكمه العملة والمال يحكمه البنك الدولى وصندوق النقد ومركز التجارة العالمى ؛ هذا العالم تحكمه الشركات .
- من يملك ثروات الامة هو من يصنع قوانينها ، كما قال مائير روتشيلد " اسمحوا لى ان اسيطر على مال الامة ، ولا يهمنى بعد ذلك من يصنع القوانين " .
- ان ما يحدث فى العالم الان سببه الحقيقى هو غياب الوعى ، الازمة الحقيقة لسكان الارض هى فى الاساس " ازمة وعى " .
القصة بدأت عندما اطلق الرئيس الامريكى جورج دابليو بوش مصطلح " الشرق الاوسط الكبير " على الدول العربية ومصر وتركيا وايران ، والذى عرف اعلاميا فيما بعد بمشروع " الشرق الاوسط الجديد " الذى يهدف الى السيطرة التامة على الموارد الغنية لهذه الدول عن طريق اضعافها وتقسيمها الى دويلات صغيرة على اساس الصراع الطائفى والدينى والعرقى مستخدمين فى ذلك " الاسلام السياسى " العصا السحرية للقوى الامبريالية لتحقيق اهدافها مثلما حدث من قبل واستخدمتهم فى اسقاط الاتحاد السوفيتى ، والتى استاطعت امريكا بعد مهادنات الحرب البارده ان تنفرد بحكم العالم والسيطرة على اهم مصادر الطاقة " البترول " وتبعية دول " الاوبك المصدرة للبترول " والتى فرضت عليها البيع بالدولار الامريكى وهو ما ساعد على اسناد العملة الامريكية من التهواى والسقوط بل وحتى الافلاس مرات عديدة خاصة بعد الغاء اصدار الدولار مقابل الذهب فى السبعينيات ، والتى اصبح من بعدها الدولار مجرد ورقة خضراء ليست لها اى قيمة ؟!!
( غاز بروم ) اكبر شركة غاز روسية تأسست عام 1989 اتخصخصت فى وقت ما ثما عادت اغلب الحصص ملك للدولة والحكومة ، والتى تدير الان العديد من الشركات فى مجال الاعلام ومجالات اخرى ، الاتحاد الاوربى عقد مؤتمر من اجل دعم الحفاظ على البيئة والاعتماد على مصادر بديلة للطاقة والتى من اهمها الغاز ، تعد روسيا من اهم مصدرى الغاز للسوق الاوربى وتمتلك هى وايران وقطر اكبر مصادر للغاز فى العالم ، ومن هنا طمحت روسيا بان تكون هى المصدر الوحيد للغاز للسوق الاوربية ومن ثما للعالم فيما بعد من خلال مد خط انابيب الغاز من روسيا ودول شرق اسيا فيما عرف بمشروع ( ساوت ستريم ) او السيل الجنوبى ( روسيا - بلغاريا - اوكرانيا - اليونان - ايطاليا - صربيا - المجر - سلوفكيا - النمسا ) .
تنبه الاتحاد الاوربى لذلك ودوله الصناعية الكبرى فبدأوا فى وضع العراقيل فى وجه روسيا من خلال وضع حزمة تشريعات معقدة من اهما منع احتكار مصادر الطاقة للدول المصدرة وعدم جواز امتلاك الدول المصدرة للغاز خطوط انابيب الغاز فى ان واحد ؛ فى ظلال هذه الصراعات ظهر المارد الامريكى لوضع الخطط والحلول والتى تساعد فى الدفاع عن مصالحه الرأسماية فى نفس الوقت ، كان امام الامريكان حلين : اما ان تعطل مشروع روسيا او ان تصنع مشروع بديل ، عن محاولة تعطيلهم المشروع الروسى بأت بالفشل عندما افتعلوا الازمة الاوكرانية ( القرم) والتى سيطرت فيها روسيا على الوضع بالتدخل العسكرى واجراء اسفتاء امام العالم كان فى صالح روسيا والتى وضعت من خلاله الموقف العالمى امام الامر الواقع ، واستطاعت روسيا ايضا امضاء عقود طويلة الاجل مع ( اذربيجان وجورجيا ) مكنتها من وضع يدها على غاز تلك الدول ، وفى المقابل تحاول روسيا اجراء تحالف مع ايران تانى اكبر احتياطى غاز فى العالم لتتهرب من قوانين عدم الاحتكار الخاصة بالاتحاد الاوربى فتصبح ايران مصدرة للغاز فى المشروع الروسى .

لجأت امريكا الى الحل الخاص بانشاء مشروع موازى للمشروع الروسى وهو ( مشروع نابوكو ) والذى يمتد من مصر و الشرق الاوسط واسيا الوسطى الى اوربا ، معتمدة فى ذلك على تركيا والتى سوف يمر بها اكبر خط لانابيب الغاز وصولا الى اوربا ؛ من هنا بدأ التخطيط للشرق الاوسط الجديد عن طريق دعم التيار الدينى للوصول فى للحكم فى تركيا بقيادة حزب العدالة والتنمية ومن هنا ادرك اردوغان ان مستقبل تركيا ومستقبل الحزب ومستقبله هو شخصيا مرتبط بهذا المشروع ، استطاعت امريكا بمساندة تركيا استغلال الانتفاضات والاحتجاجات الشعبية فىما عرف باسم ( ثورات الربيع العربى ) فى دعم وصول الاسلامين للحكم فى هذه الدول وهو ما حدث فى مصر وتونس وباقى الدول تباعا ، وكل شيىء كان يسير بانتظام حتى انقلب السحر على الساحر وحدث ما حدث فى مصر بانقلاب الجيش على حكم الاخوان والسيطرة على زمام الامور مما جن جنون اوردغان واخذ يهزى ويهاجم مصر فى الداخل والخارج لتخريبها لكل ما خطط من اجله ، فى سوريا ايضا الوضع لا يبشر بالامل فالنظام السورى يحقق انتصار وصمود يوم بعد الاخر ومحاولات ما يسمى بالجيش السورى الحر وجبهة النصره وتنظيم الدولة الاسلامية داعش كلها بأت وتبؤ بالفشل كل يوم ، والامر ليس متعلق ببشار الاسد فقط بل بالمقاومة اللبنانية والقضية الفلسطنية ومستقبل اسرائيل فى المنطقة عامة .
امريكا كعادتها المصلحة حليفها الدائم والتى بدأت تتخلى عن تركيا تدريجيا والاعتماد على قطر من خلال استغلال الثروات الطائلة لديها للاستثمار فى اليونان الغارقة فى الديون والمقبلة على الافلاس وذلك ليكون فى اليونان نظام ذو خلفية امريكية لتعطيل المشروع الروسى ، وايضا استغلال اموال قطر فى دعم الجماعات الرديكالية فى ليبا لتعطيل بوابة مرور الغاز من افريقيا الى اوربا التابع للسيطرة الروسية ايضا .
هنا الموقف الى الان فى صالح روسيا لانه لن تسمح باقامة ( مشروع نابوكو ) وستعطله وهو ما حدث بالفعل لضربها لخطوط امداد الغاز ، غاز اذربيجان وجورجيا فى يد روسيا بالعقود طويلة الاجل ، الموقف فى الشرق الاوسط مضطرب وموقف تركيا اصبح ضعيفا وتغير الوضع فى مصر وسوريا هى الشوكة فى حلق امريكا وتركيا ... لم يتبقى لروسيا سوى تسوية الامور مع تشريعات الاتحاد الاوربى واستكمال مشروعها الخاص بامداد اكبر خطوط الغاز الى السوق الاوربية .

هب ان روسيا نجحت فيما تفعل ماذا سيستفيد العالم ؟ .. هل ما تفعله روسيا لصالح البشرية ام لصالح غاز بروم والرأسمالية الروسية المقبلة ؟! .. هل لو نجحت روسيا وحكمت العالم بامتلاكها مصادر الطاقة البديلة خلفا لامريكا هل سيجد جديد ؟!!
ما نطمح له للانسانية ان يسود العدل ان يصبح الانسان حر بحق ، ان يعيش كل سكان الارض فى سلام فى عالم يليق بالانسان وبما توصل اليه من وعى على مدى الاف السنين ؛ وهذا لن يحدث بروسيا ولا بامريكا لن يحدث بالشركات ، يل سيحدث بالانسان .. الانسان الحر الواعى المتحضر ، وهل نحن مهيئون الان لذلك ؟ بالطبع لا ؛ بل ما زال امامنا الكثير من الوقت لتحقيق ذلك .
لو تكلمنا بشكل اكثر واقعية فان من مصلحة العالم الا تتحكم به قوة واحدة بل يجب ان يكون هناك توازن فى القوى وما تفعله روسيا لو نجحت فيه سيحدث ذلك التوازن ، واما الموقف العربى فعليه ان ينضج ويعمل عقله ولو لمرة واحدة فى حياته ويعلم ان ما يحدث ليس حرب على الاسلام ولا سنة ولا شيعة ان ما يحدث حرب لصالح الشركات وان دعم الموقف السورى ومن ورائه المقاومة اللبنانية والقضية الفلسطنية سيضعف من شوكة امريكا فى المنطقة ومن يعلم ربما فى المستقبل البعيد نجد حل للقضية الفلسطينية واقامة دولة للفلسطينين ، اما الموقف المصرى دون الخوض فى تفاصيل مللنا من ذكرها فما نطمح اليه هو ان تتنبه مصر لما لديها من كنوز وان تحافظ على مواردها للطاقة ولا تخرجها باقل من الاسعار العالمية وعدم الاستجابة لاى ضغوط او مهادنات على حساب المصريين الذين اصبحوا من اكثر شعوب العالم بؤسا وشقاء ، وليكن فى معلوم الجميع لن نجنى ثمار هذا الا لو حدث " اعادة توزيع للثروة " فى مصر بناء على مطالب العدالة الاجتماعية التى ننادى بها لاكثر من ستين عام .
هل سنرى هذا اليوم الذى يبشر ولو ببصيص من الامل دعنا نتابع ونرى ما سيحدث فى الايام القادمة ؟!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 200 يوم على حرب غزة.. ماذا جرى في «مفاوضات الهدنة»؟| #الظهير


.. مخاوف من اتساع الحرب.. تصاعد التوتر بين حزب الله وإسرائيل| #




.. في غضون أسبوع.. نتنياهو يخشى -أمر- الجنائية الدولية باعتقاله


.. هل تشعل فرنسا حربا نووية لمواجهة موسكو؟ | #الظهيرة




.. متحدث الخارجية القطرية لهآرتس: الاتفاق بحاجة لمزيد من التناز