الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فيلم أمريكي طويل ...العرض مستمر ...لبنان جديد ..كنتاكي ....ماكدونالد

مفيد عيسى أحمد

2005 / 9 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


بدايةً ....الله معك يا رشيد يا ملك الساحة اللبنانية............. على بــــيـــــــــــــاض ..
بخيبة مريرة يكتشف رشيد في مسرحية زياد الرحباني ( فيلم أميركي طويل ) أن لبنان الجديد ليس سوى ( لحم بعجين ) .............صفيحة . مطعم أبو الجواهر، رمز المستفيدين من الحرب والمتجرين بها و المستفيدين من التناقضات الطائفية المؤججة.
( فيلم أميريكن طويل ) العرض مستمر الآن في لبنان وفي العالم، هل شاهدتم مسرحية بهذا العنوان ؟ إن لم تشاهدوها هل سمعتموها؟ إن لم يتيسر لكم الأمرين راقبوا ما يحدث في لبنان .
علاقة الأدب بالواقع علاقة إشكالية, الكثير من الأعمال الأدبية كان ذات قدرة استشراقية كبيرة، و هذه هي وظيفة الأدب الأهم، الكشف والاستشراق بمنظور جمالي،ففي عام 1971 أخرج زياد مسرحتيه ( نزل السرور ) و كان فيها تنبأ واضح بالحرب التي حدثت فيما بعد .
أما مسرحية ( فيلم أميركي طويل ) فقد تنبأت بما حدث وما سيحدث و العرض مستمر.
النقطة الفاصلة التي ذكرتني بزياد الرحباني هي الساحتين، ساحة الشهداء وساحة رياض الصلح، تذكروا تلك المعادلة الرائعة ( لرشيد ) زياد الرحباني:( 80% من الشعب اللبناني بدو لبنان جديد) و ( 80% من الشعب اللبناني ما بدو لبنان جديد و لا شي بدون الصرفة) و المعادلة غير القابلة للحل إلا في لبنان: هل يوجد 160% ؟.... لايوجد . إذا هم نفسهم ( فرد تمانين ).هي بالضبط ممحاكة الأغلبية والشعب اللبناني في الساحتين .
اقطاب المعارضة يقولون: لقد خرج الشعب اللبناني إلى ساحة الشهداء وقال كلمته، معتبرين أن من تجمع في ساحة الشهداء هو الشعب اللبناني أجمعه، انتبهوا إلى نبرة حيازة الحقيقة و الأغلبية التي ربما لا يقصد بها هنا العدد و إنما كما لمسنا من بعض التصريحات ادعاء العراقة الحضارية و الأحقية بتقرير مصير البلد و هذا من رواسب لبنان المتصرفية الذي تحدد تخومه الجغرافية تخوماً تمايزية تحرص بعض الفئات عليها إن كان بشكل معلن أو غير معلن.
مقابل هذا انبرت أطراف أخرى لتحشد ما يفوق ما احتشد في ساحة الشهداء و كان خطابهم يشترك مع الآخرين بالحرص على الوطنية و يختلف بشعارات جوهرية لها علاقة بالطرح الساخن، لذلك ادعى هؤلاء الأغلبية وهم بأضعف الأحوال أرادوا التنبيه إلى وجودهم. بعد ما حققوه من مكانة سياسية يعوزها القاعدة الاقتصادية و لكن هذا لا يضعفها حتى الان، من يريد لبنان جديد ؟ و من يريد الصرفة ؟ الكل يريد الحقيقة أليس هو ما يريده عبد الأمير في المسرحية..؟ ( بدي الحقيقة يا خـــــــــــــيي .............. بدي الحقيقة مش عم تفلش .. ) ما هي الحقيقة التي يريدها عبد الأمير؟ حتى هو لا يدري، كذلك المؤامرة التي يريد أن يكشفها؟.. لا يدري. الحقيقة والمؤامرة نسبيتان و ليستا مطلقتين و زياد الرحباني يفهمنا ذلك.
عبد الأمير يريد أن يؤلف كتاباً يكشف فيه الحقيقة، لكنه يبدو عاجزاً ليس لقصور فيه لكن لضياعه، الناتج عن التشتت التي اعترى الواقع التي يريد فضح حقائقه. و كل أقطاب المجتمع اللبناني تريد الحقيقة و تنادي بها كيف لا تدري ( بدنا ....الحقيقة ) شاهدوا تلفزيون المستقبل لتروا الإعلان الذي يبثه بتواتر ( الحقيقة مفتاح الحرية )، عودوا إلى الوراء و تذكروا شعار ( الحقيقة تحرر البشر ) هذا الشعار التوراتي و الصهيوني بامتياز و الذي كانت تبثه أهم إذاعات الدعاية الصهيونية كشعار لها و الذي سبق كل الاعتداءات، قد لا يكون هناك تشابه في الأهداف لكن هنا تشابه في اللوثة الاعلامية ،التحريض والاتهام اللاعقلاني والحقن الاعلامي غير المتحقق من صحته.
لا حقيقة في السياسة،فالحقيقة ثابتة والسياسة متحولة، إذا كنتم تريدون حقيقة من اغتال الحريري تابعوا البحث و ربما يتحقق لكم ذلك ( حقيقة أميريكية على الأقل )
و إذا كنتم تريدون حقيقة لبنان وهذا الأهم ابحثوا في أنفسكم إنظروا إليها من مسافة معقولة كما تنظروا إلى لوحة فمن قريب تتضخم الخطوط و من بعيد تندغم بدون أن تميز. تأكدوا من ذلك هناك حقيقة علمية و حقيقة ذهنية و حقائق أخرى، كثيرون خبروا الحقيقة ولم يستطيعوا كتمها حتي ( غاليله) همس في أذن حاجب المحكمة وهو يخرج منها بعدما أقسر على تغيير قناعته العلمية و كانت حقيقة ...همس ( و مع ذلك ....تدور )
لماذا همس غاليليه في أذن الحاجب..؟ هل لأنه اصطدم بالسلطة العاتية والتي كانت تمثل حينها الطبقة الحاكمة و الاكليروس الديني فالتفت إلى البسطاء ؟
لاحقيقة في السياسة سوى المصلحة وهي بشكل واضح تصرف براغماتي مصلحي ميكافيلي على السوريين أن يستوعبوا ذلك و يبتعدوا عن العاطفة التي تغلف خطابهم السياسي ( الخطاب على الأقل ) و التي تجعلهم يخاطبون لبنان و كأنه طفل لا بد من الأخذ بيده على مشيئتنهم، في الوقت الذي أظهر فيه اللبنانيين نزوع براغماتي تخطى أخلاقيات الأداء الدبلوماسي والسياسي.مع بعضهم البعض ومع الخارج و الخارج الأجنبي في هذه المرحلة هو( سورية ).
هل الحقيقة في جريمة مقتل ( الرئيس الحريري ) تعني من قتله بالمعنى الجنائي أي من ارتكب الفعل، و من حرض، و ما هي الدوافع ؟
سياسياً الأمر أشمل، فهو يتعلق بمشروع هذا الرجل بقدرته على تحييد الآخر و إقصائه لبعض الرموز السياسية بكل روية و هدوء، بتداخلاته التي فاقت موقعه السياسي و موقع بلده لتنسجم مع قدرته المالية، بتكريسه لخطوط اجتماعية جديدة في لبنان التي لا يلعب توزيع الثروة الدور الوحيد فيه من ناحية الفرز الاجتماعي، بل هناك أدوار أخرى للتبعية الاستزلام.
الحريري زعيم كالزعماء الذين كان يدافع عنهم ( رشيد ملك الساحة اللبنانية ) في مسرحية ( فيلم أميريكي طويل ) فهو يضعهم في مصاف القدسية مما يجعله يثور عند مواجهته أبسط الحقائق:( الزعما عم يستغلوا الشعب ) ويرد بحدة): شو دخل الزعما..؟) ويصل إلى حد اتهام من يقول ذلك بالخبل ( مخه بيعكف ) بل يصل إلى حد الضرب. ويعود ليواجه أبو الجواهر ابن السوق الجديد الذي بدأ بالصعود ليصبح زعيماً جديداً و لتتقزم كل طروحاته التي كان ينادي بها ( بدنا لبنان جديد ..) إلى مطعم لحمة بعجين ( صفيحة ) مما يضع رشيد في دوار الحيرة ليتساءل : هل لبنان الجديد هو لحم بعجين، ثم يستوعب بشكل جنيني أن الأمر لا يعدو تقاسم للسوق بين أبو الجواهر و بين الآخرين من الطوائف والمشارب الأخرى، يفهم ذلك و يحاول تجاهل هذا الفهم . تقاسم السوق وتقاسم السياسة، هذا مالم يتحمله رشيد لينتهي في المصح العقلي.
هناك شخصيات أخرى في المسرحية رسمها زياد الرحباني بدقة وهي تمثل تيارات و طوائف لبنانية، بامتياز الأرمني الضائع بين انتمائه القومي و انتمائه الوطني الجديد بعدما استطاع عبر سنوات طويلة أن يوفق بينهما، لتأتي الحرب و تهتك هذا التوافق، هذا ما سيبرز في كل أزمة يعيشها لبنان و قد برز ذلك في الأزمة الأخيرة حيث كان لا بد لحزب الطاشناق أن يختار أحد الأقطاب السياسية المرتكزة على قاعدة طائفية و ينضم إليه لكن دون أن تنتفي تلك الازدواجية التي سمعناها في المسرحية على لسان زافين الأرمني ( ستيريو .... أرمني.... لبناني ) لا مجال للتوفيق سوى بهذه الطريقة ( الطريقة اللبنانية ..بامتياز) ، هذه المعالجة على بساطتها تبقى أعمق وأهم من كتب و ابحاث كثيرة تناولت مشكلة الأقليات، لكن هل سمعتم بأقلية سورية في لبنان هذا ما حاولت بعض الأطراف الترويج له أي هناك ستيريو آخر ( سوري..لبناني ) إذا كان الأمر هكـــذا علينا أن نقسم لبنان إلى مجموعـــــات من الستريروهات ( أرمني...لبناني) ( فرنسي...لبناني )( إيراني....لبناني ) و الأهم ( سعودي.........لبناني ) و هذا استيريو جديد قوي و مدعوم و توزيع الصوت فيه خفي،...خاصة لمن يحمل الجنسيتين .....! إذا على مـــــبدأ زافين ( ستريو..... لا يستقيم الأمر إلا هكذا........ستريو ).هذا اتهام الجميع للجميع.
في المسرحية شخصيات أخرى وفي الواقع أيضاً ليس المهم استعراضها بأفعالها، بل المهم دلالاتها، المسيحي الذي يريد رحيل المحمودات من لبنان وذلك الذي أدمن إطاعة الأوامر إلى حد أنه لا يتحرك دون أمر و لا يفتأ يردد ( أمركم يا خيي )، و الذي يدعي المعرفة لكنه يكتشف أنه في خضم واقع تخونك فيه معرفتك و تبدو في مثل مثلك الذين لا يعرفون شيئاً. شخصية أخرى نتمنى ألا يستجد ما يوصلنا لما وصلت إليه هي شخصية المتطير الذي يشك بكل شيء و يخاف من كل شيء ويردد دائما:( أوعى.. انتبهوا يا عمي.....بلكي فيه شي قنبـلة..........)..هذا التطير والخوف الذي لا يدركه إلا من تعرض لظروف الحرب من قلق ورعب نتمنى أن يبقى لبنان بعيداً عن ذلك.
مكان المسرحية وهو أمر هام لدلالاته في المسرح والحياة، المكان: مشفى للمجانيين، مصح للمعالجة بالتدجين، بأساليب علاج متعددة تبدأ بالنقاش الذي يشبه النقاش الدائر الآن في لبنان، فهو لا يعدو نقاشاً مع الذات و تشبث بالقناعات و محاولة تلقيمها للآخر، و ننتهي بالتعميم و التلقين القسري المدرسي الذي يصل بالنزلاء إلى حد التوافق الهش والكاذب ، الذي يتضح بتلك اللهجة التوفيقية التي لا يمكن أن تكون علاجاً، هي فقط مداورة على واقع لا يحتمل ذلك.
كما في البدء، تحية إلى رشيد ملك الساحة اللبنانية ..............على بياض، رشيد المواطن اللبناني الصادق الذي ضيعته تناقضات واقع لا يبدو أن ستحل، و هي في أحسن الأحوال تكون نائمة. تذكروا الشعارات التي كانت تطرح وينادى بها في الساحتين، عموميتها وتشابهها و تهافتها في أول تناقض يظهر للمصالح.
بقي أن نذكر أن الستيكات شغالة إسالوا الجميع ........ لكن عذراً من رشيد، لبنان جديد لن يطلع لحم بعجين ..هذه ذوق قديم في زمن العولمة ربما سيطلع .........همبرغر ...تشيزبرغر ...ماكدونالد........ كنتاكي .........وربما سيطلع كروسيه بالتأكيد ليس بالزعتر بل بالشوكولا و الجبنة الفرنسية العفنة .............لست خبيراً بالجبنة الفرنسية لكن هناك من قال لي أنه يوجد جبنة من هذا النوع .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان الآن مع عماد حسن.. دعم صريح للجيش ومساندة خفية للدعم


.. رياض منصور: تغمرنا السعادة بمظاهرات الجامعات الأمريكية.. ماذ




.. استمرار موجة الاحتجاجات الطلابية المؤيدة لفلسطين في الجامعات


.. هدنة غزة.. ما هو مقترح إسرائيل الذي أشاد به بلينكن؟




.. مراسل الجزيرة: استشهاد طفلين بقصف إسرائيلي على مخيم الشابورة