الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التكنولوجيا و الفساد

رضا محافظي

2005 / 9 / 19
الادارة و الاقتصاد


وضعت السلطات الجزائرية على أرض الواقع مؤخرا نظاما آليا لمعالجة الملف القضائي و قامت في هذا الإطار ببرمجة عمليات تكوين للمكونين من قضاة و كتاب ضبط الذين سيكون من مهامهم تدريب الموظفين الآخرين كل في اختصاصه العملي في كامل القطر الجزائري .

يهدف هذا النظام بين ما يهدف على ما يبدو إلى المتابعة القضائية عن طريق الإعلام الآلي و إلى تمكين المتقاضين من الاطلاع على ملفات قضاياهم في آجال معقولة . كما أنه يهدف حسب ما تم التصريح به في الصحف إلى القضاء على الآفات التي تعاني منها الإدارة من بيروقراطية و رشوة و بالتالي إلى تكريس الشفافية .

بالرغم من الأهمية التي يكتسيها هذا البرنامج الذي سيتم مباشرة العمل به نهاية سنة 2005 م و بالرغم من كونه يعتبر شوطا إضافيا في مسيرة تحديث الإدارة الجزائرية فانه يعيد إلى الواجهة من جديد جدلية إصلاح الإدارة و الجوانب التي يجب أن يشملها . فقد أثبتت تجارب كثيرة سابقة أن النظر إلى العصرنة من جانبها التقني فقط هو نظر قاصر و أن الاعتماد على التكنولوجيا وحدها من أجل القضاء على أمراض تفشت في الإدارة و صارت تصرفا عاديا و مؤلوفا للإداريين أو لعدد كبير منهم لا يكفي .

إن الإجراءات المرافقة التي ينبغي أن تصحب وضع النظام المذكور حيز التنفيذ – و التي نتمنى أن تكون في طريقها إلى التنفيذ هي الأخرى – هي العنصر الأهم في عملية العصرنة خاص إذا تعلق الأمر بجهاز هام مثل جهاز العدالة . و نقصد بالإجراءات المرافقة هنا الترسانة القانونية التي يجب أن تكون واضحة و صارمة في آن واحد بخصوص جرائم الرشوة و استغلال النفوذ و التسلط و ما شابه ذلك و كذا الإجراءات الإدارية التي ترمي إلى فرز دقيق بين الكفاءات وفق أحدث الطرق العلمية في التسيير من أجل اختيار الأكفأ من بين المترشحين و المرشحين لشغل منصب ما . و يسبق ذلك بطيعة الحال التركيز على التكوين العالي الجودة ، النقي من كل الشوائب ، الكفيل بإنتاج مادة بشرية صالحة للتسيير و متوفرة على ما من شأنه الابتعاد عن كل أنواع المساويء و الأمراض التي عرفتها الإدارة الجزائرية من قبل و التي هي محل اهتمام خاص من طرف السلطات العمومية في الوقت الحالي .

لقد أثبتت كل الدراسات التي تم القيام بها في مجال عصرنة الإدارة و إصلاحها أن الإنسان هو المركز الذي يجب أن تدور حوله كل السياسات و أنه الأجدر بالاهتمام في كل العمليات . كما أثبتت أن التركيز على الجانب التقني فقط من شأنه أن يعطي لنفس الأمراض المراد محاربتها بعدا آخر أكثر قوة و أكثر فاعلية ، و كأن الأمر يتحول – في ظل ذلك – من عصرنة الإدارة إلى عصرنة أمراض الإدارة . ذلك أنه في آخر المطاف ، الإنسان العامل في الإدارة هو من سيقوم بوضع برامج التحديث محل التنفيذ و لن يكون لجهاز الإعلام الآلي سلطة عليه لاعادة برمجة ما يريد إعادة برمجته لصالحه و لصالح مآربه إن كانت نيته سيئة . الرهان الحقيقي يرتكز على ترشيد خطاب يهدف إلى تطهير عقل الإنسان مما يشوبه من رواسب نظام تسيير فاسد و الأخذ بيده ماديا و معنويا ، في ظل برامج علمية دقيقة و هادفة ، من أجل اخراجه من دائرة تأثير ما هو شائع من أمراض ادارية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلومبرغ: تركيا تعلق التبادل التجاري مع إسرائيل


.. أبو راقية حقق الذهبية.. وحش مصر اللي حدد مصير المنتخب ?? قده




.. مين هو البطل الذهبي عبد الرحمن اللي شرفنا كلنا بالميدالية ال


.. العالم الليلة | -فض الاعتصامات- رفض للعنف واستمتاع بالتفريق.




.. محمد رفعت: الاقتصاد المعرفي بيطلعنا من دايرة العمل التقليدي