الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإسلام والمثلية الجنسية

شريف حوا

2015 / 3 / 10
حقوق مثليي الجنس


أعلنت منظمة الصحة العالمية في 17 أيار من عام 1990 حذف المثلية الجنسية من قائمة الأمراض النفسية، منهية بذلك أكثر من قرن من الزمان تم فيه اعتبارها حالة مرضية.
ولأهمية هذا التاريخ و رمزيته، جعل المجتمع الدولي السابع عشر من أيار من كل عام، يوماً عالمياً لمناهضة رهاب المثلية الجنسية والتحوّل الجنسي.
وقد بدأ الأمر في أوائل القرن التاسع عشر حيث أخذت بعض الدول الأوربية برفع التجريم عن السلوكيات المثلية، وأولها بولندا عام 1932. في حين كانت هولندا أول بلد يعترف بزواج المثليين عام 2001، ليصل عددها اليوم إلى حوالي 20 دولة، و32 ولاية أمريكية.
هذا في الوقت الذي ما زال شيوخ الإسلام يعتبرون المثلية جريمة غير قابلة للنقض، ليعودوا بنا إلى أكثر العصور ظلامية في التاريخ. والسؤال الوحيد الذي يدور في فلكه الفقه الإسلامي المعاصر –كما سنرى- هو حول طبيعة الحد الذي يجب تنفيذه، وطريقته. وبحسب منظمة هيومان رايتس ووتش، فمن أصل 83 دولة تدين المثلية الجنسية قانونياً، 26 دولة منها إسلامية.
في ماليزيا وبحسب المادة 377 من القانون الجنائي تنتظر عقوبة السجن لمدة 10 سنوات لكل من يسلك "سلوكيات غير طبيعية"، وتصل العقوبة إلى 20 عام بحالة "اللواط". أما في الباكستان وبنغلاديش فالقانون الجنائي يساوي بين المثلية الجنسية وممارسة الجنس مع الحيوانات (البهيمية بالعربية) ويمكن أن تصل العقوبة لمدة 10 سنوات سجن. وتصل العقوبة في سورية والأردن للسجن لمدة 5 اعوام. وتصل العقوبة في المغرب، تونس، الجزائر، العراق والكويت لثلاث سنوات سجن.

تعريف "اللواط" في الإسلام هو: إتيان الذكر الذكر، وهو من أغلظ الفواحش تحريماً، وقد جاء في القرآن {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ إِلَى قَوْلِهِ: بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ}. وتعتبر قصة "قوم لوط" إحدى المراجع الهامة التي يرتكز عليها الفقه الإسلامي في التعامل مع قضية المثلية الجنسية، ويمكن إيجاز ما ترمي إليه القصة بالقول أنها قد أظهرت المثلية كرديف للانحلال الأخلاقي، وكلعنة إن لم يتم القضاء على مرتكبها فقد تستفز الله، ليصب جام غضبه على المجتمع بأكمله يقول ابن القيم الجوزي – عن قوم لوط: «ليس في المعاصي مفسدة أعظم من مفسدة اللواط ، وهي تلي مفسدة الكفر ، وربما كانت أعظم من مفسدة القتل».

لقد اختلف الصحابة في كيفية حد "اللواط" بعد اتفاقهم على إقامته. قال أبو بكر الصديق: «يقتلان بالسيف حدا ثم يحرقان بالنار زجرا لهما وتخويفاً لغيرهما» وهو رأي الإمام علي بن أبي طالب، وكثير من الصحابة.
قال الحافظ المنذري: «حرق اللوطية بالنار أبو بكر وعلي وعبد الله بن الزبير وهشام بن عبد الملك وذلك بعد قتلهما بالسيف أو الرجم بالحجارة».
وروي عن ابن عباس أنه قال: «ينكآن من مكان مرتفع مثل جبل شاهق أو بناء مرتفع ويهدم عليهما الجدار ويتبعان بالأحجار حتى يموتا كما حصل لقوم لوط».
وروي عن عبد الله بن الزبير أنه قال: «يحبسان في أنتن المواضع حتى يموتا». ولكن الراجح من هذه الآراء أن حده الرجم مطلقاً بكراً أو ثيباً.
وفي الإسلام فإن "اللواط" من الأسباب التي تودي بالأمم وتهلك الشعوب وتجعل أهلها محرومين من معونة الله وعنايته، فقال محمد: «ما نقض قوم العهد إلا كان القتل بينهم ولا ظهرت الفاحشة في قوم إلا سلط الله عليهم الموت» وروي عن أنس أنه قال: «قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إذا استحلت أمتي خمسا عليهم الدمار: إذا ظهر التلاعن وشربوا الخمر ولبسوا الحرير واتخذوا القيان واكتفى الرجال بالرجال والنساء بالنساء» رواه البيهقي في صحيحه. وقد روى الطبراني في صحيحه عن الرسول أنه قال: «إذا ظلم أهل الذمة كانت الدولة دولة العدو وإذا كثر الزنا كثر السباء وإذا كثر اللواط رفع الله يده عن الخلق فلا يبالي في أي واد هلكوا» رواه جابر بن عبد الله الأنصاري.فقد روى الترمذي عن ابن عباس أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا ينظر الله -عز وجل- إلى رجل أتى رجلا أو امرأة في دبرها» رواه النسائي. كما روى الطبراني في الوسط عن أبي هريرة أنه قال: «قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ثلاثة لا تقبل لهم شهادة أن لا إله إلا لله: الراكب والمركوب والراكبة والمركوبة والإمام الجائر».
هذا وقد لعن الرسول "اللائط" وأخبر عنه بأنه مطرود من رحمة الله. فقد روى النسائي في صحيحه أن محمداً قد قال: «لعن الله من عمل عمل قوم لوط» واللعن (بحسب عبدالقادر عودة) هو الطرد من رحمته ولأن هذا المنكر من الفواحش التي تقوض دعائم الأمم وتهلك المجتمع وتفسد شبابه ونساءه ولهذا كان الحد فيه مشدداً عن غيره.

لذا فقد أجمع العلماء على حرمة هذه الجريمة، وعلى وجوب أخذ مقترفيها بالشدة، إلا أنهم اختلفوا في تقدير العقوبة المقررة لها، وهنا نجد ثلاثة مذاهب:

1. مذهب القائلين بالقتل مطلقاً:
يرى أصحاب الرسول، والناصر، والقاسم بن إبراهيم، والشافعي في قول: أن حده القتل ولو كان بكراً، سواء كان فاعلاً أو مفعولاً به.
واستدلوا بما يأتي:
أ‌. عن عكرمة عن ابن عباس قال:« قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به». رواه الخمسة إلا النسائي، وأخرجه أيضاً الحاكم والبيهقي. وكذلك قوله: اقتلوا الأعلى والأسفل».
ب‌. وعن علي أنه رجم من عمل هذا العمل. أخرجه البيهقي. قال الشافعي: وبهذا نأخذ برجم من يعمل هذا العمل محصنا كان أو غير محصن.
ت‌. وعن أبي بكر أنه جمع الناس في حق رجل ينكح كما ينكح النساء. فسأل أصحاب الرسول عن ذلك فكان من أشدهم يومئذ قولا علي بن أبي طالب، قال: «هذا ذنب لم تعص به أمة من الأمم، إلا أمة واحدة، صنع الله بها ما قد علمتم، نرى أن نحرقه بالنار». فكتب أبو بكر إلى خالد بن الوليد يأمره أن يحرقه بالنار. أخرجه البيهقي وفي إسناده إرسال. وأفاد الشوكاني بأن هذه الأحاديث تنهض بمجموعها للاحتجاج بها. وهؤلاء اختلفوا في كيفية قتل مرتكب هذا العمل. فروي عن أبي بكر وعلي: أنه يقتل بالسيف، ثم يحرق، لعظم المعصية. وذهب عمر وعثمان إلى أنه يلقى عليه حائط. وذهب ابن عباس إلى أنه يلقى من أعلى بناء في البلد. وحكى البغوي عن الشعبي، والزهري، ومالك، وأحمد، وإسحاق، أنه يرجم. وحكي ذلك الترمذي عن مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. وروي عن النخعي أنه لو كان يستقيم أن يرجم الزاني مرتين لرجم من يعمل عمل قوم لوط. وقال المنذري: حرق من يعمل هذا العمل أبو بكر وعلي، وعبد الله بن الزبير، وهشام بن عبد الملك.


2. ومذهب القائلين بأن حده حد الزاني، فيجلد البكر ويرجم المحصن:
وذهب سعيد بن المسيب، وعطاء بن أبي رباح، والحسن، وقتادة، والنخعي، والثوري، والأوزاعي، وأبو طالب، والإمام يحيى، والشافعي في قول إلى أن حده حد الزاني، فيجلد البكر ويغرب، ويرجم المحصن.
واستدلوا بما يأتي:
أ‌. إن هذا الفعل نوع من أنواع الزنا، لأنه إيلاج فرج في فرج، فيكون اللائط والملوط به داخلين تحت عموم الأدلة الواردة في الزاني المحصن والبكر، ويؤيد هذا حديث الرسول: «إذا أتى الرجل الرجل فهما زانيان».
ب‌. أنه على فرض عدم شمول الأدلة الواردة في عقوبة الزنا لهما، فهما لاحقان بالزاني بطريق القياس.

3. ومذهب القائلين بالتعزير.
وذهب أبو حنيفة، والمؤيد بالله، والمرتضى، والشافعي في قول إلى تعزير مرتكب هذه الفاحشة، لان الفعل ليس بزنا فلا يأخذ حكمه.

وقد رجح الشوكاني مذهب القائلين بالقتل، وضعف المذهب الأخير لمخالفته للأدلة، وناقش المذهب الثاني فقال: إن الأدلة الواردة بقتل الفاعل والمفعول به مطلقاً مخصصة لعموم أدلة الزنا الفارقة بين البكر والثيب على فرض شمولها المرتكب جريمة قوم لوط، ومبطلة للقياس المذكور على فرض عدم الشمول، لأنه يصير فاسد الاعتبار، كما تقرر في الأصول.


هذا وقد أجمع العلماء على وجوب توبة المثلي، مع برنامج إسلامي خاص لـ "العلاج" يمكن تلخيصه بالخطوات التالية:
1. الابتعاد عن الأسباب التي تيسر الوقوع في هذه المعصية وتذكر بها مثل: ( إطلاق البصر، الخلوة بأحد من الرجال أو النساء).

2. ملء أوقات الفراغ بتلاوة القرآن وذكر الله والصلاة.. وعدم ترك أي وقت من الفراغ منعاً لأن تتسرب الفواحش للنفس.
3. التذكر دائماً بالعاقبة وما ينتظر الفاعل من عذاب في الآخرة، عدا عن أنها تثير غضب الله ومقته.
4. التذكر دائماً بأن هذه الفاحشة تفوّت على مرتكبها نعيم الآخرة.
5. تذكر مشاعر الخوف والندم والقلق التي يعيشها مرتكب "اللواط".



ويرى الشيخ محمد منير الجنباز، أن بعض بلاد الغرب الذين أقروا علناً أو رسميًّاً حقوق المثليين، قد ابتلاهم اللهُ بمرض نقص المَناعة - الإيدز ، رغم أن الإحصائيات الرسمية تشير إلى أن أكثر المناطق تضرراً بالإصابة بمرض الإيدز هي المناطق من القارة الأفريقية الواقعة إلى جنوب الصحراء الكبرى، ففي عام 2007، كان يعيش بها حوال 68% من إجمالي مرضى الإيدز الذين لا يزالوا على قيد الحياة في العالم. وهي بالطبع مناطق لا تعترف بحقوق المثلين، لا بل أن بعضها يقيم بالفعل الحدود على من ثبت ممارستهم ل"اللواط"، أو السجن في أقل تقدير.




المصادر:
• د. يوسف بن عبدالله الشلبي، فقه الحدود
• عبد القادر عودة، التشريع الجنائي الإسلامي مقارناً بالقانون الوضعي
• موقع الإسلام سؤال وجواب http://islamqa.info/
• موقع أون إسلام.نت http://www.onislam.net/
• شبكة الألوكة http://www.alukah.net/
• الموسوعة الحرة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأونروا تحذر من استمرار توقف دخول المساعدات من معبر رفح


.. تونس...منظمة مناهضة التعذيب تحذر من تدهور الوضع الصحي داخل ا




.. الأونروا مصممة على البقاء..والوضع أصبح كارثي بعد غلق معبر رف


.. كلمة أخيرة - الأونروا: رفح أصبحت مخيمات.. والفلسطينيين نزحوا




.. العضوية الكاملة.. آمال فلسطين معقودة على جمعية الأمم المتحدة