الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اسطورة الراحل علي الوردي في ميزان سليم علي الوردي(الجزء الثالث )

احمد عبدول

2015 / 3 / 11
الادب والفن


بعد ان تناولنا في الجزء الاخير طبيعة المنهج الذي اتبعه الراحل العلامة (علي الوردي ) في تحليل اكبر حدث ثوري وتغييري في تاريخ العراق الحديث والمتمثل ب(ثورة العشرين ) والذي كان حسب نظرة الوردي مجرد امر مزاجي ينطبق على الافراد كما ينطبق على الجماعات والشعوب ,حيث يحيل الوردي حركة المجتمع الى سلسلة متعاقبة من فترات الابتهاج والتذمر التي تتخللها الثورات بين آونة واخرى .
لقد سطح الراحل الوردي كل ما يتصل بحدث بضخامة (الثورة ) عندما صورها على انها حصيلة طلاق مع الحكم التركي وزواج من الاحتلال البريطاني ثم التمرد عليه باتجاه طلاقه , وهو بذلك الطرح قد ابتعد عن الكشف عن التناقض الاساسي بين العراقيين والاستعمار الانكليزي والذي بلغ ذروة احتدامه في ثورة العشرين ,كما انه اخفق في اماطة اللثام عن الجوهر الاقتصادي للاستعمار وغاياته السياسية كما يؤكد الدكتور (سليم علي الوردي ) في كتابه (علم الاجتماع بين الموضوعية والوضعية مناقشة لمنهج الدكتور علي الوردي في دراسة المجتمع العراقي ).
بعد استعرضنا جانبا من تعاطي الراحل الوردي مع ملف الثورة ,نأتي هنا لمناقشة ما يتعلق بقضية اخرى لها من الاهمية والخطورة ما لا يقل اهمية وخطورة عن ملف الثورة التي اندلعت شرارتها الاولى في مناطق الفرات الاوسط عام 1920 .
سوف نسلط الضوء في هذا الجزء على ما يسمى عند الراحل الوردي ب(تقلب العراقيين ) الذي يخوض فيه الوردي دون ان يوقفنا على اسبابه وملابساته , وهل يقتصر هكذا امر على العراقيين دون سواهم .
يقول الدكتور (سليم علي الوردي )(ان الذي يقرأ كتاب الدكتور(يقصد كتابه لمحات من تاريخ العراق الحديث ) علي يخرج بانطباع مشوه عن العراقيين بوصفهم اناس متقلبون ومتذبذبون ,لا تعرف متى يحبون ومتى يكرهون ) ويمضي الدكتور سليم متسائلا بقوله (اننا نكتفي بالتساؤل ,كيف تمكن هذا الشعب وهو على هذا الجانب الكبير من التقلب والتذبذب ان يتوحد ويفجر مثل هذه الثورة العظمى ويقارع جيوش اكبر امبراطورية استعمارية آنذاك ؟ويمضي سليم الى القول (نحن لا ننفي وجود عناصر وفئات متقلبة في المجتمع العراقي بحكم طبيعتها الاجتماعية , ولكن هل يخلو مجتمع من مثل هذه العناصر والفئات لا سيما المجتمعات المتخلفة , وهل سمة التقلب صفة خص بها الشعب العراقي ؟وينتهي الدكتور سليم الى القول (ان التقارب الطائفي الذي شهده المجتمع العراقي عشية ثورة العشرين , كان ظاهرة تلفت الانتباه وتعبرعن حس ثوري لدى الجماهير وتشخيص دقيق لنوايا الاستعمار في استخدام التفرقة الطائفية لأغراضه القذرة ان التقارب الطائفي لا يعني القضاء على الخلافات الطائفية بل يعبر عن قدرة الجماهير البسيطة على تجاوزها والالتحام في موكب واحد ضد العدو المشترك ).
والمشكلة حسب رأي الدكتور سليم علي الوردي ان الراحل علي الوردي كان قد تطرق الى مسالة الوعي الوطني والنزعة التحررية لدى ابناء الشعب العراقي دون ان يحاول الكشف عن دلالة ذلك الوعي وهو ما اسماه ب(التقارب الطائفي ) الذي يعد بحد ذاته مأثرة سياسية كبرى لصالح العراقيين .
الحقيقة ان فكرة تقلب العراقيين ليست بالفكرة الجديدة فقد كانت هنالك الكثير من الجهات السياسية والثقافية على امتداد تاريخ العراق القديم والمعاصر تروج لهكذا طروحات تريد النيل من الشخصية العراقية تحديدا لا سباب عدة تقف في مقدمتها صلابة شخصية الفرد العراقي امام الانظمة التي حكمت عن طريق الحديد والنار ,ولعل هذا ما يفسر ترديد مثل تلك الشبهة ,على السنة طغاة من امثال معاوية بن ابي سفيان والمغيرة بن شعبة والحجاج بن يوسف الثقفي وغيرهم من العتاة والطغاة والمردة .
قد يقول قائل ان صفة التقلب هي صفة محسوسة وملموسة بين ثنايا الشخصية العراقية منذ آمد بعيد , ومثل هذ الامر لا يختلف عليه اثنان , وقد اشرنا اليه في اكثر من مقال , وهذا هو كتاب النهج للإمام علي بن ابي طالب يفيض بتلك الخطب التي تشير الى جانب من تقلب العراقيين في موارد ومواطن عدة , لكن هذا لأمر لا يعني ان تختزل الشخصية العراقية ,بذلك التقلب الذي قد يطرأ عليها في مراحل واوقات دون غيرها .
يقول الدكتور (سليم علي الوردي )(ان اطلاق صفة التقلب على العراقيين يكتسب خطورة كبيرة عندما يصدر عن باحث اجتماعي متمرس , ولا سيما عندما يجد صدى لدى بعض البسطاء من الناس الذين يساعون بتأييد ذلك مستشهدين بموقف العراقيين من الامام الحسين عليه السلام في واقعة الطف . وهنا لا بد من تحذير اولئك الذين يحلو لهم ترديد هذا الكلام , بانه يقود الى فكرة خطرة مفادها (ان العراقيين ملة منافقة , اناس لا خير يرجى منهم ولا يمكن ادارتهم الا بالسوط ) ولا داعي لمناقشة المغزى الرجعي اللانساني لهكذا فكرة )
ان صفة التقلب ليست حكرا على شعب من شعوب الارض ,فهي نزعة قد تشتد وتضعف ضمن ظروف اجتماعية وسياسية وثقافية معينة .يمكن القول ان الماكنة الاعلامية المرتبطة بالحكومات التي تعاقبت على حكم العراقيين بقوة الحديد والنار ابتداءا من حكومات بنو امية وبنو العباس مرورا بكل الانظمة الديكتاتورية التي كان اخرها الحكم البعثي الفاشي ,كل تلك الحكومات انما كانت تقف وبقوة امام ترويج هكذا شبهات والعمل على ترسيخها في العقل الجمعي للعراقيين وذلك لمواقف العراقيين المناهضة لتلك الحكومات والانظمة من جهة ولسهولة ضربهم والتحشيد بالضد منهم ثانيا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقابلة فنية | الممثل والمخرج عصام بوخالد: غزة ستقلب العالم |


.. احمد حلمي على العجلة في شوارع روتردام بهولندا قبل تكريمه بمه




.. مراسل الجزيرة هاني الشاعر يرصد التطورات الميدانية في قطاع غز


.. -أنا مع تعدد الزوجات... والقصة مش قصة شرع-... هذا ما قاله ال




.. محمود رشاد: سكربت «ا?م الدنيا 2» كان مكتوب باللغة القبطية وا