الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشعب العراقي بين الحرب الوطنية والحرب الطائفية !

صبحي مبارك مال الله

2015 / 3 / 11
مواضيع وابحاث سياسية



منذُ أحتلال تنظيم داعش الظلامي للموصل وبعض المحافظات(القريبة) والمدن والنواحي واالقرى في حزيران 2014 والشعب يعاني من تداعيات هذا الإحتلال وماجلبه من ويلات ومآسي وتهجير قسري ونزوح سكاني كبير شمل المناطق الشمالية ، فكانت الصدمة كبيرة بتخلي ، القوات العسكرية المجندة لأجل الدفاع عن المدن ، عن مواقعها مما أثار الفزع والرهبة عند السكان الذين واجهوا الموت والقتل الذي شمل النساء والشيوخ والأطفال وبكافة أنتمائاتهم الدينية والعرقية من مسلمين ومسيحيين وأيزيديين وشبك وعرب وكرد وتركمان وسائر القوميات الأخرى .
لقد كانت القوى المعادية تمارس التدمير الشامل للمناطق السكنية ودور العبادة والمزارات ، جوامع وكنائس وتحرق الكتب والمكتبات وكل من له صلة بالثقافة وفرضت نظام أوتوقراطي قديم أكل الدهر عليه وشرب (نظام العبودية وسبي النساء وبيعهّن في سوق الجواري ) وآخر نشاطاتها تدمير آثار الحضارات العراقية سواء في المتاحف أو في المواقع الأثرية ذات القيمة الثقافية والأثرية كما حصل في متحف الموصل والحضر ونمرود .
أن المشاهد الدموية التي رآها الشعب قد إعادت بالذاكرة العراقية إلى زمن سحيق وبعيد ، زمن الحروب الهمجية التي حرقت اليابس والأخضر ، وأنّ مايحصل في العراق الآن لم يكن بدون جذور تأريخية وأنما له دوافع فكرية دينية وسياسية التي عملت على تأصيل الطائفية وهذا النوع من الحروب .
منذُ تأسيس الدولة العراقية في عام 1921 كانت هناك إشكالية الولاء للوطن أو الولاء للطائفة والمذهب أ والولاء للعشيرة وقبل هذا التأريخ كانت نفس الأشكاليات والتأزم في العهد العثماني وبعد الأحتلال الأنكليزي ولكن هذا الأحتلال حفز الطلائع من القوى الوطنية أن تعمل على توحيد العمل الوطني والدعوة ،من خلال المرجعيات الدينية والقوى الوطنية والعشائر والمثقفين بأختلاف مذاهبهم ،إلى الثورة والأستقلال وتأسيس حكم وطني حقيقي ، فقامت ثورة العشرين في 30 حزيران التي شارك فيها الشعب العراقي على أختلاف قومياته وعشائره وبالرغم من التضحيات الكبيرة ألا أن ماتحقق لايستهان به وأمام وحدة الشعب العراقي تأسس الحكم الوطني الملكي الدستوري بالرغم من نقاط ضعفه من خلال وضع العراق تحت الإنتداب البريطاني .
وبذلك تأسس الجيش العراقي والشرطة العراقية على أساس التجنيد الأجباري بغض النظر عن الإنتماء الطائفي والعشائري ،وعن عدم وجود توافق أو مشاركة فعلية حيث بقي الإنقسام كامن من خلال توزيع المناصب لطائفة دون أخرى بينما الجيش تجسدت فيه الوحدة الوطنية .
وبعد ما حصل من تغيرات سياسية منذُ 1958 (ثورة 14تموز)إلى 2003م بسقوط النظام الدكتاتوري ومن ثمّ الأحتلال إلى تشكيل الحكومات التوافقية ألا أن الصراع الطائفي كان كامناً بوسائله العلنية والسرية وبتشجيع دولي وأقليمي ودعم لوجستي ومادي تشكلت المليشيات المسلحة التي كانت تهدف إلى الأستحواذ والسيطرة ومسك زمام الأمور . فكانت الهوية الوطنية تضعف أمام هذا التحول النوعي في التحرك الذي كان يدور حول التقسيم وإشعال الفتنة وعزل المناطق مثلما حدث في عامي 2006 و2007 م، وبُذلت جهود من أجل أطفاء نار الفتنة الطائفية وتوجيه المسار نحو العمل من أجل المصالحة و الوحدة الوطنية ومعالجة الخلافات بمساعدة الأمم المتحدة بالرغم من ضعف دورها .
ولكن عدم الألتزام بالدستورالدائم وجعل النظام السياسي على أساس المحاصصة والطائفية بأتفاق الأطراف المتنفذة الحاكمة وعدم وجود مساعي نحو تأسيس الدولة والنظام على أسس المواطنة والهوية الوطنية ، جعل الوضع مُعقداً ومنتج للأزمات السياسية كما لايمكن الأخذ بالتصريحات الإيجابية بديلاً عن الأفعال والعمل الجاد الحقيقي . .
لقد بينت أحداث الموصل هشاشة عمل عشر سنوات من خلال إنتشار الفساد وعدم الإلتزام بالواجب الوطني وضعف الموقف الوطني وأستفحال التوجهات الطائفية وتأسيس المليشيات بأختلاف أنواعها .
وبعد كارثة الموصل الذي مضى عليها أكثر من عشرة أشهر وبعد التفكك الذي حدث في بعض قطعات الجيش جاءت الحكومة الجديدة برئاسة الدكتور العبادي ليقوم بأعادة تنظيم الجيش والعمل على تحرير المناطق المحتلة من قبل داعش الذي أستفحل وجودها وسبب أضرار أقتصادية وأجتماعية كبيرة .
ونتيجة لنداء المرجعية الدينية تكون الحشد الشعبي الذي أساسه المليشيات الكثيرة والتي تجاوز عددها الأربعين مليشيا مسلحة تنتسب أكثرها للطائفة الشيعية فضلاً عن العشائر المتحالفة مع الحكومة وقد وضع قانون الحرس الوطني من قبل الحكومة (لم يصوت عليه لحد الآن في مجلس النواب ) ومن هنا بدأت المخاوف بعد تدخل أيران الصريح مع عمل الحشد الشعبي .
فالقوات المسلحة للجيش العراقي هي القوة الضاربة والتي تعمل وطنياً وكذلك لايستهان بقوات الحشد الشعبي ولكن الحشد الشعبي مرتبط أساساً بلأحزاب الأسلامية وولائاتها الخاصة أي بمعنى أن الخوف من الأجندات الخاصة والطموح الشخصي قد يكون عاملاً معرقلاً لعمل ونشاط وتحرك الجيش ولكي تنجح المهمة نحوالتحرير لابدّ من أن تكون القيادة والتنسيق بيد الجيش وأن حالات الثأر والتشفي غير مقبولة .والآن وبعد إعداد العُدة لغرض تطهير البلاد من تنظيم داعش والبدأ بتحرير المدن ومنها تكريت فلابدّ من تسليط الضوء عل نوعين في مثل هذه الحرب وهما :-
الحرب الطائفية والحرب الوطنية ، فالحرب الطائفية تعتمد على المليشيات بالدرجة الأولى وقد تندفع بأتجاه الحرب الأهلية ، والمجال يكون واسعاً للتدخل والتصعيد من قبل الدول والأقاليم المحيطة بالعراق ، كما أن هناك خطط وإعلام يركز على الخلافات الطائفية لغرض الشحن المستمر بأتجاه إضعاف الموقف الوطني .
وتكون من نتائج الحرب الطائفية هو التقسيم ، أي تقسيم العراق حسب المناطق الجغرافية ، ومن نتائجها أيضاً إنتهاك لحقوق الإنسان كما سيتعرض السكان للتمييز الطائفي وبالتالي ستكون النتائج وخيمة . الحرب الوطنية : تتميز الحرب الوطنية بتظافر كل الجهود لأجل تحرير الأرض من المعتدين ويشترك فيها الجميع بغض النظر عن الإنتماء الطائفي والمذهبي والديني والقومي ويكون الجيش هو المُنفّذ الفعلي وقيادة كافة العمليات العسكرية .
فالجيش يمثل الوحدة الوطنية ويمثل الشعور والروح الوطنية التي لابد أن يمتلكها المقاتل .
والحرب الوطنية تؤدي بالنتيجة إلى توحيد البلاد .
ولكن مايطرح الآن مع بدأ العمليات والحملة العسكرية هو التقليل من هذا الجهد الكبيرللقوات المسلحة والتضحيات الكبيرة التي تقدمها من خلال نشر الإشاعات بأن الحملة العسكرية طائفية وأنها شيعية ضد السنة ، مستفيدين من الأخطاء التي ترتكبها المليشيات ، كما أن دائرة المليشيات تتسع من خلال تشكيل مجاميع جديدة ، والملاحظ مؤخراً قيام زعيم التيار الصدري ، مقتدى الصدر برفع التجميد عن سرايا السلام (جيش المهدي ) ودفعها نحو القتال وأعلن كذلك لوضع حد لكل مليشيا أخرى تسيئ للسكان المحليين.
هناك أحتمال كثرة المليشيات التي تكون خارج مسؤولية الجيش ربما تصطدم بعضها مع البعض الآخر ومن هذا سوف يستفيد العدو .
كما أننا نلاحظ التنافس بين الدولتين الجارتين تركيا وأيران على مصالحهما في العراق سوف يزيد من تدخلهما المباشر وغير المباشر ، وكذلك دول الخليج فالعراق يعني الجميع .
ولأجل أن تنجح الحملة لابدّ وضع ستراتيجية وطنية صحيحة وهي :-
الألتزام بقيادة الجبش العراقي الوطني للعمليات وضم جميع المليشيات تحت توجيهاته مهما يكون حجم المليشيا ، التأكيد أن الحرب مع الأرهاب هي حرب وطنية تشمل كل العراق ، التمسك بالوحدة الوطنية والعمل على المصالحة الوطنية ، التمسك بتنفيذ البرنامج الحكومي ومكافحة الفساد ، أغاثة النازحين وتوفير كل الخدمات لهم ،إعادة النازحين والمهجرين إلى مناطقهم المحررة ، الأهتمام بالتسليح والتدريب والأستفادة من دروس سقوط الموصل والمحافظات الأخرى ، محاكمة من كان مسؤول عن كارثة الموصل والمدن الأخرى .
حث قوى التحالف الدولي نحو دعم الحملة العسكرية بالطائرات والتشديد على أن معارك التحرير بدأت الآن وليس الأنتظار لسنوات .
التنسيق مع الدول العربية التي تحارب الأرهاب ، كما أن من مستلزمات نجاح الحملة جعل لها شعارات تتناسب مع توجهات الشعب العراقي الوطنية فمع كل الأحترام لشعار (لبيك يا رسول الله) يفترض أن يكون الشعار لكل العراقيين بأختلاف دياناتهم وقومياتهم وشعار( لبيك ياعراق )مناسب جداً ويدلل على الوحدة الوطنية .
أن تقوية الجبهة الداخلية من أهم مستلزمات الأنتصار ، توفير الأمن والأستقرار ، توفير الخدمات ومكافحة الفساد ، وزج منظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية في نشاط دعم جبهة القتال والجبهة الداخلية ولغرض المحافظة على وتيرة الإنتصارات والتمسك بالأرض لابدّ من الإلتزام بالوحدة الوطنية ومكافحة التوجهات الطائفية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الأمريكي يعلن إسقاط صاروخين باليستيين من اليمن استهدفا


.. وفا: قصف إسرائيلي مكثف على رفح ودير البلح ومخيم البريج والنص




.. حزب الله يقول إنه استهدف ثكنة إسرائيلية في الجولان بمسيرات


.. الحوثيون يعلنون تنفيذ 6 عمليات بالمسيرات والصواريخ والقوات ا




.. أمر أميري بتزكية الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح ولياً