الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشاعر الذي اقتحم بحر المعاني تعبيراً عن ذاته

أحمد البياتي

2015 / 3 / 11
الادب والفن


الشاعر الذي اقتحم بحر المعاني تعبيراً عن ذاته
قراءة : أحمد البياتي
فائز الحداد شاعر من طراز رفيع امتلك لغة شعرية فيها الشيء الكثير من السبك المحكم والصياغة الجيدة والعمق في المعنى والمدلول ، ففي مجموعته الشعرية ( غرانيق الأمس ) امتلك صفة التميز التي تفرد بها عن غيره ألا وهي حبه المتدفق للشعر ، كما احسسته شاعراً عاش الحرف وذاب في معانيه ، فليس من السهل ان اتحدث عن الشاعر والانسان ( فائز الحداد ) بإعتباره كائناً حياً عاش ضمن بيئة خاضعة لتأثيرات الظروف واعباء الحياة القاسية .
الحداد شاعر حالم متعطش الى الحرية بمفهومها الإنساني من خلال الفطرة والعاطفة والإحساس وهذا كان محفزاً له كي يبدع في قصائده ، شاعر أقتحم بحر المعاني تعبيراً عن ذاته وهو ماسجل له حضور في الساحة الشعرية ومنحه كثيراً من السمات لأنه صرخ بصوتٍ عالٍ من اعماقه تأكيداً على أن الحياة حقيقية وليست وهماً ، فالشعر عنده يمثل باقة من وردٍ وعطاءً وعبيراً فواحاً من زهور مختلفة الأشكال والألوان .
في مقطع من قصيدة ( مروية لزمن المكان ) ص 37 يقول :
لمن يجهلُ الحسابَ ، في جداولَ الوجوه
ويرّقنُ الرؤى في العيونِ..
أتلو اعترافَ الخبزِ من منبرِ الجوعْ
فريثما أترجّلُ عن صهوةِ الساعةِ..
ستسرُجُ النهاراتُ ليالى الصحارى
وأمضي في جفن ذاكرتي ..
ملوّحاً بالنساء !
شِعري مختبرُ المرايا ، وقدماي الزمانُ
أمنحُ العذريينَ غبارَ العذرِ ليمضوا ..
فلا عذراءَ سوى الأرضْ!؟.
استطاع أن يضمّن في أشعاره كثيراً من الصور والأخيلة ليكسبها روعة وجمالاً ويزيد قصائده قوة وتأثيراً، لذا جرى لسانه بالشعر فياضاً كدجلة والفرات ينسا بُ عذباً كحمائمه المحبوبة ، شعره فيه تطلّع واشتعالات الروح في جسده شكلت عنده أجواءً شعرية لكل قصيدة من قصائده في هذه المجموعة ، انه يجمع الى جزالة البيان رقة العاطفة ، كما وجدت في اكثر قصائده درراً منسقة وكأن صاحبها صائغ من أمهر الصائغين .
انه شاعر يزهو به الخيال في دولة الأحلام وذلك لإمتلاكه القدرة على لملمة الرؤى في عباراته الجميلة الهادفة وكلماته العميقة ، وفي أغلب قصائده اوصلنا الشاعر الى اللحظة الصادمة المثيرة للذهول .
في مقطع من قصيدة ( حين أغزل الماء !!) ص 87 يقول :
أتشّهدُ بعشرةِ أثقالٍ من أحاجي الذنوبِ
أحملُها دفقاً دفقاً ، بكلِّ أصابعِ الرأي .. وأسبّحُ !؟
ولي كرةٌ برئةِ النارِ .. تدحرجُني بريحِ الزفيرِ
رئةٌ .. تغصُّ بي وجعاً , فتزفُرني كشهقةِ بركانٍ
أتشّهدُ بعشرةٍ ثقالٍ ..
بأحدٍ لأحدٍ وأعترفُ :
أن المرأة كالثلجِ تكثّفُ الرجلَ دماءً ..
شكلت ابيات قصائده محطات ومتنفساً لإعادة الحياة من جديد الى النفوس التي بدأت تتخشب من اليأس والحرمان ، باحثاً عن البقاء المتجدد والمنبثق من رماد الحرائق المستعرة في نفسه البشرية ، شاعر شفاف نذر عمره للشعر وعالمه الرحب ، شاعر امتطى صهوة الشعر حتى ان شعره غير تقليدي ودائما مانراه يبحث عن المفردة الجميلة والكلمة الشفافة عندما ينفجر المكبوت تأخذ الذاكرة بالتجول في أروقة العقل ، هاربة من جدار الصمت معلنة عما كان مسكوتاً عنه في شتى الصور المختلفة وتبدأ الذاكرة بالتقاط صورها ، عائدة لذكريات تاريخها المنسي ومجسدة احساسها بجسد الكتابة عندما تبدأ القصائد الشعرية في تصوير الخلجات النفسية ، نرى بأن تلك الخلجات تمثل أصدق تعبير للمشاعر والأحاسيس وهي تجمع غضبها معلنة افتتاح علامات ( المكبوت ) على جسد الورقة التي تبدأ فضاءآتها الممتدة تتحسس كل شيء في هذه الحياة .
في مقطع من قصيدة ( عازف الحب ) ص 102 يقول :
كقلبِ الريحِ ، في تأثيثِ العاصفةِ
وكالبحرِ ، الواثقِ الغرقِ
شاكسني ، دمُها المحاورُ ..
وأبلغني فرمانَها الملكيّ :
بأنها الملاكُ الأوحدُ .. وسواها سرابيا !
وبأنَّ لها كلَّ مغانطِ الأناثِ ..
وفيروزاتِ ماتعني الحواري
وكلَّ ممالكِ النحلِ ، وإبرِ المغرياتِ !!
لكنَّ سحرَ جذبِها يرهبُني بأعينِ المرايا ..
فأخافُها !!
اللوحة الشعرية هي بحد ذاتها ذكريات مكبوتة تلملم بعضها صارخة بايحاءآتها المنسية ، انها ذات تتكلم ، لأنها توحي بلغة مكثفة للصمت الذي يفجر المعاني المخفية بما يثير المتلقي ويحرّك لغة انفعالاته وطاقاته التعبيرية ، فها هي الصور المختلفة التي يبثها في شعره باسلوبه الجميل وبخاصة عندما قرن عمق امغزى والمعنى بقوة عالية ، كان شعره حقيقيا ومكتنزاً للصور المعبرّة الجميلة ، أما فيما يخص الإسلوب والموضوع والصورة فكانت رومانسية واضحة وهذا ماأكتشفته من قراءتي لقصائده وهو يتغنى بأحلامه والآمه ، أغلب قصائده تجنح إلى إثارة التساؤلات العديدة عن العالم والإنسان والزمان والمكان ، مفصحاً عن يقين اللحظة التي عاناها واكتوى بلظاها ، معتصما بكبريائه لايستذل ولا تنحني هامته ، في شعره لمسة الروحانية المتصاعدة من نفسه الساعية للعثور على الحقيقة والإمساك بخيوطها ، باحثاً عن السعادة في عالمه الميت المفتقد للحرية ، المكبّل بالقيود ، ممسكاً بيقينه وخياله للبوح عن الجراح التي يحاول النأي عنها في عالم شابه التعثر .
في مقطع من قصيدة ( الحقيبة ... المرأة ) صؤ57 يقول :
أيها المهمومُ ..
بزعامةِ الكفّ ِ ، والشّهوةِ بدونِ فصولٍ
هذه فوضى عنابرِ القيحِ ..
وإرهابِ معالقِ النهمِ التتريّ
لتشهرَ نصلَ خفاياكَ ..
وترمحُ .. باشطرِ الحلوى لهزِيعكَ المجنونْ
فلن ينصهر الموتُ ، بكؤوسِ الرغبةِ ..
وأعاصيرُكَ الثكلى ، تسفّ بأسيافِ أراحيقَ النرجسِ !!؟
من خلال قصائد المجموعة أراد الشاعر أن يقول لنا أن أصل سعادة الإنسان تكمن في حسن إستخدامه للخيال في شعره المهموس ، كذلك لمست عمق الشجو بصوره العديدة في الرؤيا والإستلهام والنفاذ والإستحضار ، ففي فلسفته الشعرية توجد ذاتية وعمق أعطاه التميز والقراءة الرصينة في تكوين النمط الشعري للغته الشعرية العالية التي جسدها ، وكانت أغلب قصائده معبرّة عن واقع حال الشاعر وما كان يتصارع في ذاته من مشاعر وأحاسيس ، فهو يريد أن يوصل مافي نفسه الى الآخرين فله رسالته الشعرية المؤمن بها .
ومما تجدر الإشارة اليه ان الشاعر سبق وأن أصدر المجاميع الشعرية التالية :
القمر الغائب 1989 مشتركة.
قبعة الأفعى 2000 .
لاهوية لباب 2005 .
مدان في مدن 2011 .
روزالين 2012 .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بالدموع .. بنت ونيس الفنانة ريم أحمد تستقبل عزاء والدتها وأش


.. انهيار ريم أحمد بالدموع في عزاء والدتها بحضور عدد من الفنان




.. فيلم -شهر زي العسل- متهم بالإساءة للعادات والتقاليد في الكوي


.. فرحة للأطفال.. مبادرة شاب فلسطيني لعمل سينما في رفح




.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص