الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صيدلية الأمير بعد غياب أميرنا

وليد الشوملي

2015 / 3 / 12
القضية الفلسطينية


في العاشر من شهر آذار من العام 2015، فجعت مدينة بيت ساحور بوفاة، أو بالأحرى باستشهاد، المحامي المناضل صاحب القيم والأخلاق الحميدة، والابتسامة الدائمة "أمير ميخائيل سعد"، وهو في قمة عطائه.
لقد كان لغيابه المفاجئ بالغ الأسى في قلوب أبناء بلدته، الذين رأوا فيه صاحب الكلمة الحرة والمواقف الصلبة، وأصدقائه ومحبيه وكل من عرفه، من قريب أو بعيد، لما كان يتمتع به من خلق رفيع ومسؤولية عالية اتجاه بلدته، ووطنه ومهنته ورسالته المجتمعية.
ليس غريبًا أن تكون هذه خصال أمير وسماته؛ فقد نشأ وترعرع في كنف والديه أبي سمير وأم سمير اللذين ربيا أبناءهما على المثل والقيم، وعلى التضحية من أجل المجتمع والوطن، وعلى حب الناس وخدمتهم، وقد نجحا في نقل رسالة الانتماء والإباء هذه إلى أبنائهما لتصبح سمة من سماتهم، فحمل أمير تلك الرسالة، وتلك الأمانة؛ بكل رحابة صدر وطاف بها في مجتمعه وفي أرجاء الوطن كافة. فكان مناضلا بصمت، يتحلى بالهدوء والرزانة والخلق الرفيع، محافظًا على ابتسامة دائمة على محياه، لا نجدها إلا عند المناضلين الحقيقيين؛ الذين لا ينتظرون مكافأة من أحد، بل يبذلون الغالي والنفيس في خدمة مجتمعهم ووطنهم.
لقد غادرنا أمير تاركًا خلفه معلمًا يذكرنا به صباح مساء، إنها الصيدلية التي أسماها والده من فرط محبته له بـ "صيدلية الأمير". وهي لا تبعد عن منزلي سوى عشرات الأمتار، فما أصعب الأيام القادمة عندما أمر، جيئة وذهابا، أمامها في ظل غياب أميرها، بل أميرنا!
آهٍ يا آذار، لقد أصبحت شهر النحس في بلدتنا؛ فقبل أن تغيّب أميرنا ابن فتح، غيّبتَ مناضلا آخر من حزب الشعب الفلسطيني، إنه الدكتور خليل أنطون رشماوي، الذي لم يأل جهدا في خدمة بلدته ووطنه، من خلال موقعه الأكاديمي، أو من خلال موقعه في اتحاد شركات الباصات الفلسطينية، أو من خلال موقعه النضالي؛ حيث قضى في سجون الاحتلال فترة طويلة من الزمن مدافعا عن قضيتنا الوطنية العادلة.
كما غيّبت، قبل نحو أربعة عقود، والدي المرحوم الشاعر أنطون يوسف الشوملي. فهل أصبحت يا آذار الشهر المغيِّب لرجالات بيت ساحور! كفاك اختطافا وتغييبا.. كفاك تعذيبا للواعج القلوب، وحرقة للأكباد، وتقريحًا للجفون وتفريقًا للخلان.. نناشدك أن تعود إلى سابق عهدك؛ شهرًا للربيع والزهور والأمل والمطر.
في هذا المصاب الجلل، نعزي أنفسنا بفقدان أمير، ونسأل الله أن يلهم والديه وزوجته وكريمته وأسرته وذويه وأحبته الصبر والسلوان، ويطيب لي أن استشهد ببيت الشعر الذي اخترته من نظم المرحوم والدي، إذ يقول:
ما كلُّ إنسانٍ يُعد بواحدٍ الألف أحيانا بلا حسبانِ
فنم هانئا يا أمير، يا ألف واحدٍ، بعطر سيرتك في الجنان، فقد كنت أميراً في حياتك، وأميراً في موتك. وستبقى أميراً في قلوبنا إلى الأبد.
د. وليد الشوملي
فلسطين، بيت ساحور (11 آذار، 2015)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حيوان راكون يقتحم ملعب كرة قدم أثناء مباراة قبل أن يتم الإمس


.. قتلى ومصابون وخسائر مادية في يوم حافل بالتصعيد بين إسرائيل و




.. عاجل | أولى شحنات المساعدات تتجه نحو شاطئ غزة عبر الرصيف الع


.. محاولة اغتيال ناشط ا?يطالي يدعم غزة




.. مراسل الجزيرة يرصد آخر التطورات الميدانية في قطاع غزة