الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حقيقة المواجهة مع المشروع الصهيوني

عماد صلاح الدين

2015 / 3 / 12
القضية الفلسطينية



في هذا السياق، أرى واجب التذكير بالحقائق الوجودية والإنسانية التالية:
1- الله سبحانه وتعالى، هو خالق جميع الناس، منذ ادم وحواء إلى قيام الساعة.
2- الخطاب الإلهي من قديم، وحتى الرسالة الخاتمة، تدعو البشر جميعا، للتسليم بالخالق الواحد الأحد(عقيدة التوحيد).
3- الشرائع والمناهج، لم تكن واحدة، ولن تكون.( ولو شاء ربك لجعل الناس امة واحدة )،( ولكل جعلنا شرعة ومنهاجا) قرآن كريم.
ينبني على عقيدة التوحيد منظومة أخلاقية عالمية، يجري تطبيقها، والتعامل معها، بحسب البيئات والثقافات والموروثات الدينية الموجودة عبر القرون، في إطار التعددية الطبيعية، التي يحكمها مبدآ الاختلاف والتنوع الإنساني.
إن المجتمعات الإنسانية بعمومها، تدخل في علاقات مع بعضها البعض، في إطار من التبادلية في غير مجال، في الأمن، والاقتصاد، والاجتماع، كما هو الحال في العلاقات البينية في المجتمع نفسه، بحسب منظومة من الحقوق والواجبات المتكاملة. وفي الحالة المعاصرة، وحسب التجربة السائدة، وأيا كان تقييمنا وموقفنا منها ومن مرجعياتها، فان ميثاق الأمم المتحدة وغيرها من المواثيق والاتفاقات الدولية، تنظم العلاقة الأولى - المشار إليها أعلاه- في أوقات السلم والحرب، من خلال القانون الدولي، المشتمل على قانون حقوق الإنسان، والقانون الإنساني الدولي (قانون الحرب).
والحالة الثانية أعلاه، كما هو معروف، تنظمها دساتير الدول المختلفة في الوقت المعاصر والحديث. والمعنى من كل ما سبقت الإشارة إليه، أن أي اعتداء أو إخلال أو تعد على العلاقات البينية المجتمعية، أو ما بين المجتمعات والمجتمعات، وما بين الدول في نهاية المطاف، نكون عندها، أمام حالة أو حالات من الاعتداء الإنساني، والظلم، المفترض أن يكون مرفوضا بحسب الطبيعة والتشريعات، بل والاتفاقيات في سياقاتها النظرية والتدوينية على الأقل. هذا، وبغض النظر، عن نوع، وحجم الظلم والجريمة والاعتداء، كحالة مبدئية عامة .
وبالخصوص، في مسألة أو قضية الصراع العربي الفلسطيني، فمعروف تاريخيا وواقعي،ا أن الشعب الفلسطيني، قد تعرض لجريمتين إنسانيتين كبريين في آن واحد، وهي لجريمة الاحتلال بالمعنى التقليدي للكلمة، ولجريمة الإحلال والترانسفير النفيي والابادي عن أرضه، حتى أصبحت هذه الأرض، تخضع لتسميات، درجت في عالم السياسة والإعلام الدولي؛ بين أراض محتلة عام 1948، وأراض محتلة عام 1967، وحتى إلى مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية بحسب أوسلو 1993، و1995. ودون مبالغة، وبفعل تعقيدات الأمور السياسية والميدانية العلائقية المختلفة بين الفلسطينيين من جهة، وما بين كل طرف بعينه مع الاحتلال الإسرائيلي؛ كعلاقة حماس بإسرائيل المقاومة لها، وعلاقة السلطة ومنظمة التحرير وفتح مع إسرائيل المفاوضة معها، أصبح عالم السياسة والعلاقات الدولية، يكاد يتحدث، عن الشعب الغزاوي الفلسطيني، والضفاوي الفلسطيني، من جهة أخرى. كما هو الحال، ومنذ عقود عديدة، في إطلاق تسمية عرب إسرائيل، على جزء من الشعب الفلسطيني، الموجود في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948.
وحالة الاحتلال والإحلال الصهيوني، مرتبطة في الفهم الفكري والسياسي السليم والأخلاقي، بالفكر والممارسة الاستعمارية الغربية، (الاستعمار الكولونيالي الغربي)، الذي استخدم كثيرا من الأساطير والديباجات الدينية الزائفة، وفي جزء منها المتوهمة، لتبرير استعماره واحتلاله، وطرده ونهبه، لثروات ومقدرات الشعوب والأمم الإنسانية الأخرى، بل وفي محو مجتمعات بأكملها من الوجود، والى الأبد، كما حصل مع السكان الأصليين في الأمريكيتين، أو في استراليا ونيوزيلندة وغيرها، لتحقيق التراكم الرأسمالي الامبريالي، للدول والإمبراطوريات الغربية الاستعمارية الاستيطانية.
وهذا، المشار إليه سابقا، تم تطبيقه وتجريبه في المنطقة العربية والإسلامية، من خلال الجغرافيا والسكان الفلسطينيين في فلسطين، بحكم موقعها وأهميتها الإستراتيجية المعروفة، لتقسيم المنطقة العربية. وقد تم ذلك، من خلال اتفاقية سيكس بيكو المشهورة لسنة 1916، وبالتالي إحداث العاهة المستديمة في جسم المنطقة والأمة العربية الإسلامية، من خلال زرع الكيان الصهيوني في فلسطين، وقد تم ذلك عبر وعد بلفور لسنة 1917. واستخدم الاستعمار الغربي، وفي المقدم منه، بريطانيا الإمبراطورية - في حينه- الديباجات الدينية البروتستانتية، وبشكل مبكر في القرنين السادس عشر والسابع عشر، حول عودة اليهود إلى ارض الميعاد، وتحقيق الخرافة النبوية الألفية الجديدة، بعودة المسيح أو الماشيح، كيفما اتفق.

وهي حالة، من اصطناع عقيدة زائفة ومزورة (أسطورة وخرافة)، لتحقيق أهداف سياسية واقتصادية واجتماعية، على مستوى العالم والمنطقة الأوروبية، وتاليا في الولايات المتحدة الأمريكية، من خلال العدوان والظلم والتعدي على حقوق البشر في المجتمعات المستهدفة. ويستند كل ذلك، على موروث الرد الحاد على ظلم الكنيسة الأوروبية الحاد أيضا (باعتبارها ممثلة الدين )، وما كانت تمثله الكنيسة، من استهداف للنخب العقلية الفكرية والعلمية، و لعموم الناس، بابتداع أو استخدام أساطير وخرافات دينية موغلة في القدم، كتبها ودونها – تاريخيا- حاخامات اليهود (الجماعات اليهودية)،وما يعرف بالصورة التلمودية المشوهة (كتاب التفسير الفقهي الشفوي أو التوراة الشفوية)، والتي تتأسس في طبعتها النهائية الجامعة، لخلاصة الموجود في طبقاتها الجيولوجية المتجاورة مع بعضها البعض، من توحيدية، ووثنية حلولية، واثنيه عرقية، وغيرها، عبر أجيال من القرون الألفية، تتأسس من جديد، على المعتقدية الأحادية المادية التمييزية واللاانسانية في النهاية وفي التجربة الإنسانية، والتي نشاهدها اليوم، في تجليات الاستهلاكية، والعولمة، والانتهازية، والكيلية بمكيالين، في التعامل الإنساني والدولي.
وهذه الأحادية المادية الحلولية، التي اختزلت الإله الأحد بالقوانين الطبيعية، وبمرجعية ثقافة الشيء، هي من تبرر الإبادة والترانسفير النقلي من مكان إلى مكان في العالم، والترانسفير النهائي والأخير من الدار الدنيا إلى الآخرة،( انظر مثال الحالة المعاصرة، في ترانسفير فض تجمعات المتظاهرين المصريين، في رابعة العدوية والنهضة، في تموز وآب من عام 2013، وفي العادة، يقوم بمهمة الترانسفير الجماعات الاستيطانية والاستعمارية، بما فيها الدول الاستعمارية، وكذلك الجماعات الوظيفية الاستيطانية العسكرية القتالية، كما هو الحال مع الجماعات الصهيونية قبل عام 1948، ومع دولة المشروع الصهيوني إسرائيل، القائمة بحكم الأمر الواقع، حاليا في فلسطين المحتلة. وكذلك يقوم بها جماعات النخب والنظم السياسية والعسكرية، وبعض المثقفين الداعمين في النظم العربية الرسمية، والتي تعتبر جماعات وظيفية، تعد انعكاسا للفكر والممارسة الاستعمارية الغربية)
لقد توجت الحضارة الغربية الاستعمارية، وفي سياق التأصيل النظري والفكري الفلسفي، لبنية حضارتها، على أساس الغاية تبرر الوسيلة، كما نظر لذلك وألف مكيافيللي حيث البقاء للأقوى والأصلح وكما هي نظرية داروين ونتشه وغيرهما، مع إعلان انتفاء وجود، وبل ووفاة الإله، في صورة المشهد الكلي، لما بعد نهاية التاريخ، وعصر ما بعد الحداثة الغربية.
إنها معادلة تدافع الحق، ومواجهته للباطل الإنساني، ضمن دوائر المواجهة التاريخية، بغض النظر عن الدين، أو المعتقد، أو العرق، أو الجنس، أو غيرها. وهي مسألة الحق المطلوب دائما، بطبيعة البشر السوية، والظلم المرفوض، بطبيعة الإنسان، وحتى منطق الأشياء، وسيرها.
وعلى هذا، وفي سياق التدافع والصراع والمواجهة مع المشروع الصهيوني، ودولته إسرائيل، ومع عموم المشروع الاستعماري الغربي والأمريكي، في المنطقة العربية، وبالتوسعة في المنطقة الإسلامية عموما، وفلسطين خصوصا، ينبغي توضيح ما يلي:
1- إننا نتعامل مع جماعات يهودية، تم إحضارها إما بالترغيب أو الترهيب، أو ما بينهما إلى فلسطين، سواء من شرق أوروبا، أو غربها أو من إفريقيا،(أثيوبيا مثلا) أو العالم العربي، أو من غيرها. وهؤلاء كانوا مواطنين يعيشون في تلك البلاد، وبغض النظر عن ظروفهم الإنسانية والمعيشية
2- إن قطاعا عريضا من هؤلاء الجماعات اليهودية، لا يدركون حقيقة الصراع العربي الإسرائيلي، وهناك أجيال ولدت وعاشت في فلسطين، وان هناك غسل عقلي وذهني نفسي شامل، وفق برامج في الثقافة الاساطيرية والتزويرية، وباسم التدبيج الديني المشوه وتقديماته وتبريراته، للجماعات اليهودية أعلاه، بحيث تشكلت أجيال يهودية إسرائيلية عليها، تماما كما هو الحال، في محاولات الصهيونية وحلفائها الغربيين والأمريكيين البرامجية، وعبر هيئات الأمم المتحدة والوكالات الدولية المتخصصة، لأجل سلخ الفلسطينيين عن وطنهم وأرضهم بالترغيب والترهيب.
3- لا مشكلة للفلسطينيين مع الجماعات اليهودية الاستيطانية، وكذلك مع غير اليهود منهم والذين تم إحضارهم وجلبهم إلى فلسطين، من ناحية الديانة، أو العرق، أو الجنس، ولا بخصوص من أين جاءوا، وكيف عاشوا قبل مجيئهم إلى فلسطين، ولا مع الأجيال التي ولدت وعاشت هنا في فلسطين أو ما يعرف بيهود الصابرا.
4- الصراع يكون قويا ومحتدما، وبكافة الطرق والوسائل مع البنية التكوينية للمشروع الصهيوني، ومع موجديها من أهل الغرب، وداعميها وراعيها من الأمريكيين، سواء بالكفاح المسلح، أو بالحوار الإنساني إن لزم في الإعلام وفي التثقيف أو في السياسة. وان جوهر المشكلة مع هؤلاء هو الاحتلال، وما ألحقه من جرائم كبرى بحق الشعب الفلسطيني والأمة العربية، وحتى ما ألحقه بأنظمتها السياسية من أضرار وخسائر فادحة، بغض النظر عن موقف شعوبها منها.
5- أن مطلب الفلسطينيين، هو جميع حقوقهم على جميع ارض فلسطين، ويشمل ذلك حق العودة وتقرير المصير لهم جميعا، سواء الذين هم داخل فلسطين أو من هم في الشتات العربي والدولي
6- الفلسطينيون لا يريدون إلقاء احد في البحر أو من الجو، وعلى هذا، ولان الصراع والمواجهة، هي مع المشروع الصهيوني وإسرائيل العنصرية، فان الشعب الفلسطيني على استعداد وقناعة، وتقريرا لما هو قائم من أوضاع إنسانية أو مستقبلية بقبول تقرير المصير لكل إسرائيلي، يرغب في العيش إلى الجوار مع الفلسطينيين العرب المسلمين والمسيحيين، في إطار دولة تتحقق فيها العدالة والمساواة، وتداول السلطة سلميا، وضمن مرجعية تحفظ للفلسطينيين هويتهم العربية والإسلامية، مع اخذ الاعتبار لكل خصوصية يهودية، في التراث والثقافة والممارسة.
7- أخيرا أن المشروع الصهيوني، هو عدو الجميع؛ الفلسطينيين والإسرائيليين العاديين، من الجماعات اليهودية وغير اليهودية. ولقد ثبت، وبالتجربة، خلال مسيرة عقودية طويلة، من الصراع مع إسرائيل ومشروعها الصهيوني، وتحديدا في الحرب الأخيرة على غزة في عام 2014، أن فلسطين غير آمنه للجماعات اليهودية المجمعة والمهجرة من بلدانها الأصلية في العالم، وقد صارت المكان الوحيد والأخير غير الأمن بالنسبة لهم، بسبب هذا المشروع الإسرائيلي الصهيوني، الذي يريد قتل الآخر ونفيه من الوجود. وهذه بشهادة المستويات الأمنية والسياسية الإستراتيجية في الكيان الإسرائيلي نفسه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انشقاق في صفوف اليمين التقليدي بفرنسا.. لمن سيصوت أنصاره في


.. كأس أمم أوروبا: إنكلترا تفوز بصعوبة على صربيا بهدف وحيد سجله




.. رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو يحل حكومة الحرب


.. الحوثيون يعلنون استهداف سفينتين ومدمرة أمريكية في عملية جديد




.. حجاج بيت الله الحرام يستقبلون اليوم أول أيام التشريق وثاني أ