الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طقوس السلطة و أبعادها

حميد المصباحي

2015 / 3 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


لكل سلطة طقوسها الخاصة بها منذ القدم,فقد عرف عن ملوك العالم القديم,تنظيم مواجهات دموية,يحاكي بها المقاتلون المعارك التي خاضتها الإمبراطوريات ضد الخصوم والأعداء,حيث يحارب العبيد باعتبارهم متوحشين مواجهات تنتهي في الغالب بموتهم جميعا,وقبل ذلك يحيون الحاكم,تحية من سوف يقتلون على عتبات مجده,وهم مزهوون باالقتل أمام عيون الحاكم,كما تقام صراعات بين بطلين,يطلب المنتصر منهما الإذن من الحاكم بقتل خصمه أو تركه حيا,فيوافق الحاكم بإشارة منه بالقتل أو تحرير المنهزم أمام جمهور متعطش للقتل,منبهر بسلطة الحاكم وجبرونه,وهو طقس الغاية منه,خلق رهبة في قلوب الشعوب من حكامها,كأسلوب لإخافة المحكومين من الحاكمين,وقد تتخذ الطقوس بعدا رمزيا مع تطور الحضارات الإنسانية,لذلك,كات الطقوس,تعبيرا رمزيا عن القوة,لكن بعد الثورات,و أقدمها تلك التي حدثت أيام الرومان و قادها اسبارطاكوز,صارت السلطة تحاول التماهي مع الشعوب,و التقرب منها,و اعتبارها دليل خلودها,و شرط وجودها,فظهرت الأسر المقدسة,تلك التي تم تقديسها لتعيش مفارقة للوجود البشري,حتى تحافظ على تعاليها و سموها,عن الطبيعة الزائلة و البشرية,فما هي غايات الطقوس في الممارسة السياسية التي تختارها الدولة؟ما هي التطورات التي عرفتها؟و هل تستطيع التقاليد الحديثة للسلطة السياسية القضاء عليها,أم أنها ابتدعت طقوسا أخرى أسمتها ابروتوكولات؟
1طقوس الدم
تلك البشاعات التي بها سيج الحكام وجودهم,بحيث بالغوا في تصفية المحكومين,لدرجة أن الرجل إن مر بجانب حاكم,و وصل إلى بيته سالما,عليه أن يقدم قرابين النجاة للكهنة حمدا على سلامته,و شكرا للآلهة,التي لم تكن متمايزة عن الحاكمين,بل كانت هي صدى لهم,كما هم استمرار لوجودها,فقد كانت طقوس الحكم في الأنظمة القديمة,تستهين بحياة المحكومين,لدرجة المطالبة بدمائهم عندما يغضبونها,أو يتطاولون عليها بالنظر في وجوهها أثناء مرور مواكبهم في الممرات المؤدية للسكن الإمبراطوري العظيم,تلك كانت آليات لضمان الحكم و الخضوع بإثارة الرعب في نفوس المجتمعات,التي قبل أهلها بتلك الممارسات حماية لهم,لكن من المؤكد أن هناك طغمة مستفيدة من هذه السطوة,و هم الكهنة و المنتمون للأسر الحاكمة.
2_طقوس السحر
كانت الممارسات الغامضة,تلك التي تدعي تملك المعرفة بالماضي و المستقبل,تنتمي لطقوس سحرية,كان الحكام مستدمجين لها في ممارستهم للسيطرة على المجتمعات التي كانوا يحكمونها,بحيث كانت السلطة مشخصة في الحاكم الإلاه,الذي له زبانيته من السحرة,الذين يبلغونه بما ينبغي فعله ليبدو متحكما في مصير المحكومين,فهو سبيل خلاصهم الأبدي,بما له من خوارق منسوبة له,بما فيها حتى بعض الظواهر الطبيعة,التي لم تسمح علوم تلك العصور بتفسيرها و فهمها.
3طقوس السر
غالبا ما لجأت النظم القديمة,لدس سر وجودها في أماكن السيادة,أو العبادة حفظا لها من التلاشي و الضياع,برمزية السيف الموروث أو الكتاب,بما هي آثار دالة على أحقية الحاكم في الحكم,و كل كشف عن هذه الأسرارويعني الموت و القتل و التصفية,و دليل الإستحقاق هو الحفاظ على قدسية السر,وبذلك احتلت أمكنة البوح قداسة,و فرضت طقوسا خاصة بالحكام,مشيا و أصواتا و إشارات تحيل زمنيا على وقت الحدث أو مكانيا,بتمثيل صور المكان,كما رسمتها المخيلة الطقوسية.
4طقوس السياسة اليوم
من الملاحظ أنها صارت عبارة عن ابروتوكولات عامة,تحافظ على الأمجاد القديمة,باللباس الإمبراطوري و حتى الموسيقى الحربية للدول التي كان لها ماضي إمبراطوري عتيق,يتم تذكير الحضور بها,للإيحاء بقوة المشترك تاريخيا و حضاريا,لكن هموما بدأت مثل هذه الطقوس تتراجع,إلا في الدول المتخلفة,تلك التي لن تنخرط بعد كليا في الوعي الديمقراطي و الثقافي ,لاعتبار السلة و الحكم ,وظيفة,لها غاية سياسية,و ليست في ذاتها أية ابعاد تفاضلية أو تمييزية.
حميد المصباحي كاتب روائي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تشاد: فوز رئيس المجلس العسكري محمد ديبي إتنو بالانتخابات الر


.. قطاع غزة: محادثات الهدنة تنتهي دون اتفاق بين إسرائيل وحركة




.. مظاهرة في سوريا تساند الشعب الفلسطيني في مقاومته ضد إسرائيل


.. أم فلسطينية تودع بمرارة ابنها الذي استشهد جراء قصف إسرائيلي




.. مظاهرة أمام وزارة الدفاع الإسرائيلية بتل أبيب للمطالبة بصفقة