الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دور الدعم النفسي للمعنفات في معاودة الاندماج بالمجتمع:

ماري اسكندر عيسى
(Mary Iskander Isaa)

2015 / 3 / 12
ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة


كانت وماتزال المرأة عبر التاريخ ضحية الصراعات والحروب والنزاعات، وهي ضحية مجتمعها حين يغض الطرف عن مأساتها ويتركها لقدرها ومصيرها..ورغم انها رفيقة الرجل في الحرب والسلم، لكن سرعان ما ينسى ذلك المجتمع ويعود ليحاسبها على ضعفها حين تقسو الظروف عليها، وتقع فريسة الاستغلال والظلم والعنف. لكن المجتمع اليوم ونحن في زمن العلم والتطور مطالب أكثر من أي وقت مضى أن يأخذ بيد نصفه الثاني وهو نسائه اللواتي تعرضن للعنف في هذه الظروف القاسية ظروف الحرب، ويحاول معهن مساعدتهن على النهوض مجددا لاستعادة عافيتهن الجسدية والنفسية والبدء من جديد....

الايزيديات في العراق الاكثر تعرضاً للعنف:
تعرض مسيحو الموصل والمناطق المجاورة للتهجير والتهديد من قبل داعش، فخرجوا دون اموالهم ، يطلبون النجاة من الموت..ليأتي دور الايزيديين الذين تعرضوا بشكل أفظع للترهيب والتهجير والخطف والعنف والتجويع والاسر من قبل داعش حين سيطر هذا التنظيم المتطرف على قضاء سنجار غربي الموصل في 3-اب -2014 ، وأسر 5000شخص منهم (3000 -4000)امراة أخذهن داعش كسبايا وراح يتاجر بهن في سوق الرقيق، ووصل بهن إلى سوريا والسعودية بمبالغ تتراوح بين (100-1000 ) دولار حسب درجة جمال المرأة وعمرها، وقد اصدر هذا التنظيم المتطرف وثيقة باسعار بيع النساء، ووزعهن على أمراء ومقاتلي التنظيم كسبايا حرب حسب ما اقر التنظيم في الاصدار الرابع من مجلة دابق التي يصدرها باللغة الانكليزية.
وهذا انتهاك واضح لانسانية المرأة ولكل قوانين حقوق الانسان، ويبرر التنظيم ان استعباد "الكفار" -حيث يعتبر التنظيم الايزيديين والمسيحيين كفارا -وسبي نسائهم جانب راسخ من الشريعة الاسلامية معيدا بذلك زمن العبودية..في حين نفى أكثر من مرجع ديني صحة ذلك. واكد قاضي القضاة السابق في الديار المقدسة تيسير التميمي لراديو سوا أن الدين الاسلامي الحنيف أنهى ومنذ قرون زمن العبودية والرق، واعتبر العبودية وسبي النساء مساساً بالكرامة الانسانية وانتهاكا لحقوق الانسان.

العائدات من يد داعش:
ذكرت سوزان سفر مسؤولة تجمع ماك "الام" للدفاع عن المرأة الايزيدية:ان هناك حوالي 700 فتاة ومرأة نجت من يد داعش حتى هذا الشهر الثالث ، وهن بحالة سيئة جداً، يشعرن بالحزن والاحباط والذل وتعاني اكثريتهن من الانهيار النفسي. وتضيف سوزان:انهم بحاجة لمساندة ومساعدة ودعم وهي لا توفر وسيلة الا وتطالب لهن بالدعم. ولعل آخرها ما قام به مركز لالش الثقافي التابع للايزيدين بعيد المرأة الذي يصادف 8 آذار حيث أقام حفلا بسيطاً تم توزيع مبلغاً بسيطاً من متبرعين لم يذكروا أسمائهم لحوالي خمسين ناجية من داعش، وووزع لهن كهدية عودتهن بالسلامة..وتضيف : ومع ذلك هذا لا يكفي ومازال هناك عدد كبير منهن ينتظرن أي مساندة من قبل المؤسسات الحكومية، أو المجتمع..

ضرورة الدعم النفسي :
ما يجب الوقوف عنده ضرورة تأمين شروط الحياة الكريمة والدعم النفسي للمحررات من داعش فهن في حالة نفسية سيئة، كما هو باد للعيان لكل من يتسنى له الالتقاء ببعضهن،ولا يكفي تأمين خيم يلجأن لها، بل لابد من تقديم كل معونة لهن للخروج من أزمتهن والعودة لمتابعة الحياة بشكل طبيعي، كي لا يلجأن للانتحار حيث سجلت بعض حالات الانتحار في صفوفهن، كرد فعل لهن على واقعهن المأساوي وعدم تقبلهن له. عدا عن حالة انتحار أم مريضة لتترك ابنها ينجو بنفسه، روتها لي إحدى الناجيات وهي ان امرأة عجوز رمت بنفسها من على الجبل وهي تهرب مع ابنها من داعش في جبل سنجار كي تريح ابنها من عبء حملها، ولا تكون ثقلا عليه، وخصوصا انه كان قد اجرى عملا جراحيا في ظهره قبل ايام من دخول داعش.
ولا شك أن العالم كله والمنظمات الانسانية والحكومية العراقية وحكومة الاقليم مسؤولين عن تقديم كل العون لتخليص النساء من ايدي داعش، وتقديم العون لهن. وقد سبق للنائبة الايزيدية عن التحالف الكردستاني فيان الدخيل التي فازت بجائزة أنا بوليتكوفسكايا السنوية للمرأة في مناطق الصراع لعام 2014، ان طالبت بحماية الايزيديين واللاجئين والمحاصرين في البلدات والقرى التي يسيطر عليها تنظيم داعش، وأصرت على ضرورة معرفة مصير الايزيديات المخطوفات، كما طالبت بفتح باب الهجرة لكل المتضررين.
وقدمت مؤسسة المانية عرضا يتضمن استعدادها لاستقبال عدد من الناجيات

أهمية دورات الدعم النفسي العلمية:
لا شك أن أول خطوة يتوجب على المجتمع أن يقوم بها تجاه الناجيات هي تقديم الدعم النفسي والصحي، لذلك تأتي اهمية الدورات في هذا الجانب بأنها تعمل على ايجاد التوافق النفسي لكل من تعرض للعنف، من خلال العمل على تعديل السلوك وتقبل جو البيئة الطبيعية والاجتماعية الجديدة ، التي فرضت علىهن، لتزيد المناعة النفسية ، ضد الانهيار النفسي من جراء أعباء ، ومتطلبات البيئة الجديدة.

دورة للدعم النفسي في مخيم شارية:
إيمانا بضرورة وقوف المجتمع مع الفتيات الناجيات من قبضة تنظيم الدولة الاسلامية "داعش" وضرورة تقديم الدعم لهن بكل اشكاله المادية والمعنوية أقامت منظمة EMMA لتنمية الموارد البشرية وبالتنسيق مع منظمة "ماك-الأم" للمرأة الايزيدية العراقية خلال يومي 6-7 من آذار الجاري 2015 دورة بعنوان "الدعم النفسي والتوعية الصحية" في مخيم شارية البعيد حوالي 20 كم غرب الدهوك..
اجتمعت في اليوم الاول المدربة الاخصائية في الدعم النفسي كرمل عقيل في جلسة مفتوحة بالمشاركات في حديقة فرقة شارية للفنون الشعبية لعدة ساعات وحاولت حث المشاركات على التحدث والخروج من عزلتهن والتكلم عن معاناتهن ورحلة تهجيرهن من بيوتهن حتى عدن الى الدهوك في اقليم كوردستان ووصلن لشارية "منطقة تجمع الايزيديين"هاربات من داعش أو بعد دفع مبالغ لخاطفيهن مقابل الافراج عنهن..
بدأت عقيل حديثها :"في أننا في حالة حرب وبالحرب ممكن ان نتعرض جميعا للسوء، ولا يمكن التكهن ومعرفة ماسيحدث بالمستقبل، وشبهت الحرب بالحريق الذي يأتي على الجميع من دون ان يستطيع احد ايقافه".
وأضافت:" أنتن لستن الوحيدات في العالم اللواتي تعرضن للعنف، هناك حالات يوميا نسمع بها في كل العالم، ,وتنتهي بالموت أحيانا، انتن محظوظات فقد كتب لكنّ عمرا جديدا وحياة جديدة".
في اليوم الثاني تحدث الناشط المدني نسيم صادق عن ضرورة العناية الصحية والاهتمام بالامراض التي قد تنجم عن الظروف السيئة للحياة في المخيمات، ولا سيما الامراض الجلدية، إذ تبين تعرض بعضهن لأمراض جلدية نتيجة الاهمال الصحي وحروق في وجوهن نتيجة استخدام الماء المختلط بالكاز لغسيل وجوههن كما روت إحداهن كإحدى الطرق التي عذبهن بها داعش، ودعاهم لضرورة المطالبة المستمرة من المنظمات والحكومات بتأمين كل مايلزم من أجل حياة صحية سليمة.
ردات فعل المشاركات الناجيات من داعش:
الطريقة التي اتبعتها المدربة كرمل عقيل كانت فعالة ومجدية إذا سرعان ما امتلكت المشاركات الشجاعة وبدأن يتحدثن عن تجربتهن وألمهن، واعتقد أن ذلك يعتبر إنجازاً يسجل لصالح المدربة والمشاركات كمرحلة أولى. وقد اقتنعت المشاركات بضرورة توجه كل واحدة منهن للعمل باي مهنة مناسبة حالما تتوفر لها الظروف كي تستعيد ثقتها بالحياة وبنفسها وأن تكون كل واحدة منهن مصدر قوة لها ولكل من حولها..ولضرورة تحدي الظروف بقوة الارادة والتصميم ..
تماما كما استجبن لما قدمه الناشط نسيم صادق من تمارين صحية واستطاع ان يعزز ثقتهن بانفسهن، ويرسم الابتسامة على وجوههن.
الهدايا العينية
كان للهدايا العينية البسيطة أثرا طيبا في نفوس المشاركات والتي وزعتها في نهاية الدورة كل من السيدة فكتوريا يلدا منسقة منظمة EMMA ، والسيدة سوزان سفر مسؤولة جمعية ماك ، والناشطة السورية ماري اسكندر عيسى ، والاستاذ نسيم صادق وهي تقدمة إحدى الكنائس المسيحية والمنظات الانسانية المحلية في دهوك.
خطوات للمستقبل:
وعدت السيدة فكتوريا يلدا وبدعم من منظمتها "EMMA" بإنشاء ورشات خياطة لتشغيل أكبر عدد من الفتيات وهذا مابث الكثير من الامل في نفوسهن. فهذا من شأنه أن يساهم في إعادة اندماجهن بالمجتمع واستعادة ثقتهن بانفسهن، حين يشعرن بانهن فتيات قادرات على العطاء من جديد .كما وعد القيّمون على هذه الدورة بتكرارها بحيث تشمل اكبر عدد من الناجيات من داعش أكبر عدو للانسانية عرفته سوريا والعراق في هذا الوقت..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أصوات من غزة| ارتفاع نسب الإجهاض لدى النساء الحوامل جراء الح


.. القاضية، أنيسة تريشيلي




.. أميمة مهدي، عضوة الهيئة المديرة بالمنتدى التونسي للحقوق الاق


.. القاضيات ضحايا الإعفاءات تشويه وتنكيل يطالهن




.. أغنية كل الناس