الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البعد الفهمي للمخاطر الارهابية و ضرورة الحكامة الشمولية

محمد البكوري

2015 / 3 / 13
الارهاب, الحرب والسلام


تعددت اسباب فهم مسالة المخاطر و استفاض حولها النقاش وكثرت بخصوصها زوايا النظر . وهي الامور التي تجد تفسيرها اولا ، في كون دراسة المخاطر اضحت علما قائم البنيان ،متعدد المستويات science pluridisciplinaire يسبر الاغوار العميقة لشتى تخصصات العلوم الاجتماعية والسياسية و الاقتصادية و الاستراتيجية ،كما يمتح منها مختلف الاليات المنهجية التي يتوسل بها في تحليلاته ودراساته المتعلقة اساسا بمفهوم "المخاطرة" ، ثم ثانيا بالنظر الى التصنيفات المتنوعة و التيبولوجيات المتشعبة المرتبطة بالمخاطر :السياسية ،الاقتصادية ، البيئية ،الطبيعية ، الامنية ...والتي تحتم على كل نوع من هذه المخاطر البحث عن النمط الخاص للتعامل معه ، ثم ثالثا و اخيرا لاعتبار هذا التعامل المنتظر اثناء التفكير في مجابهة المخاطر المحدقة يستلزم بالضرورة طرح جوانب "فهمية" متعددة كمدخلات لايجاد الصيغ التدبيرية الناجعة كمخرجات على مستوى اية مخاطرة من المخاطر المحتملة .وعموما يشكل البعد الفهمي لمسالة المخاطر بعدا تفسيريا /تاويليا ، يعتمد بالاساس على الاليات المنهجية الدقيقة و المقاربات العلمية الرصينة لتثبيت نموذج محوكم في التعامل مع المخاطر قبل و اثناء و بعد حدوثها ، وهو ما يستلزم من الدارسين لموضوع "المخاطر"ترك مسافات معينة بينهم و بين الاحكام الجاهزة و الاراء المسبقة، بحكم ان البعد الفهمي للمخاطر يجب ان يظل في سياق المعرفة العلمية المحايدة و المكرسة لانماط التفكير الموضوعي . ان هذا البعد ووفق هذه المنطلقات يتكرس اكثر حين دراستا لمسالة المخاطر الارهابية التي تعد الوجه الاعنف و الابشع للمخاطر الامنية ،و التي تنبثق في الوقت الراهن كمخاطر متطورة ،متحركة ،متحولة ، عابرة للقارات و الاوطان ،منغرسة في كيانات الافراد و الجماعات ومهددة للوجود الانساني برمته ، الشيء الذي يفرض لزوما علينا جميعا ،تعميق فهمنا المتواصل حول اسباب هذه المخاطر وتداعياتها الوخيمة على البشرية جمعاء و البحث المضني عن سبل تجفيفها من المنابع وعدم ترك المجال سانحا امام تطورها كورم خبيث ينخر اجساد المجتمعات ويضرب اسس بقائها في الصميم ، وليقف بالتالي حجر عثرة امام بلوغها مدارج الرقي و التقدم . ولعل من ابرز السبل القمينة بايقاف نزيف هذه المخاطر هو التوسل المستمر باليات الحكامة الشمولية . هذه الاخيرة التي تتبنى، كبراديغم تدبيري، ادوات ومناهج المقاربة الشمولية المندمجة ، في معالجة اية ظاهرة من الظواهر . فظاهرة الارهاب مثلا - كظاهرة تجسيدية للعنف و مختلف تمظهرات استعماله المنظم الذي يخلق الخوف و الرعب لدى الانسان وينجم عنه الدمار و الفوضى في البنيان ،بغية خدمة اجندات سياسية او تلبية لاهواء شخصية ، بطرق منافية للقيم الانسانية و القواعد القانونية داخليا و خارجيا - تستلزم بالضرورة الاخد باسس ومقومات هذه الحكامة الشمولية ،وهي المسالة التي حظيت بتمام الادراك من طرف المغرب ،الذي ما فتئ يكتوي بنار هذه الافة المقيتة :الدارالبيضاء في 16ماي2003ومراكش في28ابريل2011 ،ليطور من خلال هذه الاحداث الاجرامية الاليمة ، نمط حكامته التدبيرية للمخاطر الارهابية ، من ابرز الياتها الوقائية- الاستخلاصية -الاستباقية ومن اهم مضامينها :تاهيل الحقل الديني وضمان الامن الروحي ،غرس قيم الاعتدال و الوسطية ونبذ العنف و الكراهية ، التمكين من اسس تنمية مستدامة تحارب الفقر و الهشاشة و الاقصاء ، تجريم غسل الاموال وتمويل الارهاب و الاشادة به و الدعاية لقادة التنظيمات الارهابية ، تجريم الالتحاق او محاولة الالتحاق بالكيانات او التنظيمات او الجماعات الارهابية ، تجريم تجنيد او تدريب اي شخص للالتحاق بها داخل المغرب او خارجه ، تفكيك العديد من الخلايا الارهابية بما فيها تلك المتخصصة في تجنيد و ارسال المقاتلين الى مختلف بؤر التوتر، تبني مخطط "حذر" للمزيد من اليقظة الاستباقية ... ان جملة هذه العناوين و المضامين ،هي الموطدة للحكامة الشمولية المتبناة من طرف المغرب في تدبيره للمخاطر الارهابية ، وهي المسالة التي اكد عليها و زير الداخلية المغربي في معرض كلمته امام وزراء الداخلية العرب يوم الاربعاء 11مارس2015،على هامش اشغال الدورة ال32لمجلس وزراء الداخلية العرب المنعقدة بالجزائر، بقوله ان المقاربة التي نهجها المغرب في محاربة الارهاب و التطرف و الجريمة المنظمة ،منذ بداية الالفية الثالثة ، اعتمدت مبدا الشمولية ،وميزتها اشراك جميع الفاعلين "قصد التصدي لهذه الظاهرة التي اصبحت تهدد الامن و الاستقرار العالميين " .كما ان البيان المشترك الصادر يوم 12مارس 2015 على اثر انتهاء زيارة العاهل الاردني للمغرب ، يؤكد على ضرورة تبني مقاربة شمولية في مجابهة المخاطر الارهابية ،مقاربة تندمج فيها الابعاد الامنية و التنموية و الدينية ، و بالتالي كما يوكد البيان دائما تبرز " اهمية مكافحة الفكر المتطرف و الارهاب ، اينما وجد و مهما كانت دوافعه و اشكاله، للتصدي لهذه الافة الخطيرة ، التي تهدد امن دول المنطقة العربية و القارة الافريقية و العالم" .اجمالا ، ان المغرب بحسن فهمه للمخاطر الارهابية المحدقة به وبحسن تدبيره المحوكم على مستوى مجابهتها من خلال التسلح باليات المقاربة الشمولية ، سيتمكن استراتيجيا لا محالة من ربح الحرب ضد الارهاب المقيت.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زاخاروفا: على أوكرانيا أن تتعهد بأن تظل دولة محايدة


.. إيهاب جبارين: التصعيد الإسرائيلي على جبهة الضفة الغربية قد ي




.. ناشط كويتي يوثق خطر حياة الغزييين أمام تراكم القمامة والصرف


.. طلاب في جامعة بيرنستون في أمريكا يبدأون إضرابا عن الطعام تضا




.. إسرائيل تهدم منزلاً محاصراً في بلدة دير الغصون