الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثرثرة الصغار !!

أحمد جمال

2015 / 3 / 13
الادب والفن


كما تتعرض الأزهار والثمار ، والأشجار العالية ، للريح والعواصف ومطر الشتاء ، وللبرد والصقيع ، ولفكوك الحشرات الزاحفة وأنيابها ، كذلك نتاج المبدعين الكبار وحياتهم ومسيرتهم ، فطريقهم دائماً وأبداً معرضة للخطر من قبل قطاع الطرق وسماسرة الأدب والنقد ، ومن أولئك الذين لا يجيدون في الحياة سوى الحسد والذم والنميمة.

إن النقد والنصيحة والإرشاد والموعظة تكون نبيلة وفاضلة إذا جاءت على ألسنة الحكماء والفلاسفة والعقلاء. أما الصغار فدائماً كانت انتقاداتهم ثرثرة ، ولا تتعدى الحذاء ، فهي أصوات عالية وأفعال خاوية ، ورق كثير من دون ثمار.

وإن العالم لا يحتاج للنصائح ، بل للقدوة ، فكل الحمقى يتكلمون .. ومن سعى جنى ، ومن نام رأى الأحلام

الانتقاد واللوم والنصيحة أمر طبيعي بين البشر ، فحتى العسل هنالك من ينتقده ويضع حوله ملاحظات ، فالبشر دائماً نراهم مختلفين ، لكن الأمر غير الطبيعي أن يكون الانتقاد في غير محله ، والملاحظات في غير سياقها الصحيح ! (إن مأساة النقد ، أن النقاد يتحولون إلى عمال حفريات ، فشأن بعض النقاد كشأن بعض الناس ، ينظرون إلى السيئة التي يبحثون عنها ، لا إلى الواقع. الذي أمامهم ! ). عندما يتساقط المطر بغزارة وعنف ، قد لا تستفيد الأرض منه بقدر استفادتها من تساقطه بلطف وهدوء ، فقد تحدث فيضانات وانهيارات تجتاح كل ما يصادفها من بيوت وأشجار أثناء المطر الغزير ، بينما هطول الثلوج ونزول المطر ببطء وروية على شكل زخات يخفف كثيراً من تلك الانجرافات والكوارث ، وتمتصه الأرض بسهولة دون أن يحدث لتربتها سوء هضم.

وهكذا هو النقد البناء والإرشاد الصحيح ، ينبغي أن يأتي بالخير والوعي ، فيقع على النفوس بلطف وهدوء ولين ، فالنفس المبدعة العارفة تمتصه وتستفيد منه ، مثلها مثل الأرض الطيبة ، والنفس الجاهلة اللئيمة لا تكترث به وتدعه ، مثلها مثل الصخرة الصماء. وإذا غضبت الضفادع فلن يتوقف جريان النهر ، وإذا تذمرت الحشرات من فيضان النبع فلن يكف النبع عن العطاء ، وإذا انزعجت الخفافيش والأشواك من طلوع الفجر فإن الشمس لن تمتنع عن الشروق.

إن مهمة الناقد غربلة الآثار الأدبية ، لا غربلة أصحابها ، والناقد الذي لا يميز بين شخصية المنقود وبين آثاره الكتابية ، ليس أهلاً لأن يكون من حاملي الغربال ، ولا يضيق بالنقد إلا ذو النتاج المهزول.

قال أحد الحكماء لابنه الأديب : يا بني ، لا تنبح على الكلاب إذا نبحت عليك .. ولا تعض القطة إذا عضتك ، واترك الطريق للدب وابتعد عنه ، فإنه لا يفرّق بينك وبين الجاهل ، ولا تطلق النار على الذباب والبعوض ، وإذا رأيت أفعى سامة في دارك فافتح لها الباب ودعها تذهب بسلام .. يا بني ، إن كان جسمك هشاً كالجرة ، فلتجعل أفكارك صامدة كالقلعة. ولا تُغلظ القول لأي أحد ، لأنك كما تخاطب تجاب !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إبراهيم السمان يخوض أولى بطولاته المطلقة بـ فيلم مخ فى التلا


.. VODCAST الميادين | أحمد قعبور - فنان لبناني | 2024-05-07




.. برنار بيفو أيقونة الأدب الفرنسي رحل تاركًا بصمة ثقافية في لب


.. فيلم سينمائي عن قصة القرصان الجزائري حمزة بن دلاج




.. هدف عالمي من رضا سليم وجمهور الأهلي لا يتوقف عن الغناء وصمت