الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صراصر... بنات عوائل

عماد حياوي المبارك
(Emad Hayawi)

2015 / 3 / 13
كتابات ساخرة


صراصر... بنات عوائل

في تايلند (يكرز) الناس الصراصر مثل ما نكرز نحن الحَب والفستق، فتجدها لدى الباعة المتجولين بالشوارع، وترتفع أسعارها كلما كانت لماعة و(مربربة) ومعتبرة وذات (قيمة).
يقوم المربون في مفاقس خاصة، شاهدتها بعيني، بتربية هذه الحشرات وتغذيتها نباتياً لتغدو مناسبة للبيع في أسواقهم، وهي عملية قد نشمئز نحن بشدة لها، لكنهم يدافعون عن ذلك بأن تلك الحشرات مَثلها مثل أي تربية لأنتاج (بروتين حيواني) والناتج سيكون قابل للاستهلاك البشري طالما لم تمنعه قوانين بلد أو شرائع سماء...

في فيلم (الفراشة) الذي أخذ حيزاً واسعاً من بين أفلام السبعينات، لبطله السوبر ستار (ستيف ماكون)، حين يدركه الجوع في سجنه المنفرد في تلك الجزيرة النائية، يقوم بالانقضاض على (صرصور) عابر يطفأ به نار الجوع...
https://www.youtube.com/watch?v=DqWuUoq3ZPI

ومع أنه في بلداننا، العلاقة سيئة جداً بيننا وبين (الصراصر) وتكاد حاجة الطرفين للمجاري هي الرابط الوحيد بيننا، ولا تعني لنا شيء سوى من ناحية أيّ المبيدات الكيمياوية أو (الفيزياوية) يمكن أن تفتك بها... لكننا وفي مقالنا هذا، نحن بصدد (صراصر)، تربية محلية وهي طبعاً ليست مخصصة للأكل، لكنها... ذات قيمة !

عند قبول أخي (صلاح) بكلية الزراعة، قلنا له ستصبح فلاح مثقف وكنيتك ستكون (السيد كرك أبن العم مسحاة)، لكننا تفاجئنا بأن قسمه، الإنتاج الحيواني، ليس له علاقة بالكرك ولا بالمسحاة، وإنما بالحيوانات والطيور والحشرات...
تربيتها وتكاثرها وحمايتها وعلاجها...
دروسهم بيولوجي وكيمياء عضوية وتشريح... ومختبراتهم وحقولهم تزخر بالحيوانات الأليفة والمفيدة من أجل دراستها، منها ما استوردته الجامعة خلال السبعينات كأبقار (الفريزين) الهولندية الشهيرة، والتي وصلت بالطائرة مع جداول تغذيتها وكميات إنتاجها للحليب، لكنه انخفض للنصف بمجرد وصولها العراق برغم توفير الجامعة أماكن فيها كل الأجواء المناسبة، وعزا الخبراء ذلك لأسباب... نفسية !
ولدرس التناسل والتكاثر، استوردت الجامعة ثور استرالي عملاق من أجل تحسين نسل (الهايشة) العراقية، إلا انه وبأول لقاء (في يوم الدخلة) كسّر أرجلهن الخلفية فطرحهن أرضاً، فاضطروا لاستخدام المهبل الاصطناعي للحصول على (الميني) المحسن، وقد نجحت جامعة البصرة بذلك وأهدته لكل مثيلاتها في الخليج العربي.
أما درس الحشرات فكان لأغراض التشريح، ولديهم مختبر متطور يشرف عليه أستاذ عراقي مندائي محنك ذو خبرة، يكنّ له الطلبة كل الحب والاحترام ويجدوا مساحة أكبر معه في النقاش والاستفادة.

في المختبر... قسّمهم أستاذهم لمجموعات لدراسة مفصليات الأرجل، وطرح عليهم (تفصيخ) صرصور لدراسة مفاصله، أرتبك وتعجب بعضهم للمفاجئة وغيرهم أخذته الصدمة...
فعالج الموقف مبرراً أن (صراصره) نظيفة وتربية مختبره وهي مخدّرة، وأقسم لهم أغلظ الإيمان بأن مصدرها لم يكن مرافق عامة أو خاصة وإنما مختبره، ثم فتح ثلاجة المختبر وأشار لأكياس تحتوي على بيوضها قائلاً...
ـ من لا يصدق، يمكنه أن يتفضل ليرى، هذه بيوضها محفوظة !
... صدقه الفريق الأول ومضوا كل يفحص صرصوراً تحت المجهر، بينما أقترب من فريق ثانٍ منها وقلبها متردداً، لتصدر انتقادات وتعليقات ضدهم تتهمهم بالخوف وبأنهم (ضعيفي) الشخصية، مما دفعتهم للدفاع عن (شخصيتهم) التي بدت على المحك أمام الآخرين، مبررين وضعهم في هكذا موقف هو أفضل ممن تركوا المختبر وهربوا واصفين إياهم (بعديمي) الشخصية، فضعيف الشخصية على أي حال ـ قالوا ـ أفضل من عديم الشخصية !

إلا أن مصيبة البنات ما كان يبدو لها حلاً، حتى ترك الأستاذ ماكان يحضره بدورق على النار، طالباً منهم الهدوء فقام حاملاً بالملقط (صرصور) ودار في أرجاء المختبر لإقناعهن بالتعامل معه بشكل علمي دون التحسس من كونه مجرد حشرة قذرة.
لكن صرخاتهن ظلت تتعالى: مستحيل... أمبوسبيل !
... وهكذا مرت دقائق معدودة نسي الأستاذ خلالها ما كان قد وضعه بالدورق المختبري على النار حتى (شاط) ليتصاعد في المختبر دخان ورائحة شواط...
دردم مدرسهم محملاً صراصره وسمعتها المسئولية، فضحك الكل، وما أن استتب هدوء بعد فصل تعليقات خفيف، وبينما مسك الأستاذ الدورق بيده، وكان فيما يبدو لا يزال حاراً، فلسع أصبعه، خرجت طالبة (لبنانية) وكسرت الهدوء متسائلة بخباثة...
ـ إستيز... شو أحرئت؟
... نظرَ ناحيتها وأجابها بحسرة وألم: أجدادكِ...

لم يتمالك أياً من الموجودين نفسه، ضحك الجميع وعادوا لعملهم يبحثون عن صرصور مناسب يستكملون فيه بحثهم، ليتعلموا تشريح المفصليات عملياً.
... عند نهاية الحصة، خرج الطلبة من المختبر مرددين صوب استاذهم: إستيز... بشوفك!

صلاح حياوي المبارك ـ مختبر التشريح ـ قسم أنتاج حيواني ـ كلية الزراعة ـ جامعة البصرة ـ 1977

عماد حياوي المبارك








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية


.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي




.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب


.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?




.. قصة غريبة عن أغنية أنساك لأم كلثوم.. لحنها محمد فوزي ولا بلي