الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قفص غزة

جبريل محمد

2005 / 9 / 20
القضية الفلسطينية


قفص غزة وقفص النقب
لماذا تبادرت الى ذهني عشية الانسحاب من القطاع، صورة معتقل النقب الصحراوي الذي عانيت الحياة فيه، غزة وقطاعها الذي تبلغ مساحته 360 كم مربعا،كانت قفصا مجزءا بالحواجز والمستوطنات، تماما كما سجن النقب الصحراوي، الذي تبلغ مساحته حوالي 4كم مربع ، هذه المساحة يمكن ان تشكل نموذجا مصغرا عن القطاع، فالسجن مقسم الى ثلاثة اقسام (أ،ب،ج) وكل قسم ينقسم الى اربع مربعات، ولكل قسم ضابط مشرف على ضبط الامور فيه وحراس، ..الخ، فيما لكل مربع من المربعات ضابط صف يخضع للضابط المسؤول عن القسم، فيما هناك ضباط مركزيون مسؤولون عن ادارة المعتقل من كافة النواحي. ويمكن داخل كل قسم الاتصال بين المعتقلين عبر الصياح حيث لايفصل بين المربع والمربع سوى سياج مزدوج بعلو مترين او يزيد قليلا، او عبر رمي الرسائل المكتوبة والتقاطها، رغم تحذيرات الحراس، ورغم قائمة الممنوعات، اما الاتصال بين قسم وقسم فقد كانت له آلياته المعقدة، سواء كان ذلك عبر المطبخ المركزي الذي يعمل به المعتقلون او بوسائل اخرى يبتدعها المعتقلون.
اما قطاع غزة فقد قطعها الاستيطان والحواجز الى ثلاثة اقسام هي رفح وخان يونس، وغزة،ولم يكن سهلا التواصل بين هذه المناطق، حين تغلق الحواجز او تقوم اسرائيل المحتلة بتحريك دباباتها للتوغل والاجتياح، فقط كانت ادوات الاتصال الحديثة من هواتف وبريد الكتروني قادرة على خلق توصل في حدوده الدنيا. واليو بعد الانسحاب من غزة، تصورت ان ادارة معتقل النقب قد تخلت عن هرمية الادارة فيها وعن تقسيم السجن الى اقسام ومربعات وباتت تدير المعتقل كاملا من خلال هيئة واحدة مباشرة هي الهيئة المركزية، تصورت ان كل الاسرى يمكنهم التواصل مع بعضهم دون حاجة للصياح ودون حاجة لرمي الرسائل المكتوبة من فوق الاسيجة، تصورت ان الهيئات التنظيمية لكل فصيل صارت تجتمع في خيمة واحدة لتقرر خلال دقائق كل ما يتعلق بالقضايا الراهنة وخلال ساعات في القضايا الاخرى التي تحتاج الى نقاش، وتخيلت كذلك الصورة في الجانب الاخر، مدير معتقل وضابط امن وضابط اداري وضابط تموين، وعدد آخر لا يتعدى ثلاثة ضباط يمكن ان يديروا المعتقل دون حاجة الى ضباط وضباط صف، ومسؤولي اقسام، تصورت كم تتقلص الكلفة على الاحتلال، وكم سيتقلص عدد الافراد من الجيش الاسرائيلي المتواجدين في المعتقل.
هكذا باتت غزة سجن كبير محاط بسياج من الشمال والجنوب والشرق، ومن الغرب حيث البحر لا يستطيع اي صياد يتسول حسنات البحر ان يبتعد بقاربه اكثر من كيلومتر واحد عن الشاطيء، باتت غزة معتقل كبير، لكنها تختلف عن النقب، فالخروج من غزة سهل لكن الدخول اليها او العودة صعبة،اما الدخول الى السجن فهو سهل بسهولة اطلاق الرصاص من جندي مأفون في الهواء او على اي فلسطيني، بينما الخروج منه صعب، وصعب جدا، خاصة بالنسبة لاؤلئك الذين سماهم رابين يوما اصحاب الايدي الملطخة بالدماء اليهودية، وكأن ايديه بيضاء ناصعة.
غزة لم تتحرر حقيقة سوى من الاستيطان وهذا مكسب كبير، ونصر للمقاومة لا للهدنة نصر للمقاومة في غزة على امتداد سني الاحتلال حجيث لم تستقطب غزة اكثر من عشرة آلاف مستوطن طيلة ثمانية وثلاثين عاما، بينما احتاجت اسرائيل لثلاثة اضعاف عدد المستوطنين من الجنود والضباط لحمايتهم، فشل المشروع الاستيطاني في غزة، وفشلت نظرية الترحيل التي مارسها شارون عام 1972، ايام قيادته لمنطقة غزة، حين كان جيفارا غزة يحكمها في الليل فيما يتلصص جيش الاحتلال تلصصا لدخول غزة في النهار.
الان يبقى احتمال اعادة الاجتياح للقطاع قائم، فيما عودة الاستيطان الى القطاع باتت مستحيلة، ومن هنا فان الانتصار في غزة لم يكن سوى انتصار على الاستيطان، لقد هزم مشروع الاستيطان في غزة، لكن وحتى الان لم يهزم مشروع اعادة الاحتلال، سواء كان ذلك بذريعة واهية ام لخطة مسبقة.
لغزة ان تفرح وتحذر في نفس الوقت فاهلها الان يستطيعون الحركة بسهوله بطول 36 كم وعرض 10 كم، هذا ما يعتبر في الضفة امتيازا،
لكن عليها ان تحذر فالذئب بالمرصاد حول السياج ويمكن ان ينقض في اي لحظة.











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بين أنستغرام والواقع.. هل براغ التشيكية باهرة الجمال حقا؟ |


.. ارتفاع حصيلة القتلى في قطاع غزة إلى 34388 منذ بدء الحرب




.. الحوثيون يهددون باستهداف كل المصالح الأميركية في المنطقة


.. انطلاق الاجتماع التشاوري العربي في الرياض لبحث تطورات حرب غز




.. مسيرة بالعاصمة اليونانية تضامنا مع غزة ودعما للطلبة في الجام