الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الغرب وتجارة الشبهات

عبدالقادربشيربيرداود

2015 / 3 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


الغرب وتجارة الشبهات
بعث الله محمداً (صلى الله عليه وسلم) رسولاً للعالمين، وجعل شريعته (الإسلام) ناسخة لما قبلها من شرائع، وأوجب على العالمين اتباعه؛ قال تعالى: {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}، لما حرف الأحبار والرهبان التوراة والإنجيل، بما يتوافق وأهواءهم، فسار على نهجهم خلَفهم في الغرب، ولكن هذه المرة لتحريف الإسلام وضربه من الداخل، وأبرزهم وأشدهم عداوة على الإسلام الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات البريطاني (جون سورز) الذي أعلن، دون خجل من العالم الإسلامي، أن "الإسلام كدين ليس مهيأً لإحياء وتجديد نفسه، ليواكب قيم القرن الحادي والعشرين"، ووصف المسلمين بـ"المتطرفين"، وأنهم "أقل اندماجا في المجتمع البريطاني"؛ فكان هذا الصوت النكير وما أكثره أمثاله شرارةً حرب بلا هوادة على الإسلام، من قبل الأوربيين، وعلى اختلاف مشاربهم، لتجسيد وترجمة تلك الاستراتيجية الهدامة، وبلا تحفظ لتشخيص الوضع المزري للإسلام كدين، بحسب تشخيصهم وتصورهم المنحرف، وبحجة مساعدة المسلمين لإقامة مشروع تحديث الإسلام، بما يوائم قيم ومتطلبات الحداثة؛ ترجمة وتنفيذاً لمقولة السير (جون سورز) الضال، مطالبين المجتمع الدولي والإقليمي بدعم هذه المبادرة، التي أسموها بـ"الاصلاحية والفريدة" فاستطاعوا بمكرهم ودهائهم حشد المسلمين، بحسب ارادتهم الشيطانية، في منظومة وصفوها بالإسلامية، لتتصدى كما يريدون للمفاهيم المغلوطة في الإسلام، ليبينوا للعالم أن أوربا كيان سياسي قائم على قيم الديمقراطية، فمن هذا المنطلق لا بد من دمقرطة الإسلام وليس أسلمة الإسلام، لتغيير الإسلام من خلال فهم طبيعة منطقتنا، والسعي الدءوب لتشويه فهم علماء الإسلام بنفسهم وبالمسلمين؛ وفق مسمياتهم وتصنيفاتهم التي يقصدون، كالأصوليين والتقليديين والعصرانيين والعلمانيين والديمقراطيين ليكونوا - العلماء - لسان حال الغرب في فهم الإسلام وتأويله وتصديره بخبث إلى معاشر المسلمين، في جميع أنحاء المعمورة، بعدما فشل الغرب بما أوتوا من مكر وكثرة مال وسلاح متطور، لتركيع الأمة الإسلامية بالحديد والنار، فأقاموا الكثير من ورش العمل والمؤتمرات المعدة لهذا الغرض الانحرافي، وتحت عناوين مشاريع تحديث وتطوير الإسلام، بما يوائم قيم ومتطلبات الحداثة في الألفية الثانية من عمر البشرية. وأخطر تلك المؤتمرات؛ المؤتمر المزمع إقامته في فرنسا، بداية العام 2016، لتحديد معالم التفسير التقدمي للإسلام، والمتأصلة - بحسب استراتيجيتهم الخبيثة - جذوره في القرن الحادي والعشرين، فيصير أقربهم من العلماء لهذا الفهم الجديد - الغربي - أثقفهم وأجدرهم بالفتاوى وأفضلهم قبولاً لدى وسائل الإعلام العالمي المعدة لهذا الغرض.
شارك الغرب هذه الإستراتيجية الهدامة والانحراف والتجارة بسلع الشبهات، رؤساء عرب وثلة من علماء باعوا دينهم بدنياهم، من الذين انطلت عليهم اللعبة الغربية في تسويق الشبهات، حتى صاروا يفتون بلا خوف من الله، ففتنوا الناس بحجة حماية صورة الإسلام في العالم، بل وصفوا بعض مناهج الإسلام واجتهادات شيوخنا بقراءة تاريخية مغلوطة للإسلام، وتلك الاجتهادات والفتاوى منزلقات تؤدي إلى تكفير الناس، بل هي - الاجتهادات والفتاوى - نزعات انغلقت على بعض الآراء الفقهية والعقدية، فنجح الغرب بجدارة في تسويق شبهات أشباه العلماء إلى الشرق المسلم، وتصويرها على أنها الحق الذي لا حق غيره، والحكم على من يخالفها من المسلمين بالكفر والخروج عن الملة، فمنح أشباه علماء الإسلام الحقَ للغرب بمهاجمتنا في عقر دارنا، والتصرف كأن عليهم أن يصدوا الغزو الإسلامي عن القارة الأوربية، والخطر المزعوم. فكان بوش وحلفائه أول طلائع المهاجمين على أفغانستان والعراق وغيرهما من الدول الإسلامية؛ ليحولوا الصراعات الدموية بين الحضارات، بعد انسحابهم، إلى صراعات داخل الحضارة الواحدة، كي يقتل بعضهم البعض، كما جرى ويجري في العراق وسوريا ومصر وليبيا. والوصول إلى الخنادق الأخطر، وهي حلقات فصل السنة عن الشيعة، والعرب عن الكورد والتركمان، وإصابة مشروعنا الإسلامي بانتكاسة فكرية، ومجتمعنا وسياسيونا بتمزق سياسي خطير الأمر الذي واكبت تصاعد وتيرة الاستقطاب السياسي الحاد في المنطقة، وعدم الركون إلى نظرية المؤامرة في كل الأمور، وفي كل مفاصل حياتنا، لأن صانعوها أغبياء ويفتقدون الخيال الذي هو بداية كل حلم جديد لعمل جليل.
لذا؛ وجب علينا بلا تردد، أن نستشف المستقبل بعين بصيرة ناقدة، لتفويت الفرصة على أعداء الإسلام؛ قال المصطفى (صلى الله عيه وسلم: "لا يُلدغ المؤمن من جحر مرتين"، كي لا نكون لعبة خشبية بيد أعداء الإسلام والمسلمين، مروجي التطرف والإرهارب الفعلي في العالم، لنقطع بيد من حديد دابر الثقافات الهدامة غير المسؤولة، ومعالجة الانسداد السياسي والاجتماعي الذي اختلقه الغرب بيننا، وأولى المعالجات وأنجعها هي أن نولي العناية بتحصين الشباب، ونشر الوعي الإسلامي السليم؛ الذي يبصر العقول بالمفاهيم الصحيحة للإسلام، ويرشد السلوك نحو فعل الخيرات، واجتناب الشر، بما يعزز في النفوس، وبدرجة قطعية، حرمة مال ودم وعرض المسلمين على المسلمين، وتحميهم من الانزلاق في مهاوي الضلال والإجرام، ومراجعة مهنية مسؤولة للمناهج الموجهة للشباب، وهي مسؤوليات تاريخية تقع على عاتق الوالدين في البيت، والمعلم في مدرسته، والإمام في الجامع، والمثقف والإعلامي في مؤسساتهما، لأن هذه النخبة الخيرة من المجتمع يملكون جزءً من الحقيقة، ومستقلون إلى حد ما عن الإكراهات. فكل محنة منحة يا أمة الإسلام، فتأملوا، وأحسنوا الظن بالله وبالإسلام وبالعلماء العاملين على بصيرة.
الجنة دار الطيبين، والنار دار الخبيثين والشياطين. الله مولانا ولا مولى للكافرين، موتانا في الجنة، وقتلاهم في النار، والله اكبر، والله فوق كيد المعتدين.
وللحديث بقية...


-








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جامعة برشلونة تقطع علاقتها مع المؤسسات الإسرائيلية


.. البنتاغون: لا يوجد قرار نهائي بشأن شحنة الأسلحة الأمريكية ال




.. مستوطنون يهتفون فرحا بحريق محيط مبنى الأنروا بالقدس المحتلة


.. بايدن وإسرائيل.. خلاف ينعكس على الداخل الأميركي| #أميركا_الي




.. قصف إسرائيلي عنيف شرقي رفح واستمرار توغل الاحتلال في حي الزي