الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ظاهرة البرازيلي

عماد حياوي المبارك
(Emad Hayawi)

2015 / 3 / 14
الصحافة والاعلام


ظاهرة البرازيلي


من الصدف أن تجاور بيت أهلي في حي القادسية ببغداد، إعدادية الصمود العربي للبنات وفي شارع بيت أهل زوجتي بحي المتنبي بالمنصور تقع ثانوية التجارة للبنات ومعهد الفنون الجميلة للبنات (بعد فصل الجنسين) وإعدادية الكفاح العربي للبنات... وكنا نعاني من تصرفات الشباب الطائش وإزعاجهم لنا وللطالبات وغلقهم الشوارع واستخدامهم منبهات السيارة بغير أسباب، وكنت اُسمّي تواجد كم هائل من سيارات المراهقين (ظاهرة البرازيلي) لأننا وفجأة نجد شوارعنا وقد امتلأت... بسيارات البرازيلي !
× × ×

كنا خلال أواخر التسعينات في محل شارع النهر نشترك بصحيفة (بابل)، كلنا يتذكر هذه الجريدة ذات القطع الصغير، ولأن موزع الجرائد (شايب) من أهل الجنوب نحب لهجته وطباعه، فقد اشتركنا بالجريدة تشجيعاً له، فعودنا أن يأتي بها يومياً بوجه صبوح ولا يغادر إلا وقد شربَ الشاي.
من بين مواضيع الجريدة كنا نقرأ ـ على ذمة الوكالات ـ لأنها تَنقل بالنص تعليقات أجنبية على الوضع بالعراق، كما كان يلفت نظرنا بعض المواد التي تكتب من خلال أعمدة ظاهرة بصدر الصحيفة فنستعجل قراءتها قبل أن يحين وقت الغداء لنحمّي (سفرطاساتنا)، حيث ستكون تلك الصفحات لاحقاّ... (شرشف) المائدة !

في أحد أعداد الجريدة، كُتب عمود تحته اسمٌ لكاتبه، يقول بأن على المدارس والعوائل تربية وتحصين بناتهم طالبات الثانوية أكثر، وهي مسئولية البيوت وإدارات المدارس بمنع تمكيج وتبرج البنات وضرورة مراقبتهن ومحاسبتهن، وعلى الآباء والأمهات والمدرسات الحرص على تحشيمهن وتحجيبهن... الخ.

لم أطِق كلام الكاتب ولا طريقة طرحه، فتزاحمت الكلمات في ذهني ووقفتْ (ببلعومي) وأحسستها ثقيلة وصار عليّ إطلاقها بدل أن (تنام) على قلبي، فسألتُ صاحبنا الموزع حول إمكانية إيصال تعليق مكتوب برسالة للجريدة، فوعدني بأنه سيسلمه لمكتب التوزيع باليد حين يستلم الأعداد الجديدة عند الصباح، حينها سيأخذ طريقه لقسم التحرير في الجريدة الواقع بين ساحة عقبة وساحة الفتح بالكرادة.
فكتبت أسطر قليلة وتحت اسم مستعار زيادة في الحيطة، قلت فيها بعد تقديم التحية والإشارة للموضوع إياه...

(( ... أخي الكاتب، كان يُجدر بك أن تدعو الأسرة على الحرص بتربية أولادها، بدل مطالبتك بزيادة تقييد حرية بناتنا، فلِمَ الأم لا تقوم بمراقبة ابنها ساعة (حلّة) مدارس البنات، ولمَ لا يحاسِب الأب أبنه حين يخرج خلسة بسيارته بهذا الوقت، أليس هؤلاء الشباب الطائش الفوضوي هو من يتحرش ببناتنا ويقطع الطريق عليهن ويضايقهن ويعرضهن للخطر، وينشر الضوضاء في الشارع، ام العكس ؟
إننا نعاني اليوم بمناطقنا السكنية من طيش الأولاد وتعَديهم على حرية بناتنا وتعريض أطفالنا للخطر والشارع للضجيج...
ابحث عزيزي المحرر عن جذور المشكلة ونادِ بإنقاذنا من صولات هؤلاء المتسيبين وحث عوائلهم بتوجيههم نحو الصواب، بدل تضييق الخناق على بنت مسكينة لا حول لها في الشارع ولا قوة.
دع بناتنا ولا تحملهن ذنب أخوانهن، الرجاء أن تطرح حلولاً غير تلك التي ذهبتَ إليها. ))
× × ×

بعد أسبوع وبينما كنت أتوقع رد فعل ـ سلبي ـ من الصحفي المحرر للعمود... وإذا بشاب ببدلة أنيقة وربطة عنق يتجه للمحل بعد أن أشار صاحبنا موزع الجرائد البصراوي له، فسَّرَ بأشارته تجاهنا ـ تقريباً ـ غاية الضيف الثقيل هذا.

قال وبدون تحية: الأستاذ شخصياً يشرف على المقالات، ولا مرة نستلم رسالة مثل مالتكم.

أجبته بعد أن أدركْتُ غايته ولمست الشر واللؤم في عيونه...
ـ أنا كنت أيضاً أؤيد رأي الجريدة، يجب تربية بناتنا بشكل أفضل، لكن صاحبنا كان له رأي مغاير أغضبنا، فطردناه بغير رجعة !
ـ منو تقصد ؟
قال شريكي وقد فهم أنني أحاول تلافي الأمر: زبون من الموصل عديم التربية، الحمد لله أنه زعل وما راح نشوفه !

قال الأخ الأنيق وهو يقف منتفضاً: على كل حال خلي يحترم نفسه... وإلا أحنة نعلمه الاحترام، أبن الـ...
كانت هذه آخر كلمة نطقها بدل إلقائه التحية علينا، ثم همَّ بالمغادرة...

علق أخي صلاح الذي كان جالساً: شورطكم ياغشمة، هذه كتابات (عدي) تحت أسماء مستعارة !

عماد حياوي المبارك

× نحمد الله أن الصحافة هذه الأيام في العراق غدت في وضع أفضل، لكن لا تزال المخاوف تحيط بكتاب الكلمة الصادقة والجريئة، من قبل فئة متزمتة جاهلة لا تعرف ما تقرأ ولا تفهم إذا قرئت، هذا إذا كانت تعرف القراءة أصلاً.
لا تزال هنالك (سيوفاً) مسلطة على رقاب كتابنا ومثقفينا وأدبائنا في داخل بلداننا العربية... للأسف الشديد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا والصين.. تحالف لإقامة -عدالة عالمية- والتصدي لهيمنة ال


.. مجلس النواب الأمريكي يصوت بالأغلبية على مشروع قانون يمنع تجم




.. وصول جندي إسرائيلي مصاب إلى أحد مستشفيات حيفا شمال إسرائيل


.. ماذا تعرف عن صاروخ -إس 5- الروسي الذي أطلقه حزب الله تجاه مس




.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح