الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصراع المستدم بين المغرب والجزائر في مختلف المجالات: المجال الرياضي لا يخرج عن القاعدة

إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)

2015 / 3 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


إن الأزمة في العلاقات المغربية الجزائرية، منذ عشرات السنين، يخفت وقعها تارة، ويحتد تأثيرها، أحيانا أخرى. وهذا منذ بدأت الجزائر في استغلال فرصة إنشاء جبهة البوليساريو الانفصالية واستخدامها في تدبير خيوط وتداعيات هذه الأزمة، تصعيدا وتراجعا، بحسب حساباتها التكتيكية والاستراتيجية، في مختلف الظروف وفي جميع المجالات ، دون أن تعلن مسؤوليتها الصريحة والواضحة في أي مستوى من مستويات الأزمة الكامنة أو المعلنة مع المغرب.
فهناك صراع دائم بين المغرب والجزائر في مختلف المجالات، ولم يخرج المجال الرياضي عن هذه القاعدة .
تحول المجال الرياض إلى صراع للمواجهة بين المغرب والجزائر على خلفية قضية الصحراء، ويعتبر طواف الجزائر آخر عنوان لهذه المواجهة بسبب انسحاب المغرب نتيجة وجود فريق يمثل جبهة البوليساريو.
فقد انسحب الفريق المغربي من طواف الجزائر عندما وجد بالقرب منه في المسابقة الفريق الذي يمثل ما يسمى الجمهورية الصحراوية التي أعلنتها جبهة البوليساريو من طرف واحد بدعم ومساندة جزائريين.
واحتج المغرب على مشاركة البوليساريو، مؤكدا أن المشاركة تقتصر فقط على الأعضاء في الاتحاد الدولي. ومن المنتظر رفع الرباط لشكوى إلى الاتحاد الدولي للدراجات بخصوص هذه النازلة. وكان الطواف قد بدأ في مع شهر مرس، حيث احتل الدراج المغربي مرواني صلاح المركز الثاني.
وتساءلت جريدة الخبر الجزائرية عن السر في عدم انسحاب المغرب يوم الافتتاح من الطواف رغم وجود فريق البوليساريو الذي تمّ استدعاءه كضيف شرف.
وهذه هي المرة الثانية التي يتم فيها تسجيل اصطدام رياضي بين البلدين على خلفية نزاع الصحراء خلال السنة والنصف الأخيرة. وسبق انسحاب فريق كرة اليد الجزائرية “المجمع الرياضي البترولي” خلال 2013 من الدورة 35 لبطولة إفريقيا للأندية التي احتضنتها مدينة مراكش، وذلك ردا على إشراك المغرب فريق وداد سمارة. وترفض الجزائر المشاركة في كل نشاط رياضي يحضر فيه فريق من الصحراء المغربية.
يمكن اختزال العلاقات المغربية الجزائرية في الجملة التالية:
أزمة مستقرة وتوتر يحتد ليتراجع ثمّ يحتد، وهكذا دواليك...
وسيبقى وضع العلاقات المغربية الجزائرية على هذا الحال مادام قصر المرادية سيستمر في مناوراته المكشوفة والمستترة للالتفاف على حل قضية الصحراء من خلال سعيه إلى توسيع صلاحياته بما يمس سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية.
فعموما ظلت الجزائر حريصة على توجيه الجبهة الانفصالية في الاتجاه الذي ترغب فيه القيادة السياسية والعسكرية الجزائرية أن تكون عليها علاقاتها مع المغرب، خلال هذه الفترة أو تلك، وفق الأجندة المحددة سلفا.
فعندما دعا المغرب المجتمع الدولي إلى التعاطي مع الجزائر باعتبارها الطرف الأساسي في النزاع الإقليمي المفتعل حول الصحراء المغربية، أقامت الجزائر الدنيا ولم تقعدها ، بمختلف الوسائل والأدوات بما في ذلك تنظيم مناورات عسكرية قرب الحدود مع موريتانيا مع أن المستهدف منها هو المغرب، كما تمّ استشفاف ذلك، من كل التصريحات التي نسبتها وكالة الأنباء الجزائرية إلى بعض رموز الانفصاليين وقتئذ.
وتتعقد الأمور أكثر بفعل دور ومواقف ومبادرات دول الجوار الغربية. وفي هذا السياق يبرز سؤال: أي موقع سيحتله المغرب في مراجعة الاتحاد الأوروبي سياسة الجوار بعد توتر في ملفات مثل الزراعة والصحراء. وكدا سعي اسبانيا إلى اتفاقيات أمنية مع الجزائر شبيهة مع تلك التي وقعتها مع المغرب لضمان أمنها الجنوبي.
تحاول اسبانيا نقل تجربة التعاون في المجال الأمني والاستخباراتي مع المغرب في مواجهة ظواهر مثل الهجرة السرية والإرهاب والإجرام المنظم إلى اتفاقيات مشابهة تجمعها كذلك بالجزائر. وتهدف مدريد من وراء هذا بناء استراتيجية أمنية تكون بمثابة طوق أمني لحدودها الجنوبية. وفي هذا الإطار زار مدير الأمن الجزائري عبد الغني هامل العاصمة مدريد مؤخرا والتقى بمسؤولين من اسبانيا على مختلف المستويات، وتتجلى أهمية زيارته في الأهداف الأمنية التي تتوخاها الدولة الإسبانية من الجزائر أو تبادل المصالح الأمنية. وجرى توقيع اتفاقيات تعاون متعددة في المجال الأمني والاتفاق على تنسيق مستمر بين الطرفين لمواجهة الأخطار المشتركة.
علما أن اسبانيا نجحت في تطوير العلاقات الأمنية مع المغرب خلال السنوات الأخيرة في مجال مكافحة الإرهاب والهجرة السرية والإجرام المنظم بما في ذلك تهريب المخدرات والسيارات من أوروبا نحو المغرب. وترى مدريد أن أمنها الجنوبي مرتبط كذلك بالجزائر وإن كانت أهمية المغرب أكبر في هذا الشأن بسبب القرب الجغرافي، ولهذا سعت إلى اتفاقيات أمنية مع الجزائر شبيهة بتلك التي وقعتها مع المغرب. وتراهن اسبانيا على الجزائر في ملف الإرهاب أكثر من الهجرة، وذلك خوفا من تداعيات مالي وتسربات إرهابية من ليبيا عبر الشواطئ الجزائرية.
وتقوم الاستراتيجية الأمنية الإسبانية، على درع وقائي أو طوق أمني في الجنوب من خلال اتفاقيات مع المغرب والجزائر وموريتانيا في علاقاتها بجزر الكناري لتكون هذه الدول الحاجز الأول في مواجهة الهجرة السرية والإرهاب.
وقد ساهمت دوريات الحراسة المغربية والجزائرية والموريتانية في وقف ملفت للهجرة السرية “قوارب الموت” من شواطئ هذه الدول نحو الشواطئ الإسبانية سواء في الأندلس أو جزر الكناري في المحيط الأطلسي.
لكن اسبانيا تعاني من غياب تفاهم شامل بين الجارين ـ المغرب و الجزائرـ في المجال الأمني المتأثر بالأزمة السياسية الطويلة بين البلدين، الأمر الذي يحد من سياستها الأمنية ويقلل من فعاليتها وتضطر في بعض الأحيان إلى التنسيق بين البلدين بطريقة غير مباشرة في ملفات إرهابية متشعبة تشمل شبكات جزائرية-مغربية-اسبانية لتهريب مقاتلين أو تنشط في مجال الإجرام المنظم.
وبخصوص مراجعة الاتحاد الأوروبي سياسة الجوار، يرغب هذا الأخير في مراجعة سياسة الجوار التي اعتمدها منذ سنة 2003 مع جيرانه، وذلك لمواجهة التحديات الكبرى في المجال الأمني والاقتصادي، وتمتد هذه المراجعة إلى المغرب الذي اعترف بتراجع جودة العلاقات بسبب ملفات متعددة منها الصحراء والصادرات الزراعية.
وكشف الاتحاد الأوروبي عن هدف بلورة الرؤية الجديدة في ندوة صحفية أكدت أنه سيراجع سياسته نحو جيرانه لمواجهة التحديات في منطقة الشرق وفي منطقة الجنوب والتي تتمثل في ملفات مثل الضغط الاقتصادي والهجرة غير النظامية والمخاطر الأمنية.
وكان الاتحاد الأوروبي قد بدأ في إرساء سياسة الجوار سنة 2003 مع دول مثل المغرب والجزائر وتونس والأردن ومصر ودول أوروبا الشرقية التي لم تنضم بعد إلى الاتحاد الأوروبي. وعاد سنة 2011 لمراجعة سياسته بعد اندلاع الربيع العربي مركزا على تقديم المساعدات للشعوب في العالم العربي. ويؤكد الخبراء فشل هذه السياسة الأخيرة، حيث لم يتعهد الاتحاد الأوروبي بدعم واضح للديمقراطية.
يعتبر الاتحاد الأوروبي سواء تقارير المفوضية أو البرلمان الأوروبي حول الصحراء من مصادر قلق المغرب في هذا الملف الذي يعتبره استراتيجيا في دبلوماسيته وأمنه القومي.
وعمليا، يوجد تقصير من طرف الاتحاد الأوروبي في تطوير العلاقات مع الجار الجنوبي المغرب، ويكمن فشل المغرب في نهج دبلوماسية استباقية لاحتواء بعض المواقف ومنها في الصحراء. وقد ارتفعت أهمية المغرب بالنسبة للاتحاد الأوروبي خاصة في مجال الأمن مثل مكافحة الإرهاب والهجرة غير النظامية بينما تعاني العلاقات السياسية والاقتصادية من تراجع بيّن .
كل هذا جاء في جو ظل مطبوعا بتداعيات الصراع بين المغرب والجزائر في مختلف المجالات. وتأكد بجلاء أن هناك فهم جزائري خاطئ ـ معمّد أو غير معمّد ـ لحرص المغرب على تقديم مبادرات إيجابية إذ تم اعتباره دليل ضعف في الموقف، وربما إشارة لاستعداد الرباط لتقديم مزيدا من التنازلات يمكن استغلالها لخدمة مشروع الانفصال، غير أن الملك محمد السادس قد حسم الأمر، الحل لن يكون على حساب المغرب ووحدته الترابية ، وأن الجزائر هي الطرف الحقيقي المقابل للمغرب، وأن الرباط تدرك أن محاولات ابتعادها عن الواجهة التي تحتلها، لم ولن يساعد على إيجاد الحل السياسي المتوخى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمجد فريد :-الحرب في السودان تجري بين طرفين يتفاوتان في السو


.. اضطرابات في حركة الطيران بفرنسا مع إلغاء نحو 60 بالمئة من ال




.. -قصة غريبة-.. مدمن يشتكي للشرطة في الكويت، ما السبب؟


.. الذكرى 109 للإبادة الأرمينية: أرمن لبنان.. بين الحفاظ على ال




.. ماذا حدث مع طالبة لبنانية شاركت في مظاهرات بجامعة كولومبيا ا