الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قرارات المركزي الفلسطيني لا قيمة لها بدون إلغاء اتفاقات أوسلو

عليان عليان

2015 / 3 / 15
القضية الفلسطينية


قرارات المركزي الفلسطيني لا قيمة لها بدون إلغاء اتفاقات أوسلو

بقلم : عليان عليان

من يقرأ قرارات اجتماع المجلس المركزي الفلسطيني الأخير
( 4- 5 آذار الجاري ) يعتقد ولأول وهلة أن الساحة الفلسطينية باتت أمام تحول خطير ، قد يقلب الطاولة على المخططات الصهيو أميركية منذ اتفاقات أوسلو 1993 ، لكن إذا ما دقق المراقب بالقرارات الراهنة وباجتماعات المجلس المركزي السابقة، يكتشف أن هذه القرارات لا تعدو كونها توصيات شكلية لرئاسة السلطة الفلسطينية، لتوظفها كأداة ضغط على الجانب الصهيوني لتحقيق بعض القضايا المطلبية للفلسطينيين ، وبهذا الصدد نشير إلى ما يلي:
أولاً : قرار وقف التنسيق الأمني مع الكيان الصهيوني
فهذا القرار الذي جرى إخراجه بطريقة ( كاريكاتورية) وكأنه يقلب ظهر المجن لحكومة العدو ، لم يستند إلى نفض الأيدي من مرجعية أوسلو ، ومن ثم الرجوع إلى خانة المشروع الوطني لمرحلة ما قبل أوسلو ، بل جرى ربطه بأموال الضرائب والجمارك الفلسطينية التي تحتجزها حكومة العدو الصهيوني ، بمعنى أنه إذا أعادت هذه الحكومة هذه الأموال المحتجزة فإن التنسيق الأمني مع الاحتلال سيعود إلى سابق عهده.
والسؤال هنا وبأثر رجعي : لماذا التنسيق الأمني مع الاحتلال الصهيوني؟؟ .. وهل في تاريخ حركات التحرر الوطني، تنسيق أمني مع الاستعمار الكولونيالي الذي يحتل الأرض ويستعبد الشعوب وينهب الثروات؟!
وهذا القرار ، هو أقرب منه إلى التوصية منه إلى القرار الواجب التطبيق لإعطاء رئيس السلطة الفلسطينية هامشاً للمناورة ، للضغط على الجانب الصهيوني وبما يمكنه من تجميده وفق قراءته للظروف القائمة، ومن ضمنها المراهنة على الانتخابات الإسرائيلية ، على أمل بأن تأتي بالمعسكر الصهيوني بديلاً عن الليكود بقيادة نتنياهو ، وفي ذلك تجاهل لحقيقة جوهرية، وهي تطابق جميع ألوان الطيف السياسي الإسرائيلي حيال رفض الثوابت الوطنية الفلسطينية .
فجميع هذه الأحزاب موحدة على " يهودية الدولة " وعلى موقف رفض تقسيم القدس باعتبارها عاصمة موحدة وأبدية للكيان الصهيوني ، وعلى رفض حق العودة للاجئين الفلسطينيين لديارهم وممتلكاتهم تنفيذاً للقرار الأممي رقم 194 ، وعلى رفض دولة فلسطينية كاملة السيادة وأن تكون منزوعة السلاح، وعلى عدم العودة إلى حدود 1967 ، وعلى عدم إخلاء الكتل الاستيطانية الكبرى ألخ....

ثانياً: أما القرار الذي يدعو إلى تحميل الاحتلال المسؤولية عن احتلاله، وإعادة النظر في العلاقة معه، ما يعني التهديد بحل السلطة الفلسطينية، فإن الاحتلال يدرك أكثر من غيره بأن هذا القرار لن يجد طريقه للتطبيق ارتباطاً بعدد من العوامل أبرزها :
1-أنها ليست المرة الأولى التي يهدد فيها رئيس السلطة بحلها ، وأنه مجرد تهديد لا يملك مقومات التنفيذ .
2-أن هنالك فئة اجتماعية متنفذة في السلطة ، نشأت وترعرعت في ظل أوسلو والسلطة الفلسطينية ، ارتبطت مصلحياً واقتصادياً بالكيان الصهيوني، وغدت تشكل كومبرادور من مصلحته إدامة الربط الاقتصادي والسياسي والأمني مع الكيان الصهيوني.
3- أن من يهدد بحل السلطة يكون بحسبانه أنه جاهز لطرح البديل ، فالسلطة الفلسطينية ومن ورائها قيادة المنظمة لم تعمل على طرح البديل .
لقد راهن البعض أنه بعد حصول السلطة الفلسطينية على صفة دولة " مراقب" في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وبعد توقيعها على العديد من اتفاقات الأمم المتحدة وبعد تقديمها طلب الانضمام لمحكمة الجنايات الدولية ، أن تعلن قيادة منظمة التحرير قيام فلسطين " دولة تحت الاحتلال " ، وأن تعلن إلغاء المفاوضات المباشرة مع الكيان الصهيوني برعاية أمريكية ، وأن تعلن التراجع عن أوسلو واستحقاقاته ، لكن رهانات هذا البعض باءت بالفشل ، ورأينا الرئيس عباس يعلن جهاراً نهاراً أن ما أقدمت عليه قيادة المنظمة من قرارات على الصعيد الدولي، وما أقدمت عليه من قرارات في اجتماعات المركزي ، لا تعني التراجع عن نهج المفاوضات المتبع منذ أوسلو وحتى اللحظة الراهنة .
ثالثاً : أما قرار المجلس المركزي الفلسطيني الداعي لوقف العمل ببروتوكول باريس الاقتصادي ، فهو قرار شكلي وتكتيكيي غير قابل للتنفيذ، لأن تنفيذ هذا القرار يحتاج ( أولاً) لبنية تحتية اقتصادية متكاملة نسبياً، ويحتاج (ثانياً) لمدى زمني لفك ارتباط وتبعية الاقتصاد الفلسطيني، ويحتاج (ثالثا) لقيادة صلبة تستطيع أن تتخذ مثل هذا القرار، وليس لديها ارتباطات اقتصادية مع الكيان الصهيوني يحقق لها مزايا اقتصادية.
فبروتوكول باريس الاقتصادي لا يقل خطورةً عن اتفاق أوسلو ، فهو من جهة جعل الاقتصاد الفلسطيني اقتصاداً ذليلاً وتابعاً للاقتصاد الإسرائيلي ، وجعل من مناطق السلطة الفلسطينية سوقاً للبضائع والمنتجات الإسرائيلية في إطار تقسيم اقليمي مذل للعمل لمصلحة الكيان الصهيوني ، حيث يعتبر الاحتلال الإسرائيلي الشريك التجاري الأول للمناطق الفلسطينية، في حين تعتبر المناطق الفلسطينية الشريك التجاري الثالث للاحتلال الإسرائيلي بعد الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية.
ناهيك أن بروتوكول باريس الاقتصادي (المنظم للعلاقة التجارية الفلسطينية الإسرائيلية) خلا من أي بند يتيح للجانب الرسمي الفلسطيني حق الرد بالمقاطعة أو بغيرها من الأدوات العقابية، تجاه أي إجراء تعسفي أو انتهاك إسرائيلي لبنود الاتفاق، الأمر الذي حد من قدرة الحكومات الفلسطينية المتعاقبة على تبني فكر مقاطعة المنتجات الإسرائيلية بشكل مباشر.
كما أنه وفق تداعيات وأبعاد برتوكول باريس، فإن السلطة الفلسطينية تشكل داعماً للاقتصاد الإسرائيلي ، حيث أظهرت معطيات إسرائيلية ارتفاع حجم الودائع المالية للسلطة الفلسطينية في "بنك إسرائيل"، بنسبة تتجاوز (5) في المائة خلال العام الماضي، وأنه يجري تحويل ملاييين الشواكل إلى (بنك إسرائيل) الأمر الذي انعكس بالايجاب على حجم الودائع فيه ، وأثر بشكل إيجابي على الاقتصاد الإسرائيلي وساهم في توفير كميات كبيرة من الأموال النقدية في السوق الإسرائيلي..
رابعاً : أما قرار إنهاء الانقسام، وعقد الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير الذي يفترض أن يضم الفصائل الإسلامية، إلى جانب فصائل منظمة التحرير الفلسطينية فلم يأخذه أحد في الشارع الفلسطيني على محمل الجد ، لأنه منذ إعلان القاهرة عام 2005 مروراً باتفاق مايو/ القاهرة 2012 وصولاً لاتفاق مخيم الشاطئ 2014 والشارع الفلسطيني يسمع نفس معزوفة الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام ودعوة القيادة المؤقتة للانعقاد، لكن هذه القرارات والدعوات لم تأخذ طريقها للتنفيذ لسببين جوهرين هما : أن هنالك قوى متنفذة لها مصلحة فئوية واقتصادية في إدامة الانقسام وأن إنهاء الانقسام يحتاج عملياً لموافقة أمريكية كونها المانح الرئيسي للسلطة الفلسطينية.
الشارع الفلسطيني، لم يعد يثق بما يصدر عن رئاسة السلطة واللجنة التنفيذية للمنظمة والمجلس المركزي من قرارات تتصل بالوحدة الوطنية ، وإنهاء الانقسام ودعوة المجلس التشريعي للانعقاد ..ألخ فمثل هذه القرارات وغيرها سبق أن أعلنها المجلس المركزي في اجتماعاته السابقة وخاصةً في شهري نيسان وتموز 2014 لكنها حفظت في الأرشيف ولم تجد طريقها للتطبيق .
بقي أن نشير إلى أن الهاجس الرئيسي للشعب الفلسطيني، يكمن في اتخاذ القرار الحاسم بإلغاء اتفاقات أوسلو المذلة ، وبإعادة الاعتبار للمقاومة بكل أشكالها لأنه في ضوء إلغاء أوسلو وإعادة الاعتبار للمقاومة ، يمكن تذليل بقية القضايا المتصلة بالوحدة الوطنية وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية على أسس ديمقراطية وتفعيل مؤسساتها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المجر بقيادة أوربان تتسلم الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي..


.. الانتخابات التشريعية الفرنسية.. التجمع الوطني: الإغواء الأخي




.. انتخابات فرنسا.. ماذا سيحدث إذا لم يحصل أحد على أغلبية مطلقة


.. مستقبل غزة في -جيوب إنسانية- .. ملامح -اليوم التالي- تتكشف




.. إسرائيل تعتزم بدء المرحلة الثالثة من الحرب على غزة خلال أيام