الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين صنعاء وعدن ثقافتين مختلفتين

مروان هائل عبدالمولى
doctor in law Legal counsel, writer and news editor. Work / R. of Moldova

(Marwan Hayel Abdulmoula)

2015 / 3 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


الأتباع الأعمى لإفراد وجماعات وزعامات سياسية حزبية وإسلامية هي معيقات بدائية و مؤشرات تخلف جعلتنا في أسفل سلم التطور, وتلك الظاهرة لم تأتي من فراغ بل عن توارث ثقافة وقيم ومبادئ قاتله وصادمة , مقرفه ومخزية , ومثيرة للاشمئزاز , والمشكلة أن البعض لا يقدر على العيش بدونها ويعتبرها عادات وأعراف وتقاليد , بل يدعم ويتفنن في نشر تلك المنظومة الهدامة و المعفنة من القيم الجاهلية, ,التي أريقت بسببها الدماء الغزيرة وأُزهقت بسببها الأرواح البريئة , و إن تجرأت وقلت إنها قيم غير حضارية وغير سلمية وغير منصفه, فأنت انفصالي أو ملحد و كافر ولابد من قتلك , أو أنت شخص غير مرغوب بك فتحارب عن طريق التهديد والوعيد والإقصاء والتهميش والإهمال والعزل , أو بالتهديد بالطرد من منزلك أو أرضك تحت ذرائع مضحكة ومبكية اسمها أمر الشيخ أو السيد أو الزعيم أو حتى عاقل الحارة , وتنفذ ضدك باسم الوحدة والدين والرابط الأخوي .
من يشاهد الأطفال المسلحين التابعين لمختلف الأطراف القبلية والمذهبية في شوارع صنعاء يدرك همجية المجتمع هناك وتشبع الإنسان منذ الطفولة بعقيدة العنف والسلب و القسوة والغطرسة , وبثقافة أن القتل وعمليات الخطف والثأر والانتقام القبلي هما من صفات الفحولة والرجل الشجاع , و لكن المعيب والخطر هو ربط عقل ذلك الطفل والشاب بصور السادة والشيوخ والزعامات و أولادهم الملصقة على ملابسهم وسيارتهم ومنازلهم وأسلحتهم الخفيفة والمتوسطة وعلى عربات نقل الجنود والدبابات ونقاط التفتيش جميعها توحي بشخصنة الدولة ومؤسستها الأمنية والعسكرية وتوضح عمق الشللية والمذهبية و حدة الانقسامات القبلية وخراب البنية المجتمعية والأخلاقية ويدرك عمق و بدائية تلك الذهنية وعنفيتها التي قسمت البلاد و المجتمع عمودياً يزداد عمقاً ومأسوية يوماً بعد يوم ويجعل إعادة اللحمة بين الجنوب والشمال أمراً شبه مستحيل مع كاهن جديد وسلطان قديم جديد بنفس عقلية وتخلف ودموية جماعة وكهنة 1994 , وجميعهم يتكلمون باسم الوحدة والدين والإخاء وفي باطنهم داعش اليمنية التي تبرز بين الحين والاخر من خلال الفتاوى التكفيرية الفاشية و التهديد بالقتل والطرد , ومن خلال تقييدهم عمل الفكرة، وقتل الفهم , وفي سياستهم البربرية القذرة على ارض الواقع وما تحمله من عنصرية ضد الجنوبيين وكأنهم ليسوا شركاء وكراهيتهم مُثل قبلية ومذهبية عليا , الغرض منها التضييق على حياة الجنوبيين المستقبلية حتى لا يرون مستقبل حياتهم في أرضهم, ولكن الظروف والأوضاع اختلفت و من هنا على الأطراف السياسية والقبلية الشمالية التي تستهتزي وتستخف بالجنوبيين وبمواقفهم السياسية ومطالبهم العادلة أن تعيد حساباتها لأن ما يقف في الميزان الآن هو شعب ما قبل مايو 1990 بأكمله لذلك، فإن استسهال رفض الحوار والمفاوضات حول مستقبلهم لن يؤدي إلى مخرج من المأزق الراهن .
الجنوبيون لا يحبذون سياسة التهديد و حبني بالغصب ( بالقوة ) ولا يؤمنون بحكم القبائل التي لا تقبل الانصهار في بنيات الدولة الوطنية وتفضل العيش على الصراعات الدموية , ومن يسبق في ركوب الدبابة والاتجاه بها إلى القصر الجمهوري والاذاعة , الجنوبيون أصحاب ثقافة مدنية توارثوها من الاستعمار البريطاني وهذه حقيقة لا يستطيع احد إنكارها عززوها بعد الاستقلال وحاربوا بها كل مظاهر الأمية والتخلف والرشوة والفساد ومظاهر المشيخه والقبيلة و استطاعوا بناء دولة مؤسسات وقانون قُضي عليها بعد الوحدة عبر مخطط مرسوم بدقة من قبل المخلوعين صالح وحزب الإصلاح( الإخوان المسلمين في اليمن ), ولكن من قضى على دولة الجنوب بعد الوحدة بالسلاح والبطش لم يقدر على تدمير مجموعة المبادئ والتعاليم والضوابط الأخلاقية وروح المدنية عند الجنوبيين, ولم يستطيع قتل أملهم في استعادة دولتهم التي حان وقتها الآن, أما الإخوة في الشمال فعليهم الاعتراف بالحقيقة بأن الوحدة قد انتهت , و أنهم بحاجه ماسة لثورة تنويرية شاملة في جميع مجالات الحياة تبدأ بتعليم الفرد الولاء للدولة وليس للقبيلة و بغرس مفهوم التعليم واحترام الآخرين وحرياتهم الشخصية بواسطة مؤسسات الأعلام والتعليم مع تحييد كل التراث الديني والإرث السيئ المرتبط بمفهوم القبيلة والمذهب القائم على الدم والتدمير و التكفير , التي تعتبر ثوابت إستراتيجية في نظام القبيلة المتخلف .

د / مروان هائل عبدالمولى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سرايا القدس: خضنا اشتباكات ضارية مع جنود الاحتلال في محور ال


.. تحليل اللواء الدويري على استخدام القسام عبوة رعدية في المعار




.. تطورات ميدانية.. اشتباكات بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحت


.. ماذا سيحدث لك إذا اقتربت من ثقب أسود؟




.. مشاهد تظهر فرار سيدات وأطفال ومرضى من مركز للإيواء في مخيم ج