الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اجاجا 1

طالب الجليلي
(Talib Al Jalely)

2015 / 3 / 16
الادب والفن


اجاجا

جاءت تسمية منتدى اجاجا من اغنية لشامي كابور الممثل الهندي المشهور والأغنية التي غناها في احد افلامه التي أخذت لها جولة في صالات العرض السينمائية في الستينات من القرن الماضي .. ولان منتدانا هذا كان محطة استراحة لنا فقد اجتمعت فيه كل فنون الراحة البريئة من جلسة سمر جمعت زمرة من المثقفين من كتاب قصة وشعراء وفنانين تشكيليين وممثلين مسرحيين وهواة أدب وموسيقيين وملحنين وسياسيين (متقاعدين طبعا!!) وبعض الأصدقاء من البعثيين واحيانا اناس طارئين ممن يجيدون فن التنصت وكتابة التقارير والذين لا يمكن طردهم او محاولة عدم قبولهم ..!!! كانت تسمية اجاجا للتندر والسخرية والتخفي والخوف مما لا يحمد عقباه من كبد الحاقدين والحساد ، وللأمانة لا احد يعرف بالضبط لماذا وكيف اطلق ذلك الاسم !! لكنها كانت قد اتخذت من السم عنوانا لا تخطئه عيون الأمن والمخابرات وهم يجدون فيه محطة لعريان السيد خلف وكريم العراقي وكاظم اسماعيل الكاطع وسعدون جابر وكريم منصور وكل شاعر وأديب يزور العمارة او يمر بها وهو في طريقه الى البصرة او الهور او جنديا ملتحقا بوحدته في الجبهة حيث ينتظر هناك إجازته القادمة عائدا الى عائلته فرحا بها او جثمانا ملفوفا بعلم العراق .....
الصالة لا تتعدى مساحتها الثلاثة في اربعة أمتار !! فكيف كانت تستوعب هذه الاعداد ؟!
كلا كان عدد الحاضرين لا يتجاوز العشرة افراد كأعلى رقم وبضمنهم شخصان فقط هم من كانوا يؤمنوا التسوق و ترتيب الغرفة وغسل الأواني وحسب جدول دوري موزع على الشباب من اعضاء المنتدى...كان المرحوم طارق هو الذي تبرع بغرفة من مخزن محله وجعله ملتقى لأصدقائه الذين كانوا يمثلون الرئة التي كان يتنفس بها بعد ان منحه الخالق رئتين كانتا بالكاد يكفيان له ان يتنفس ربع ما يحتاجه جسمه الذي استقرت به تلك الروح الشفافة والطيبة اللامتناهية ... كان طارق أحدبا قصير القامة .. كانت رأسه الدقيقة غاطسة في صدره الذي كان مندفعا الى الامام كصدر البجعة .. لم نستطع ان نلحق بابا زياد أناقة وذوقا وطيبة وثقافة وهدوء وحلم وقناعة ليس لهم حدود... طارق صاحب بونيك طارق للملابس النسائية ....
كان محله يقع على رأس زقاق ضيق .. بل كان شبه زقاق تطل على جانبيه داران اوثلاثة ثم تغلقه دار اثرية صغيرة يتوسط واجهتها باب خشبي متآكل يؤدي الى درج مكسو ب( الفرشي) المتآكل ينزل بك الى الأسفل بدكتين او ثلاثة الى باحة تظللها السماء ..دار عمرها لا يقل عن قرن!! تلكم هي أجاجا.. مخزن يتكون من باحة صغيرة مكشوفة وغرفتين ودورة مياه وحوض اسمنتي مربع تعلو أحد اركانه حنفية ...كانت رائحة طابوق الدار المكشوف والعتيق وبلاط ( الفرشي) الذي كان يكسو أرضية الدار ترحب بك وهي تخبرك بعمر البناية وتاريخ المدينة و هوية العوائل التي سكنت هنا على مر العقود .. هنا تجد خطوطا محفورة يخيل لك انها نجمة داوود !! وهناك ما يشبه الصليب و أخريات تشبه سيفا او زورق ..وأحيانا تجد كتابات وما يشبه الطلسم ...كانت رائحة الطابوق الأحمر مميزة وذات هوية خاصة بها وكأنها تقول انا اتيت من قاع مملكة البحر .. مملكة ميسان ولا زلت احمل بين أحشائي شيئا من عشبة الخلود التي جاء يبحث عنها جلجامش في رحلته الطويلة في بحر ميسان..
كانت الغرفة الصغيرة تضم كارتونات واغراض تعود الى محل طارق .. اما الغرفة الاخرى الأوسع مساحة فقد كانت قلب أجاجا الذي كان ينبض بالشعر والقصة والموسيقى والمسرح والاجتماع والتاريخ..! كان منتدى لمجموعة صغيرة من الأصدقاء الذين كانوا يلجئون هنا ليلا لكي ينفضوا همومهم ويترجمونها الى شعر وقصة وموسيقى وغناء.. كانت جدران الغرفة وسقفها مكسوة بحصيرالقصب ( البواري) وقد نقشت ريشات فناني أجاجا عليها لوحات من واقع المدينة واهوارها وأزقتها وشناشيلها وأسواقها وباعتها .. وكان اجمل ما في تلك اللوحات هو ما تحمله من روح وحب وانتماء بثها أولئك الفنانون ..
تلك هي اجاجا

يتبع
لا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ليه أفلام نصر أكتوبر اتعملت بعد الحدث بكتير؟.. اعرف السبب من


.. الفنانة الكبيرة نيللي لسة بنفس الانطلاق وخفة الدم .. فاجئتنا




.. شاهد .. حفل توزيع جوائز مهرجان الإسكندرية السينمائي


.. ليه أم كلثوم ماعملتش أغنية بعد نصر أكتوبر؟..المؤرخ الفني/ مح




.. اتكلم عربي.. إزاي أحفز ابنى لتعلم اللغة العربية لو في مدرسة