الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملاحظات سريعة حول مقولة -انهيار الاقتصاد -

محمد نجيب وهيبي
(Ouhibi Med Najib)

2015 / 3 / 17
الادارة و الاقتصاد


1- هل ينهار الاقتصاد ؟ ام ينهار اقتصاد ما ؟ إن نظرنا لهذه المقولة في شكلها المطلق والمجرّد ، ستكون الاجابة قطعا لا !! فلا يُمكن للنشاط البشري المتعلّق بالانتاج والاستهلاك والتوزيع والتبادل وتقاسم الربح ...الخ ان ينهار بكليّته دُفعة واحدة ! الاّ متى توقّف البشرُ عن النشاط مرّة واحدة ، بما فيها أنْشِطةُ الاستهلاك البيولوجي ( الاكل وغيره مثلا ) .
اذا فما المقصود من هذه المقولة التي تروّج دوما ؟ . إنّها بكلّ بساطة تعبيرة نصفُ حقيقية ونصف مُعلِنَةً ، للجزع الرأسمالي من الإنهيار الحتمي للإقتصاد الرأسمالي بالذات ، ذلك النشاط البشري الذي يَقوم على وثنية السلع ، وتقديس "معبد" الربح و " كهنته" من الرأسماليين والسماسرة ، مُقابل إسْتِعباد مالكي قوّة العمل والمنتجين الحقيقين للثروة ، وتحويل قيمة قوة عملهم الى قربان يُقدّمُ على "مذبح" قانون الربح . هذا الاقتصاد بعينه ، او هذه التشكيلة الاجتماعية الاقتصادية ، يُمْكِنُ أن تنهار نتيجة التناقض الطبيعي المضطرد بين علاقاتها ومكوّناتها الخاصّة وبالذات ، نتيجة التناقض بين طبيعة هذا النشاط البشري المشترك (الاقتصادي- الاجتماعي ) وبين قانون الربح ، طبيعة الربح الاحتكارية ، الخاصّة ، الرأسمالية التي تعارض بشكل مطلق كل انواع المشركة او النشاط المشترك .
ولكن حتى هذا النوع من الانهيار لسنا بصدده ، بل لم نتلمّس بعد بشائره !! فما المسكوت عنه في مقولات انهيار الاقتصاد !! نتيجة للاضرابات ( كما يُقال ) !! او للمطالبة بالحقوق الاجتماعية للعمّال والاجراء !!! ... الخ . إنّه بالتحديد وبالذات ، انهيار مُفزٍعٌ لِجُزء واحد من العلاقات ، من كل هذا النشاط البشري الخلّاق المُبدع والمتنوّع ، انّه انهيار ( او الاصح تدهور ، تراجع ، تغيّر ...) في الربح ( قيمته ، نسبه، وجهته ...الخ ) ، فقط لا غير ، وحتى هذا التراجع مؤقت، إلى حين استرجاع السوق لتوازنه الرأسمالي مرة أخرى حتى تعود الامور الى نصابها . فلما كلّ هذا الجزع من وضع مؤقت ؟ . هنا تكمن الاجابة والحقيقة المسكوت عنها ، والمتعلّقة بتنكّر الاه قانون الربح لكهنته القدم وتغييره إيّاهُم بآخرين أكثر قدرة على مجاراته في تعطشه لقرابين قوة العمل ، ولذا كلّ هذا الجزع ، الذي يُطلقه السماسرة والرأسماليين ( خاصة الاكثر طفيلية منهم ، والاضعف في حلقة الاستعباد ..) إنه خوفهم الخاص من إنهيار ربحهم الخاص ، من خروجهم السريع من دائرة المحضيين ومن كونهم من "كهنة" معبد الربح وقانونه ، اما بقية القوى المُنتجة فلا شأن لها بهذا الانهيار ، فأمّا المُفَقّرون منهم فهم يعانون انهيارا دائما ، وامّا العمال والاجراء فتدور احوالهم دورتها وتتغيّر قطاعاتهم مع تغيّر المنظومة وتوجّهاتها ليجدوا موقعهم في النهاية ، كما كان عبيدا ، تُبّعًا لواقع الانتاج وكهنة المعبد الجدد ، وأمّا الرأسماليون الكبار (كبار الكهنة ) فيعوٍّضونَ ما فاتهم بِسطْوةِ قانون الربح الذي يعود بعد كلّ مرّة أكثرِ شراسة ، وهذا ما يُسمى توازنات اقتصاد السوق الراسمالي .
- فهل تؤدي الاضرابات ، والزيادات في الاجور ، الى إنهيار الإقتصاد ؟ قطعا لا حتى بمعنى تعطيل الاقتصاد الرأسمالي ، وقانونه المقدّس ، أي الربح ، تظلّ الإجابة نفسها ، قطعا لا ، للسبيب البسيط أنّه في نهاية الدورة الإقتصادية ، بالعودة الى الاستقرار والتوازن الرأسمالي ، تضاف "تكلفة الإضراب " في النهاية والمحصّلة الى تكلفة الانتاج ، ومنها الى الاسعار ، ليعود هامش الربح الى نسبه الأصليّة او أكثر ، اما من زاوية الترفيع في الاجور فهي تنعكس مباشرة على الترفيع في تكلفة الانتاج وبالتالي الاسعار وهامش الربح ، الى جانب ارتفاع مجموع الربح بارتفاع الاستهلاك ... الخ ، كما ترتفع قيم الربح النسبية والمطلقة على حدّ السواء بارتفاع قيمة قوة العمل النسبي (فالعمل هو المنتج الوحيد لكل القيم الأخرى ) ، نتيجة للترفيع في انساق الاستغلال إمّا عبر المكننة المفرطة (الأتمتة ) أو عبر التشديد في ظروف العمل ، بعد الترفيع في الاجور . إذا وفي النهاية لا يُحصّلُ الاجير عموما تحسينا في شروط عيشه ، لأنّه فقط يضمن لنفسه تحسين قدرته في اللحاق بإرتفاع الاسعار لا غير ، بينما يُحقّقُ الرأسمالي بشكل عام في المحصّلة تضَخُّما في مجموع الربح المطلق وارتفاعا مضطردا في قيمته ونسبته لعموم النشاط البشري ، للانتاج والتبادل والاستهلاك ( المسمى : إقتصادا ).
-2-
هل تفلس الدول ؟
الدول لا تُفْلِسُ بالمعنى التقليدي للافلاس ، اي بمعنى العجز عن سداد ديونها السائلة (حاجتها للنقد ، اجور ، استثمار ، احتياطيات نقدية ... الخ ) ، لأنها ببساطة ليست شركات مُساهمة واصولها الثابتة لا تُرهن ، فأساسها الأرض وقوة العمل الدائمة مُتَمثّلة في مواطنيها ، الخالقة الحقيقية وعلى مرّ العصور للقيمة والقيمة والمضافة ولكل الخيرات وعلاقات الانتاج الاجتماعية بما فيها الربح وتوزيعه واعادة توزيعه في كل أشكاله (الرسمية ) المُقنَّنةِ والموجودة في شكل الجنان الجبائية والخيرية ، والسوداء وحتى التي لا يدركها العامة !!! ( المقصود هنا ليس عامة الشعب الكادح لأنه لا يدرك بطبيعة حياته وطيبته المتآصلة الا ما يجعله وأحبته وجيرانه سعداء ، المقصود هو مجموع المتمعشين والمقتتاتين ، من اشباه البرجوازية والمُتعيشين على حساب التاريخ من اوضاع تُسَمى خطءا وزورا ، إستقرارا اقتصاديا !!!! ) .
انّها فقط (اي الدولة ) تعاني عجزا في موازناتها ، نتيجة لخياراتها السياسية والاقتصادية ، المنحازة لهذه الطبقة او تلك لهذه الشريحة (القطاع) او تلك ، وهي في حالتنا هذه تُظْهِرُ إفلاسها !! كتعبيرة عن تَغيُّرِ نسب واتّجاهات الربح بين التقليدية بين مختلف الفاعلين الاقتصاديين ، رابطة بشكل ميكانيكي عجزها بتقلّص هامش ربحهم ، جاعلة من نفسها لاحقة وتابعة لعملية الانتاج والتنمية عوض ان تكون قاطرة لها ، بوصفها المنتج والمستهلك الأكبر بمعنى أنّها الفاعل الاقتصادي الاول الذي له القُدْرَة على توجيه بقيّة العناصر الاخرى .
اذا فالدولة بوصفها كيانا لادارة العلاقات الاجتماعية والاقتصادية ، لا تُفْلِسُ إنّها فقط تُرحّل في الزمن والحجم ديون المجموعة الوطنية ، بعمليّات اقتراض داخلي وخارجي جديدة ، تُسدّدُ بها ديونها القديمة وتواجه بالباقي مصاريف توسّع الاستهلاك ، وهنا تكمن العلّة والمخرج في آن واحد ، اي طبيعة ووجهة تطوّر النفقات العمومية وآلية ادارتها وفق الاولويات المرتبطة بصالح طبقية مُخْتلفة (بلغة اخرى الحوكمة ) وفق البرامج الحكومية المختلفة المنتصرة لهذا الطرف او ذاك من عملية الانتاج والاستهلاك .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأسبوع وما بعد | قرار لبوتين يشير إلى تحول حرب أوكرانيا لصر


.. بنحو 50%.. تراجع حجم التبادل التجاري بين تركيا وإسرائيل




.. العربية ويكند الحلقة الكاملة | الاقتصاد مابين ترمب وبايدن..و


.. قناطير مقنطرة من الذهب والفضة على ضريح السيدة زينب




.. العربية ويكند | 58% من الأميركيين يعارضون سياسة بايدن الاقتص