الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لمن تدق الأجراس - حذارى من شعب بلا كاتالوج

شريف عشري

2015 / 3 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


لمن تدق الأجراس - حذارى من شعب بلا كاتالوج
**********************
حقيقة مؤكدة وهى ان الشعب المصري يعتبر "شعب بلا كتالوج "...بمعنى ان ردة فعله دائما غير متوقعة وخصوصا فى الفترات الأخيرة بدءا من انتفاضة 25 يناير وحتى الان ...لم يكن يتوقع أحد ان يقوم الشعب بانتفاضتين خلال ثلاث سنوات ...بل لم يحدث هذا الأمر أبدا فى تاريخ الثورات والانتفاضات .. لكنه مما بات لا شك فيه أنه شعب يريد ان يعيش ... قديما وقبل تطور التكنولوجى ووسائل الاتصالات من انترنت وساتالايت وخلافه كانتا النافذتين الوحيدتين اللتين يطل منهما الشعب المصري على العالم الخارجى هما القناتان الحكوميتان الأولى والثانى ... وكان الإعلام موجه بالطريقة التى معها يتم غسل الأدمغة وتلقينها ثوابت معينة أو تحييدها التحييد الكامل الذى معه أصبحت فى حالة استرخاء كامل واجازة مرضية ... لكن مع التطور انفتحت أعين الشعب بمختلف طبقاته وأصبح يطل على العالم الخارجى ويلاحظ مابه من تطورات مذهلة فى كل المجالات ...ومن هنا جاء الأحساس بالحسرة والمرارة ...ففى الوقت الذى يتقاتل فيه الناس على رغيف الخبز أو على مكان يسمح حتى بالوقوف فى المواصلات العامة (ونؤكد الوقوف وليس الجلوس) ..وفى الوقت الذى يعانى فيه الناس من شظف العيش ودورة الحياة الروتينية المملة بحثا و سعيا وراء الرزق الذى يفى بالكاد حد الكفاف ..وفى الوقت الذى يعانى فيه الشعب من انحطاط فى المعيشة وتدهور على كل المستويات التعليمية والصحية ..الخ ..أصبح هذا الشعب من خلال اطلالته على العالم الآخر من وسائل الانترنت والساتاللايت وبرامج التوك شو ..اصبح يرى مدى الهوة العميقة بين مسيرته ومسيرة معظم دول العالم والتى اصبحت تقدر بمئات السنوات ...فكانت الفجوة المعيشية والحضارية و أصبحت تلك الفجوة تزداد بين مصر وبقية البلدان المتحضرة بصورة سريعة وكبيرة على مر الزمن ...وبناءا عليه اصبحت طموحات لشعب منطلقة للأمام وتفتحت عيونه على أمور لم يكن يدرى عنها شىء من قبل هذا التطور التكنولوجى وهذا الانفتاح على الخارج ...وذلك بسبب الغمامة السوداءالتى فرضت عليه فرضا و التى حجبت عينه عن الرؤيا فجعلته يعيش فى جو من التعتيم الواضح الذى جعله شعبا ( لا يري ولا يسمع ولا يتكلم ) !
مخطىء من يقول أن ماحدث فى 25 يناير هو من قبل المؤامرة بنسبة 100% ...فلو سلمنا بهذا الإدعاء لأصبحنا مثل الإخوان الذين يرددون مقولة "أن ماحدث فى 30 يونيو هو فوتوشوب صنع بمهارة عالية بواسطة خالد يوسف !"
ماحدث فى 25 يناير لم يكن له ان يحدث لولا أن وجدت البيئة المواتية لحدوثه من تذمر وتمرد شعب إنفتحت أعينه ونشط ذهنه وتطلع للخارج وطمح بان يقلد أقرانه من الشعوب المتحضره ..حيث التمتع بالديمقراطية والعيش الكريم ... ولا ننفى أن المؤامرة جزءا مما حدث لكنها وجدت قبولا عند الشعب الطامح المتمرد على أحواله البائسة ...مما أوصلنا لمرحلة أن تسلق المتسلقون ووثب الواثبون على انتفاضه شعب كل حلمه انه اصبح يطمح فى حياة كريمة ..ولما انكشف المزيفون والمرتدون عباءة الدين كستار يخفى وراءه كم من الحقد والكراهية للحياة بل وكم رهيب من الطمع فى السلطة ...فقط السلطة ولاشىء سواها .. هنا كان للشعب نقطة نظام اخرى ومن ثم خرج مرة ثانية فى غضون ثلاث سنوات لكى يلفظ الخونة ويطرح المنافقين فى أقرب صفيحة قمامة ..ومن هنا كانت انتفاضة 30 يونيو ...
ما نحب أن نشير اليه تأكيدنا على ان ما حدث فى 25 يناير و 30 يونيو هما من قبيل الإنتفاضة وليس الثورة ...ذلك لأن الثورة لكى يطلق عليها ثورة بالمفهوم السياسي لابد وان تحدث تغييرات هيكلية فى مفاصل الدولة ..الأمر الذى لم يتحقق فى أحداث 25 يناير فباتت إنتفاضة وليست ثورة ..أما بخصوص 30 يونيو فهى مازالت محل تقييم حتى تلك اللحظة ...بحيث لو أدت بالفعل لحدوث تلك التغييرات الجذرية والتى لابد وان تنعكس مباشرة بالايجاب فى حياة المواطن البسيط من هنا يمكن ان نقول ان ماحدث فى 30 يونيو ثورة وليست انتفاضة ..والحقيقة أننا نتمنى ان نقول أنها ثورة وليست انتفاضة .. لأننا لا نعلم ماذا يمكن ان يحدث ان اخفقت انتفاضة 30 يونيو فى تحقيق أهدافها ولم ترتق لمرتبة الثورة !
من هنا وجب التنويه على ان النظام الحالى يأخذ على عاتقه مهمة انجاح انتفاضه 30 يونيو ويكون هدفه الأسمي هو على الأقل ابداء تغيير ملحوظ فى حياة المواطن البسيط فى الأجل القصير مع رفع مستوى الرفاهة على الأمد الطويل ... وهذا الهدف لا يمكن ان يتحقق دونما المرور على فتح عدة ملفات وعلى رأسها يأتى ملفات : الأمن-مكافحة الفساد - الإقتصاد - الصحة - التعليم -التثقيف والتوعية ...وتلك الملفات لايمكن لها أن تنجز بكفاءة وفعالية دونما أن تحدد الدولة الإطار أو المناخ العام الذى ينبغى أن تعمل فيه ...وهو " المناخ العلمانى " بدون أدنى شك والذى يعتمد على فصل الدين عن السياسة وتطليقهما من بعض طلاقا بائنا بينونة كبرى ... فالتجربة أثبتت أن أكثر الدول التى حققت بونص كبير فى نجاحها هى "دول علمانية" ..بينما مادون ذلك من الدول مازال يعنى من التخلف والفقر والارهاب ...بل يعيش وبالا عن الدول الرائدة ...وعالة على الأرض بأسرها ..بل أصبح مصدر تهديد لفناء الكرة الأرضية برمتها !
إذن ماسبق كانت الرؤيا الماكرو Macro view أو الشاملة للوضع برمته وكيفيه النهوض بالدولة ...لكن ما يهمنى فى هذا الأمر أن النظام الحالى بقيادة "السيسي" بالفعل وضع يده على نقاط التماس وبدأ بالفعل فى التحرك وفتح ملف الأمن بل بدأ بفتح ملف الإقتصاد من خلال إدراكه بأن أى إقتصاد لا تقوم له قائمة دونما أن يتم البدء فى الإستثمار ودوران عجلة الانتاج كمفتاح لكسر الحلقة المفرغة للفقر ...ولكن بسبب قلة أو ضعف الموارد الادخارية المحلية اللازمة لتمويل الاستثمارات الطموحة كان القرار بضرورة تسويق مصر كمركز جذب للاستثمارات الأجنبية المباشرة من شتى بقاع الأرض ...فكان هذا التسويق من خلال إقامة "مؤتمر اقتصادى" على اعلى مستوى من الأهمية بل يمثل نقطة فارقة فى تاريخ مصر المعاصر ...وعلى الرغم من تضارب الأقوال والأرقام بشأن كمية الموارد المالية التى وردت لمصر بصدد المساهمة فى مشروعاتها الطموحة القادمة إللا اننا لا يمكن إنكار انه قد دخلت لمصر بالفعل موارد ..وأن هناك ثمة أمل ونور على الطريق ..لكن الأهم الآن هو كيفية إدارة تلك الموارد ...وبشفافية تامة ...وعموما يتوقع أن يتم استغلالها فى مشروعات البنية التحتيةInfra-structure كالكهرباء والطرق والكباري والمياه ...الخ وتلك المشروعات بالفعل تحتاج لرؤوس أموال ضخمة فضلا عن أن فترة استردادها Payback period( او مدة الإتيان بثمارها ) تتراوح بين 5 الى 10 سنوات ... وهذا بالطبع شيء حيويى وضرورى للنهوض بالاقتصاد ككل حيث ان تلك المشروعات تعتبر بمثابة البيئة المواتية لأى إستثمار أو عمليات إنتاجية قادمة ..فالمصنع على سبيل المثال سوف يحتاج للوجستيات للنقل Logistics Transport وسوف يحتاج للطاقة الكهربية وللمياه ...الخ من تلك المرافق المهمة والتى بالفعل اصبحت منهكة خلال العصر البائد السابق ...اذن تلك المشروعات هامة لكن نتائجها سوف تظهر فى الأمد البعيد ..إلا ما يهمنا الآن هو الأمد القصير ...فكما ان هناك رؤية بعيدة المدى لابد وان يكون هناك رؤية قصيرة المدى .. فامواطن المصري يريد أن يستعيد ثقتهفى حكومته والنظام الحالى وهذا أمر ضرورى لسد أى ثغرة يحاول ان ينفذ من خلالها دعاة الدمار والارهاب ...فهؤلاء يعملون دائما بموجب استراتيجية تدمير العلاقة بين المواطن وبين النظام الحاكم لزرع الفتن والفوضى ومن ثم يتسني لهم مرة أخرى فرصة الوثوب على السلطة كما فعلوا إبان وبعد انتفاضة 25 يناير ..وعلى الصعيد الآخر نرى أن النظام الحالم الحالى يريد استتباب الأمن وتحقيق الاستقرار الاجتماعى والاقتصادى لبدء السير للأمام ...وبالتأكيد هذا طموح الشعب ...لكن لكى ينجح النظام الحالى فى تحقيق أهدافه لابد له وأن يبرهن على مصداقيته ..والبرهنة على المصداقية لا تتم فقط بالحل الأمنى ولكن هناك خطوات هامة ينبغى على الانظام الخوض فيها والبدء فى تنفيذها اولاها وأهمها هو مكافحة الفساد بشتى انواعه ( المالى والادارى والاقتصادى والسياسي والقانونى ) ثم ضرورة التصدى وبفعالية للمشكلات التى يواجهها المواطن فى حياته اليومية ..كأزمات البوتاجاز ..وقطع النور .. ارتفاع بعض السلع الاستراتيجية ومنها الدواء .....الخ .. ثم بعد ذلك ضرورة تخصيص جزء من الموارد المتدفقة نتيجة إقامة المؤتمر الاقتصادى لاجراء اصلاحات هامة وفورية "وتدابير لا تحتمل التأخير "فى هيكل الاقتصاد كمساعدة الشركات المتعثرة أو اعادة تشغيل المصانع المغلقة أو تحقيق نسبة من التشغيل فى العمالة بين الشباب ومكافحة البطالة من خلال المشروعات الصغيرة small scale projects ....الخ من تلك الإجراءات السريعة والتى بموجبها يمكن ان يشعر المواطن البسيط بتحسن ملحوظ فى حياته اليومية ...فيستعيد ثقته بنظامه الحاكم وتسد كل الثغرات التى يجاهد فى فتحها أعداء الوطن ..ومن ثم يمكن تلافى أى ردة فعل غير متوقعة من شعب بلا كاتالوج .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحوثيون يعلنون بدء تنفيذ -المرحلة الرابعة- من التصعيد ضد إس


.. تقارير: الحرب الإسرائيلية على غزة دمرت ربع الأراضي الزراعية




.. مصادر لبنانية: الرد اللبناني على المبادرة الفرنسية المعدّلة


.. مقررة أممية: هدف العمليات العسكرية الإسرائيلية منذ البداية ت




.. شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي على خان يونس