الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ستوكهولم: إحياء الذكرى ال 27 لجريمة حلبجة

محمد الكحط

2015 / 3 / 18
الارهاب, الحرب والسلام




حلبجة، كي لا ننساها، ولتغدو المدينة التي أرادوها حطاما، مدينة للسلام وشعلة من أجل الحرية، ولأجل ذلك أقامت السفارة العراقية في السويد بالتعاون مع ممثلية حكومة إقليم كردستان حفلا لإحياء ذكرى جريمة حلبجة، يوم الأثنين 16 تموز في ستوكهولم، في بناية المركز الثقافي العراقي في السويد، حضر الحفل السلك الدبلوماسي في السفارة العراقية يتقدمهم السفير العراقي في مملكة السويد الأستاذ بكر فتاح حسين، والوزير المفوض في السفارة الدكتور حمكت جبو، وحضر رئيس دائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في وزارة الخارجية السويدية السيد روبرت رايدبيرين.

كما حضر عدد من السفراء والدبلوماسيين من ممثلي السفارات الأجنبية المتواجدة في السويد، منهم سفير دولة الكويت ولبنان وليبيا والسودان وفلسطين وأرمينيا ونيكاراغوا وماليزيا واندونيسيا وتركيا وممثل عن السفارة الجزائرية والقائم بأعمال السفارة الإيرانية كما حضر عدد من أعضاء البرلمان السويدي، وعدد من الشخصيات السياسية والثقافية والإعلامية العراقية، وجمهور من أبناء الجالية المتواجدين في ستوكهولم.

في الاستقبال كان هنالك معرض للفن التشكيلي للفنانين حسين القاضي وعباس الدليمي، أعمال تعكس حجم معاناة شعبنا من جرائم نظام صدام ومن الأعمال الإرهابية لداعش ومثيلاتها.
بدأت الفعالية مع عزف للناي الحزين وصور عن مأساة حلبجة ومعاناة سكانها المسالمين.




لنتذكر مدينة حلبجة الجريحة، حيث قام النظام الديكتاتوري البعثي بقصف المدينة يوم 16 آذارعام 1988 بالغازات السامة والمحرمة دوليا، راح ضحيتها خمسة آلاف شهيد من المدنيين العزل من الأطفال والنساء والشيوخ وإصابة عشرة آلاف آخرين وتم تهجير الآلاف من أبناء بلدنا قسرا من بيوتهم، لقد هزت هذه الجريمة الضمير الإنساني في كل مكان.
تقدمت السكرتير أول في السفارة العراقية السيدة بان احمد فضلي بكلمة ترحيبية دعت الجميع للوقوف دقيقة صمت حدادا على أرواح شهداء حلبجة، بعدها تم عرض فلم عن حلبجة من انتاج وزارة الثقافة والشباب في إقليم كردستان، حاكى تاريخ المدينة ومن ثم ما تعرضت له من جريمة نكراء، وتابعت السيدة بان تقديم فقرات البرنامج، والتي توالت تباعا.




حيث كانت كلمة السفير العراقي الأستاذ بكر فتاح حسين التي أشار فيها على أبعاد الجريمة وآثارها، شاكرا الحضور لتلبيتهم الدعوة لأحياء ذكرى هذه المأساة وعلينا العمل جميعا كي لا تتكرر مستقبلا، ومما جاء في الكلمة ((منذ ذلك اليوم المشؤوم صارت حلبجة رمز آخر للمآسي الانسانية، حالها في ذلك حال مدينتي هيروشيما وناغازاكي. وبعد أن اصدرت المحكمة العليا في العراق حكمها العادل باعتبار ما جرى في حلبجة والأنفال من جرائم الابادة الجماعية التي استهدفت الشعب الكردي، ولكن مئات المقابر الجماعية التي اكتشفت في كافة انحاء العراق بعد سقوط النظام الدكتاتوري السابق، أظهرت ان الابادة الجماعية كانت شاملة لجميع مكونات الطيف العراقي،عرقيا ودينيا.
واليوم يواجه العراق والعراقيون استمرارا لكارثة الابادة الجماعية، ولكن هذه المرة على يد منظمة (داعش) الإرهابية الطائفية، التي شمل إرهابها جميع مكونات الشعب العراقي، وخاصة من الأقليات العرقية والدينية. أن هذا التنظيم الارهابي عمل ويعمل في سبيل القضاء على التمايز والتعددية الجميلة التي تميز بها العراق على مدى آلاف السنين. فقد شن هجمات مبرمجة على الاقليات العرقية والدينية، وأقدم على ارتكاب جرائم قتل جماعية بين الايزديين والاشوريين والكلدان والشبك والتركمان والأكراد والعرب، وقام باغتصاب المئات من النساء، وشرد الملايين من بيوتهم ولم تقتصر جرائهم على البشر، وإنما امتدت اياديهم الآثمة الى التراث التاريخي والموروث الثقافي والحضاري الذي كان ذخرا للعراق وموضع فخره أمام العالم على مر العصور. وقام هؤلاء المتخلفون بحملة وحشية لإزالة الآثار وتفجير دور العبادة لمختلف الأديان وتحطيم التماثيل ومعروضات المتاحف الأثرية، وكانت اخر جرائمهم في هذا المجال جريمة محو مدينة النمرود الأثرية من الوجود.
تقول دروس التاريخ ان الكوارث والمحن الكبيرة تصنع الامم القوية. ان العراق يقوم الآن بالتصدي للإرهاب الطائفي نيابة عن العالم أجمع ونعمل جهدنا لإيقاف انتشاره. ورغم الخسائر الكبيرة التي تعرضنا لها إلا انني واثق من صمود شعبنا، وان قوى التصدي فيه المتمثلة في قواتنا المسلحة والبيشمركة والحشد الشعبي والتنظيمات والقوى المسلحة التي شكلتها الأقليات الاثنية والدينية ستحقق في الايام القريبة القادمة انتصارات كاسحة على هذه القوى الظلامية كما تبشرنا الأخبار الأخيرة الواردة من الوطن، وسينهض العراق مجددا ويعود الى مكانته الطبيعية في العالم.
وأود هنا ان اتقدم بشكري للمجتمع الدولي الذي شكل تحالفا كبيرا لنصرة العراق، ويقدم له شتى أشكال الدعم في محاربة هذا التنظيم الإرهابي وأتمنى ان يتوسع هذا التحالف، وان يشارك فيه جميع دول العالم، وان يستمر في عمله ولا يقتصر على تقديم الدعم العسكري وحده، وانما مواصلة محاربة الفكر المتطرف في جميع انحاء العالم من خلال تجفيف منابعه الفكرية والمالية، حتى يتم القضاء نهائيا على جميع مخلفاته.
وهنا أوكد على ان إدانة ومعاقبة مرتكبي جريمة الإبادة الجماعية في حلبجة والأنفال في وقتها وساعة حدوثها كانت كفيلة بردع مثل هؤلاء المجرمين ومنعهم حتى من التفكير بالقيام بمثل هذه الاعمال الاجرامية.
اننا نفهم بالطبع ان انزال الهزيمة بالإرهاب والتطرف لا يكون بالوسائل العسكرية وحدها، وإنما هناك حاجة ماسة لخوض نضال فكري طويل لمحو الاثار السيئة التي تركتها وتتركها في نفوس وعقول أنصار الإرهاب والتطرف.
ان العراق وبعد تشكيل الحكومة الجديدة التي تشارك فيها جميع المكونات يدرك هذه الحقيقة، ويريد أجراء اصلاحات شاملة في كل مفاصل الدولة وفي المقام الاول من خلال نبذ الطائفية واستحداث فرص عمل جديدة تستوعب العاطلين عن العمل وتطبيق مبادئ القانون ونشر العدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد الذي لا يقل خطرا عن الارهاب.
ان إزالة الخوف والرعب من عقول أجيال العراقيين الذين عاشوا أهوال مأساة حلبجة والأنفال والحروب التي شنها النظام السابق، وشاهدوا قمع انتفاضة عام 1991، والجرائم التي ارتكبت باسم الطائفية المقيتة، وجرائم التنظيمات الارهابية الحالية، ليس بالعمل السهل اننا نحتاج في هذا المجال أيضا الى دعم المجتمع الدولي وخبرته في هذا المجال.
لقد قامت حكومتنا بتعويض حلبجة على المأساة التي عاشتها، وأعطتها صلاحيات كثيرة بعد ان شكلت منها محافظة هي المحافظة الـ 19 في العراق والرابعة في كردستان. ونحن نتطلع الآن الى ان يقوم المجتمع الدولي بإنصافها كذلك من خلال تكريمها دوليا وتسميتها مدينة السلام.
وهنا لا يسعني سوى ان اقدم جزيل شكري للبرلمان السويدي الذي اعتبر ما حدث في حلبجة من أعمال الإبادة الجماعية، وان اقدم خاص شكري للشعب السويدي الصديق الذي يحتضن اكثر من 200 الف عراقي، وان اشكر الحكومة السويدية على الدعم الفعال الذي تقدمه للعراق في الكثير من المجالات، وخاصة المساعدات الانسانية لضحايا الإرهاب والدعم في مجال مكافحة الإرهاب)).

أما كلمة السيد روبرت رايدبرغ رئيس دائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في وزارة الخارجية السويدية، فورد فيها ((اننا لا ننسى هذه الجريمة وما أدت اليه من تراجيديا بشرية، واليوم نجد داعش تمارس الإرهاب بأبشع صوره، وتحاول العودة بالتاريخ الى الوراء، وأكد ان الحكومة السويدية مستمرة بدعم الجهود من أجل السلام)).



وكان لممثلية حكومة إقليم كردستان في السويد وشمال أوربا كلمة ألقاها السيد شورش قادر رحيم، والتي أشار فيها إلى حجم الدمار والخراب الذي لحق بمدينة حلبجة ومأساة أهلها وتشرد من بقي حياً منهم. والتي علينا اليوم ان نعمل من أجل ان لا يكرر ذلك ليس من أجلنا فقط بل من أجل الجميع.




وكانت هنالك كلمة قصيرة لسفير دولة الكويت الأستاذ علي إبراهيم النخيلان وهو عميد السلك الدبلوماسي العربي في السويد والذي أستذكر جرائم نظام صدام المقبور، مؤكدا أن جرائمه ليس ضد العراقيين فقط. وأكد على ضرورة التحدي لوقف كل أنواع المآسي ضد الوجود البشري، ومن أجل السلام، وكرر لا لا لا لمزيد من القتل لا للسلاح الكيمياوي.



ومن ثم تم عرض فلم "دموع من دم" وهو يعكس مأساة مواطن فقد كل عائلته في حلبجة، كان دلشاد محمد يبكي وهو يستذكر أطفاله. بعدها ترك المجال للمصور الصحفي ستيفان ييرتن. وهو من الذين زار حلبجة عند قصفها بالأسلحة المحرمة دوليا وأطلع على طبيعة الدمار الذي حلّ بكل شيء في المدينة، قال انها كانت عبارة عن مدينة محطمة، وقد أنصدمنا عندما وصلناها بالهليكوبتر.



بعدها القى عضو البرلمان السويدي السيد فريدريك مالم وهو يدير الشبكة الكردية السويدية، أكد فيها على دعم السويد للجيش العراقي والبيشمركة.






أما هيئة الأحزاب والقوى الوطنية العراقية في السويد فعبرت كلمتها التي قدمها السيد آسو عارف عن تضامنها مع أبناء حلبجة، وشجبت موقف الدول الغربية الصامت في حينها، وطالبت بأعتبار يوم 16 آذار يوم عالمي لضحايا الأسلحة الكيمياوية وضد انتاجها واستخدامها. واليوم تعود داعش لترتكب جرائم كبيرة ضد جميع مكونات الشعب العراقي. وناشدت الكلمة المجتمع الدولي بتحمل مسؤوليته والوقوف مع شعبنا ضد الإرهاب.

وكان لعزف الناي الذي قدمه الفنان ناظم علي في بداية الفعالية ونهايتها وقعاً حزيناً على الحضور وكأن الناي الجبلي الحزين يحكي مأساة شعبنا.



وبالموسيقى الحزينة انتهت مراسيم الحفل، وشكرت السيدة بان الجميع على مشاركتهم الفعالية، ودعتهم لتناول الطعام في مأدبة من المطبخ العراقي.

كانت مدينة حلبجة الوديعة وأبنائها يعيشون بسلام وهدوء في ظل تعايش إنساني وكان هنالك تعايش ديني واجتماعي، حيث تعايشت فيها مختلف الطوائف الدينية من المسلمين والمسيحيين وحتى اليهود سابقا، وفي ظل الحرب كان للدكتاتورية وللنظام البعثي رأيا آخر، فقام بتلك الجريمة لوقوف أهلها ضد الدكتاتورية والشوفينية وضد الظلم والقهر، كانت المدينة تستعد للاحتفال بعيد نوروز سنة 1988، وكان يوم 16 آذار من تلك السنة فكانت المدينة خالية من شبابها الذين ذهبوا لمقاومة الدكتاتورية وبقي فيها النساء والشيوخ والأطفال، ولم يظنوا أن الحقد الأسود وروح الإجرام لدى قادة النظام ستصل إلى حد قصفهم بالأسلحة الكيماوية المحرمة دوليا، لكن هذا النظام لم يتردد على استخدام غاز السيانيد السام جدا في ضربه المدينة، فسقط الآلاف من الضحايا بين شهيد وجريح ومصاب، وأضطر الآلاف إلى الهجرة تاركين بيوتهم وأملاكهم ومدينتهم.
لقد سكت العالم عن تلك الجريمة ولم يقف أحدا لا من الشرق ولا من الغرب ليدين النظام الفاشي ولم يطلب أحداً من تقديمه للمحاكمة، فجريمة حلبجة والسكوت عنها في حينه لهو دليل على مساهمة المجتمع الدولي فيها، فمن أين حصل النظام المقبور على الأجهزة والمواد السامة لإنتاج الأسلحة الكيماوية، ولماذا هذا الصمت، لقد شجع ذلك النظام على المضي بجرائمه، فقام بضرب عدة أماكن أخرى وفي عمليات الأنفال سيئة الصيت أستخدم المجرمون تلك الأسلحة الفتاكة مرة أخرى.
لقد تعرضت مناطق عديدة في كردستان إلى الهجوم الكيماوي من قبل النظام المقبور، وتم تشريد مئات الآلاف، واليوم أذ تستعيد حلبجة عافيتها وتنهض من جديد، ولتتحول إلى محافظة ويخلد أسمها في التاريخ، وذهب المجرمون الطغاة إلى حتفهم، فنقول نعم أن هنالك أمل بالعيش الكريم، وعلينا عدم نسيان درس حلبجة البليغ، علينا أن نتذكر الضحايا ونستذكر جرائم صدام والبعث الذي أرتكب آلاف الجرائم بحق السياسيين من كل جهة، وبحق شعبنا من كل الطوائف والقوميات والأديان، واليوم يحاول البعض للأسف إعادة البعثيين للسلطة وبطرق مختلفة وملتوية ليعبثوا من جديد بمقدرات شعبنا الأبي.
لتبقى حلبجة رمزاً لجرائم البعث وصدام، وزهور حمراء على قبور ضحاياها ولكل قبور شهداء مشعل الحرية الذي لا ينطفئ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استمرار البحث عن مروحية كانت تقل الرئيس الإيراني ووزير الخار


.. لقطات تحولت ا?لى ترندات مع بدر صالح ????




.. التلفزيون الرسمي الإيراني يعلن هبوط مروحية كانت تقل الرئيس ا


.. غانتس لنتنياهو: إذا اخترت المصلحة الشخصية في الحرب فسنستقيل




.. شاهد| فرق الإنقاذ تبحث عن طائرة الرئيس الإيراني