الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نتنياهو فاز واسرائيل خسرت

محمد بهلول

2015 / 3 / 19
القضية الفلسطينية



مفاجئة كانت نتائج الانتخابات الاسرائيلية، ودلالة واضحة حول مدى الاضطراب والتردد الذي يواجهه الرأي العام الاسرائيلي، فكل مراكز الابحاث وقياس اتجاهات الرأي العام أصيبت بفاجعة التردد و التغيير اللحظوي للأراء والتي انعكست بالنتائج المذهلة، وهناك محطّتين يمكن التوقف امامهما، الأولى تخطي اليمين العلماني والديني عتبة (56) مقعداً مقابل (50) للوسط واليسار ، والثانية حصول الليكود أي اليمين العلماني (30) مقعداً مقابل المعسكر الصهيوني الوسطي (24)، علماً أن كل المؤشّرات واتجاهات الرأي العام كانت تشير الى تساوي ان لم نقل تقدّم الوسط والمعسكر الصهيوني على اليمين والليكود.
استخلاصان بارزان يمكن الخروج بهما ازاء هذه النتائج، الأول عدم قدرة الوسط واليسار على تقديم بديل مقنع من خلال الخيارات السياسية والاكتفاء بنقد سياسات اليمين ونتنياهو والثاني والاهم والذي يجب التوقف امامه هو تراجع دور وتأثير الولايات المتحدة على الرأي للعام الاسرائيلي بمؤسساته السياسية والاجتماعية والاعلامية، وفي حين استخدم نتنياهو ببراعة مدهشة العلاقات المتوترة الأميركية- الإسرائيلية بشأن الإتفاق الإيراني- الأميركي مركزاً على الخطر الذي تواجهه إسرائيل ورافعاً من عصب الحسّ القومي الإسرائيلي ومستهتراً بتاريخيه وأساسيّة العلاقات الأميركيّة- الإسرائيلية، بهت اليسار والوسط في الدفاع عن هذه العلاقات ودورها المصيري والحاسم في احتضان ودفع قوة الردع الإسرائيلي.
انجذاب الناخبون الإسرائيليون نحو اليمين، يعطي انطباعاً بحاجة إلى دراسة وتحليل معمّق حول تقدّم الوطنية الاسرائيلية والشعور القومي اليهودي الصهيوني الى مدايات مرتفعة - حتى ولو على حساب العلاقة مع الولايات المتحدة- وهو ما يؤشر الى التقدم خطوات ملموسة نحو تشكل الوطنية الاسرائيلية والشعب الاسرائيلي، ومزيداً من التبرؤ من التاريخ الوطني والقومي السابق للاسرائيليين.
اليوم وامام النتائج المحققة للانتخابات الاسرائيلية، فإن الامكانية الواقعية لتشكيل حكومة يمينيّة ضيّقة تتطلب جذب حزب "كولانو" من الوسط وهي امكانية إذا ما أصرّت الولايات المتحدة على التدخّل ولو بطريقة غير مباشرة تصبح غير قابلة للتحقيق، وبالتالي فإن الحديث المتسرّع عن انتصار اليمين الذي ملأ الشاشات والإعلام هو حديث مبالغ به.
أما وفي حال، التمكن "وان بدا برأيي المتواضع مستحيلاً- من تشكيل حكومة يمين متطرّف، فإن هذا سيعرّض إسرائيل الى مزيد من الأخطار وبالتالي يصبح- كما هو أكيد- انتصار نتنياهو الباهت- هو خسارة محققة لاسرائيل.
أولى هذه المخاطر، هو عدم الإستقرار الداخلي في الحياة السياسية والبرلمانية الاسرائيلية، وبالتالي عدم الثبات والقدرة على اتخاذ مواقف ذات طابع مصيري، سواءً على المستوى السياسي أو العسكري.
ثاني هذه المخاطر، هو إعادة انتاج سياسة الصوت العالي والفعل الباهت، وهو ما اتّسمت به سياسات نتنياهو على مدار السنوات الماضية، من ارتفاع في النبرة والوصول بالاحداث الى حافّة الانفجار، ثم العودة الى نقطة الصفر، مع ما تحمله هذه السياسة من خسائر واثمان باهظة على صورة اسرائيل الخارجية وعلى حماس مواطنيها وما تؤثره على معدّلات الهجرة والهجرة المعاكسة التي تشهد توازياً غير معهود في السنوات الستّة الاخيرة والتي تجعل من دعوات استدعاء يهود أوروبا التي نادى بها نتنياهو اكثر من مرة في الفترة الاخيرة بعيد أحداث "فرنسا والدنمارك" مدعاة للسخرية.
هذه السياسة النتنياهونيّة ستؤدي بلا أدنى شكّ الى مزيد من التهميش في سياسة الردع الاسرائيلية وتثبيت معادلة انتقال اسرائيل من الردع الى الدفاع.
ثالث هذه المخاطر، هو الانتقال النهائي للعلاقة مع الفلسطينيين من مرحلة المفاوضات والمرواحة الى مرحلة التصادم والمواجهة، مع ما سيثيره ذلك من تأثير "وهو رابع المخاطر" على مكانة اسرائيل الدولية وازدياد العزلة عليها.
اما خامس هذه المخاطر، وهو شديد الارتباط بكل ما سبق، والأهم والحاسم التأثير على المستقبل الإستراتيجي هو تراجع حميميّة العلاقات الأميركية الإسرائيلية، سيما مع توقيع الاتفاق الاميركي- الايراني، وانعكاس هذا التطور على مكانة اسرائيل في شبكة المصالح الأميركية واستخدام التهوّر والجنون في السياسة الإسرائيلية في المعركة الإنتخابية الأميركية الداخلية، من أجل إعادة التجديد للإدارة الديمقراطية من خلال وجه آخر.
مع الفوز الباهت لنتنياهو والضجيج الاعلامي المتهوّر والمتسرّع، خسرت اسرائيل وربح الفلسطينيّون سواء داخل اسرائيل بوحدة ا لجهود والنتائج المحققة ، او على الصعيد الوطني، فمقابل التراجع في المكانة والعزلة الاسرائيلية يتقدم الفلسطينيون ليملؤا الفراغ.
ليس أمام إسرائيل إلا إنتاج حكومة توافق واعادة لملمة الاوضاع، ساعتئذٍ سيخسر نتنياهو دون اعلان وضجيج.
ملاحظة اخيرة، اليمين (56) مقعداً، اليسار والوسط(50) والقائمة العربية (14) فكيف فاز نتنياهو؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس - ليبيا : ما سبب الازدحام الشديد في معبر وازن الذهيبة ا


.. مقتل 11 وفقدان أكثر من 60 بعد غرق قاربي مهاجرين قبالة إيطالي




.. تحذيرات من انهيار السلطة الفلسطينية | #غرفة_الأخبار


.. تصعيد نووي جديد بين روسيا وحلف شمال الأطلسي | #غرفة_الأخبار




.. السودان.. نازحون يؤدون صلاة العيد بعد فرارهم من الاقتتال بال