الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فنجان قهوة... ولفافة تبغ... وهوى

أماني محمد ناصر

2005 / 9 / 21
الادب والفن


(1)
حدث أن كنتُ غارقة في بحار آلامي وأحزاني... تلاعبت بي أمواج من اليأس والأتراح... وقذفت بي وحيدة إلى شط الدموع لأصارع يأسي وجرحي بين رمالٍ من نار ورمالٍ من دخان...
وحدث أن كنتُ وحيدة بين جدرانٍ وجدران... همٌ ويأسٌ وحزنٌ ودموع... أستعيد بهم ماضٍ أليم وذكرياتٍ موجعة...
ويأتي الليل ويحيط بي ليضفي على مشاعري السواد والظلام... وحينها أشعر بأن لا أحد معي في شارع مزدحم بالمارة... أحسب كم سنة عشتها يرافقني شعور الوحدة والخوف...
وأتساءل:
" كم يوم شعرتُ فيه بالفرح؟! بل كم يوم لم أبكِ فيه على أوجاعي؟!!"
ويحدث أحياناً أن أستعيد ماضٍ أليم سوداوي عشته بين مطرقة الألم وسندان الدموع!!!
وأتساءل ثانية:
" كم نهر من الدموع سكبتُ؟! بل كم نبعٍ من الأشجان ارتويتُ منه؟... وكم غدٍ مجهولٍ منه رُوّعتُ؟!"
ويحدث كثيراً... وفي غمرة الشتاء أن لا أجد ما أدفء به جسدي المرتجف برداً... وأن أعدّ حبات المطر التي تنقر بقسوة زجاج غرفتي...
تراها تعادل عدد أيام جراحي؟!...
وفي غمرة مشاعري المتدافعة... وذكريات الماضي الأليم التي تنزف دماً، يصادفني طيف ملاك محمل بأمواجٍ من حنين، تعيدني ثانية إلى البحار... ولكنها بحار من نوعٍ آخر... بحار صدقٍ وعطاء... فتنتهي الآلام... ويتوقف نزيف الذكريات الموجعة... لتشرق الشمس على نهارٍ لا ينتهي... يضفي على سواد لياليَّ نوراً ساطعاً...
وأرى من بعيد نهراً يتدفق مشاعر صدقٍ وحنان... ينسيني الدموع التي سَكَبَتْها عيناي المرهقتان...
ويأتيني هذا الطيف الساحر بشمسٍ ذهبية... تلبسني رداءً ذهبياً دافئاً،نُسجَ لي كي أنسى سني البرد التي عشتها بآلامها وأحزانها...
وهكذا...
ومن هنا يا عمري... أحببتكَ!
(2)
انتظرتني أعمالٌ كثيرة ... وحينما رأيتكَ، اجتاح النسيانُ مواعيدي وأشغالي وانشغالي..
_ ماذا لديكِ الآن؟
_ لا شيء...
_ ما رأيكِ بفنجانٍ من القهوة؟
_ لا بأس...
وتشعل لفافة تبغٍ... وأتمنى لو أنها أنا التي تحترق بين يديك... وبين يديك بضعة أوراقٍ... تتأملها...تقرأ فيها... أتمنى لو أنها أنا!! يا أنا...
تحادثني أحاديثاً شتى... تنظر إليّ... تشرح لي بضعة أسطر...
أتأملك... لا أفهم كلمة مما تشرح!!!
يسرحُ خيالي بين لفافة تبغكَ، ومرارة قهوتكَ، و...ألمي!
أفكّر في الممكن والمستحيل...
ويا حرقة القلب حينما يذوب الممكن حباً في المستحيل!!!
يا لوعة الفؤاد حينما يحترق الممكن شوقاً للمستحيل!!!
لماذا أنتَ؟ لماذا أنتَ الذي ناداه قلبي من بينهم جميعاً؟!!!
ألأكتوي بناري أم لأذوب بدمعي؟!!
تسألني يوماً:
_ مابكِ شاردة ساهمة؟؟
_ لا أعرف؟ ربما هي حالة من الاكتئاب أو الاحباط!!
_ ما هذا الكلام ؟؟ لا أريد سماعه ثانية منكِ...
وأعود وأعيد كلماتك... يتغلغل دفء صوتكَ في أعماقي... أحاول أن أسترجعه... تحضرني عبارة لأحلام مستغانمي:
"أي علمٍ هذا الذي لم يستِطع حتى الآن أن يضع أصوات من نحب في أقراصٍ، أو في زجاجة دواءٍ نتناولها سراً، عندما نُصاب بوعكةٍ عاطفية بدون أن يدري صاحبها كم نحن نحتاجه؟.."
وآهٍ لو تدركُ... كم أحتاجكَ وأتوقُ إليكَ..
(3)
لم تعرفني بعد... لم تعِ ما أكنّه لك...
دعني أتغلغل بشرايينك... كما تجذّرتَ بأوردتي...
دعني أريكَ كم بالحب نستطيع أن ننسى الظروف الصعبة...
لا... لا لستَ كغيركَ من الرجال...
لستَ رجلاً ككلّ الرجال...
بل انتَ في كلّ الرجال... وكلّهم... كلّهم منك...
فأنتَ الكرم، والسماحة، والشهامة، والكبرياء...
وأنا...
يا أناي أنا...
أنا تلك الأنثى الهائمة في فضاءات جودكَ، ومدى كبريائكَ...
ما أنا إلاّ طير صغير حطّه القدر على غصنٍ، هزّته الأرض حينما انفجر بركان في أعماقي، أشعَلتَهُ بدفء عينيك...
فكيف السبيل إلى الخلاص من تلك الجذور التي تأصّلت بأوردتي وشراييني... كيف السبيل؟!
(4)
لماذا لماذا تجاهلتني هكذا؟!... وسددتَ كلّ الدروب في وجهي؟!...
ما الذي اقترفته من ذنبٍ إلا بقايا مشاعر كادتْ حينها أن تجعلني أهواك بجنون؟!
لماذا حوّلتَ بركان مشاعري إلى كتلة ثلجية تتحطّم على صخور يأسي وألمي واكتئابي؟!...
ما هكذا عهدتكَ وما هكذا أنتَ!
أنا لا أطلب منك شيئاً... وأدركُ الظروف المتعبة والأبواب الموصدة دوني... لكنّه شعوري الذي ناداكَ فحطّمتهُ على عتبة بابكَ!!!
لمن سأشكو آلامي وأحزاني وكنتَ الصدر الذي يحتوي كلّ آلامي... كلّ... آلامي!
لمن سأشكو وحدتي وغربتي وكنتَ أنتَ... وأنتَ فقط عزائي وسلواي؟!...
وأنا...
أنا التي كنتُ سأفرشُ لك البحر وروداً... أنا التي كنتُ سأهواكَ بجنونٍ لحدّ التعقّل... ولكنكَ تجاهلتَ كلّ شيء... كلّ شيء...حتى رغبتي بوجودكَ اليوم جانبي تجاهلتها...
وهكذا ياعمري... يا دفء أوردتي... سأبقى تلك التي تستمد احتراقها من لفافة تبغك و...صمتك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طنجة المغربية تحتضن اليوم العالمي لموسيقى الجاز


.. فرح يوسف مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير خرج بشكل عالمى وقدم




.. أول حكم ضد ترمب بقضية الممثلة الإباحية بالمحكمة الجنائية في


.. الممثل الباكستاني إحسان خان يدعم فلسطين بفعالية للأزياء




.. كلمة أخيرة - سامي مغاوري يروي ذكرياته وبداياته الفنية | اللق