الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صنع في تونس

حسين علي الحمداني

2015 / 3 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


لم تشكل عملية الهجوم على السياح الأجانب في تونس مفاجأة لمن يتابع تكتيكات التنظيمات الإرهابية التي توحدت تحت مسمى "داعش"، وأنا شخصيا لم استغرب أبدا العملية الإرهابية التي حدثت في متحف "باردو" في العاصمة التونسية نهاية الأسبوع الماضي، وعدم الاستغراب هذا نابع من عوامل عديدة أبرزها أن تونس واحدة من أكثر الدول المصدرة للإرهابيين حيث يقدر عدد التوانسة الذين التحقوا بـ"داعش" سواء في سوريا أو العراق بأكثر من 12 ألف، وهذا يعني بأن تونس أرض خصبة للفكر الإرهابي وبالإمكان تجنيد الكثير من الشباب التونسي لهذه المهمات تحت ضغط العامل الاقتصادي وتردي مستوى المعيشة أولا، وثانيا بسبب عدم وجود من يتصدى لهذا الفكر في الأعوام الماضية بحكم ان مخاطره ونتائجه الميدانية بعيدة عن تونس بشكل كبير جدا.
والعامل البارز الثاني هو أن "داعش" حاولت من خلال هذه العملية استعادة سطوتها التي فقدتها بعد معارك تحرير صلاح الدين في العراق، وهي محاولة أريد من خلالها إعادة تسليط الضوء على "داعش" التي تقتل الآخرين بعد أن ظل المشهد في الأسبوعين الأخيرين على مستوى الإعلام والرأي العام العربي والعالمي يركز على هزيمة "داعش" وتقهقرها بشكل كبير جدا، لهذا وجدنا "داعش" تعلن مسؤوليتها عن هذه الجريمة بشكل سريع جدا وهو ما يؤكد بأنها كانت تبحث عن (هيبة مفقودة) لتستعيدها.
أما العامل الثالث والمهم جدا هو أن تونس تمثل الآن ممرا للقوى الإرهابية من وإلى ليبيا والجزائر، وعملية "باردو" بالتأكيد جزء مهم جدا من تقويض أمن تونس الذي تزعزع كثيرا في السنوات الأخيرة خاصة بعد سقوط نظام بن علي والقذافي معا، ما جعل مرور الإرهابيين من تونس للدول الأخرى سهلا جدا، ناهيك عن إن فترة حكم حركة النهضة ذات التوجهات (الإخوانية) وعلاقاتها مع الدوحة وأنقرة ساهمت كثيرا في نشر الفكر التكفيري والترويج له علنا ومحاولة جعل الشباب التونسي وقودا لحروب طائفية في سوريا والعراق وحتى ليبيا.
إن "داعش" اختارت تونس مسرحا لعمليتها الأخيرة في مكان يشاهد فيه السائح الحضارة التونسية التي يفخر بها الجميع في هذا البلد، لكن ما حصل هو أن السائح شاهد واقعا آخر لا يمت بصله للحضارة والإنسانية. وخلاصة القول هي أن هذه العملية أكدت بأن هنالك ضعفا أمنيا كبيرا لدى القوات التونسية من جانب، ومن جانب آخر ارادت "داعش" ان تضرب عصفورين بحجر واحد، الأول تمثل بضرب الاقتصاد التونسي الذي يعتمد بنسبة كبيرة جدا على السياحة، وبالتالي فإن الموسم السياحي في هذا البلد تم ضربه قبل أن يبدأ، والعصفور الثاني تمثل بإيصال رسالة للعالم مفادها أن "داعش" موجودة وقادرة على سفك المزيد من دماء الأبرياء في أي مكان من العالم.
ويبقى السؤال الكبير هو: كيف يتم التصدي للإرهاب في بلدان روجت له وصنعت رموزه القتالية والفكرية ظنا منها بأنه لن يطالها؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب جامعة أكسفورد البريطانية يواصلون الضغط على جامعتهم لمقا


.. خفر السواحل الجيبوتي يكثف دورياته بمضيق باب المندب




.. وصفته بـ-التطور الشائن-.. وكالة -أونروا- تغلق مجمّع مكاتبها


.. بين مؤيد ومعارض.. مشرعون أمريكيون يعلقون على قرار بايدن بتجم




.. السويد.. مسيرة حاشدة رفضا لمشاركة إسرائيل في مهرجان غنائي في