الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عشق في زمن التكنلوجيا

نبيل محمد سمارة
(Nabil Samara)

2015 / 3 / 22
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


انه يقع في الحب لأول مرة , ابن شقيقتي ذو الثامنة عشر عاما , ولا ادري لماذا أسير على نهج السابقين وأصف متعة الحب الأول, هل هو التورط والمعاناة والسهر وجس النبض , وقراءة الأشعار العاطفية ومراقبة شباك الحبيبة , لعل خيالا يلوح من وراء الستارة ؟ تلك كانت أيامنا , وذاك كان "وقوعنا" فهل يعرف جيل هذه الأيام كل تلك المحاذير , التي تجعل من التجربة الغرامية الأولى سباقا في القفز فوق الموانع ؟
ابن شقيقتي يسير وفي جيبه هاتف ذكي , وفي يده لوح الكتروني أشد ذكاء , انه موصول بالحبيبة متى شاء ,ولا حاجة له الى الوقوف في أول الشارع ,أو المرور من أمام بوابة المدرسة لكي يلمح خيالها , الخيالات صارت حقائق تتحرك في الشارع والسوق والنادي وترى بالعين المجردة , ويمكن تبادل الحديث معها شفاهيا أو الكترونيا أو تحريريا , على الرغم من أن هذا النوع الأخير هو من بعض ما أورثناه للجيل الجديد , لقد كان تحرير الخطابات على ورق الدفاتر هواية قومية نمارسها جميعا ,وعادة ما تنتهي برمي الورقة المكورة في شباك فلانة أو علانة , أو في شرفة غرفتها , من دون أن يتجرأ أحدنا ويتسلق الشرفة مثل روميو , وهو في طريقه الى جوليت .
حكايات روميو وقيس وعنترة وجميل بثينة ولى ومنها , ان شباب اليوم يحلمون بأنجلينا جولي ومثيلاتها , على الرغم من ؟ان أربعة أطفال أو اكثر يتعلقون بطرف فستانها .
لقد أثمرت صداقتي له وعلاقة الثقة المتبادلة على الرغم من أنني خاله , وكاتم أسراره , الأمر الذي لم يكن يعجب نسيبي "والد ابن شقيقتي" .
أنا لم أفسد الولد , بل تعاملت مع اضطراباته العاطفية والنفسية بشكل انساني , لم أقرعه ولم أعاتبه ولم أسخر منه ولم أهدده بمقاطعته أو بحرمانه من المصروف , ان مصروفه لا يخرج من جيبي في كل الأحوال , لكنني لا أبخل عليه , وكان من ثمار هذه الثقة أنه صارحني بأنه يحب فتاة تعرف اليها عبر انترنيت وتبادلا مكالمات هاتفية عدة .
ولا أخفي عليكم أنني أتحفظ على هذا النوع من الصداقات , أو العلاقات التي تنشأ في السر ,مع مجهول ,وبعيدا عن أنظار الاهل ,هل من بينكم صارح أهله , وهو مراهق , بأنه يعيش قصة حب ؟ لهذا شعرت بالارتياح وأنا أتحدث مع أبن شقيقتي عن الفتاة التي يفترض أنها حبيبته , ولم أقل له انها حكاية عابرة وستصبح من ذكريات الطفولة , كما لم أفكر في أن أسفه مشاعره ولا أن أحرضه على دخول البيوت من أبوابها , انه ما زال صغيرا في نظري على أي مسؤولية , الا يسبحه الواقع الى المناطق الخطرة .
نصبت نفسي حارسا على قصته , وكنت اشبه بمراقب البحر الجالس على كرسي عال على الشاطئ , متحفزا لانقاذ غريق , لكنني فوجئت بانه سباح ماهر ,وأتضح مما كنت أتصور , لقد كشف لي أنه يميل الى هذه الفتاة لانه لم يعرف فتاة غيرها من قبل , لكنه ليس مستعدا للمضي بعيدا معها
لأن طريقه التعارف غير مأمونة هذه كانت كلماته الخاصة , ولو حاولت أنا , الكاتب الضليع أن أجد تعبيرا أكثر دقة لفشلت .
أنا سعيد لأنه سعيد ويحقق نفسه , ويختبر مشاعره , وقدراته وينفس عن توتراته ولا أظن أنني سأضطرب الى التدخل وتصحيح المسار , على كل الأحوال , وما قلته وقال هو الأن خارج العراق , ونسي تماما حبيبته , مثلما قلت له








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استعدادات دفاعية في أوكرانيا تحسبا لهجوم روسي واسع النطاق


.. مدير وكالة المخابرات الأميركية في القاهرة لتحريك ملف محادثات




.. أمريكا.. مظاهرة خارج جامعة The New School في نيويورك لدعم ال


.. إطلاق نار خلال تمشيط قوات الاحتلال محيط المنزل المحاصر في طو




.. الصحفيون في قطاع غزة.. شهود على الحرب وضحايا لها