الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هوس السيد اردوغان بنظرية المؤامرة و عقدة اليهود

عبدالله جاسم ريكاني

2015 / 3 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


في السادس عشر من شهر اذار، بثت قناة الخبر التركية و التي تروج لسياسات السيد اردوغان و حزب العدالة و التنمية الحاكم، فيلماً وثائقياً تحت اسم (العقل المدبر او العقل الموجه- اوستا عقل). الفيلم الذي استغرق عرضه ساعتين كان مكرَساً لعرض ما سمي بالمؤامرة الدولية الكبرى التي يتعرض له السيد اردوغان و "تركيا الجديدة" على حد زعمهم و ان هذه المؤامرة هي واحدة من مؤامرات حكماء صهيون التي اعلن عنها في بدايات القرن العشرين كجزء من المخطط اليهودي للسيطرة على العالم و التي يؤمن بها السيد اردوغان و أتباعه بشدة .
لقد كان السيد اردوغان اول من استعمل كلمة العقل الموجه (اوسطة عقل) في لغة السياسة التركية الحديثة قبل خمسة اشهر و لا عجب حينئذٍ ان يبدأ الفيلم الوثائقي الذي بثته قناة الخبر التركية بحديث للسيد الردوغان و هو يخاطب عدد من اتباعه و يقول لهم ( لا تضللًوا و لا يغرَنكُم احد، و لا تعتقدوا ان كل ما يجري من مؤامرات موجهة ضد شخصي انا اوحكومتنا او حزبنا فقط. اصدقائي، هذه العمليات موجه ضد تركيا نفسها ووحدتها و سلامها و اقتصادها و استقلالها)، و لقد قلت و ذكرت سابقاً انه وراء كل هذه الخطوات عقل مدبر و موجه. الناس تسألني، من هو هذا العقل المدبر و الموجه؟، في الحقيقة، لقد تم تشخيصه بالفعل من قبلكم و انتم بالفعل تعرفون من هو هذا العقل.
يفهم ضمنياً ان هذا الفيلم الوثائقي قد تم انتاجه بطلب من السيد اردوغان نفسه لانه يعتقد انه قد شخص هوية هذا العقل المدبر و ان العديد من انصار و اتباع اردوغان يعرفون مسبقاً ان السيد اردوغان يعني به اليهود لان الفيلم يظهر اليهود و كأنهم المسؤولون "عن قيادة العالم و حرقه و تدميره و شن الحروب فيه و تنظيم كل المؤامرات و الثورات و الانقلابات و انشاء دول ضمن الدول الموجودة اصلاً".
لتوضيح لماذا يقوم اليهود بكل هذه الافعال الفظيعة، يشير الفيلم الى تاريخ قبل 3500 عام، اي الى سيدنا موسى عليه السلام. الفيلم يوضح عملية جلاء او اخراج اليهود من مصر، الوصايا العشر و يذكر الفيلم ايضاً سفينة العهد. ثم يقوم الاكاديمي التركي رمضان كورت اوغلو بشرح اسباب الغضب اليهودي الحالي من تركيا و اردوغان و يقول ان السبب هو فقدان سفينة العهد اي سفينة نوح و لهذا يقول كورت اوغلو ان الامريكان عندما احتلوا العراق سنة 2003، كانت الخطة و الاسباب الحقيقية للغزو هو البحث في الوثائق و الالواح القديمة التي تمكن اليهود من العثور على السفينة. (لم يوضح الفيلم لماذا يكره اليهود الشعوب الاخرى بسبب سفينة تائهة؛ فقط علينا ان نؤمن بالفيلم الوثائقي!!).

ثم بعد ذلك يشير الفيلم الى "ثلاثة من اليهود العظام" من الذين تركوا بصماتهم على التاريخ العالمي. الاول هو ميمون و هو حاخام ادعى بان اليهود هم سادة و بقية البشر عبيد. و الثاني هو العالم شارلس داروين الذي يؤكد الفيلم الوثائقي بانه يهودي علماً ان السيد داروين ولد و ترعرع مسيحياً، ثم الثالث و هو المفكر السياسي الامريكي ليو ستراوس و الذي ألهمت اراؤه المحافظين الجدد في امريكا.
ثم يبدأ الفيلم بسرد اراء العديد من الخبراء الترك وكيف ان الاطفال في اسرائيل يتم تعليمهم و تنشئتهم حول كيفية السيطرة على العالم و استعمار غيرهم من الشعوب و بالتالي احاطة العالم و الالتفاف عليه و طوقه ب (الاخطبوط اليعودي العظيم). احد المؤرخين الاتراك ذكر في الفيلم كيف ان السيد داروين نشر و اعلن نظريته فقط ليثبت ان غير اليهود ليسوا سوى حيوانات، و في كل مرحلة من مراحل الفيلم، يذكرنا كيف ان اليهود عملوا كالعقل الموجه و المدبر لقمع البشرية على مدى الاف السنين و حولوا العالم الى مسرح للصراع والحرب بين الخير و الشر.
بعد كل هذه التجليات و الالهامات الصادمة، يصل الفيلم الى الموضوع الحقيقي او الرئيسي له و هو تركيا. انه يقول ان العقل المدبر حالياً قلق جداً من تركيا و يكره ان يرى تركيا كقوة مستقلة و معرقلة لكل خططه الشريرة.
كما يذكر الفيلم ان الامبراطولاية العثمانية قد انهارت بسبب مؤامرات العقل الموجه و ان كافة سياسات الجمهورية التركية التي نشأت بعد سقوط الامبراطورية قد تم التلاعب بها و التأثير عليها من قبل العقل المدبر، و ان كل انقلاب عسكري او اغتيال سياسي حدث في تركيا كان من تدبير العقل المدبر الذي اسقط قادة اتراك عظام مثل السلطان عبدالحميد الثاني، عدنان مندريس وتوركوت اوزال ايضاً. و لكن العقل الدبر حالياً يشعر بقلق اعظم من ذي قبل، لان تركيا استطاعت في النهاية من كسر سلسلة مؤامراته تحت قيادة القائد العظيم اردوغان.
بالمجمل، الفيلم هو نسخة من الاعمال الموجهة ضد اليهود. و على الرغم من انه ليس وثيقة رسمية لحزب العدالة و التنمية، و لكن ليس هناك شك انه من انتاج البروباكاندا الحزبية التي تروج للسيد اردوغان و حزبه لان العديد من الذين تم تسميتهم بالخبراء الاتراك في الفيلم هم من كبار قادة حزب العدالة و التنمية مثل السيد تاجيت بولوت و هومستشار للسيد اردوغان و كذلك اتيان ماهجوبيان و هو مستشار للسيد رئيس وزراء تركيا.
و الان ماذا يعني كل هذا؟ هل يعني ان حزب العدالة و التنمية معادي للسامية بشكل علني وواضح؟ و يهدد الاقلية اليهودية الصغيرة في تركيا؟، في الحقيقة يمكن القول عكس هذا، حيث ان معظم الاقليات الدينية غير المسلمة في تركيا و من ضمنهم اليهود قد تمتعوا باصلاحات مهمة منذ مجيئ حزب العدالة و التنمية الى الحكم، كما ان قيادة هذا الحزب قد جمعت قيادات المجتمعات الصغيرة في تركيا و اوصلت اليهم رسالات مطمئنة لاوضاعهم.
يبدوا ان الهدف الرئيسي لفيلم قناة الخبر التركية هم اليهود الذين يتجسسون على تركيا و ليس اليهود أنفسهم حيث ان المادة الاساسية للفيلم كانت تدين مظاهرات غازي بارك و حركة فتح الله كولين و الذين تم اظهارهم في الفيلم كأعداء للسيد اردوغان. و لكن و مع هذا فان الفيلم يشكل سابقة جديدة و خطيرة في دعايات و بروباكاندا حزب العدالة و التنمية و التي تحولت في العامين السابقين الى ماكينة لانتاج و بث الحقد و الكره السياسي ضد خصوم اردوغان و حزبه من السياسيين الترك و الاحزاب التركية الاخرى لانه يضعهم في خانة اعداء تركيا و جواسيس لليهود. كما انه يضاعف من خطر نظرية المؤامرة التي يؤمن بها الشعب التركي أصلاً و بالتالي يشجع الشعب التركي و الدولة التركية الى القيام بأعمال و تصرفات غير مسؤؤولة و غير عقلانية في هذا العالم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حرب غزة..احتجاجات جامعات أميركية | #غرفة_الأخبار


.. مساعدات بمليار يورو.. هل تدفع أوروبا لتوطين السوريين في لبنا




.. طيران الاحتلال يقصف عددا من المنازل في رفح بقطاع غزة


.. مشاهد لفض الشرطة الأمريكية اعتصاما تضامنيا مع غزة في جامعة و




.. جامعة فوردهام تعلق دراسة طلاب مؤيدين لفلسطين في أمريكا