الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن... معارك حب

حليم الخوري

2005 / 9 / 21
الادب والفن


ذهبت منذ فترة لمشاهدة الفيلم الروائي الطويل للمخرجة اللبنانية الشابّة دانييل عربيد، وهو بعنوان "معارك حب". ولكثرة إعجابي به، أحببت بعد خروجي مباشرة من صالة السينما التي كان يعرض فيها الفيلم وعودتي إلى المنزل، أن أكتب بضع كلمات عن مضمونه وعن بعض شخصياته، التي أدّت الأدوار الموكلة إليها بعفويّة تامّة، وخالية من أي شكل من أشكال الابتذال أو التصنّع.

لقد شهد لبنان في فترة ما بعد الحرب، تنفيذ العديد من الأفلام الروائية الطويلة، والتي ركّز معظمها على التفاصيل السياسية والعسكرية والاجتماعية والدينية للحرب، دون أن يتطرّق بشكل واضح وصريح إلى الناحية الإنسانية، المفعمة بمشاعر الألم والتشرذم والتفكّك والضياع، التي عاشتها معظم العائلات اللبنانية إبّان هذه الحرب؛ وذلك على عكس فيلم "معارك حب"، الذي نجح في إبرازها بمصداقية كاملة وبواقعية وبساطة لغوية لا مثيل لهما.

فكم من أب شبيه بربّ العائلة (الممثّل عوني قوّاص)، أحالته الحرب إلى لاعب قمار ومدمن على شرب الكحول، وجعلت منه إنساناً لا مسؤولاً، همّه الأول والأخير، التفكير في كيفية بيع مقتنيات منزله ومجوهرات زوجته وابنته للحصول على المال المطلوب لتسديد ديونه المتراكمة لأشخاص باتوا يهدّدون حياته وحياة عائلته بالقتل.

وكم من أمّ أصابها واقع الحرب المزري وأحداثها المريرة بالحيرة واللامبالاة، مثلما أصاب الوالدة (الممثّلة القديرة كارمن لبّس)؛ الحيرة بين العيش مع رجل تحبّه لأنّه والد ابنتها الوحيدة، ولأنّها تنتظر منه مولوداً جديداً، قد يحمل مجيئه إلى هذا العالم نوعاً من الأمل والسعادة إلى عائلتها المفكّكة، وبين التفكير في هجره والعيش بعيدةً عنه لأنّه رجل مخادع، يعدها دائماً بالعدول عن حياة السّكر ولعب القمار، ثمّ لا يلبث أن ينكث بوعده لها بعد حين. وأمّا اللامبالاة فتتمثّل في عدم رعاية ابنتها لينا (الممثّلة الصغيرة ماريان فغالي)، ذات الاثني عشر ربيعا،ً والاهتمام بها كما يجب، فتتركها تكتشف ذاتها لوحدها دون أيّة إرشادات أو نصائح، الأمر الذي جعلها ترتمي في أحضان خادمة عمّتها العجوز المتعجرفة (لعبت دور الخادمة الممثّلة راوية الشاب ودور العمّة الممثّلة لودي عربيد نصر)، والتي أطلقت (أي الخادمة) العنان لحرّيّتها الجنسية دون أيّ رادع أخلاقي أو اجتماعي.

كلّ هذا من دون أن يسهى عن بال مخرجة الفيلم، ذلك الجوّ العابق برائحة البارود الناجم عن القصف المتبادل بين الأطراف المتنازعة؛ والمليء بمشاهد الدمار داخل الأزقّة والشوارع الضيّقة، حيث تنتشر حفنة من الشبّان الصغار، الذين يحملون السلاح ويتباهون به، يشتمون، يسبّون، يلعنون، ويلهثون وراء غرائز فرضها عليهم واقعهم الجديد، كممارسة الفحش وتعاطي المخدرات والتشبيح على المارّة...إلخ؛ والمطبوع بملامح التعب والقلق المرسومة على وجوه سكّان الحيّ القابعين في ملجأ معتم، هرباً من القصف العنيف الذي يسمع دويّ قذائفه في أرجاء المنطقة كلّها.

إنّها الحرب، ولكن بمشهد آخر، مختلف عن المشهد العنفي الدموي الذي اعتدنا على رؤيته في أفلام أخرى تناولت هذا الموضوع في السابق. مشهداً، أرادته المخرجة عربيد إنسانياً بحتاً، ساحات المعارك فيه ليست خطوط التماس أو المتاريس، وإنّما نفوس فئة محدّدة من الناس تتصارع فيها المشاعر الإنسانية المختلفة، بطابع انتقاديّ لا ادّعاء فيه ولا تصنّع أو تزلّف.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية


.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي




.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب


.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?




.. قصة غريبة عن أغنية أنساك لأم كلثوم.. لحنها محمد فوزي ولا بلي