الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فرسان الطاولة المستديرة ..والفيدرالية

فخر الدين فياض
كاتب وصحفي سوري

(Fayad Fakheraldeen)

2005 / 9 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


حين تدخل بلداً ما في دوامة العنف والتدمير والذبح اليومي والقتل على الهوية العرقية أو الدينية ويتحول الوطن إلى موقدة ضخمة تأكل أولادها حطباً وجذوعاً خضراء ويابسة.. آنذاك لا يمكن أن تطلب مشرعا ًيرسّم حدود الأقاليم والمدن والقرى.. ويقسّم منابع النفط والذهب والدولارات، قبل أن ترفع أشلاء الوطن عن قارعة الطريق!!
وحين تصاب برصاصة ستطلب الطبيب أولاً قبل البحث عن المسدس..
في العراق اليوم يُترك الوطن ممزقاً ينزف طموحاته وأحزانه ومصير أبنائه.. ويجلس فرسان الطاولة المستديرة.. وقد امتلأت صدورهم بنياشين النصر وأوسمته.. ليقترح كل منهم صيغة عراق المستقبل: علماني.. محافظ.. ديمقراطي أميركي.. ديمقراطي إسلامي.. موحد.. غير موحد؟!
ثم ينتقلون إلى الحديث عن معاوية وعلي، وحزن كربلاء ومقتل الحسين، وينبشون الأسلاف من قبورهم ليقولوا لنا حقيقة ما جرى، وهل (المارينز) الأميركي غريب عنا أم أنهم من (عظام الرقبة)؟!..
فرسان الطاولة المستديرة، بسيوفهم التي صالت وجالت في لندن وواشنطن ونيويورك ودخلت بغداد على إيقاع (الكوبوي) وأفلام (الويسترن) الأميركي محملة ب(ليبرالية) الاحتلال و(ديمقراطية) الأباتشي و(رحمة) أبو غريب.. وكل حملات (حقوق الإنسان) في الفلوجة والرمادي وبعقوبة والقائم والموصل وبقية مدن العراق الحزينة!! يجلسون اليوم لاقتسام (الغلة) وتوزيع الإمارات والممالك فيما بينهم.. إلا أن اقتسام العراق ليس بالأمر اليسير، فعراق التاريخ يستعصي على التفكك والتوزيع..
فجأة يكتشف أحد هؤلاء الفرسان حلاً سحرياً، إنها الفيدرالية، علاج لكل أمراض الدول والحكومات والأفراد.. إنها الضالة المنشودة التي تقضي على الاستبداد والجهل والفقر وهدر كرامة الشعوب وتنقلنا بقدرة قادر من بلاد تعيش في العالم الثالث إلى بلاد من طراز العالم الأول بكل ما يحويه من حداثة وحريات وعلمانية ونجومية أيضاً.. وليس مستبعداً أن يصبح شارع عمر بن الخطاب في بغداد شارع (دونالد رامسفيلد) مثلاً، ومدرسة خولة بنت الأزور تصبح مدرسة (كونداليزا رايس).. وساحة جمال عبد الناصر تصبح ساحة جورج دبليو بوش.. إنها الفيدرالية التي ستحمل القبيلة والعشيرة والطائفة والمذهب وإرث الذبح والخوف ورأس الحلاج المعلق على بوابات بغداد وخيول صدام حسين وبنادقه.. إلى شواطىء كاليفورنيا وليالي لاس فيغاس ونساء جزر هاواي!!
فرسان الطاولة المستديرة سيقرون الفيدرالية ونصبح (عراقات ثلاثة) كل عراق (يتلطى) بظل دولة من دول الجوار.. وسيترحم المؤمنون آنذاك على عراق كان ذات يوم من أهم دول الشرق الأوسط، الذي لا يستطيع العالم رسم سياساته في المنطقة بمعزل عن الإرادة
العراقية.
أيها الفرسان.. لكم ما شئتم وشاء لكم الهوى.. والبيت الأبيض!! ولكن العراق ما زال ممدداً على قارعة الطريق ومازالت الغربان وخفافيش الليل تتغذى على جراحاته التي تنزف الحلم القديم ـ الجديد.. وطن حر وموحد لكل أبنائه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بين مؤيد ومعارض.. مشرعون أمريكيون يعلقون على قرار بايدن بتجم


.. السويد.. مسيرة حاشدة رفضا لمشاركة إسرائيل في مهرجان غنائي في




.. نائبة بريطانية تدعو حكومة بلادها إلى الضغط على إسرائيل لوقف


.. أخبار الساعة | عمالقة النفط يدعمون حملة ترمب بمليار دولار




.. أخبار الساعة | -بوينغ- تسجل 3 حوادث جديدة خلال 48 ساعة