الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملاحقة الثوار.. هدية ثمينة للإرهاب

مصطفى مجدي الجمال

2015 / 3 / 23
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


عاد جهاز أمن الدولة في ثوبه الجديد (الأمن الوطني) إلى ممارسة أساليبه القديمة في عهدي السادات ومبارك.. ومن بينها تحقيق بعض الموازنات بملاحقة يساريين وليبراليين حتى لا يتهم بأنه يترصد "الإسلاميين" وحدهم... وفي الوقت نفسه هو إجراء "وقائي" من وجهة نظرهم ضد اتساع محتمل لحركة وتأثير اليساريين في مقابل التدهور الاقتصادي والاجتماعي.. وأيضًا ضد احتمالات زيادة نفوذ الليبراليين (خاصة مع الدعم الخارجي) نتيجة المضي قدمًا في المزيد من التدابير المعادية للحريات

من الواضح أن القضايا الأخيرة ليست هدفًا في حد ذاته.. وإنما الأساس هو "تكتيك الردع القضائي" بنشر الخوف وإنهاك الجماعات والقيادات الثورية بالقضايا وإعاشة المعتقلين والإشغال عن القضايا الكبرى التي تواجهها مصر الآن

هذا ما يؤكده بيان الاتهام الصادر أخيرًا بحق 16 عضوًا بحزب التحالف بتهمة التظاهر بدون ترخيص (رغم أن النظام الحالي نفسه جاء على رأس أكبر تظاهرات في التاريخ) والذي صدر فيما يشبه الموازنة أو حتى المقايضة مع محاكمة ضابط الشرطة قاتل شيماء الصباغ التي كانت تحمل الزهور في تجمع صغير حاول استئذان الأمن في زيارة نصب الشهداء في ميدان التحرير، رغم إحالة الضابط أصلاً للمحاكمة بتهمة هي موضع جدل قانوني.. وبالأحرى إحالته بتهمة يمكن التبرئة منها ببعض البراعة من جانب المحامين.. وهو للأسف "التمرين المشهور" الذي سبق استخدامه بنجاح مع الزبانية واللصوص فيما أطلق عليه شعبيًا "مهرجان البراءة للجميع"

وهذه كلها أساليب خطرة حتى على المواجهة مع الإرهاب.. فلا أعرف العقلية "اللوذعية" التي تصر على حشر أنصار انتفاضة يناير وبعض المتحالفين مع انتفاضة 30 يونيو.. حشرهم في صف واحد مع الإرهابيين وجماعة الإخوان

ليست لدي أية أوهام بشأن طبيعة النظام الحالي.. ولا أنتظر منه ما تعجز طبيعته عن أن تعطيه.. وإنما أنزعج بطبيعة الحال من تذاكي بعض العقليات الأمنية والسياسية الحاكمة (أو من تستشيرهم السلطة) .. وربما أصابهم الغرور أيضًا جراء تزايد شعبية الرئيس أو اتساع الآمال في نظامه بعد المؤتمر الاقتصادي.. وربما ظنوا أن الوقت مناسب لاستعادة السياسات "الاستنزافية" لووزيري الداخلية الأسبقين ذوي سيئي السمعة: النبوي إسماعيل وزكي بدر.. ولكنهم لا يدركون أن هذه الآمال الجماهيرية المتصاعدة ذاتها هي أكبر "خطر" عليهم بسبب استحالة أن يفي النظام بها

إذا كان النظام عاجزًا عن تفعيل حقيقي للعدالة الانتقالية.. وللأسف تتخبط الأحكام في لامعقولية بالغة سواء في البراءات العجيبة أو الإدانات المتعجلة دون حتى استيفاء الشروط الشكلية.. فعلى الأقل سيكون من انعدام الحكمة أن يتصور أن من مصلحته ملاحقة وإنهاك القوى الثورية على طريقة "اضرب المربوط يخاف السايب"

من رابع المستحيلات أن تعرف مصر أوقاتًا هادئة، أو حتى ألا تنهار في مواجهة التحديات (وبعضها وجودي) إذا تصور الحكام أن بالإمكان إعادة إنتاج أو بالأحرى تأبيد جوهر نظام السادات ومبارك.. فهذه "تذكرة بلا عودة" صوب احتقان شديد لن يستفيد منه سوى الإرهابيين والفاشيين.. اللهم إلا إذا كان النظام نفسه قد أصابه اليأس وشعر بالحتمية الاستراتيجية لإعادة التقاسم مع هؤلاء، وإن بشروط وحصص جديدة

بديهي (لمن لا يتذاكى) أن القوى الثورية لم تشترك في انتفاضة 30 يونيو لتعيد إنتاج نظام السادات ومبارك.. وبالطبع لم يكن هناك من جانبها انجراف في الإعجاب بـ "كاريزما" الرئيس.. فقد أدركت القوى الثورية المخاطر الوبيلة للمشروع الفاشي.. كما أنها لا تنظر للأمور أو القوى على أنها ملساء متساوية أو "أبيض وأسود فقط".. وإنما تدرك التناقضات في كل حركة، وتراعي الفارق بين الاستراتيجية وبين المواقف التكتيكية (وحتى اللحظية)

أظن أن من واجب القوى الثورية (وربما من مصلحة وقتية للنظام نفسه) ألا تدخل في مواجهات قبل الأوان.. لكن إذا تحامق النظام فلا يلومن إلا نفسه، لأنه لا يمكن مطالبة المعتدى عليه أن يتلقى اللطمات في صمت

لعل إحالة الكودار اليسارية (وقبلها العشرات من الشباب الثوري) للمحاكمات تكون بمثابة جرس تنبيه لكل القوى الوطنية والديمقراطية بأن تعيد توحيد صفوفها على أسس مرحلية على الأقل.. وليكن الدفاع القانوني والسياسي عن هؤلاء جميعًا مناسبة للم الشمل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موقف التنظيمات المسلحة الموالية لإيران من التصعيد في رفح| ال


.. إسرائيل - حماس: هل ما زالت الهدنة ممكنة في غزة؟




.. احتفال في قصر الإليزيه بمناسبة مرور 60 عاما على العلاقات الف


.. بانتظار الحلم الأوروبي.. المهاجرون يعيشون -الكوابيس- في تونس




.. حقنة تخلصكم من ألم الظهر نهائيا | #برنامج_التشخيص