الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الزرقاوي و العروبيون : وحدة الأهداف واختلاف الأساليب

حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)

2005 / 9 / 22
الارهاب, الحرب والسلام


قبل فترة نشرت وسائل الإعلام خبرا مفاده أن ضابطا في "جيش محمد" والذي يطلق على مجموعة من فلول العفالقة ، قد أُعتُقل ، وهو مسيحي ، مما أثار استغراب الكثيرين . أن يقود مسيحي مقاومة تحمل اسما اسلاميا سلفيا تكفيريا ، ظاهريا على الأقل، تهدر دم الشيعة " الروافض" ،والصليبيين و أتباع دينهم المسيحي، من الطبيعي أن يثير في الوهلة الأولى ، الإستغراب و عدم التصديق. لكن من يمعن في تاريخ القوميين الأعراب و العفالقة يتأكد من أنه ليس ثمة تعجب أو استغراب ، فهذا المقاوم المسيحي ، يقود " جيش محمد" الذي أباد المسيحيين في الجزيرة العربية ، من منطلقات قومية عروبية . و لا ننسى أن معظم منظري الفكر العروبي المنسجم مع السلفيين السنّة لم يكونوا مسلمين ، وأن كثيرين من قادة العمليات الارهابية ، من اختطاف طائرات ، و تفجيرات لقتل مدنيين يهود أبرياء، من أمثال وديع حداد ، كانوا نصارى ، وأن بشارة سرحان بشارة المتهم باغتيال كندي كان أيضا مسيحي أردني . وقد كان السنّة السلفيون راضين دوما عن حكم العفالقة " النصارى " و" العلمانيين" ، وكانت الجرائم التي يرتكبها البعث الأعرابي ، ضد الشيعة و الكرد والعجم ، تطبيقات للفكر القومي العربي الذي يشترك مع السلفية السنّية في أهم مبدأ ، مبدأ العنصرية المقيتة ، والعداء للشيعة و الشعوب الإيرانية وتاريخها وثقافتها المشرقين . ولا ننسى أن الكُرد ، والشيعة التركمان ، تاريخيا، من الشعوب الإيرانية ، مما يفسر هذا الحقد البعثي بحقهم. وفي هذا السبيل داس القومجية الأعراب على تعاليم الإسلام كدين أممي فوق القومية ينبذ العنصرية و الاستعلاء القومي ، و يعلن " أن لا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى " ، و جعلوا من القرآن و سوره و الأحاديث ما يبرر كل جرائمهم من نهب وسلب وسبي واغتصاب.
لم يُخف ابن لادن في أفغانستان حقده على الايرانيين و ثقافتهم ، حتى الإسلامية ، وتاريخهم ، و من ضمنه الإسلامي . ففي لقاء سريع مع شقيق الملا عمر زعيم الطالبان أجراه صحفي كُردي ، ونشره موقع كوردستان نت. اورج ، صرح بأن الأعمال الارهابية و جرائم القتل والسبي و الاغتصاب ، في أفغانستان قام بها أسامة بن لادن و أتباعه . وأتذكر من كلام شقيق الملا عمر قوله" أتحدى أي واحد أن يثبت على الطالبان الأفعانيين أنهم قاموا بعمل ارهابي من عمليات انتحارية و سبي و اغتصاب ، سواء فيما مضى أو في المستقبل".
إن أسامة بن لادن هو جمال عبد الناصر معمما، وإن الزرقاوي لا يكون غير ساطع الحصري ، أو شبلي العيسمي ، أو طارق عزيز ، لكنه بزيّ رجال الدين .
ومخطئ من يطلق على الزرقاوي و أمثاله تسميات " متدين متطرف " أو " اسلامي سلفي" ، فالأصح هم قوميون متطرفون ، وبعثيون ، و " يساريون قوميون" .
إبادة الشيعة هدف العروبيين بمختلف تسمياتهم الدينية أو القومية أو اليسارية. وكان الشباب الشيعي وقودا لكل الحروب ، من الحرب العروبية ضد إيران ، أو حروب كوردستان، أو حرب ابادة الشيعة أنفسهم. البعثيون يشنون حرب الابادة ضد الشيعة بذكاء ، بدون أن يعلنوها أنها على الشيعة، بل بالعكس أنهم يمدحون الشيعة دوما، كونهم عربا ، ومعادين للعجم ، وأنهم أسسوا للبعث في العراق. ورأى البعثيون اعلان الزرقاوي حربه على الشيعة الروافض كلهم بدون استثناء ، فكرة رعناء ، وتفسد أساليبهم العقلانية والذكية . أساليب توظيف مرتزقة من الشيعة لتنفيذ جرائمهم ، و ثم أن إبادة الشيعة وهم يقدرون بأكثر من عشرين مليون في العراق وفق منهج الزرقاوي اسلوب فاشل ، و يفضح التاريخ الاجرامي للبعث و العروبيين ، و جذوره الكامنة في القادسية الأولى ، حين دخلوا وادي الرافدين ، وأسقطوا النظام الساساني المتسامح ، و أذلوا الشعوب العراقية ، وعاثوا في قراهم وقصباتهم فسادا و نهبا وسلبا و سبيا لنسائهم واغتصابا. و عجبي للاسلاميين الكورد من أنصار الإسلام أو الجماعة الاسلامية ! هل من المعقول أنهم لا يدركون أن " إخوانهم" الزرقاويين و ارهابيي القاعدة وحماس ، ليسوا إلا بعثيين ، يخدعونهم ، و يستخدمونهم ضد أهلهم و الناس الأبرياء ؟ ألم يتبين لهم أن من يسمونهم بالسلفيين ، سليلي هبل ، لم يأتوا بدين جديد ، بل غيروا التسميات فقط، وبدلوا أوثانا بأوثان أخرى ، وأنهم عنصريون ، يخالفون تعاليم دينهم؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مقال رائع يستحق إعادة النشر
عبدالخالق حسين ( 2013 / 12 / 26 - 08:34 )
عزيزي الأستاذ حميد كشكولي
جزيل الشكر على مرورك على مقالي الموسوم (البعث والقاعدة وجهان لإرهاب واحد) وإضافة رابط مقالك القيم (الزرقاويون والعروبيون وحدة الأهداف واختلاف الأساليب) فرغم مرور 8 سنوات عليه إلا إنه مازال محتفظاً بحيويته وحبذا لو تعيد نشره ولو بتغيير طفيف في العنوان لكي يقبله الحوار المتمدن، وأرجو أن تسمح لي بإضافة رابط مقالك في هامش مقالي حيث سأعيد نشره في بقية المواقع غداً، فإنه يستحق تنبيه الرأي العام عن أساليب البعث الخبيثة
مع خالص الشكر والتقدير

عبدالخالق حسين


2 - شكرا دكتور
حميد كشكولي ( 2013 / 12 / 26 - 14:25 )
الأستاذ عبد الخالق حسين المحترم
مروركم على مقالي و ابداء رأيكم فيه قد اسعدني أيما اسعداد .. وقد اطلعت على مقالكم القيم و اراني متفقا معكم في جل الأفكار التي وردت فيه.
وشكرا جزيلا
مودتي
حميد

اخر الافلام

.. شاهد ما رصدته كاميرا شبكتنا داخل مستشفى إماراتي عائم مخصص لع


.. تساؤلات عن المسار الذي سيسلكه الرئيس الإيراني الجديد في العل




.. وفود إسرائيلية وأميركية في مصر.. هل الاتفاق بشأن هدنة غزة با


.. مراسلتنا: قصف مدفعي إسرائيلي على أطراف بلدتي حانين وعيترون ج




.. 5 مرشحين يدعمون القضية الفلسطينية فازوا بمقاعد في مجلس العمو