الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


موسيقى الغجر ...

ريهام عودة

2015 / 3 / 24
حقوق الانسان


تشتهر الدول الأوروبية بجمال طبيعتها الخلابة و بمدى رقي شعبها وحضارته الذي يتبنى كافة أنواع الفنون و الثقافات ، لكن أشد ما يدخل البهجة إلي قلوب السائحين المتجولين في شوارع أوروبا هو استماعهم لنغمات موسيقى جذابة تطرب الأذن و تداعب مشاعرهم أثناء تجولهم على سبيل المثال في محطات المترو أو بعض الأحياء الرئيسية .

إنها موسيقى فريدة من نوعها ومجانية أحيانا حيث يمكن للسائح أن يتبرع بعدة سنتات و يضعها في طبق معدني أمام العازف و يمكنه في نفس الوقت أن يستمع دون أن يضطر أن يدفع شيئاً !

لأنه بكل بساطه هدف هذا العازف ليس فقط الربح أو التسول بل هدفه أسمى من ذلك وهو نشر فن الشارع الأصيل .

إنه بكل بساطه الفن الغجري، الذي يعبر عن مدى رقي و ذوق قبائل متنوعة من الغجر قد ظلمتها معظم شعوب العالم على مر التاريخ ، وتعرضت لأبشع أنواع التعذيب و الانتهاكات ضد حقوقها الأساسية ، منذ الحرب النازية التي شنها هتلر ضدهم، مرورا بالديكتاتور الراحل فرانكو حتى عصرنا هذا، الذي مازالت تلك الجماعات تعاني من العنصرية و التهميش في الدول العربية و بعض الدول الأوروبية.

وبالحديث عن تاريخ الغجر ، لابد أن نعي جيدا أن الغجر لهم عدة أصول متنوعة، فمنهم من جاء من الهند و إيران ومناطق وسط وجنوب أسيا ، حيث هاجروا من أراضيهم في حوالي القرن الرابع الميلادي ووصلوا إلي المجر و صربيا ثم انتشروا بعد ذلك في بولندا وروسيا و السويد وانجلترا و اسبانيا.

و يعيش الغجر أيضا في فلسطين وهم يلقبون ب "النور" حيث استقر عدد كبير منهم في نابلس و القدس وغزة ، وبعد عام 1948 تهجر الغجر كباقي أبناء الشعب الفلسطيني، واستقر معظمهم في الأردن ، والقسم الآخر اتجه نحو مخيم جباليا في غزة.
وفي المدن الفلسطينية ، احترف النور الرقص و الغناء و أعمال السيرك و الحركات البهلوانية ، ومارس بعضهم أعمال قراءة الطالع و التنبؤ بالمستقبل.

و يعاني قبائل الغجر في الدول العربية بشكل عام وفي فلسطين بشكل خاص من انتهاكات كبيرة في حقوقهم الأساسية تتمثل فيما يلي:
- معاملة عنصرية و نظرة دونية من العرب تجاه قبائل و أبناء الغجر.
- امتناع العرب عن الزواج و الارتباط بأبناء الغجر بسبب اختلاف الأصل.
- التمييز ضد أطفال الغجر في المدارس مما يؤدي إلي تسرب الأطفال من المدارس.
- عدم اهتمام الحكومة بمشاكل الفقر و البطالة التي يعاني منها الغجر مما يضطرهم ذلك إلي التسول بالشوارع.
- استغلال القدرات الخاصة التي يمتلكها الغجر في مجال علوم الفلك و التنبؤ بالمستقبل وذلك في تسخيرهم لتنفيذ أعمال دجل وشعوذة.
- استغلال الغجر من قبل بعض العصابات المجرمة في تنفيذ أعمال سرقة و نصب و أفعال غير قانونية.
- الضغط على الغجر ومنعهم من ممارسة أعمالهم الأصلية التي تتمثل بالفن و الغناء.
- تقييد حرية الغجر في التنقل و الترحال و حصرهم في مناطق سكنية مهمشة .

لذا نستطيع القول بأن الغجر في كافة أنحاء فلسطين و الدول العربية تعرضوا لعدة أنواع من الانتهاكات ولابد من أن يتم رد الاعتبار لتلك القبائل الغجرية لأنها جزء لا يتجزأ من فئات المجتمع ، لها حقوق و واجبات ، حيث إذا لم يتم معالجة مشكلات الغجر بشكل جدي فإن ذلك سيؤدي إلي تفاقم مشكلة التسول في الشوارع وسيؤدي إلي زيادة العنف في المدن ، بالإضافة إلي ذلك فسوف تتأزم قضية عمالة الأطفال التي معظم ضحاياها هم من أطفال الغجر ، لذا لابد من أن يتم دمج أطفال الغجر في المدارس و تقديم لهم الرعاية الاجتماعية و الصحية الكافية.

و أعتقد أيضاً أنه ، لابد من تخصيص برامج تشغيل بطالة لشباب الغجر ودمجهم في المجتمع حتى لا يضطر هؤلاء الغجر للتسول في الشوارع ، وتقع هذه المسئولية بشكل أساسي على عاتق وزارة العمل الفلسطينية التي يجب أن توفر لهم فرص عمل كريمة ، أما بالنسبة لمؤسسات المجتمع المدني فيقع على عاتقها نشر التوعية بين فئات المجتمع المختلفة في مجال احترام حقوق الإنسان وعدم التعامل بعنصرية مع أي فئة بالمجتمع بغض النظر عن الأصل و الجنس أو الديانة .

و أخيرا يمكننا القول بأنه بالرغم من أن قبائل الغجر في فلسطين تعد من الأقليات إلا و أنه لابد من أن يعيش هؤلاء الغجر بكرامة و يتم احترام حقوقهم في التعبير عن أنفسهم و عن فنهم بوسائل شرعية يكفلها لهم القانون.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كيف
فريد جلَو ( 2015 / 3 / 24 - 00:44 )
كيف للمضطهد ان يضطهد عجبي على المجتمعات الشرقيه--------------


2 - القرباط و الغجر و خلافه
.ماجدة منصور ( 2015 / 3 / 24 - 07:14 )
يا سيدتي...ليأخذ الفلسطنيين حقوقهم أولا...ثم تحدثي بعد ذلك عن حقوق الغجر و النور و القرباط و خلافه
.احترامي


3 - رد على تعليق ماجدة منصور
ريهام عودة ( 2015 / 3 / 29 - 22:28 )
شكرا سيدتي لتعليقك ، لكنني لا أتفق معك بتأجيل كل شيئ يتعلق بحقوق الانسان و حقوق الأقليات حتى يتم حل القضية الفلسطينية و استرداد حقوق الفلسطينيين ، كيف سوف ناخذ حقوقنا كفلسطينيين وعرب و نحن نتجاهل أبسط حقوق للأقليات فلا يوجد تعارض بين المطالبة بحقوق الأقليات و المطالبة بحقوق الفلسطينيين بشكل عام فكل يكمل بعضه و أنا مع النقد الذاتي دائما ومع عدم تعليق كل مشاكلنا على شماعة الاحتلال.
شكرا مره أخرى لمرورك
تحياتي

اخر الافلام

.. موجز أخبار السابعة مساءً- رئيس تشيلي: الوضع الإنساني في غزة


.. الأونروا: ملاجئنا في رفح أصبحت فارغة ونحذر من نفاد الوقود




.. بعد قصة مذكرات الاعتقال بحق صحفيين روس.. مدفيديف يهدد جورج ك


.. زعيم المعارضة الإسرائلية يحذر نتنياهو: التراجع عن الصفقة حكم




.. موجز أخبار الواحدة ظهرًا - مسؤول الأغذية العالمي في فلسطين: