الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الضربة الامنية الاستباقية

محمد البكوري

2015 / 3 / 25
الارهاب, الحرب والسلام


في اطار حكامة تدبير المخاطر الامنية بالمغرب ، تم مؤخرا تفكيك خلية ارهابية كانت تروم إقامة " ولاية الدولة الإسلامية في المغرب الأقصى"، اتخذت لها من الأسماء "أحفاد يوسف بن تاشفين"، من طرف المكتب المركزي للتحقيقات القضائية، التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني،و الذي تمكن في اطار فهمه الاستشرافي للمخاطر المحدقة ببلادنا من توجيه ضربة استباقية للخلايا الارهابية النابتة. هكذا، يتبلور مفهوم الاستباقية كاحد المبادئ الاساسية التي توطد صرح حكامة المخاطر وكابرز عنصر من العناصر التي تؤطر الابعاد الاستراتيجية ، الامنية منها على وجه الخصوص، وهو المفهوم الذي عرف انبثاقه الارهاصي الاول في ميدان السياسة الدولية ،خاصة على المستويين العسكري و الامني :الامن الجماعي ،الحرب ضد الارهاب ،الضربة الاستباقية او الوقائية ...هذه الاخيرة التي برزت كمفهوم بشكل كبير مابعد احداث11شتنبر2001 ،ويعرفها اهل السياسة الدولية بانها "التحول من الرد على هجوم فعلي الى المبادرة بالهجوم لمنع هجوم محتمل .خاصة اذا تمكنت اجهزة الدولة من اكتشاف نوايا مبكرة بالهجوم لدى الخصم ،بغض النظر عن مظاهر هذه النوايا."في هذا الصدد ،شكل مفهوم "الاستباقية "محورا اساسيا من محاور استراتيجية الامن القومي للولايات المتحدة الامريكية، و التي انبنت بالدرجة الاولى على ترسيخ اسس هذا المفهوم وجعله قطب رحى هذه الاستراتيجية برمتها ، باعتباره"نقل المعركة الى ارض العدو و تشويش خططه و مواجهة اسوا التهديدات قبل ان تظهر"، اي القدرة على القراءة المسبقة لما يحتمل من مخاطر محدقة ومواجهة التهديدات الناشئة خاصة الارهابية منها . وقد تطورت استخدامات هذا المفهوم لتشمل مجالات اخرى، من قبيل المعلوميات .هنا، يمكن ذكر نظام الدفاع الاستباقي Poractive defense للحماية من مخاطر البرامج الضارة او الخبيثة .وهو النظام الذي يتوخى باعتباره مضاد للفيروسات ،Anti Virusاكتشاف مجموع التهديدات المرتبطة بالعالم الافتراضي .كما امتدت توظيفية مفهوم "الاستباقية"الى ميدان الامن الداخلي على صعيد مجابهة المخاطر الامنية الواقعة و المحتملة عبر ارساء نظام لحملات امنية استباقية لمكافحة جميع انواع الجريمة ،بما فيها الجريمة الارهابية ،بغية بعث المزيد من الشعور بالامن و الطمانينة في نفوس المواطنين :مثلا المقاربة الاستباقية التي تم تبنيها من طرف المصالح الامنية المغربية بخصوص التصدي الصارم للظواهر الاجرامية ،كظاهرة التشرميل و كذا "مخطط حذر" لمواجهة المخاطر الارهابية ...وعموما ،يتبلور مفهوم الاستباقية ،كاحد المفاهيم المرجعية لكسب الرهانات و ربح التحديات ،بالنظر الى تبلوره كمفهوم ريادي لمواجهة المخاطر بشتى تصنيفاتها ،بما فيها المخاطر الامنية المتزايدة . ان الاستباقية على مستوى مواجهة المخاطر تستلزم التوسل بجملة من الاليات ومنها :الاستشرافية ،التخطيط الاستراتيجي ، التنسيق، التواصل، التدخل الدقيق و السريع ... وبذلك تتمكن الاستباقية من بلوغ مراميها من التخفيف من الاثار السلبية المحتملة للمخاطر بل و الحد منها في المنشا . مما يضمن حماية اكيدة و مستمرة لارواح و ممتلكات المواطنين. و هو الشيء الذي تم تجسيده بشكل جلي في العملية الاخيرة للمصالح الامنية المغربية ،من حيث نجاعة و كفاية تدخلها على ثلاثة مستويات: -المستوى المعلوماتي الاستخباراتي ،و المتسم بالدقة من حيث التتبع الصارم لهذه الخلية منذ ما ينيف عن خمسة اشهر و تجميع المعطيات و البيانات و المعلومات المتعلقة بها ، بنوع من الضبط المحوكم والقراءة الجيدة لمختلف مؤشرات المخاطر المتوقعة - المستوى الوقائي الاحترازي ،و هو ما يبرز من خلال التعامل الجدي مع التهديدات المحتملة ، خاصة بعد هجوم "باردو" بتونس و التفكيك المتواصل للشبكات المتخصصة في تجنيد و ارسال المقاتلين الى مختلف بؤر التوتر - المستوى القانوني الحقوقي ،،حيث تم الحرص على ان يكون توقيف اعضاء هذه الشبكة الاجرامية في احترام تام لاجراءات قانون المسطرة الجنائية، بمافيها اشعار النيابة العامة . اجمالا يمكن القول، ان هذه الضربة الاستباقية التي قام بها الامن المغربي بكفاية و فعالية ، كان الهدف منها التجفيف من المنبع لتهديد ارهابي ناشئ واحباط مراميه الخبيثة ، الشيء الذي يؤكد بما لا يدع مجالا للشك ،على تجليات حقيقية لانبثاق حكامة تدبير المخاطر الامنية ببلادنا صاعدة في الافق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بذكاء وتخطيط محكم نفذ اكبر سرقة بنك في بريطانيا


.. تفاصيل صغيرة منسية.. تكشف حل لغز اختفاء وقتل كاساندرا????




.. أمن الملاحة.. جولات التصعيد الحوثي ضد السفن المتجهة إلى إسر


.. الحوثيون يواصلون استهداف السفن المتجهة إلى إسرائيل ويوسعون ن




.. وكالة أنباء العالم العربي عن مصدر مطلع: الاتفاق بين حماس وإس