الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفصامية والديمقراطية حالة إمباتية ساحرة الجزء السادس

عزة رجب
شاعرة وقاصّة ورائية

(Azza Ragab Samhod)

2015 / 3 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


الفصامية والديمقراطية حالة إمباتية ساحرة ـ الجزء السادس




الفصامية والديمقراطية ــ حالة إمباتية ساحرة .ــ الجزء السادس


الاستغراق عادة حميدة حين نمارس سلوكاً صحيا ، يحقق صحة عقلية ومثالية متجسدة في التفاعلية الإيجابية التي تنفض الغبار من السلبية وتحاول تسيير استغراقها نحو المسار الذي يدفع لخلق حالة إبداعية خلاقة فيصنع كيانات جديدة ،
وفضاءات تملأ المجتمعات بالنجاح المثالي للتغير وهذا لا يتأتى إلا عبر أشخاص يمتازون بالقدرة على التعاطي الفاعل الحقيقي بممارسة حقيقية لوعيهم بحيث تكون حالة الثورة
مثالية إلى حد ما ( أعتبر ثورة تونس الأقرب لممارسة الوعي الحقيقي )

ربما حان الوقت لطرح هذا السؤال الذي تحمله هذه السلسلة "
ما لعلاقة بين الفصامية والديمقراطية والإمباتيا .؟
الفصامية تعبير عن السلوك المزدوج التي تتبعه الأنظمة العربية في التعريف بممارساتها من خلال الحالة السياسية ، إذ تمارس نوعاً من السلوك الكاذب مع شعوبها ، من جعلها في حالة وعي زائف بما تفرضه عليها من واقع غير حقيقي يعيشه المواطن العربي نتيجة إيدلوجيات الأنظمة ونابعة من محاولة إطالة أعمارها ، فتحول ذلك الوعي الزائف الذي عشناه و اكتشفناه في أنظمتنا إلى حالة استغراق
مثالية عايشناها كأنها حقيقية ،وآمنا بمثلاتها ورضينا بإجحافها في حقنا ورضخنا لكل تغيرات حكوماتها بأزماتها ومشاكلها وقهرها وظلمها وشعرنا بأنها واقعية إلى حين حدوث انسلاخ من الاستغراق الذي نحن فيه متجسدا في حصول حالة ( انفصال نفسي عميق ) عن الاستغراق السياسي التي عشناه والتي كشفت في كل حالات الوعي الحقيقي بعده (رغم أنه وعي حقيقي مؤقت )
مدى تورط الأنظمة العربية في جعل المواطن العربي غارقا في فصامية
سلوكياتها متبوعا بالمقابل في صنع حالات من الضياع الفكري والتخلف والرجعية والجهل الذي مارسناه بكل استغراق عميق .


هل ثمة حصول لوعي حقيقي وسط ما نحن فيه ؟
أعتقد أننا لم نصل بعد لحالة من الوعي الحقيقي بعد ، فنحن على مستوى السلطة انتبهنا إلى أهمية التغيير وضرورة تحييدها عن فصاميتها السابقة والتي لم تصنع سوى عهوداُ من الجهل والتخلف لسنوات طويلة وهنا مارسنا نوعاً من الوعي الحقيقي
المؤقت (والذي وضعته بين قوسين آنفاً )

ولكن مشكلتنا في الانسلاخ والخروج من حالة الاستغراق التي لازلنا فيها ، فنحن لازلنا في وحل الاستغراق وفي كل مرة نتقمص دوراً ليس من حقنا ، و نمارس شخصية ليست شخصيتنا ،( نتماهى ) في طور التشكيل الذي ولابد أن ينتج شكلاً نهائيا صالحا للتعايش لنا .

أما الديمقراطية " كيف يمكن لها أن تتحقق في ظل أنظمة صنعتها فصامية لازالت متوغلة في مجتمعاتنا ؟؟؟
.فالمواطن العربي مُستغرق في حالات تشبه إلى حد كبير التماهي والسلوك المنفصل عن المثالية التي ننشدها ، والديمقراطية أعتبرها حلماً طيفياً ، نراه ولكن لا نلمسه في الشرق الأوسط ، وببساطة سأضع القارئ في جملة من السلوكيات التي يمارسها العربي
ولينظر" هل نحن فعلاً نريد الديمقراطية ؟ أم هي مجرد كلمة مُسربة إلينا من شعوب أخرى لها دلالة في عقولنا ولكن لا تتفق مع واقعنا :
*العربي حين تسأله عن الحرية يربطها بتحريم الله للخمر ويحدثك عن الحجاب والحلال والحرام وبالتالي عن الفضيحة والشرف
(الحرية هنا ندرك أنها مربوطة بالقيد الديني )
*العربي حين تسأله عن التغيير يقول لك أنه يتمنى أن تتغير حياته و يريد أن يتزوج ويريد أن يجد عملاً ويريد أن
تتحسن مستويات معيشته كإنسان تليق به الحياة .
( التغيير هنا مربوط بأهداف و أمنيات فردية لا تخدم إنشاء دولة حديثة )

*العربي حين تسأله عن الحلال والحرام ..يقول لك إن الدين علمنا أن الحلال بين والحرام بين .
( الحلال والحرام هنا تسقط قيمهما في الدين في ظل مجتمعات عربية أنشأت أزمات البطالة التي أفسحت المجال أمام تحليل الحرام وغياب مصادر العيش الحلال التي توفرها الدولة )

*العربي حين تسأله عن الديمقراطية يقول لك أن الديمقراطية أن تمارس حريتك كما تشاء .

( في ظل وجود القيد الديني والتشريع كيف سيحصل ذلك ؟ بعكس مجتمعات أوروبا )

***النتجية ألخصها في سلوك بسيط " حين يفعل العربي شيئا غير لائق ، أو لا يعجب أحداً أو لايتناسب مع مجتمعه فيُعرضه للانتقاد تكون أول إجاباته أنا حر وبمعنى لا أحد يتدخل في شأني .

إذا لامسنا المفاهيم المتداخلة السابقة سنجد أن العربي بشكل عام ( ومنهم الليبي ) مارس مجموعة من الخبرات المعرفية الخاطئة التي شكلت له زخماً كافيا لتتشكل حالة وعي زائف خاصة بدلالتها ، فالمفاهيم المتداخلة السابقة تراكمت نتيجة التماهي في الحالة السياسية وعدم نشوء حالة وعي صحي مثالية ، بحيث تصنع خلال الثورات فرقا ثقافيا ذا وعي صحي صحيح يمكنه أن يُفرق بين الحرية التعبيرية والحرية الدينية وبين الديمقراطية المنشودة وفوضى الحريات وبين التغيير والحالة الاجتماعية .وبين الحلال والحرام كتوجه ديني لايمثل فكرة ناضجة لتقوم الدولة عليها ( هنا بالذات أُشير للتيارات الإسلامية التي نشأت خلال الثورات مستمدة من فكرة الحلال والحرام شرعية لانتشارها )
ترى هل الاستغراق في الوعي المعرفي الزائف يجعل الأمر يبدو بحاجة للفصل بين المفاهيم بحيث ندرك أن الحرية تعني عدم العبودية لأحد ، و أن الديمقراطية كلمة دخيلة علينا تليق بمجتمعات نجحت في الفصل بين السياسة والدين والجيش ؟ ؟
( أشار لهذا المفكر الليبي الصادق النيهوم في مجموعته الإسلام في الأسر )

و أن الربط بين الحرية والديمقراطية في ظل وجود القيد الديني المربوط بالتشريع الإسلامي يبدو ضرباً غريباً في جمعه ببعض ؟؟و أن التغيير على مستوى الدولة كلمة لا علاقة مباشرة لها بمتطلبات الحياة الأساسية من زواج وتحسين مستوى الحياة ؟

ربما لو تأملنا حالات الاستغراق التي نعيشها الآن سندرك أننا نمر بحالة استغراق ثانية وهي غير مثالية بعد الثورات فتراكم مجموعة من الخبرات الخاطئة يسهم بشكل مؤسف في تكوين حالة وعي زائف جديدة بعد الأولى ،( الأولى خلفت ورائها الضياع الفكري والتخلف وفقدان حتى الهوية )

فالوعي الزائف الذي مُورس باستغراق كاذب جعل كل شخص يعتقد أنه ثائر على مجموعة من المتغيرات التي حصلت حوله وبالتالي هو يرى أن تلك الجماعة التي تتبنى تلك المتغيرات ليست على حق و صواب لذا يرى أنه على صواب ومهما كان متعلما أو لديه الخبرة معرفية كاملة سيظل الأمر نسبيا وفيه ممارسة لوعي غير حقيقي ,بالتالي فإن الثورة ـــ على أنظمة عشنا منها حالة استغراق كاذبة وصدَّرت لنا الفصامية / تماهت في حياتنا ـــ لن تكون ناجحة إلا إذا مارسناها بمثالية وحفظناها من الاستغراق الجديد ، وبمعنى آخر يجب أن نعود لوعينا الحقيقي ،(وهنا أقرع جرس للتحذير)
يجب على تلك القناة التي تقمصت دوراً ليس حقيقيا لها أن تعود لوعيها وتمارسه في مثالية صحيحة يستعيد المواطن من خلالها توزانه العقلي وثقته بالإعلام وعلى الأقل الشعور بأنه يعيش حالة مثالية صحيحة عقليا ويجب على ذلك الإمام الذي استغرق في مثالية النظام السياسي الحالي أن يعود لوعيه التشريعي ويترك عنه الوعي الزائف الذي جعله يُشرع التيار الذي ينتمي إليه وجعله يفتي لمذهب التيار السياسي بدلاً من مذهب دولته وجعله يفتي لفريق ضد فريق عليه أن يدرك أن تشريعه الزائف قتل أرواحاً كثيرة وتسبب في إحداث فوضى من الفساد السياسي ويكاد يمحق هوية وطن (هذا لأنه أحد ولاة التشريع أو رمز التشريع )
ويجب على ذلك الشاب الذي خرج وحمل سلاحاً من أجل شخصيات لها أهداف سياسية أو تيارات سياسية أو حزبية أن يدرك أنه دخل في كرة من الشبق المتماهي واستغرق في تفاعله الزائف كثيرا.
إذاً نحن هنا رصدنا حالات استغراق عميقة جدا ومُوغلة درجة الهذيان
ويتوجب الاستيقاظ منها بأسرع وقت ممكن .

الفرقاء لايصعنون دولة ، إنهم يقسمونها بتوجهاتهم .

إن الثورة فعل ذا وعي حقيقي يستحق حالة إمباتية مثالية تتسم بالانفعالات السوية ، تنتج طاقة إيجابية على المجتمع تثمر عن وعي عقلي مثقف تقرأ الموقف بصورة صحيحة ـ تنتبه للأجندة والتمويه والاعتقاد غير الجازم ,تجيد الفصل بين مختلف المسميات والقيم
بحيث لا تتلبس المواطن حالة ليست ذات وعي صحي عقلي

،المثالية ألا نستغرق في دور ليس لنا على مستوى الأفراد وعلى
مستوى المؤسسات ..وعلى مستوى الدولة
حتى لا نتماهى في صنع الفساد السياسي بأيدينا .


فالامباتيا ليست حالة سيئة ، هي مفهوم يستغرق منك التفاعل الاستعاري ـ أو الوجداني أو الخيالي ،
وبحسب استغراقك سلبا أو إيجاباً تكون النتيجة ، إنها تنشئ قرابة جسدية مادية أو معنوية بحسب رأيي أو فكرية ، لأن الصلات بيننا كأفراد منها ما هو مؤسس على قرابة جسدية و منها ما هو مُجسد على قرابة معنوية ،ومنها ما هو مؤسس على تقاربية فكرية وفلسفية وبالتالي فأنا أرى أن القرابة بين الديمقراطية والفصامية قرابة ذات وعي زائف ، لأنها لا تلتقي ولن تلتقي إلا في صنع ثقافة مشوهة عقليا سبق أن أشرت إليها وتلك نتيجة تراكم مجموعة من الخبرات المعرفية الخاطئة التي تماهت في فهم الكثير من القيم والصفات والمفاهيم داخل مجتمعاتنا العربية .
لن أتحدث هنا عن الديمقراطية كحالة كاذبة عشناها في بلداننا العربية فأنا أحد الذين يتذمرون من الكذب على أنفسهم حين يرون أنهم يمارسون عادات ومفاهيم خاطئة بحجة إنشاء مجتمع ديمقراطي صحيح ، فهذا أشبه بالشخص الذي عاش أُمياً ولكنه يريد أن يكون مديراً للمدرسة التي قام شقيقة المتعلم ببنائها .


إننا نتحدث إذاً عن الخروج من الاستغراق الكاذب ، وصنع وعي حقيقي ، فعلى الأقل إن لم نفلح في ذلك يجب أن نطلق إحداثيات تؤسس لبنى قائمة على الشفافية ذات وعي علائقي بالمعرفة الصحيحة بحيث تصنع نوعاً من الصحة العقلية وبحيث تضع كل شخص ومؤسسة في مكانه الصحيح بالضبط
وتنفض عنها حالات الإدراك المعرفي الخاطئ بحيث أن تُفرق بين المفاهيم القائمة على النقل من العالم الآخر وبين المفاهيم المتراكمة لدينا في لبس علائقي مع تلك المنقولة ،


وباختصار الديمقراطية التي ينشدها الربيع العربي لن تحصل
في ظل تراكم معرفي خاطئ لمفاهيم كثيرة نشأت بين أحضان الحالة السياسية للأنظمة العربية مترافقة بحالات استغراق غير مثالية حاولت تغيير نفسها بالثورة عليها لكنها سقطت في فخ استغراق آخر ذا توجهات خارجية وحزبية وسياسية ودولية واستعمارية .


سأترك ثلة من الأسئلة للقارئ الباحث عن الديمقراطية في ظل الثورات والحاجة للتغيير ...
كيف سنمارس الديمقراطية المثالية داخل مجتمعاتنا إذا عرفنا أننا عامل مُتسبب في التخلف والجهل العربي ؟؟
و إذا عرفنا أننا لا نملك إرثا ثقافيا قائماً على سلوكيات مثالية نابعة من وعي حقيقي مثالي
بل كل ما لدينا هو مجموعة من المفاهيم والخبرات المعرفية الخاطئة وإرث قومي متراكم من العادات الرجعية والانتصارات التاريخية التي
نُصر على جعلها مقدمة جيدة للديمقراطية
وثلة من الجمل الشعبية التي تأتي كالمطر من السماء حين ترتفع لهجة السلاح و يشتد الكرب ويغيب الفرج
على نسق" الله غالب ، و إنشالله خير ، وخليها على الله ، وربك يفرجها ...
هل لله علاقة وثيقة بقيام الديمقراطية ؟
وهل هذا كافٍ لصناعة دول وشرق أوسط كما نريده ونشتهيه ؟؟


عزة رجب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سجال إيراني تركي.. من عثر على حطام طائرة رئيسي؟? | #سوشال_سك


.. السعودية وإسرائيل.. تطبيع يصطدم برفض نتنياهو لحل الدولتين وو




.. هل تفتح إيران صفحة جديدة في علاقاتها الخارجية؟ | #غرفة_الأخب


.. غزيون للجنائية الدولية: إن ذهب السنوار وهنية فلن تتوقف الأجي




.. 8 شهداء خلال اقتحام قوات الاحتلال مدينة ومخيم جنين والجيش يش