الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حدث في (الفاكانسي)

عماد حياوي المبارك
(Emad Hayawi)

2015 / 3 / 26
حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة



حدث في الـ (فاكانسي)*

في مدينة (بريمن) الجميلة بشمال ألمانيا، كان الرجل في زيارة لصديقه الطبيب العراقي الذي يعيش منذ السبعينات هناك، كان ذلك في العطلة بمنتصف تموز.
تجول بالمدينة برفقة زوجته وطفله ذو العامين المستلقي بعربته، ثم دخل متجراً كبيراً للكهربائيات (ميديا ماركت) وأنهمك بشغف يقلب أحدث الكاميرات مما وصلته التقنية الحديثة، يسأل الموظف باللغة الأنكليزية عن سعتها وعن دقتها، بينما بقيت زوجته تعتني بعربة طفلهما، ثم أجتذبتها مجموعة هائلة من مجففات الشعر بكافة الألوان والقدرات (الحرارية)، فتركت العربة قرب الأب وأنهمكت في شأن ملك لـُـبّها...
توقف بجانبه رجل ألماني مُسن شبه ضرير يقوده كلبٌ ضخم، وبينما أنشغل المسن بتلمس كاميرة يقرأ ميزاتها من خلال لمسه تفاصيل صناعتها، راح الكلب يُداعب الطفل بكل رقة وبراءة ونعومة مستخدماً أنفه، فضحك الطفل رقص، حيث يبدو أن للكلب أصدقاء في عمر الطفل...
لكن صاحبنا لم يرق له اقتراب كلب وملامسة أبنه فصرخ بالرجل المسن، مما أثار انتباه وحفيظة الناس، فصوته الذي علا كان مثار دهشة الجميع، ومع أنهم التزموا الصمت جراء ما حصل، لكن الكلب فهم ردة فعل صاحبن هي محاولة اعتداء على صاحبه المسن، فأنتفضّ وكشّر عن أنيابه وعوى دفاعاً عنه.
فز الطفل وبكى، لتتغير لحظات اللهو والفرح إلى خوف وبكاء، فما كان من أخينا إلا أن يركل الكلب بقدمه، حينها وخلال لحظات أندفع عليه رجُلي أمن بلباس مدني ـ يبدو أنهم كانوا يراقبوه عن كثب ـ ثم طرحاه أرضاً وقيدا يديه وسط دهشته، ثم وخلال دقائق وجد نفسه منقولاً بسيارة لمركز الشرطة !
لم تفده تبريراته ولا (الحلال والحرام) بعرفه، ولا دافعه الغير إرادي في خوفه على طفله، ليجد نفسه أمام قضية بدئت بفعلته المتهورة تجاه الكلب وصاحبه الألماني...
قال أنه يأسف لما حصل وهو مستعد وبكل سهولة أن يقدم إعتذار من الرجل المسن ومن كلبه لو تطلب الأمر...
بعد ساعة حضر صديقه الطبيب العراقي برفقة زوجته التي أستنجدت به، ثم وبتأني وصل الرجل المسن، فقام الطبيب وبلغة ألمانية بشرح الموقف مع جملة الاعتذارات والتبريرات، كان القصد منها أن يفهم المسن بأن سلوك صاحبنا ما كان بقصد الإساءة لشخصه...
حينها تدخل رجل الشرطة موضحاً أن المشكلة لا تخص الرجل المسن طالما أنه لم يتقدم بشكوى، وإن الاعتداء حصل ضد الكلب، والقانون الألماني يسري على الناس والحيوانات على حد السواء.
وعلى أثر ذلك خرج صاحبنا بكفالة صاحبه الطبيب بعد تثبيت محل إقامته في هولندا، لغاية ما يتم عرض الكلب لفحص صلاحيته نفسياً وجسدياً (أثر الركلة) وتقديم تقرير أمام القاضي للنظر بشأن احتماليات سلوك الكلب مستقبلاً بعد ما حصل له وتعرضه للأذى.
وغالباً ـ أخبروه ـ لو لم يكن هناك أي أثر سيُحـَكم بغرامه مالية بحدود 350 يورو، هذا لو لم يكن لديه سوابق، وسيوجه له كتاب توبيخ يُرسل له عن طريق بلديته لتحفظ نسخة منه بملفه وترك القرار لها بما يتعلق بسلوكه كجنحة يحاسب عليها القانون.
الغريب لم تسأل الشرطة صاحب الكلب تقديم شكوى، وإنما استندوا على الحق العام نيابة عن الكلب، لهذا ما كان بمستطع أياً كان التنازل عن القضية (إلا الكلب نفسه) !
قطعَ أخينا (إجازته) وعاد الى هولندا بانتظار الحكم فيما لو سيكتفي القاضي بالعقوبة الدنيا أو يطلب استدعائه لألمانيا للمثول أمامه هو أو محامٍ يخوله الدفاع عنه !
× × ×

وصل بعد عدة أيام الى صاحبي بالبريد قرار العقوبة...

السيد (فلان الفلاني) الساكن مدينة كذا ـ هولندا
قرار المحكمة المختصة لمدينة بريمن الألمانية:
بعد مراجعة المحكمة لتسجيل كاميرات المراقبة لمتجر (ميديا ماركت ـ بريمن)، قررنا فرض غرامة عليك تبلغ ( 400 يورو) لتعمدك ضرب وإيذاء الكلب دون مبرر.
يُقتضى دفعك المبلغ مع المصاريف الإدارية الأخرى ( 16 يورو) خلال خمسة أسابيع، وفي حالة أي تأخير غير مبرر، سيتضاعف المبلغ.
ملاحظة: المحكمة تحتفظ بالتسجيل وهو متاح لك عند الطلب !

حدث في مدينة بريمن في العام 2008

عماد حياوي المبارك
vacantie (فاكانسي) باللغة الهولندية
تعني Vacation بالأنكليزية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمة المياه تهدد حياة اللاجئين السوريين في لبنان


.. حملة لمساعدة اللاجئين السودانيين في بنغازي




.. جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في ليبيا: هل -تخاذلت- الجن


.. كل يوم - أحمد الطاهري : موقف جوتيريش منذ بداية الأزمة يصنف ك




.. فشل حماية الأطفال على الإنترنت.. ميتا تخضع لتحقيقات أوروبية